ليبيا: كيف ستردّ المنظومة الدولية على تحدّي حفتر؟

السبت 29 مايو 2021 10:16 ص

ليبيا: كيف ستردّ المنظومة الدولية على تحدّي حفتر؟

تبرز رغبة حفتر بتسليم السلطة العسكرية لنجليه أن مشروعه ليس فرض دكتاتورية عسكريّة فقط بل توريث سلطته الحالية أيضا.

أبلغ صدام حفتر إسرائيليين أن خليفة حفتر سيقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل «عندما يفوز بالانتخابات» وكذلك طلب دعمها لنفسه.

تناقصت حظوة حفتر لدى جهات كبرى دعمته سابقا على رأسها إدارة ترامب وإدارة ماكرون إضافة لموقف مصريّ بدا يتوازن ويتآلف مع الإرادة الدولية.

لقاء نجل حفتر بالإسرائيليين محاولة لاستقطاب تحالف ناشئ بين إسرائيل ودول خليجية مطبعة بمواجهة منظومة دوليّة تمثلها الأمم المتحدة ووأمريكا والاتحاد الأوروبي.

لن يتراجع حفتر عن استعراضه العسكريّ وسيدين المجلس الرئاسي والحكومة والمنظومة الدولية الاستعراض ويصبح حفتر بمواجهة الحكومة الشرعيّة ورعاتها الدوليين.

*     *     *

قرّر الجنرال خليفة حفتر، بعد تأجيل متتال، تنظيم احتفال عسكري ضخم، احتفالا بما يسمى «عملية الكرامة» التي بدأها في شباط/فبراير عام 2014، وكانت الفتيل الذي أشعل حربا أهليّة وصراعا كبيرا داخل ليبيا وعليها.

إضافة إلى أن حركة حفتر المحتفل بها كانت انقلابا على «المؤتمر الوطني العام» والحكومة القائمة حينذاك، التي كان يرأسها علي زيدان، فقد كانت أيضا إعلانا عن إرادة دولية وإقليمية بإنهاء الثورة الليبية وتنصيب شخصية دكتاتورية تنهي أحلام الليبيين بدولة ديمقراطية تنهي التسلط العسكري – الأمني على الحكم، وتؤمن العدالة والتنمية والكرامة فعلا لليبيين.

عانى حفتر، في الفترة الأخيرة، كما تؤكد أنباء عديدة، من ظروف صحية سيئة، وقد نقلت مصادر إعلامية إبلاغ معاونيه والجهات النافذة في جيشه أن يقوموا بتسليم سلطاته، في حال توفي، إلى نجليه صدام وخالد، الضابطين في جيشه، واللذين أثير لغط حول ترفيعهما من دون حصولهما على مؤهلات أكاديمية عسكرية!

وكذلك حول أنباء نشرتها مواقع أمريكية وإسرائيلية عن لقاء صدام بمسؤولين إسرائيليين، لإبلاغ تل أبيب (حسب موقع i24 الإسرائيلي) أن حفتر سيقوم بتطبيع العلاقات معها «عندما يفوز في الانتخابات» وكذلك لطلب دعمها لصدام نفسه في «انتخابات رئاسة المجلس الوطني» المقبلة في العام الجاري.

يبيّن الخبر المتعلّق برغبة حفتر بتسليم السلطة العسكرية لنجليه أن مشروع الجنرال المتمرد لا يتعلّق بمحاولة فرض دكتاتورية عسكريّة فحسب، بل هو أيضا مشروع خاص لتوريث السلطة المتوفّرة له حاليا، عبر ما يسمى «الجيش الوطني الليبي»!

وفي حال نجح مشروعه بالسيطرة على ليبيا، فالأمر يتعلّق بتوريث البلاد كلّها، وهو أمر يسير فيه على نهج معمر القذافي، الذي مات دون أن يستطيع إكماله، كما مات، أو سقط زعماء عرب آخرون، دون أن يتمكنوا من تحقيقه.

كما حصل مع علي صالح، اليمني، وحسني مبارك، المصريّ، وجرى بطريقة أخرى مع عبد العزيز بوتفليقة، الجزائري، فيما يخص أخيه السعيد، وحتى مع الرئيس التونسي الراحل قايد السبسي، الذي أدت محاولات نجله السيطرة على حزبه طمعا بوراثة أبيه في الرئاسة إلى ضربة كبرى للحزب لم يستفق منها بعد.

أما خبر لقاء صدام حفتر بمسؤولين إسرائيليين فيمكن أن يحمل تفسيرين: الأول هو أن حظوة حفتر تناقصت لدى الجهات الكبرى التي دعمته سابقا، وعلى رأسها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وإدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة إلى الدعم المصريّ الذي بدا أنه بدأ يتوازن ويتآلف مع منظومة دوليّة تتوسع ساهمت في نشوء المجلس الرئاسي والحكومة الانتقالية الحاليين.

لقاء المسؤولين الإسرائيليين، بهذا المعنى، هو محاولة لاستقطاب التحالف الناشئ بين تل أبيب ودول خليجية قامت بالتطبيع مع الدولة العبرية مؤخرا، واستخدامه في مواجهة المنظومة الدوليّة، التي تمثلها الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي.

أمام هذا التحدّي الكبير، ما كان للمجلس الرئاسي الليبي، وهو عمليا القائد الأعلى للجيش الليبي، من خيار إلا التأكيد على «تجنب القيام بأي تصرفات أحادية ذات طابع عسكري من أي طرف» بما في ذلك إجراء المناورات والتحركات الميدانية والاستعراضات العسكرية، معتبرا أنها ستتسبب في «نشوء أسباب جديدة للصراع».

حفتر، كما هو معلوم عنه، لن يتراجع عن استعراضه العسكريّ، و«المجلس الرئاسي» والحكومة الليبيان، سيضطران لإدانة هذا الاستعراض، وهو ما ستفعله الجهات الدولية المشرفة على العملية السياسية الانتقالية الليبية، مما سيضع حفتر، هذه المرة، في مواجهة مع الحكومة الشرعيّة الليبية، كما مع رعاتها الدوليين.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ليبيا، الحكومة الشرعية، حفتر، المجلس الرئاسي، إسرائيل، احتفال عسكري، عملية الكرامة، توريث،

سقوط طائرة تابعة لقوات حفتر خلال عرض عسكري ومصرع قائدها

الأعلى للدولة الليبية يدعو المجتمع الدولي لرفع يده عن حفتر

وسط تصعيد لحفتر.. رئيس الحكومة الليبية يتجه إلى فرنسا للتباحث

الأعلى للدولة الليبية يتهم حفتر برفض إجراء الاستفتاء على الدستور