وادي بنجشير.. هل تتبلور جبهة مناهضة لطالبان في أفغانستان؟

السبت 21 أغسطس 2021 03:29 م

تشير العديد من التقارير إلى أن نائب الرئيس الأفغاني السابق "أمر الله صالح" و"أحمد مسعود"، نجل القائد الأفغاني الشهير "أحمد شاه مسعود"، يحشدان القوات المناهضة لطالبان في معقل التحالف الشمالي السابق في وادي بنجشير، ما يثير الشكوك حول قدرة "طالبان" على حكم الدولة بأكملها بعد أيام قليلة من السيطرة على كابل.

وفي 15 أغسطس/آب، أعلن "صالح" نفسه "الرئيس المؤقت للحكومة الشرعية لأفغانستان" بعد أن فر الرئيس السابق "أشرف غني" من البلاد في أعقاب سيطرة "طالبان" على كابل، وفي اليوم التالي، ظهرت صور لقاء "صالح" مع "مسعود" في وادي بنجشير، الذي أثبت مرارا صعوبة غزو تضاريسه ولا يزال خارج سيطرة "طالبان".

وتشير تقارير إلى أن وزير الدفاع الأفغاني السابق "بسم الله خان محمدي" سينضم أيضا إلى "صالح" و"مسعود"، بالإضافة إلى العديد من مقاتلي التحالف الشمالي السابقين وعناصر من قوات الأمن الأفغانية.

وكان لدى "صالح" علاقات وثيقة مع والد "مسعود"، "أحمد شاه مسعود" الذي قاتل من وادي بنجشير ضد الاحتلال السوفيتي من 1979 إلى 1989 ما أكسبه لقب "أسد بنجشير". وخدم "مسعود" الأكبر أيضا في الحكومة الأفغانية كوزير للدفاع منذ عام 1992، قبل أن يواصل قيادة قوات التحالف الشمالي ضد حكم "طالبان"، وقد تم اغتياله من قبل "القاعدة" قبل أيام من هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.

ويتردد صدى اسم عائلة "مسعود" على نطاق واسع في أفغانستان، مع إحياء ذكرى 9 سبتمبر/أيلول، ذكرى مقتل "أحمد شاه مسعود".

وتفيد تقارير أن طاجيك من قوات الأمن الأفغانية وصلوا إلى وادي بنجشير ومعهم معدات ثقيلة ومركبات، ما عزز قوات المقاومة المحتملة. وفي حين أن هذه التقارير ما تزال غير مؤكدة، فإنها تتماشى مع النمط المنطقي في أفغانستان.

وتوقعت "طالبان" مقاومة، لا سيما من الطاجيك؛ حيث ظلت المناطق الطاجيكية في أفغانستان خارج سيطرة طالبان إلى حد كبير في التسعينيات. وتحركت قوات طالبان عبر المناطق الشمالية من البلاد قبل أن تتجه جنوبا لتطويق كابل من أجل تعطيل إمكانية المعارضة المنظمة أو إعادة تشكيل قوات التحالف الشمالي.

وبحسب ما ورد، تركت طالبان جماعة "أنصار الله"، أو ما يسمى بطالبان الطاجيكية، مسؤولة عن الحدود مع طاجيكستان، في محاولة لتفتيت الدعم العرقي للعمليات المناهضة لطالبان. ومن المحتمل أن يعرقل ذلك إعادة تشكيل قوات التحالف الشمالي في طاجيكستان المجاورة.

وستواصل قوات طالبان التركيز على وادي بنجشير، حتى أثناء المفاوضات النهائية في كابل. وهناك بعض التقارير التي تفيد بأن "مسعود" الأصغر قد يكون بالفعل في مناقشات مع طالبان، الأمر الذي من شأنه أن يرد على تقارير تشكيل ميليشيا جديدة مناهضة لطالبان.

وفي مقابلة حديثة مع "ذا أتلانتيك"، أثار "مسعود" إمكانية التوافق مع طالبان، وربما إنشاء هيكل فيدرالي للحكم في أفغانستان. ومن المحتمل أن تكون مثل هذه الأفكار جزءا من المفاوضات الجارية في كابل وسلطنة عمان فيما يتعلق بالحكومة المقبلة لأفغانستان.

وفي حين أن ذلك سيتطلب بعض التنازلات من طالبان، إلا أنه سيقلل أيضا من احتمالية استمرار الحرب الأهلية، على الأقل في المدى القريب.

ماذا نراقب؟

وبينما نراقب الوضع، لدينا العديد من الأسئلة المعلقة التي نتناولها لتحديد أهمية معارضة طالبان واحتمال توسع الصراع الأهلي:

- هل المقاومة التي تتحدث عنها التقارير في وادي بنجشير دفاعية أم هجومية؟

إذا كانت التقارير عن حركة مقاومة جديدة صحيحة، فإنها تشكل تحديا كبيرا لسيطرة طالبان وبحثها عن الشرعية الدولية. ويوفر وادي بنجشير معقلا قويا لحركة المقاومة، وبينما تدعي طالبان السيطرة على جميع المعابر الحدودية ومعظم الأراضي الواقعة بين الوادي والحدود، فمن الصعب قمع جميع تحركات الأفراد والبضائع على طول الحدود.

ويمكن أن يكون نشاط المقاومة أيضا عملية دفاعية، حيث يكون وادي بنجشير بمثابة مكان لتجمع أولئك الذين يفرون من طالبان أو يقاومون سيطرة طالبان. وعلى سبيل المثال، هناك تقارير عن لجوء قومية الهزارة الشيعة إلى الوادي للاحتماء من طالبان. ومن شأن هذا أن يمثل مشكلة مستمرة لطالبان، ولكنها ليست بالضرورة مشكلة لا يمكن السيطرة عليها، على الأقل في المدى القريب.

وفي حين أن وادي بنجشير منطقة يصعب غزوها، فإن نقطة القوة هذه تحمل في طياتها نقطة ضعف خطيرة، حيث أن تركز القوات المناهضة لطالبان داخل منطقة جغرافية واحدة يسهل على طالبان مهمة محاصرة هذه القوات.

وإذا كان الأمر يتعلق ببناء قاعدة لعمليات مستقبلية ضد طالبان، فمن المحتمل أن نرى أولا تحرك القوات المناهضة لطالبان إلى الشمال لفتح الحدود مع طاجيكستان وإنشاء خطوط اتصال خارج أفغانستان لضمان إعادة الإمداد وربما حتى التجنيد والتدريب.

ومن المحتمل أن يوفر وادي بنجشير في البداية موقعا دفاعيا قبل أن يصبح لاحقا قاعدة عمليات للهجوم المضاد ضد طالبان، على الأقل في الشمال. ومن وجهة نظر طالبان، من الضروري حرمان المعارضة، دفاعيا أو هجوميا، من حرية استخدام وادي بنجشير الاستراتيجي والرمزي.

- ما مدى تماسك حركة المقاومة الوليدة هذه؟

وكان أحد التحديات الرئيسية للحكومة الأفغانية وقوات الأمن هو عدم القدرة على التغلب على الخلافات العرقية والقبلية والسياسية. وكان التحالف الشمالي القديم قادرا على الالتفاف حول معارضة عدو واحد وقد تكون المقاومة الجديدة قادرة على فعل الشيء نفسه ضد طالبان. ومع ذلك، فليس من المؤكد أن جميع قادة المعارضة ملتزمون بنفس القدر بالمقاومة النشطة. ومن شأن الخلافات حول الهدف النهائي أن توفر مساحة لطالبان لاستغلالها.

وفي الوقت نفسه، ستواجه طالبان تحديات بشأن تماسكها الداخلي بعد زوال العدو (الولايات المتحدة والقوات الأجنبية الأخرى) ما يوفر فرصا للقوات المناهضة لطالبان لاستغلالها. وقد يتفاقم هذا الأمر أكثر إذا سعت القيادة المركزية لطالبان إلى تنفيذ وعدها بعدم السماح باستخدام أفغانستان كقاعدة لمهاجمة الدول المجاورة. وقد يؤدي ذلك بدوره إلى إثارة حركة طالبان الأفغانية ضد حلفائها في الجنوب، وبالتحديد "القاعدة في شبه القارة الهندية" و"طالبان باكستان"، ما يؤدي إلى تحويل تركيزهم بعيدا عن المناطق الشمالية.

- ما هو مستوى الدعم الخارجي لحركة مقاومة مسلحة أو حكومة أفغانية في المنفى؟

وفي حين أن هناك انتقادات دولية عامة لحكم طالبان، فإن هناك أيضا إرهاق واضح من القتال والانخراط في الصراع الأفغاني. وقد يؤدي الدعم الخارجي الصريح لحركة مقاومة داخل أفغانستان إلى إبقاء القوى الأجنبية منخرطة هناك، وهو أمر يمكن موازنته مقابل الفوائد المتصورة لدعم تمرد أفغاني آخر.

وتسعى كل من روسيا والصين إلى الاستقرار في أفغانستان، وتحاول الولايات المتحدة إعادة تركيز اهتمامها على منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وستحتاج القوى الإقليمية الأخرى مثل الهند أيضا إلى الموازنة بين تكاليف وفوائد الدعم النشط، كما هو الحال بالنسبة للدول المجاورة التي من المرجح أن تشهد تداعيات.

- هل الدعم الخارجي النشط ضروري في مراحل المقاومة الأولى؟

وإذا كان لدى الحركة الجديدة المناهضة لطالبان عناصر من قوات الأمن الأفغانية، فمن المحتمل أيضا أن يكون لديها وصول كاف إلى الأسلحة والذخيرة، على الأقل في المدى القريب. بالإضافة إلى ذلك، تشتهر أفغانستان بكونها ملاذا لتهريب الأسلحة، ما يوفر وسيلة أخرى لنقل الإمدادات الضرورية.

وقد يمنع المجتمع الدولي طالبان من الوصول إلى الأموال الأفغانية في الخارج، لكن ليس من المؤكد أن حكومة في المنفى أو حركة مقاومة سيسمح لها بالوصول إلى تلك الأموال. وقد تكون خطوة "صالح" الأخيرة لإعلان نفسه زعيما للحكومة الشرعية لأفغانستان محاولة لضمان الوصول إلى تلك الحسابات.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

طالبان وادي بنجشير أمر الله صالح أحمد مسعود الحكومة الأفغانية الصراع الأفغاني

بوتين: لابد من منع انهيار أفغانستان وآمل أن تفي طالبان بوعودها

طالبان تفوز بالجائزة الاقتصادية الكبرى.. ولهذا لن تُخضعها العقوبات

أفغانستان.. هكذا تعتمد إيران وحلفاؤها على صفقات سليماني مع طالبان

طالبان تطلب من روسيا إبلاغ زعماء بنجشير أن الحركة تعول على حل سلمي

مسؤول بطالبان: أحمد مسعود بايع الحركة.. والأخير ينفي