انتخابات الجزائر.. لا تغيير بخارطة الصدارة وتقدم كبير للبناء الوطني والمستقبل

الاثنين 14 يونيو 2021 05:53 م

اعتبر مراقبون للشأن الجزائري، أن النتائج الأولية لأول انتخابات برلمانية بعد الحراك  الشعبي، مؤشرا على عدم وجود تغيير كبير في سلوك وقناعات الناخب الجزائري رغم الانكشاف الكبير لأحزاب السلطة.

وقال الباحث "عبدالحميد براهيمي" إن هذه النتائج "انعكاس واضح للمقاطعة الواسعة للانتخابات، حيث إن نفس الكتلة التي تعودت على الانتخاب، سواء التي تمثل حاضنات شعبية لأحزاب سياسية أو غيرها، هي نفسها التي توجهت إلى صناديق الاقتراع بنفس الخيارات والقناعات، وعليه، فإنه من الطبيعي أن تكون النتائج نفسها التي كانت في السابق"، وفقا لما نقله موقع "العربي الجديد".

وأضاف: "إذا أخذنا كنموذج ولاية وادي سوف، فإن نسبة التصويت فيها لم تتجاوز 27.50%، وهي النسبة الأقل في الأعوام العشرين الأخيرة، رغم اللعب على الوتر العشائري والقبلي من طرف جل المترشحين والقوائم المترشحة، والإمكانيات التي جندتها السلطات لتحفيز المواطنين على المشاركة".

وتابع: "في اعتقادي أن هذه المقاطعة الشعبية الكبيرة تعود إلى غياب عامل الثقة في النظام الانتخابي الذي صيغ على عين السلطة وحدها دون إشراك الطبقة السياسية، ضمن جملة أسباب دفعت المواطنين لعدم الاقتناع بجدوى المشاركة في الانتخابات، وغياب كل أمل في تغيير أوضاعهم، وبالتالي عدنا إلى نفس النتائج السالفة".

لكن الكاتب المتخصص في الشؤون السياسية "أحسن خلاص"، يرى أن هناك متغيرات حملتها هذه الانتخابات لا يمكن الاستهانة بها، أهمها صعود موارد بشرية جديدة لدى جميع الأحزاب المتصدرة، بعد الانسحاب الاضطراري للوجوه البرلمانية القديمة، إضافة إلى الجمع بين كتلة "مجتمع السلم" و"حركة البناء" بين الأحزاب المتقدمة بالنتائج، ما سيحدث نوعاً من التوازن في المشهد والبرلمان، بخلاف ما كان في السابق.

وأشار "خلاص" إلى متغير يخص حزبا السلطة "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، وهو أن الرئيس "عبدالمجيد تبون" سيضطر للتعامل معهما كـ "شريكين" وليس تابعين للسلطة كما كان يتعامل معهما الرئيس السابق "عبدالعزيز بوتفليقة"؛ لأنهما نجحا من دون دعم مباشر أو رعاية من السلطة، كما كان في السابق.

خارطة الصدارة

وأسفرت الانتخابات البرلمانية الجزائرية - وفق النتائج الأولية - عن تثبيت خارطة الصدارة التقليدية لأحزاب "مجتمع السلم" و"جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، في مقابل صدمة كبيرة استيقظت عليها الأحزاب الناشئة التي كانت تتوقع أن تتيح لها هذه الانتخابات تمركزاً جيداً في توازنات البرلمان والمشهد الحزبي، إضافة إلى خيبة لافتة للمستقلين، بخلاف التوقعات التي كانت تعطيهم تقدماً قياسيا.

وحسب الولايات الـ58 والمناطق الأربع في الجالية، أبقت النتائج الأولية أحزاب الصدارة الثلاثة كما هي بشكل متفاوت في العديد من الولايات، مع صعود لافت لـ"حركة البناء الوطني" (منشقة من مجتمع السلم) و"جبهة المستقبل" (حزب أسسته كتلة من القيادات الشابة انشقت عن جبهة التحرير)، وهي الأحزاب التي يتوقع أن تكون الأكثر تأثيراً في تشكيل الحكومة المقبلة، إضافة إلى كتلة المستقلين.

ويعود الحضور البارز لـ"حركة مجتمع السلم" في صدارة النتائج إلى حفاظها على ثقلها الشعبي وتنشيطها حملة انتخابية مميزة، ولذا فإن نتائجها كانت متوقعة، بخلاف حزبي السلطة "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي".

ووفق عديد المراقبين، فإن نتائج الجبهة والتجمع جاءت بمثابة مفاجأة سياسية، بالنظر إلى أن كلا منهما يمثلان أكثر الأحزاب السياسية التي استهدفها الحراك الشعبي، وطالب في تظاهرات فبراير/شباط 2019 بحلهما، وحمّلهما الجزائريون جزءاً من المسؤولية عن النكبة السياسية والاقتصادية التي انتهت إليها البلاد، وتورطهما في دعم الخيارات والسياسات التي انتهجتها السلطة في العقود الماضية.

وعزز من هذه التوقعات تعرّض الجبهة والتجمع إلى هزات تنظيمية داخلية حادة، ما بعد الحراك الشعبي، واعتقال وسجن كبار قيادات الحزبين، في صورة الأمينين العامين السابقين لـ"جبهة التحرير"، "جمال ولد عباس" و"محمد جميعي"، وأمين عام "التجمع الديمقراطي"، "أحمد أويحيى"، وملاحقة عدد من نواب وقيادات الحزب.

ورغم ذلك نجح الحزبان، بحسب ما تظهره النتائج الأولية، ليس فقط في النجاة من هزيمة انتخابية، وإنما في الظفر بكتلة مهمة من المقاعد.

يأتي ذلك فيما لعبت كل من "جبهة المستقبل" التي جمعت حتى الآن أكثر من 17 مقعداً، و"حركة البناء الوطني" التي يقترب مجموع مقاعدها من 30 مقعداً، دور "الحصان الأسود" في هذه الانتخابات، حيث عززا من كتلتها النيابية، مقارنة مع النتائج التي حصلا عليها في انتخابات 2017.

 "جبهة المستقبل"، التي يقودها المرشح الرئاسي السابق "عبدالعزيز بلعيد"، كانت قد حصلت في 2017 على 11 مقعداً، بينما كانت "حركة البناء"، التي يقودها المرشح الرئاسي السابق "عبدالقادر بن قرينة"، قد حصلت على 14 مقعداً فقط ضمن تحالف كان ضمها مع "جبهة العدالة والتنمية" و"حركة الإصلاح الوطني".

في المقابل، لم تنجح مجموعة أحزاب ناشئة، كان يتوقع أن تتيح لها الانتخابات ولادة سياسية، في تحقيق ذلك، إذ أظهرت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية حصولها على عدد محدود من المقاعد، لا يؤهل بعضها لتشكيل كتلة برلمانية في البرلمان (أقل من 11 مقعداً)، على غرار "جيل جديد" و"الفجر الجديد" وحزب "صوت الشعب".

وعلى عكس التوقعات أيضا، لم تنجح قوائم المستقلين في تحقيق الحضور المتوقع رغم الإعلانات المتكررة من قبل الرئيس "تبون" عن دعم ترشح الشباب وتوفير دعم مادي لمستقلين أقل من 40 سنة.

فالنتائج أظهرت حصول المستقلين على عدد أقل من التوقعات، على الرغم من تقدمهم في بعض الولايات، كتيبازة وبومرداس قرب العاصمة الجزائرية، وهو ما يظهر بحسب بعض المراقبين تراجعاً لافتاً للسلطة عن خيار الاستناد إلى المجتمع المدني، بسبب ضعفه الهيكلي والتنظيمي، والرفض الكبير الذي واجهه هذا الخيار من قبل القوى السياسية، التي رأت فيه محاولة لتحييد الأحزاب عن دورها.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الجزائر مجتمع السلم جبهة التحرير الوطني حركة البناء الوطني عبدالمجيد تبون

اتهم بازدواجية المعايير.. القره داغي يثير جدلا بتعليقه عن انتخابات الجزائر

رسميا.. جبهة التحرير الوطني يحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان الجزائري