رغم الوعود الكثيرة.. إعادة إعمار غزة لن تكون مهمة سهلة

الأحد 30 مايو 2021 01:55 ص

بدأ الفلسطينيون في حصر آثار الدمار الذي أحدثته الحملة الإسرائيلية على قطاع غزة والتي انتهت بوقف لإطلاق النار في 21 مايو/أيار الجاري.

وقبل انتهاء المعركة بيوم، قال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة "ناجي سرحان"، خلال مؤتمر صحفي، أنه جرى هدم 1800 وحدة سكنية بشكل كامل، فيما تضررت 16.800 وحدة بشكل جزئي. وفضلا عن ذلك، فقد نزح 120 ألف فلسطيني وسط ظروف إنسانية صعبة.

كما تم تدمير 5 أبراج سكنية كبيرة وسط مدينة غزة، إلى جانب 74 منشأة حكومية، فيما تضررت 66 مدرسة. وعلاوة على ذلك، فقد تم هدم 3 مساجد وتضرر 40 مسجدا آخر، وتضررت كنيسة واحدة.

وكشفت مصادر حكومية في غزة أن الحكومة تواصلت مع الوكالات الدولية والمؤسسات المانحة والشركاء في عملية إعادة الإعمار لتخفيف معاناة المتضررين وتوزيع 2000 دولار على أصحاب كل وحدة سكنية مهدمة بالكامل و 1000 دولار لأصحاب الوحدات غير الصالحة للسكن، وذلك بالتعاون مع اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة ووزارة التنمية الاجتماعية.

وقال "سلامة معروف"، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، لـ "المونيتور": "بمجرد انتهاء القتال، اتصلنا باللجان الحكومية والأهلية والخاصة المعنية بإعادة الإعمار لمراقبة وصول أموال المانحين والإشراف عليها، والتأكد من استعداد اللجان للتعامل مع عملية إعادة الإعمار.

وتمتلك غزة هيئات اقتصادية نزيهة قادرة على التواصل مع المانحين الدوليين دون وصاية السلطة الفلسطينية التي فشلت في مثل هذه المهمة بعد حروب 2008 و 2012 و 2014، حيث انتهى الأمر بمعظم أموال إعادة الإعمار إلى ميزانية السلطة الفلسطينية".

في الأيام الأخيرة، شهدت غزة جهودًا متواصلة لإنشاء ما يسمى بالمجلس الوطني لإعادة الإعمار لإدارة وتسريع تدفق الأموال إلى غزة.

ويتألف المجلس من هيئات حكومية وخاصة، وسيكون مستقلاً مالياً وإدارياً عن السلطة الفلسطينية.

وعلم "المونيتور" أن المجلس سيضم ممثلين عن القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وفريق من المستشارين والمهندسين وخبراء في استقطاب الدعم المالي. ومن المنتظر الإعلان عن تشكيل هذا المجلس خلال الايام المقبلة.

ومع ذلك، قال مسؤول حكومي في رام الله لـ "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، "السلطة الوحيدة المسؤولة عن إعادة إعمار غزة هي السلطة الفلسطينية، والعالم يتعامل معها رسميًا، بغض النظر عن الكيانات الجديدة غير القانونية الأخرى".

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت "نصر عبد الكريم": "إن تسريع عملية إعادة الإعمار في غزة يتطلب تشكيل مجلس مؤقت يمثل المتضررين و الوزارات الحكومية في كل من غزة والضفة الغربية، وتحديد المراجع الإدارية لتلقي الأموال من الدول المانحة. وسيتفاوض هذا المجلس مع الدول المانحة باسم الفلسطينيين لتعبئة الموارد المالية".

وقد يكون المجلس الجديد أكثر موثوقية بالنسبة للدول المانحة من حماس أو السلطة الفلسطينية، وكلاهما مطالب بتعديل ميزانيتهما الحالية لعام 2021 من خلال إضافة بند يتعلق بإعادة إعمار غزة.

وبالرغم من مرور أيام على انتهاء القتال في غزة، إلا أن وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة رام الله، "محمد زيارة"، الذي من المتوقع أن يدير عملية إعادة الإعمار، لم يقم بعد بزيارة قطاع غزة لتقييم الدمار. وقد قوبل تأخير هذه الزيارة باستنكار شديد.

وقال "سمير عبدالله"، وزير العمل والتخطيط الفلسطيني السابق في رام الله والباحث البارز في معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني- "ماس": "لن يكون إعادة الإعمار ملفًا سهلاً بل سيواجه عدة عقبات، أهمها تراجع ثقة المانحين الدوليين في شفافية الأطراف الفلسطينية التي توجه إليها أموال إعادة الإعمار.

ويتطلب ذلك تشكيل كادر فني يمثل القطاعات المتخصصة، والتواصل مع الدول المانحة، وتوحيد العمل في الوزارات المعنية لتشجيع الدول على التبرع.

ومع ذلك، فإن العديد من الدول المانحة لديها بعض التحفظات على أن تكون السلطة الفلسطينية مسؤولة عن هذا الملف، وقد تسعى للتعامل مباشرة مع الجماعات الفلسطينية المتضررة في غزة".

وفور انتهاء معركة غزة، تناول عدد من المسؤولين الأجانب ملف إعادة الإعمار. وفي 24 مايو/أيار، أعلن وزير الخارجية المصري "سامح شكري" خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الأردني "أيمن الصفدي" في عمان أن إعادة إعمار غزة ستتم بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية و "الإخوة" – الذين لم يحددهم - في قطاع غزة.

وفي 18 مايو/أيار، أعلنت مصر أنها ستخصص 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة.

وفي 26 مايو/أيار، قال وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" في تغريدة على تويتر إن بلاده ستخصص 500 مليون دولار لدعم جهود إعادة إعمار غزة.

وجاء هذا الإعلان بعد أن اتصل أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" بالرئيس الفلسطيني "محمود عباس" في 23 مايو/أيار وبحث إعادة إعمار غزة.

وفي 23 مايو/أيار أيضا، أعلن وزير الخارجية الفلسطيني "رياض المالكي" خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره العراقي "فؤاد حسين" في بغداد أن القيادة الفلسطينية تعمل على إعادة إعمار غزة، وحشد المجتمع الدولي للمشاركة.

وفي خطاب متلفز في 21 مايو/أيار، دعا الرئيس الأمريكي "جو بايدن" المجتمع الدولي إلى المساعدة في إعادة إعمار غزة بالشراكة مع السلطة الفلسطينية وليس حماس، وتعهد بعقد مؤتمر دولي لهذا الغرض.

وقال وزير الخارجية الأمريكي، "أنتوني بلينكين"، عقب لقاء مع "عباس"، في رام الله في 25 مايو/أيار، إن واشنطن ستعمل على حشد الدعم الدولي لإعادة إعمار غزة.

كما أعلن عن خطط لتقديم ما يقرب من 40 مليون دولار كمساعدات للفلسطينيين، بما في ذلك 5.5 مليون دولار كمساعدات طارئة لقطاع غزة.

وقال "محمد أبو جياب"، رئيس تحرير جريدة "الاقتصادية" في غزة: "هناك توجه عربي ودولي للمساهمة في إعادة إعمار غزة، بضخ الأموال من خلال لجان تابعة لكل دولة، على غرار اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة. لذلك قد تكون هناك لجنة كويتية وسعودية وإماراتية يتم تشكيلها داخل غزة لتجنب الصراع مع السلطة الفلسطينية أو حماس. الأموال جاهزة - خاصة تلك التي تبرعت بها دول الخليج والدول الأوروبية - وقد أبلغت حماس بذلك خلال محادثات وقف إطلاق النار ولكن المسألة الوحيدة هي متى ستبدأ بالفعل عملية إعادة الإعمار وكيف ستكون آلية إنفاق هذه الأموال - بعيدًا عن محاولات السلطة الفلسطينية لوضع يدها عليها - كما يحدث في كل مرة".

وقال "أسامة كحيل"، رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين في غزة إنه يرفض إشراف السلطة الفلسطينية على عملية إعادة إعمار غزة، لأن إجراءاتها البيروقراطية أخرت إعادة إعمار غزة بعد حرب 2014 حوالي 7 سنوات.

ومن المتوقع أن تواجه عملية إعادة الإعمار عدة عقبات، لعل أهمها المشكلة التي تواجه المانحين في التعامل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، أو الحكومة التابعة لحركة حماس في غزة.

في غضون ذلك، تتهم حماس السلطة الفلسطينية بعرقلة إعادة الإعمار، في حين يشعر الكثيرون بالقلق من عدم وصول التبرعات العينية (خاصة مواد البناء) إلى قطاع غزة، حيث لم تفتح مصر معبر رفح بشكل دائم.

المصدر | عدنان أبوعامر/ المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحرب على غزة إعادة إعمار غزة سامح شكري حركة حماس حركة فتح السلطة الفلسطينية

القاهرة تؤكد وجوب إشراف السلطة الفلسطينية على إعادة إعمار غزة.. وحماس تتحفظ