للمرة الأولى.. لبنان بلا صيدليات بسبب شح الأدوية

الجمعة 9 يوليو 2021 11:27 م

في مشهد لم يعرفه لبنان من قبل، دخلت الصيدليات، الجمعة، في إضراب مفتوح، احتجاجا على نضوب الأدوية، في تطور يعكس حجم الأزمة التي بلغها البلد صاحب أعلى دين في العالم، والذي يقف بالفعل على حافة الانهيار الشامل.

ومن المقرر أن يتواصل الإضراب المفتوح، إلى حين إصدار وزارة الصحة لوائح الأدوية وتصنيفها بحسب الاتفاق مع المصرف المركزي، باعتبارها "الطريقة الوحيدة التي ستحمل المستوردين على الإفراج عن الأدوية التي وعد مصرف لبنان بصرف الاعتمادات لها مرارا".

وفي الفترة الأخيرة، بات الدواء لدى الصيدليات كالفاكهة النادرة، فبدت الرفوف فارغة، إلا من أنواع قليلة من الأدوية، وهي خطوة تعكس وجها جديدا من تبعات الانهيار الاقتصادي غير المسبوق في لبنان.

وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية.

وأدى ذلك إلى تأخر فتح اعتمادات للاستيراد، ما تسبّب بانقطاع عدد كبير من الأدوية من مسكنات الألم العادية وحليب الأطفال الرضّع، حتى أدوية الأمراض المزمنة.

وأعلن تجمّع أصحاب الصيدليات "الإضراب العام والمفتوح اعتبارا من صباح الجمعة".

وقال عضو التجمع "علي صفا": "قرابة 80% من الصيدليات التزمت بالإضراب في بيروت والمدن الكبرى، مقابل 50-60% في المناطق الأطراف".

وربط عدم الالتزام الكلي بعدم تأييد نقابة الصيادلة للإضراب وطلبها مهلة للتفاوض مع وزارة الصحة.

وقالت مصادر إعلامية، إن غالبية الصيدليات وبينها صيدليات كبرى، أقفلت أبوابها على طول الخط الساحلي بين مدينتي جبيل وجونية شمال بيروت.

فيما أعرب عدد كبير من الصيدليات في الضاحية الجنوبية لبيروت الالتزام بالإضراب وتفاوتت نسبة الإقفال بين منطقة وأخرى في أحياء العاصمة.

ومنذ مطلع العام، يبحث اللبنانيون عبثا عن أدويتهم في صيدليات نضبت محتوياتها تدريجيا.

وينشر مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي يوميا أسماء أدوية يحتاجونها.

وبات الكثير يعتمدون على أصدقائهم وأفراد عائلاتهم في الخارج لتأمين أدويتهم، بأسعار مرتفعة جدا مقارنة مع السعر المحلي المدعوم.

والأحد الماضي، حذّرت نقابة مستوردي الأدوية من "نفاد" مخزونها من "مئات الأدوية الأساسية التي تعالج أمراضا مزمنة ومستعصية".

وقالت إن مستحقاتها المتراكمة لدى مصرف لبنان تجاوزت 600 مليون دولار.

واعتادت الشركات تقديم فواتير الاستيراد إلى مصرف لبنان لتسديدها، في إطار سياسة الدعم، لكن مع شحّ الدولار وازدهار عمليات التهريب إلى الخارج، بات يطلب موافقة مسبقة من وزارة الصحة على الأدوية التي يراد استيرادها، ويسدد لاحقا الفواتير وهو ما أدى إلى تراكم مستحقات الشركات.

ويطالب مصرف لبنان منذ أشهر وزارة الصحة بوضع جدول أولويات بالأدوية التي يجب مواصلة دعمها.

ويقول "صفا": "المطلوب اليوم هو أن توقّع وزارة الصحة على لوائح الأدوية وفق الأولويات، فتبدأ الشركات تسليم الأدوية غير المدعومة إلى الصيدليات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، وتلك المدعومة وفق السعر" الذي تحدّده الوزارة.

وكان حاكم مصرف لبنان "رياض سلامة"، أعلن الإثنين الماضي، أنه سيسدّد "الاعتمادات والفواتير التي ستقدم.. والتي تتعلق بالأدوية، لا سيما أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، وفقا للأولويات التي تحددها وزارة الصحة ضمن مبلغ لا يتعدى 400 مليون دولار" يغطي "مستوردات أخرى بما فيها الطحين".

وحسب نقابة مستوردي الأدوية، لن يتخطى الجزء المخصص للأدوية 50 مليون دولار شهريا، وهو ما يعادل نصف الفاتورة الاعتيادية.

ومنذ أواخر 2019، يرزح لبنان تحت وطأة أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه الحديث، أدت إلى انهيار مالي وتدهور القدرة الشرائية لمعظم سكانه، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وغلاء في أسعار السلع الغذائية.

وتراجع احتياطي لبنان من النقد الأجنبي من متوسط 38 مليار دولار في 2019، إلى أقل من 16 مليار دولار حاليًا، وفق بيانات مصرف لبنان.

وجراء خلافات بين الرئيس اللبناني "ميشال عون"، ورئيس الحكومة المكلف "سعد الحريري"، يعجز لبنان منذ أكثر من 7 أشهر عن تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة "حسان دياب"، التي استقالت في 10 أغسطس/ آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.

كما يعد لبنان ساحة صراع لمصالح دول إقليمية وغربية، وهو ما يرفع من مستوى تعقيد أزماته.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

لبنان اقتصاد لبنان أزمة لبنان إضراب صيدليات صيدليات لبنان شح الأدوية

داعيا لإنقاذ الوضع.. دياب: ربط المساعدات بتشكيل الحكومة خطر على حياة اللبنانيين

سفيرتا أمريكا وفرنسا: لبنان بحاجة ماسة إلى حكومة مؤيدة للإصلاح

مصدر مطلع الحريري قد يقدم تشكيلة حكومية جديدة

بدل الهدايا.. لبنانيون مغتربون يجلبون الأدوية بعد نضوب مخزونها وغلائها