الريال اليمني يبحث عن مصادر دعم لكبح هبوطه التاريخي

الجمعة 13 أغسطس 2021 04:30 ص

يواجه اليمن، واحدة من أسوأ أزماته الناجمة عن الحرب، التي بدأتها السعودية والمستمرة منذ عام 2015، تتمثل بالتراجع الحاد في قيمة العملة المحلية (الريال)، ما تسبب بتفاقم أكبر للوضع الإنساني المتدهور في البلاد، وسط عجز حكومي ملحوظ.

وبات تراجع العملة أحد أبرز القضايا التي شغلت تفكير المواطنين والمسؤولين بمتابعة جديدها، وسط حالة سخط شعبي من الانهيار الحاصل للعملة والذي أدى إلى تصاعد أسعار السلع والخدمات.

وبينما كان يتم صرف الدولار الواحد مطلع 2015 بنحو 215 ريالاً فقط، واصلت العملة المحلية تراجعها القياسي، وبات يصرف الدولار بنحو 1060 ريالاً في المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة "الشرعية"، مقابل 600 ريال في المناطق التي يحكمها الحوثيون.

ورغم اتخاذ الحكومة المعترف بها دولياً، سلسلة من الإجراءات الهادفة لوقف تدهو الريال، إلا أنها لم تؤدِ إلى نتائج تذكر ومستدامة.

وتزامنت الإجراءات، مع مناشدات حكومية متكررة للمجتمع الدولي تقديم دعم عاجل لوقف انهيار العملة.

وآخر تلك المناشدات جاءت على لسان رئيس الحكومة "معين عبدالملك"، خلال لقائه الإثنين الماضي، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن "وليام غريسلي"، في العاصمة السعودية الرياض.

وتحتاج السوق اليمنية بشكل عاجل إلى كميات كبيرة من النقد الأجنبي (الدولار)، وضخها في السوق المحلية، لوقف مضاربة شريحة من التجار الذي يستغلون شُحّه محلياً.

وليس في وسع الحكومة اليمنية حالياً توفير كميات كبيرة من النقد الأجنبي، إلا في حالة تنشيط قطاعي النفط والغاز، اللذين تضررا كثيرا بفعل تداعيات الحرب.

وفي إشارة إلى وجود عجز حكومي، قال وكيل وزارة الإعلام "محمد قيزان"، إن "العملة اليمنية في تدهور مستمر رغم الخطوات التي أعلن عنها البنك المركزي".

وأضاف أن "عودة الحكومة إلى ‎اليمن بشكل دائم ووضع يدها على المنشآت النفطية والغازية والمؤسسات الإيرادية واتخاذ معالجات حقيقية صادقة، هي من ستعيد للعملة عافيتها".

ومنذ أشهر، تمارس الحكومة مهامها من العاصمة السعودية إثر توتر العلاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي (مدعوم إماراتيا) المسيطر على العاصمة المؤقتة عدن التي تعد المقر الرسمي للحكومة.

وأدى استمرار الصراع السياسي المتأزم بين الحكومة والمجلس الانتقالي، إلى عدم الثقة بالعملة المحلية، وبالتالي تواصل تراجع قيمتها، وفق مراقبين.

وأدى عجز الحكومة في حل مسألة تراجع الريال إلى إحراجها أمام أنصارها المناهضين للحوثيين أو المجلس الانتقالي الجنوبي.

كما تتعرض الحكومة لضغط شعبي متزايد، وصل إلى مطالبة متظاهرين في مدينة تعز خلال الأيام الماضية، برحيل رئيس الحكومة "معين عبدالملك".

ومن بين أبرز أسباب تزايد الضغط الشعبي على الحكومة، استقرار العملة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، حيث يصرف الدولار فقط بنحو 600 ريال فقط.

واستغل الحوثيون هذا الملف أمام أنصارهم وبعض أنصار الحكومة، عن طريق الترويج بأن إدارة الجماعة نجحت بشكل أكبر يفوق الجانب الحكومي المدعوم من السعودية.

وفي الرابع من الشهر الجاري، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن "الريال اليمني في مناطق الحكومة فقد ما يزيد عن 36% من قيمته مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي".

وحول مستقبل العملة المحلية، أفاد الباحث الاقتصادي "عبدالواحد العوبلي"، بأن "الريال اليمني يتجه نحو الهبوط بشكل متسارع، بحكم أن الحكومة والبنك المركزي لا يقومان بأي إجراءات فعالة".

وأضاف: "في الوقت نفسه تستمر ميليشيا الحوثي بممارساتها التي تلتهم إيرادات الدولة وتقسم الاقتصاد ونهب أموال المواطنين، عبر ما يسمى بالفارق في سعر العملة المحلية بين المناطق الواقعة تحت سلطة الحكومة والأخرى الخاضعة لسيطرتهم".

ولفت إلى أن ما يجب على الحكومة القيام به يتمثل في "تدعيم الإيرادات عبر زيادة الإنتاج من النفط الخام وإعادة تصدير الغاز المسال".

وتابع: "لو تم إعادة تصدير الغاز المسال من ميناء بلحاف في محافظة شبوة (جنوب) تستطيع اليمن أن تجني ما لا يقل عن مليار دولار سنوياً، ستلعب دورها في تدعيم الريال".

وتُتهم الإمارات، الدولة الثانية في "التحالف العربي" الذي تقوده السعودية، بأنها قامت بتعطيل منشأة بلحاف الغازية في محافظة شبوة، ما كبد الاقتصاد اليمني خسائر كبيرة، وهو الأمر الذي تنفيه أبوظبي.

ومضى "العوبلي"، قائلا: "هناك أيضا إيرادات اليمن من الموانئ والمطارات والمنافذ، إضافة إلى الضرائب والجمارك والرسوم التي يجب كلها أن تورد إلى الخزينه العامة للدولة، وأن يعود النظام المصرفي لعمله بدلا من السوق السوداء".

وقال أيضاً: "يمكن للحكومة تعزيز النقد الأجنبي عبر إجبار المنظمات الأجنبية بتوريد مبالغ المساعدات إلى البنك المركزي، وهذا سيوفر مصدرا للعملة الصعبة، ما يمكن البلد من استعادة قيمة الريال اليمني".

بدوره، قال الصحافي المتخصص بالشؤون الاقتصادية "وفيق صالح": "لا نستطيع أن نتنبأ بمستقبل الريال في ظل الأوضاع الحالية والغموض الذي يكتنف الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد".

وأضاف: "ما تزال البلاد تعيش حالة من الفراغ في الجانب الاقتصادي، في ظل ضغط حوثي مستمر نحو الإضرار بقيمة العملة اليمنية في محافظات الشرعية، من خلال تكريس الانقسام النقدي والمصرفي".

ومنذ نحو 7 سنوات، يشهد اليمن حرباً أودت بحياة 233 ألفا، وبات 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الريال الريال اليمني الحثيون الحرب في اليمن

800 ريال لكل دولار.. انهيار العملة يفاقم أزمة الاقتصاد اليمني

اليمن.. الانتقالي الجنوبي ينهب 18 مليار ريال من أموال البنك المركزي

البضائع مكدسة على المنافذ اليمنية.. والسبب رفض رفع سعر الدولار الجمركي

السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا قلقون إزاء انخفاض قيمة الريال اليمني

أمام الدولار.. الريال اليمني يشهد أسوأ تدهور لقيمته في التاريخ

هادي يطلب دعما اقتصاديا عاجلا من السعودية لإنقاذ اليمن

الدولار يتخطى عتبة الألف ريال.. العملة اليمنية تعاود الهبوط