ستراتفور: كورونا تهدد بتقويض طموحات قطر من مونديال 2022

الجمعة 9 يوليو 2021 11:00 م

في الوقت الذي تكافح فيه قطر للتعامل مع التأثيرات طويلة المدى لـ"كورونا"، سيتعين عليها التأقلم مع الوضع الجديد خلال استضافة كأس عالم في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وتنتظر الدوحة من المونديال الذي طال انتظاره أن يكون لحظتها الكبرى باعتبارها أول دولة خليجية وعربية تستضيف حدثا دوليا بهذا الحجم؛ مما يمكنها من إظهار مهاراتها في الحوكمة وإمكانات البنية التحتية الحديثة لديها والثقافة الوطنية المتسامحة التي تتمتع بها.

وعانت المسابقة من العديد من التعقيدات خلال الأعوام الماضية، بما في ذلك اتهامات بالفساد أثناء عملية تقديم العطاءات ومزاعم بإساءة معاملة العمال أثناء تأسيس البنية التحتية، وحتى المخاوف من أن السياح قد لا يتمكنون من شرب الكحول، وكذلك الحصار السعودي الإماراتي في الفترة 2017-2021 والذي أغلق العديد من الطرق الجوية والبرية والبحرية المؤدية إلى الدوحة.

ولكن في حين أن معظم هذه القضايا من الماضي، يجب على الدوحة الآن أن تتأقلم مع حقيقة أنه حتى أواخر عام 2022، ربما لن يعود عالم ما قبل الوباء الذي بنت من أجله تلك البيئة الرياضية بالكامل.

  • أمور على المحك

واستثمرت قطر رأس مال اقتصادي وسياسي كبير في البطولة. وتقدر "بلومبيرج إنتليجنس" أن الدوحة أنفقت وستنفق نحو 300 مليار دولار إجمالا على الملاعب ونظام مترو جديد والبنية التحتية السياحية المرتبطة بها، وهو ما يقرب من ضعف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019 البالغ 175.8 مليار دولار.

ولكي يكون هذا الاستثمار مجديا، تحتاج قطر أن تستغل البنية التحتية لكأس العالم لتصبح أساسا لمركز رياضي رئيسي ووجهة سياحية دائمة بدلا من أن تكون وسيلة لجني الأموال لمرة واحدة خلال المونديال.

لذلك فإن استضافة كأس العالم هي في ذاتها محاولة محفوفة بالمخاطر. واستضافت جنوب أفريقيا نهائيات كأس العالم عام 2010 لأسباب اقتصادية مماثلة، وتم الإشادة بها أيضا على أدائها كمضيف، لكن البطولة تركت وراءها ملاعب غير مستغلة بشكل كبير؛ لذلك لم يحقق المونديال الأهداف الاقتصادية التي كانت تبحث عنها جنوب أفريقيا.

وبالرغم أن اقتصاد قطر أقوى مما كان عليه اقتصاد جنوب أفريقيا في عام 2010، إلا أن عدم استغلال البنية التحتية بعد انتهاء البطولة سيكون له تأثير سلبي للغاية.

ومنذ فوزها بحقوق الاستضافة عام 2010، ركزت قطر على أن يُنظر إليها باعتبارها الأفضل والأكثر إشراقا في المنطقة. ومع اقتراب عالم ما بعد النفط، زاد تنافس السعودية والإمارات المجاورتين على السائحين والمستثمرين والشركات الذين تأمل الدوحة أن يكونون جزءًا من اقتصادها المستقبلي.

ويمكن لتنظيم كأس العالم بشكل جيد أن يمنح سمعة قطر التجارية دفعة إيجابية تجذب الزوار وترسخ الصفقات الاستثمارية والمعاملات التجارية لأعوام قادمة.

  • عوائق أخرى خارج الحسابات

وتكافح الدوحة لإيجاد حل للتحدي الأخير للبطولة، ألا وهو جائحة "كورونا"، التي من المحتمل أن تظل تهديدا في جميع أنحاء العالم حتى أواخر عام 2022. وقد واجهت اليابان بالفعل مشاكل في استضافة حدث رياضي كبير في خضم الجائحة. وفي البداية تم تأجيل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في طوكيو، والآن من المقرر أن يكون حدثا أقل صخبا في يوليو/تموز 2021. وتواجه قطر خيارا مشابها. 

وفي الوقت الحالي، تستعد قطر لاستضافة الحدث بشكل طبيعي قدر الإمكان، مع خطط لفحص الزوار مع الاستعداد لتقديم ما يصل إلى مليون لقاح للوافدين الجدد. وسيسمح مثل هذا النهج للدوحة بأن تدعي أنها تبذل كل ما في وسعها لمنع انتشار الفيروس بينما تستضيف مئات الآلاف من الزوار حول العالم.

ولكن بالرغم من ميزانية قطر غير المحدودة على ما يبدو لتحقيق السلامة خلال الجائحة، فمن المحتمل أن تتسرب بعض الإصابات وقد تكون مرتبطة بتفشي المرض أثناء كأس العالم أو بعده. وقد لا يستطيع الاختبار التعرف على جميع الإصابات، وستستغرق اللقاحات أسابيع حتى تصبح فعالة، بافتراض أن قطر ستشتري اللقاحات المتاحة الأكثر فعالية وأن التحورات الجديدة من الفيروس الأكثر مقاومة للقاحات لن تظهر من الآن وحتى أواخر عام 2022.

ومع ذلك، فقد لا تزعج هذه المخاطر الصحية الدوحة. فبعد كل شيء، تمضي دبي المجاورة قدما في معرض "إكسبو 2020" لينطلق في أكتوبر/تشرين الأول 2021 مع قيود قليلة بعد تأجيل الحدث لمدة عام بسبب الوباء.

وعلى عكس تجربة معرض إكسبو في دبي، فقد عانت قطر منذ اليوم الذي فازت فيه باستضافة الحدث تقريبا بمزاعم أنها لم تكن مناسبة للاستضافة، وهو ما يمكن أن يعززه تفشي "كورونا".

وبالرغم من الإمكانات الاقتصادية لدى الإمارات فقد ظلت مستويات الإصابة بـ"كورونا" مرتفعة؛ ما دفع دولا مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وإسرائيل إلى تحذير مواطنيها من السفر إلى الإمارات. ويمكن أن تواجه قطر أيضا قيودا قانونية من الدول التي تتبع استراتيجيات صارمة، ولا تريد أن تخاطر بتفشي المرض بسبب المونديال.

وإذا قامت قطر بتوسيع الضوابط المتعلقة بـ"كورونا" وخفضت عدد الجمهور، فإن صور الملاعب الفارغة والفنادق الشاغرة تخاطر بجعلها تبدو كبلد صحراوية قاحلة، بدلا من تقديمها كمركز اقتصادي مستقبلي.

كما سيكون هناك عدد أقل من الزوار الذين سيعودون إلى بلدانهم الأصلية ليتحدثوا عن قصص إيجابية حول قطر؛ ما يقوض مكاسبها السياحية.

وبالرغم من أن المستثمرين والشركات قد يطمئنوا إلى بروتوكولات الرعاية الصحية في قطر، إلا أن كأس العالم الأقل صخبا قد يقوض الاستثمارات خشية أن يعكس الحدث الباهت نقاط ضعف أساسية في الاقتصاد القطري.

  • آثار طويلة الأمد

وبغض النظر عما تفعله قطر للتخفيف من آثار "كورونا" خلال كأس العالم، سيكون عليها أيضا أن تتعامل مع الآثار المستمرة للوباء بعد ذلك بفترة طويلة، مع توقعات بعدم قدرة اللقاحات على القضاء على الفيروس تماما.

ومن المرجح أن تعود القيود من جديد في مواجهة الموجات الجديدة.

وسيؤدي ذلك إلى تقويض استراتيجية قطر لتحويل بنيتها التحتية لكأس العالم إلى ركيزة أساسية لقطاعي السياحة والرياضة؛ حيث سيكون من الصعب استخدام هذه الملاعب بكامل طاقتها للأحداث الرياضية المستقبلية، على الأقل على المدى القصير.

وقد تضطر العديد من الفنادق الجديدة إلى الانتظار لفترة أطول حتى تمتلئ بالسياح مع استمرار الركود؛ حيث لا تتوقع تقديرات الأمم المتحدة عودة السياحة العالمية إلى مستويات ما قبل الوباء حتى عام 2024.

وأخيرا، قد تضطر الدوحة إلى إعادة النظر في استراتيجيات التنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على الهيدروكربونات للمستقبل.

المصدر | ريان بول/ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كأس العالم 2022 استضافة كأس العالم كوفيد-19 جائحة كورونا النمو الاقتصادي مونديال قطر التنويع الاقتصادي

مجلس التعاون يشيد باستعدادات قطر لاستضافة كأس العالم 2022

قطر تضع خطة خاصة لمونديال 2022.. تقليص ساعات العمل وتعطيل المدارس

قطر.. إصابات كورونا تتخطى 100 حالة للمرة الأولى منذ يونيو

قطر تفرض إجراءات جديدة على حركة السفر من 6 دول بسبب متحور دلتا

قطر تعلن تخفيف تدابير احترازية مفروضة بسبب كورونا

380 ألف متطوع للمشاركة في تنظيم مونديال قطر 2022

تصفيات مونديال قطر.. انطلاق التصفيات الآسيوية بمواجهات نارية

توقعات بتحول كورونا إلى فيروس يشبه الإنفلوانزا بنهاية 2022