استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

قبل أن تطوى صفحة الربيع العربي

الثلاثاء 10 نوفمبر 2015 03:11 ص

أحداث الربيع العربي وأصداؤه تحتاج إلى قراءة معمقة، لأننا لا نستطيع أن نعلق مصيرنا على المجهول.

(1)

يوم الأحد الماضي 8\11 نشرت صحيفة «الحياة» اللندنية رسما كاريكاتوريا ظهر فيه شخص اعتبر رمزا للشرق الأوسط أنهى خطواته على تلة عالية، ثم قفز في الفضاء إلى هاوية لا يعرف لها قرار.

قبل ذلك بأيام قليلة، في 28\10، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية تصريحا من واشنطن لمدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه، قال فيه إن الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى إلى غير رجعة، ولن يعود إلى حدوده التي رسمت بعد الحرب العالمية الأولى (سايكس بيكو). وجدت الرسالة متقاربة في الرسم الكاريكاتوري وتصريح المسؤول الأمني الفرنسي الكبير. إذ اتفقا على أن الشرق الأوسط الذي نعرفه طويت صفحته ــ وإن اختلفا في توقع مآله، الذي كان في الصورة كارثيا بامتياز ومجهولا في الرأي الثاني.

صحيح أن هذه ليست سوى انطباعات أو نبوءات قد تصيب أو تخيب، إلا أنها تعبر عن حالة التشاؤم المخيمة على العالم العربي، التي تطرح سيناريوهات للمستقبل مسكونة بالإحباط، كل منها أسوأ من الآخر. والذين يتحدثون عن تلك السيناريوهات يجدون فيما يجري على أرض الواقع العربي ما يكفي من الأدلة والقرائن المؤيدة لوجهات نظرهم. وليس خافيا أن الأصوات العالية في منابر الإعلام العربي باتت تشير بأصابع الاتهام إلى الربيع العربي الذي ما عاد يذكر بالخير، وإنما أصبح ينعت بأوصاف مختلفة تراوحت بين الخريف والخراب والمؤامرة.

(2)

يروي أنه حين زار الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون الصين في عام ١٩٧٢، سئل شواين لاي رئيس وزراء الصين آنذاك عن رأيه في الثورة الفرنسية (ثورة الطلاب التي وقعت عام 1968) فكان رده إنه «من المبكر إصدار حكم عليها الآن».

وهو ما أثار الانتباه لأنه كان قد مضى على الحدث الفرنسي أربع سنوات، لكن الحكيم الصيني بعمق حسِه التاريخي اعتبرها غير كافية لإصدار حكم على ثورة الطلاب.

هذه القصة رواها الدكتور ناصر الرباط الكاتب السوري وأستاذ العمارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، مستهلا بها مقالة كان عنوانها «هل آن أوان مراجعة الربيع العربي؟» (الحياة ــ  23\10\2015)، وهو يمهد للإجابة على السؤال فإنه استشهد بكلام شواين لاي لكي ينبه إلى أن نتائج الثورات بعيدة المدى، وأنه يتعذر التكهن بنتائجها النهائية من خلال النظر إلى نتائجها الآنية.

وفي رأيه أن ثورة عام 1968 لم تؤد إلى الكثير من التغيير سياسيا في بنية أنظمة العرب حقا، لكنها نجحت في المدى القصير في فرملة الاندفاعة الأمريكية في حرب فيتنام، وربما أثرت في إنهائها عام 1975. أما على المدى البعيد فكان لها أثر هائل في تغيير البنى الاجتماعية في الغرب، وفي العالم أجمع لاحقا.

فهي رسخت تعاطف اليسار الغربي مع حركات التحرر الوطني في العالم وسرعت إنجاز استقلال العديد من الدول الآسيوية والإفريقية. وهي أنتجت الثورة الجنسية التي حطمت العديد من التابوات الاجتماعية المستقرة. كما أنها دفعت بحركات تحرر المرأة دفعة جبارة كبت فيما بعد لكنها لم تتراجع. وفي رأيه أننا إذا أمعنا النظر في تأثيرات الثورة الفرنسية الكبرى عام ١٧٩٨، وجدناها تفوق نوايا وأغراض مشعليها الأصليين.

في رده على سؤال العنوان قال إن الأوان لم يحن بعد للمراجعة، لذلك من الصعب الحكم بأن الربيع العربي نجح أو فشل، لكن تجربة السنوات الأربع التي مضت قدمت مؤشرات يمكن رصدها. إذ أفصحت عن بنى مهترئة في السياسة والاجتماع العربيين، وأرست إرهاصات تراجع يمكن أن يكون حادا بل بتار على الأجيال العربية المقبلة، ذلك أن الأنظمة الشمولية في بلدان الربيع العربي ظهرت هشة وسطحية، فمنها ما صمد بالعنف والقهر، ومنها ما انهار جزئيا أو كليا.

إلا أن ذلك لم يصاحبه تخلخل أو إضعاف الدولة العميقة المتغلفة في مفاصل السلطة، في حين لم يؤد ذلك إلى صعود قوى سياسية جديدة فاعلة بسبب التدمير الذي أحدثته تلك الأنظمة في بنية المجتمع المدني. وترتب على ذلك أن الدولة العميقة استعادت قوتها، وإن الوقت ذاته تراجع الثوار وانسحبوا جراء ضعفهم وتخبطهم. وكانت نتيجة ذلك أن انتكست الثورات وانفرط عقد الدولة الوطنية وصعدت مكانها ــ إلى جانب عناصر النظم القديمة التي ثار المجتمع ضدها ــ انتماءات طائفية وقبلية وإثنية ومناطقية يعود بعضها لأكثر من ألف سنة.

كيف ستتأثر الأجيال العربية الشابة بهذه الانتكاسة المريعة؟ تساءل الكاتب في ختام تحليله، قائلاً: كيف ستتعامل تلك الأجيال مع المهمة الشاقة في إعادة بناء كل شيء؟ هل ستنكفئ كما الأجيال قبلها وتقبل بقدرها الطاغي؟ هل ستهاجر بأعداد غفيرة، كما يفعل الكثيرون اليوم بحثا عن فرص أفضل في عالم أرحب؟ هل ستحاول العيش على فتات الهبات والمعونات التي يقدمها الآخرون؟ أم أن تلك الأجيال ستستعيد المبادرة وتعيد تنظيم نفسها سياسيا ومعرفيا لكي تنتزع قدرها من مغتصبيه الجدد وأوصيائه القدامى؟

في الإجابة على الأسئلة استعاد الكاتب مقولة شواين لاي: من المبكر الحكم الآن.

(3)

في تحليل المشهد هناك رأي آخر اعتبر أن التحول الديمقراطي فشل في العالم العربي في حين أنه حقق نجاحات في مناطق أخرى في العالم، مثل دول أوروبا الشرقية في تسعينيات القرن الماضي ودول أمريكا اللاتينية في ثمانينياته.

عبر عن ذلك الرأي الدكتور رضوان زيادة الكاتب السوري والأستاذ الزائر بجامعة كولومبيا في نيويورك. إذ نشرت له صحيفة الحياة في 20\3 مقالة كان عنوانها: لماذا فشل الربيع العربي؟ ــ وقد أرجع ذلك إلى عاملين أساسيين. الأول أن الاستبداد في دول الربيع العربي أنشأ هياكل على شاكلته أصبحت عقبة عطلت أو أفسدت عملية التحول الديمقراطي.

وهذه الهياكل لم يكن دورها مقصورا على عرقلة التحول المنشود فحسب وإنما عمدت إلى تشكيل واستدعاء قوى وهياكل أخرى مسلحة للحيلولة دون إتمام ذلك التحول (سوريا نموذجا)، ومن خلال تلك القوى والهياكل انتقلت البلدان إما إلى مرحلة الفوضى والاقتتال الأهلي. أو إلى استعادة الاستبداد القديم لمواقعه تحت لافتات ومسميات أخرى.

العامل الآخر الذي أفشل عملية التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي ــ في رأي الكاتب ــ تمثل في الافتقار إلى مؤسسات إقليمية تقود أو على الأقل ترعى عملية التحول، كما جرى مع الاتحاد الأوروبي في أوروبا الشرقية، فجامعة الدول العربية مؤسسة تقليدية لا تحكمها مؤسسات ديمقراطية أو قانونية.

وهي أصلاً ليست معنية بدفع هذه الأمور فضلاً عن فرضها كوقائع سياسية على الأرض، وبالتالي تركت كل بلد من بلدان الربيع العربي يأخذ مسارا خاصا، وربما كانت تونس استثناء له مقوماته الخاصة. بينما تبقى دول الربيع العربي الأخرى تمر بعملية التحول عبر التجريب بالنسبة إلى نخبها السياسة المعارضة.

وهو ما أسهم في تردد المجتمع الدولي في دعمها السياسي حتى سمح لعملية التحول هذه أن تنزلق إلى صراع مسلح وربما حرب أهلية. وخلص الكاتب من تحليله إلى تسجيل «الحقيقة المرة» المتمثلة في أن الحرب الأهلية هي الخلف الطبيعي لطبيعة الأنظمة التسلطية، التي حكمت بلداننا العربية لعقود طويلة من الزمن.

ثمة رأي ثالث عبر عنه الدكتور خالد الدخيل الكاتب السعودي وأستاذ العلوم السياسية السابق في مقالة نشرت في ٨/١١ ذكر فيها أن تحميل الربيع العربي بالمسؤولية عن الفوضى والاضطرابات الحاصلة في العالم العربي هو تعبير عن الخفة والهروب من الحقيقة. في حين أن المسؤولية الحقيقية عن كل ذلك تلقى على عاتق الأنظمة السياسية، التي تعددت خياراتها في التعامل مع الحراك الشعبي.

وضرب لذلك مثلا بما حدث في سوريا، التي بدأ الحراك فيها بمظاهرات شعبية دعت إلى التغيير السلمي، لكن استجابات النظام وحيله هي التي قلبت المشهد وأوصلت الأمور إلى ما وصلت إليه في الوقت الراهن. وهو ما يعني أن المسؤول عن الدمار والفوضى في سوريا ليس الربيع ولكنه النظام المهيمن في دمشق.

وإذا كان النموذج السوري حالة قصوى أفضت إلى الاحتراب والفوضى، فإن حالة النموذج التونسي اعتبرت خيارا آخر غلب نهج الحل السياسي وأسهم في إنجاح التجربة. وبين النموذجين حالات أخرى جرى فيها إنكار الحدث وتمت فيها شيطنة الحراك الشعبي الذي وصف بالإرهاب حينا وبالمؤامرة حينا آخر. وفي هذا وذاك ظل موقف النظام السياسي هو الحاسم في إنجاح الحراك واحتوائه أو في مقاومته وإفشاله.

(4)

ثمة قراءة تاريخية رابعة قدمتها الدكتورة رباب المهدي أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في مصر ونشرتها جريدة «السفير» اللبنانية في 5 نوفمبر، إذ روت فيها القصة التالية: في شهر سبتمبر من عام 1985 وقف الجنرال فيدالا وثمانية من كبار مساعديه أمام المحكمة في الأرجنتين بتهم التعذيب والقتل والخطف.

وهي الممارسات التي وقعت أثناء حكمه كرئيس للأرجنتين بعد الانقلاب، الذي قام به في الفترة بين عامي 1967 و1981. وقبل المحاكمة بسنوات كان الجنرال الرئيس يحظى بدعم شعبي غير مسبوق، بعد أن أطاح بالنظام السابق، بدعوى إنقاذ البلاد من التردي الاقتصادي ومن إرهاب الجماعات المسلحة.

كان الجنرال فيدالا قد بدأ حكمه بإطلاق ما أسموه «عملية إعادة التنظيم الوطني»، التي عرفت فيما بعد باسم «الحرب القذرة»، كانت تلك العملية تقوم على استخدام خطاب إعلامي تولى شيطنة المعارضين، ووصفهم بأنهم خارجون عن الإجماع الوطني واستهداف قيم المجتمع الأرجنتيني بدعم من الخارج. إضافة إلى أنهم جزء من مؤامرة شيوعية تسعى لتقويض الدولة عن طريق العنف وزعزعة الأمن وانهيار الاقتصاد.

  كلمات مفتاحية

الشرق الأوسط سايكس بيكو الربيع العربي

مدير الاستخبارات الفرنسية: الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى

«رويترز»: بعد جهود دبلوماسية كثيرة.. الأمل ضعيف في دفعة جديدة للسلام بالشرق الأوسط

«ناشيونال إنترست»: كيف يمكن أن تغير تفاعلات السعودية وروسيا وجه الشرق الأوسط؟

«هنري كيسنجر»: الطريق نحو تفادي الانهيار في الشرق الأوسط

الولايات المتحدة وروسيا ترسمان حدود 5 دول جديدة في الشرق الأوسط

«أولاند» يحذر من حرب شاملة بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط

العدالة الاجتماعية.. البدء من الأسفل

كي لا يعود العرب غساسنة ومناذرة

العالم العربي في 2016 .. عودة الربيع

2015 أم 2011؟!

ويسألونك عن «الربيع العربي»

من ربيع للحرية والعدل إلى غالبية تدافع عن نفسها

الربيع العربي والتطرف .. الرواية الصحيحة