هل ينجح الصدر في تحقيق أهدافه من مقاطعة الانتخابات العراقية؟

الأحد 25 يوليو 2021 12:00 م

في 15 يوليو/تموز، أعلن رجل الدين الشيعي العراقي "مقتدى الصدر" أنه سيقاطع الانتخابات البرلمانية العراقية المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ويخلق هذا القرار مشاكل كبيرة لرئيس الوزراء "مصطفى الكاظمي" وحكومته من خلال إثارة مسألة ما إذا كان يمكن إجراء الانتخابات بدون "الصدر" وائتلافه.

وكان "الصدر" قد هدد بالانسحاب من المشاركة في الانتخابات مرات عديدة في الماضي، عندما كان يعتقد أنه يمكنه تحقيق مكاسب سياسية من هذه الخطوة. ويُنظر إلى "الصدر" الزئبقي والذكي على أنه قادر على تحمل المخاطر السياسية وحتى على جعل الحسابات الخاطئة، التي عادة ما تكون قاتلة لشخصيات أخرى،  أقل تأثيرا عليه.

ونظرًا لنفوذه على مجموعة كبيرة من أتباعه، فإن إعلانه الأخير الذي قال فيه إن العراق يتعرض لـ"مخطط إقليمي شيطاني لإذلال البلد وتركيعه" يمكن أن يكون حيلة لتأجيل الانتخابات.

وبدا توقيت إعلانه انتهازيًا حيث جاء ذلك في الوقت الذي نعى فيه العراق مقتل 92 شخصًا على الأقل في حريق انتشر في جناح عزل مرضى "كورونا" في مستشفى في مدينة الناصرية الجنوبية. وقد ألقى الرئيس العراقي "برهم صالح" ومسؤولون حكوميون باللوم في المأساة على الفساد الحكومي المتفشي وسوء الإدارة والإهمال، وهو ما حاول "الصدر" الاستفادة منه.

وكتب "الصدر" في تغريدة قبل يومين من إعلانه حول الانتخابات: "يتحتم على الحكومة العمل فوراً لمعاقبة المسؤولين عن حرائق المستشفيات، سواء في الناصرية أو غيرها من المحافظات، بغض النظر عن انتمائهم".

ولا يشغل "الصدر" رسميًا منصبًا منتخبًا، مما يتيح له فرصة العمل كشخصية معارضة ببراعة. ولذلك غالبًا ما يصرح بمعارضته للحكومة الحالية ولحركة الاحتجاج المستمرة، التي بدأت في أكتوبر/تشرين الثاني 2019، والتي يدعمها رئيس الوزراء والرئيس.

واستخدم "الصدر" حريق المستشفى في محاولة للقول إن حركته تقدم بديلاً أفضل للحكومة، بالرغم أن أعضاء ائتلافه "سائرون" يشغلون 54 من 329 مقعدًا في البرلمان. وعلاوة على ذلك، يحتفظ الموالون لـ"الصدر" بنفوذ في العديد من الوزارات وخاصة وزارتي الصحة والكهرباء وهذه هي المؤسسات ذاتها التي لا يلقي العراقيون باللوم عليها في حريق المستشفى فحسب، بل على انتشار جائحة فيروس "كورونا" ونقص الكهرباء الشديد خلال حرارة الصيف الشديدة.

ووفقًا لتقرير حديث لـ"رويترز"، شغل أعضاء من تحالف "سائرون" على مدى العامين الماضيين مناصب رفيعة جلبت لـ"الصدريين" قوة مالية ملحوظة، وتمثل الوزارات التي يوجد بها "الصدريون" أو حلفاؤهم مصدرا لنحو ثلث أو نصف موازنة العراق لعام 2021 البالغ قيمتها 90 مليار دولار.

وقال العديد من الناشطين العراقيين إنهم يعتقدون أن أحد أهداف "الصدر" بإعلانه الأخير هو صرف الغضب العام وإبعاد اللوم عن الموالين له في الوزارات المسؤولة عن الحريق وانقطاع الكهرباء وإعادة توجيه الانتباه العام إلى الانتخابات. ويعتقد هؤلاء أن "الصدر" فقد الدعم ولكنه يستطيع استعادة شعبيته بمرور الوقت إذا تم تأجيل الانتخابات، وقد يكون هذا الإعلان وسيلة ضغط لتأجيلها.

وقال "فاضل أحمد" وهو مدون عراقي ومحلل سياسي، إن قواعد "الصدر" الشعبية أقل مما كانت عليه في الماضي، مضيفا أن حلفاءه السنة بمن فيهم الأكراد ليسوا في وضع جيد الآن يسمح لهم بخوض الانتخابات.

وبحسب "أحمد"، فإن "الصدر" في وضع أضعف مما كان عليه قبل انتخابات 2018. ففي الماضي برز "الصدر" كلاعب قوى وكان يعتبر الفائز الأول في انتخابات 2018 لأن ائتلافه "سائرون" فاز بأكبر عدد من المقاعد النيابية، وكان لاعباً رئيسياً في المناورات السياسية لاختيار رئيس الوزراء الجديد والمناصب الوزارية بعد إجراء الانتخابات.

لكن في الانتخابات المقبلة، يمكن لخصوم "الصدر" أن يقللوا من نفوذه على العملية الانتخابية فخصماه الرئيسيان اللذان يتقدمان بمرشحين في الانتخابات هما الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران وحركة الاحتجاج التي تنصل منها في عام 2020 وأمر قواته بمهاجمتها.

وبالرغم أنه من غير المتوقع أن تحصل الأحزاب السياسية التي شكلها قادة الاحتجاج على أكثر من بضعة مقاعد في البرلمان، فإن معارضة "الصدر" للحراك الجماهيري أساءت إليه في الشارع العراقي.

ولا يقتصر الأمر بالنسبة "للصدر" على ما إذا كان ائتلافه سيهيمن على صناديق الاقتراع فحسب، بل يتعلق أيضًا بدرجة نفوذه على تشكيل الحكومة المقبلة بعد انتهاء الانتخابات.

وقال "علي أبو سيسي"، وهو حليف سياسي لـ"الصدر" إن "الضغوط الهائلة والممنهجة التي مارستها بعض الأحزاب في الأيام الأخيرة بإثارة خطاب الكراهية ضد التيار الصدري سبب مبرر للخروج من المنافسة".

ويعتقد بعض الناشطين السياسيين العراقيين أن الإعلان يمثل تهديدًا قبيل الانتخابات، وهو تهديد يمكن أن يستخدمه "الصدر" لتعزيز موقفه التفاوضي بينما يحاول عقد صفقات مع الأحزاب التي تمثل الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والنخب السياسية الشيعية القوية.

ويكمن التهديد الضمني في أنه سيلعب دور المخرب إذا أجريت انتخابات بدونه. وقال "زيد عبدالهادي"، الناشط من "حزب البيت الوطني"، وهو حزب جديد شكله أعضاء في الحركة الاحتجاجية، إن "الكتل السياسية الشيعية المتنافسة مع الصدر قد تكون حريصة على إثنائه عن قراره بعدم المشاركة في الانتخابات.. والسبب أنه لن يتم تشكيل حكومة بدون "الصدر". وقال "عبدالهادي": "إذا تم تشكيل أي حكومة، فسوف يسقطها من خلال أدواته الاحتجاجية والسياسية التي تحميها الأسلحة".

وبحسب مصادر عراقية في بغداد، ضغط "الصدر" قبل عدة أشهر على "الكاظمي" لحل حزب سياسي شيعي علماني كان يتألف من بعض المتظاهرين الشباب، وذلك لمنع الحزب من منافسة "الصدر" في الانتخابات.

وبصفته "صانع ملوك" متقلب لسنوات، من غير الواضح ما إذا كان "الصدر" سيمضي في تهديده بمقاطعة الانتخابات حيث تحثه الأحزاب السياسية الشيعية الرئيسية الأخرى، بما في ذلك حزب رئيس الوزراء السابق "حيدر العبادي"، على عدم المقاطعة. ومن غير الواضح في الوقت الحالي ما إذا كان أنصاره سيقاطعون بالفعل إذا نفذ "الصدر" تهديده.

لكن في الوقت الحالي، ألقى "الصدر" بالعملية الانتخابية في حالة من الفوضى في وقت يعتمد فيه الاستقرار المستقبلي للعراق على انتخابات شرعية وشفافة.

المصدر | جينيف عبده وياسر مكي - معهد دول الخليج في واشنطن – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات العراقية مقتدى الصدر سائرون مصطفى الكاظمي البيت الوطني العراق

مقتدى الصدر من التيار المدني إلى «البيت الشيعي!

كتلة جديدة تنسحب من انتخابات العراق.. والمفوضية: لا قيمة قانونية للانسحابات

صالح يتعهد بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها رغم مقاطعة قوى عراقية بارزة

العراق.. الصدر يعلن عودته للمشاركة في الانتخابات المبكرة

مفوضية الانتخابات العراقية تعيد الفرز اليدوي لـ21 محطة جديدة