ربما يكون حي بطن الهوى هو الشيخ جراح القادم، حيث يهدد النزوح 86 عائلة مقدسية تتراوح أعدادهم بين 750 و800 شخص يعيشون في 15 مبنى في الحي الموجود في منطقة سلوان بالقدس الشرقية. وتطالب منظمة "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية بإخلاء هذه المنازل لصالح المستوطنين.

وتطمح "عطيرت كوهانيم" إلى طرد سكان بطن الهوى وتحويل الحي إلى مستوطنة مرتبطة بالبؤر الاستيطانية المقامة في أحياء القدس الأخرى.

وكانت منطقة سلوان الواقعة جنوب بوابة المغاربة في البلدة القديمة، موقعًا لنشاط استيطاني مكثف منذ إنشاء بؤرتين استيطانيتين في عام 2004.

وفي عام 2014، اشترى مستوطنون يهود عدة عقارات في أحياء وادي حلوة وحي بيضون في سلوان وكذلك أراضٍ في بطن الهوى.

وفي 8 أبريل/نيسان 2021، سيطر المستوطنون على مبنيين سكنيين في بطن الهوى واستحوذت منظمة "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية على عدد من الممتلكات الفلسطينية.

منظمة استيطانية طامعة

وتدعي "عطيرت كوهانيم" أن المنازل التي بنيت في بطن الهوى شيدت على أرض يملكها يهود يمنيون كانوا يعيشون في الحي قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948.

وفي عام 2018، افتتحت المنظمة مركز التراث اليهودي اليمني في بطن الهوى، وادعت أن الممتلكات التي يقع عليها المركز كانت يستخدمها يهود اليمن ككنيس يهودي في القرن 19.

وقال "زهير الرجبي"، رئيس المجلس المحلي في بطن الهوى، لـ"المونيتور" إنه في عام 2015، سلمت "عطيرت كوهانيم" إخطارات إخلاء إلى سكان حي بطن الهوى فيما سعى السكان للحصول على حكم قضائي يمنع طردهم.

ولكن، حكمت المحاكم الإسرائيلية مرارًا وتكرارًا لصالح "عطيرت كوهانيم"، وقدم السكان طعونًا أمام المحكمة الجزئية والمحكمة العليا، ولا تزال القضايا تُنظر في المحاكم.

وأرجأت المحكمة الجزئية مرارًا الفصل في الاستئناف، وطلبت من المدعي العام الإسرائيلي "أفيخاي ماندلبليت" التفكير في القضايا، بينما تقوم المحكمة العليا حاليًا بمراجعة الطعون المقدمة إليها.

إلهام الشيخ جراح

وتسببت الضجة المحلية والدولية حول حي الشيخ جراح في بث الأمل لدى سكان بطن الهوى، وقال "رجبي": "ما حدث في حي الشيخ جراح ولّد التضامن والوحدة بين الأهالي وعائلات القدس ككل.. نحاول الدفاع عن بيوتنا بكل الوسائل الممكنة، وهذا يشمل اللجوء إلى القضاء الإسرائيلي الذي لا نثق به ولا ينصفنا. لكن ليس لدينا خيار آخر"، وأضاف أن السكان يفكرون أيضا في رفع قضيتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ودفع الصراع الأخير بين فصائل المقاومة وإسرائيل في غزة الأطراف الدولية للضغط على إسرائيل لوقف التهجير القسري للعائلات في القدس، لأنهم يخشون أن تقوض هذه الممارسات جهود وقف إطلاق النار، كما أثار تهجير العائلات الفلسطينية انتقادات من المؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية.

وفي 25 مايو/أيار، وصف نائب مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "صالح حجازي"، الإخلاء القسري للعائلات في منطقة بطن الهوى بأنه "مثال آخر على سياسة إسرائيل الإجرامية المتمثلة في التهجير القسري للفلسطينيين".

وتابع: "تؤجج إسرائيل التوترات وتستمر في نفس انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة ضد الفلسطينيين التي كانت سبب أعمال العنف الأخيرة".

وحذر "حجازي" قائلًا: "على مدى سنوات، سعت إسرائيل إلى توسيع المستوطنات غير القانونية في منطقة سلوان، وأجبرت أكثر من 200 فلسطيني على النزوح من منازلهم". وأضاف أن "السلطات الإسرائيلية يجب أن توقف فوراً خطط الإخلاء القسري في بطن الهوى في سلوان وأي مناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة".

أما المحامي والناشط في الحي "أمير مراغة"، فقد قال لـ"المونيتور": "قضية بطن الهوى قضية سياسية وليس لها أساس قانوني.. مزاعم عطيرت كوهانيم غير صحيحة وتستند إلى وثائق مزورة". وأضاف: "الضغط الذي ظهر على خلفية قضية الشيخ جراح خلق خوفًا بين القضاة، ولهذا قرروا تأجيل النظر في الاستئنافات".

وأردف أن سكان الحي رفضوا العروض المالية من المنظمة الاستيطانية، موضحًا: "إنهم يحتفظون بأرضهم ومنازلهم ويرفضون المغادرة، وأقاموا خيمة اعتصام في الحي لتنظيم فعاليات شعبية واجتماعية وفنية لدعم قضيتهم".

وأوضح "مراغة" أن ملف بطن الهوى أصبح الآن في يد المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في إسرائيل)، وسيتم تطبيق حكمها على القضايا الأخرى، بغض النظر عن المحكمة التي يتم نظر هذه القضايا أمامها.

ويخشى سكان بطن الهوى أن تتعمد الحكومة الإسرائيلية إطالة هذه القضايا من أجل تنفيذ خطة التهجير دون إثارة غضب الرأي العام، حيث يهدد التأجيل بإضعاف الزخم الشعبي وبالتالي تراجع الدعم لسكان الحي.