«فاينانشيال تايمز»: سوق النفط تخرج عن نطاق السيطرة

الأربعاء 4 نوفمبر 2015 11:11 ص

على مدار تاريخ عصر النفط، حاولت مجموعة المنتجين السيطرة على سعره. منذ عشرينيات القرن الماضي، كانت هذه الاستراتيجية تنسق من قبل لجنة السكك الحديدية في ولاية تكساس، بدعم من الولايات الأمريكية الأخرى والسلطات الاتحادية. ثم منذ عام 1970 أصبحت أوبك، وهي منظمة الدول المنتجة هي التي تتحكم، وقد جعلت السوق يغرق في أسعار النفط الخام منذ صيف عام 2014 ومن الواضح أن السوق أكبر من قدرة أي شخص للسيطرة عليه.

التقدم الباهر في إنتاج الولايات المتحدة للنفط لصخري خلال السنوات الخمس الماضية، والمخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد في الصين وغيرها من الاقتصاديات الناشئة، والتحول في استراتيجية المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تسبب في إغراق الأسواق العالمية من النفط التي جعلت الأسعار تتهاوى بأكثر من 50%.

في الوقت الراهن، على الأقل، يتم تحديد الأسعار من قبل قوى السوق، أكثر من القرارات السياسية، وهي تجربة تثير غضب جميع المعنيين، من مجالس الإدارة من هيوستن إلى قصور الرياض. وهذه حالة لم يسبق لها مثيل على الإطلاق.

جاء الانهيار الأخير لأسعار النفط قبل سبع سنوات فقط. سقوط «ليمان براذرز» في 2008 والأزمة المالية اللاحقة أطاحت بأسعار النفط من ذروة أعلى مما كانت عليه في 2014 إلى أدنى مستوياته.

فبعد أن انخفض السعر دون 37 دولار للبرميل في ديسمبر/ كانون الأول عام 2008، وصل سعر خام برنت القياسي المتداول دوليا إلى ما فوق 70 دولار للبرميل بحلول يونيو/ حزيران عام 2009.

على جانب الطلب، فإن عام 2015 يبدو تماما مثل عام 2009. قبل ست سنوات، فالاستئناف السريع للنمو القوي في الصين، بعد التعثر الوجيز في أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009، قدم دعما مهما للأسعار. وهذا العام، وبالمثل، فقد بلغ النمو في الطلب على النفط في الصين معدلا قويا، على الرغم من أن المتنبئين يتوقعون أن يتباطأ. وهذا قد يسبب اختلافا في العرض.

في عام 2008، كان هناك إجراءات حاسمة من قبل أوبك، التي خفضت الإنتاج المتفق عليه إلى 4.2 مليون برميل يوميا في ثلاث خطوات من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الثاني، وبلغت ذروتها في أكبر انخفاض واحد في تاريخها وهو الذي ساعد على استقرار الأسعار.

في كثير من الأحيان كانت قدرة المنظمة على السيطرة على أسواق النفط مبالغ فيها ، ولكن من الواضح أن التدخل في عام 2008 كان له أثر كبير جدا. عندما اجتمع وزراء «أوبك» في فيينا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، حيث كانت السعر ينزلق على قدم وساق، فقد رأوا أن نفوذهم قد وصل إلى حدوده.

إن قرارهم بترك مستوى الإنتاج الرسمي لم يغير شيء بسبب السياسة التي سبق العمل بها لعدة أشهر من المملكة العربية السعودية، العضو الأكثر نفوذا في المجموعة.

«علي النعيمي»، وزير النفط السعودي، أوضح في وقت لاحق في مقابلة مع هيئة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط، أن خفض إنتاج أوبك، يعني أساسا الإنتاج السعودي، وقال أن مجرد ذلك يعني السماح بالمزيد من «البراميل الهامشية» من الصخر الزيتي من الولايات المتحدة والمصادر الأخرى الأعلى في التكلفة لملء هذه الفجوة.

ليست استراتيجية جديدة

وقد كانت أوضح سابقة لاستراتيجية «النعيمي» للتحول نحو فتح الصنابير هي السياسة التي اعتمدها الشيخ «أحمد زكي اليماني»، سلفه الشهير، الذي عزز الإنتاج في 1985-1986 بعد خفض على مدى نصف العقد الماضي لدعم الأسعار. فقد انخفض النفط الخام في عام 1986 ودخل العالم فترة من الأسعار المنخفضة التي امتدت إلى أعوام الألفية الثالثة. وتم ذلك بالتوازي مع ذلك الطفرة السابقة من الإنتاج من خارج أوبك . حيث كان تسببت طفرة الصخر الزيتي في هذا العقد في افتتاح اثنتين من المحافظات النفطية الجديدة: بحر الشمال وألاسكا.

إن تطوير تلك المناطق، والتي كانت نسبيا عالية التكلفة مقارنة بحقول النفط في الشرق الأوسط، لم يكن ممكنا من قبل تحركات أوبك التي أجبرت على ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات، تماما كما تم مع الصخر الزيتي من ارتفاع الأسعار في النصف الأول من عام 2010.

وعلى الرغم من أن انخفاض الأسعار ضرب الاستثمارات، ، فإن الإنتاج استغرق وقتا طويلا للرد. كما واصلت المملكة المتحدة والنرويج وألاسكا الإنتاج بكميات كبيرة.

في نهاية المطاف، على الرغم من أنه بينما ذهبت تلك المناطق إلى الانخفاض، فإن الطلب من الصين وغيرها من الاقتصادات الناشئة بدأ ينمو بقوة، قد مهد الطريق لارتفاع حاد في الأسعار مع عام 2000 والسؤال المطروح وقتها كان هو متى ستتحقق سرعة تعديل مماثل من العرض.

في بداية هذا العام، من المتوقع أن صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة سوف تتجه بسرعة إلى الركود.

وتقول «تريشا كورتيس»، من مؤسسة أبحاث سياسة الطاقة ومقرها واشنطن، أن سعر النفط في أقل من 50 دولار يسبب مشاكل «خطيرة جدا» لهذه الصناعة.

وتضيف «كورتيس» بأن التأكيدات أن كل شيء يبدو على ما يرام هو تجاهل لحقيقة أن هناك دائما فجوة تعكسها عدد منصات التنقيب عن النفط، التي انخفضت 63% في العام الماضي. «وأنها سوف تستغرق بعض الوقت»، فصناعة الصخر الزيتي لم تمت، لكنها قد تكون دخلت «سبات».

في المناطق الأخرى المنتجة للنفط، حيث تطورات المشروعات عادة ما تكون مرتبطة مع التزامات من عدة سنوات ومع مليارات الدولارات، سوف يكون الإنتاج أبطأ للرد على النزول في سعر النفط الخام.

«فيليب فرلجر»، وهو خبير اقتصادي في مجال الطاقة، يرى أن فنزويلا، وهي أكبر منتج للنفط الآن تقع في قبضة أزمة مالية حادة، مع تصاعد الفوضى في البلاد، الوضع الذي يهدد 4.2 مليون برميل يوميا.

ويقول «إدوارد مورس»، المحلل لدى سيتي جروب، أن سوق النفط سينوء تحت الضغوط في المدى القريب، بما في ذلك احتمال إضافة العرض الإيراني، ولكن لا يزال يبدو من المرجح أن اتجاه السعر على المدى الطويل سيمضي صعودا، مع احتمال الارتفاع إذا اندلعت الأزمات في فنزويلا أو في أي مكان آخر. ويشير إلى أن سعر من 60-80 دولار للبرميل سيجلب العرض والطلب مرة أخرى إلى التوازن.

  كلمات مفتاحية

سوق النقط انخفاض أسعار النفط السعودية أوبك النفط أسعار النفط

«صدمة» النفط تزج بدول الخليج في «مفترق صعب»

«بزنس إنسايدر»: «لعبة العروش» في السعودية قد تعرقل أسواق النفط

«أويل برايس»: لماذا تعاود أسعار النفط الانخفاض بعد تعافيها نسبيا؟

حرب أسعار النفط: المملكة العربية السعودية تربح .. ولكنها تتألم أيضا

«تليغراف»: حرب أسعار النفط قد تؤدي إلى انهيار حكومتي الرياض وموسكو

استطلاع «رويترز»: أسعار النفط ستتعافى في 2016

«التليجراف»: السعودية قد تفلس قبل أن تستطيع لي ذراع صناعة النفط الأمريكية

تقلبات السوق النفطية والاستراتيجية السعودية