استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العدالة الاجتماعية.. البدء من الأسفل

الأربعاء 25 نوفمبر 2015 04:11 ص

الدرس المستفاد من الأزمات السياسية المتنقلة في الوطن العربي أن الإجحاف وإهمال احتياجات الناس الأساسية، إذا ما وجدت الأرضية المناسبة، قد يؤديان إلى انتفاضات مزلزلة، تعصفُ بدولٍ كانت تتوهم أنها في حالة استقرار ونعيم، وأن الاقتصاد في القلب من الحراك الاجتماعي السياسي الحاصل في أكثر من بقعة ملتهبة. 

ودراسة الانتفاضات العربية ودوافعها من الأمور الرئيسية التي ينبغى أن نشتغل عليها، من أجل تشخيص الظاهرة، واكتشاف مكامن الضعف التي قادت إلى هذه الخاتمة المأساوية، فالتضليل الذي يمارسه الإعلام قد يقود إلى تضبيب الصورة، فيحجب تفاصيلها الضرورية لصالح زاويةٍ أقل أهمية، لكنها أكثر عاطفية ودوغمائية. لذا، سوف تساهم إعادة التأمل في الصورة الكبيرة للحراك الجماهيري في تتبع الدوافع الحقيقية. 

ثمة نقاش فكري في الصالونات الثقافية، يتضمن، في ما يتضمن، سؤالاً عمّن يسبق الآخر.

هل الحريات السياسية مقدمة على الإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، أم العكس؟

أو لتفصيح السؤال، بكلمات أخرى، هل الحريات والحقوق السياسية مقدمة ضرورية لعلاج مسألة الفقر والتفاوت الطبقي؟

وبشكل أكثر مباشرة، هل ثمّة ربط بين الإثنين، أم هذه النظرة هي من صميم خصوصية الليبرالية الغربية، حيث يمكن تجاوزها بتحقيق نسب عالية من محاربة الفقر لأكبر عدد من المواطنين من دونها. في بعض الأنظمة الليبرالية التي تسمح بفتح السوق أمام الشركات الكبرى، وتمنع تدخل الدولة، توجد معاناة جديّة على مستوى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، فالأغنياء يزدادون غنى، والفقراء يزدادون فقراً؛ بسبب ضعف دور الدولة في التأثير على القوانين الناظمة للعلاقة بين أصحاب رؤوس الأموال والطبقات الدنيا المستغلة في عمليات الإنتاج، ما يتيح المجال لتشكل طبقة مُحتكرة للمال والسلطة. 

الناتج بعد ذلك أن الطبقات الدنيا تشعر بضيق العيش وعدم الاستقرار، في مقابل فئة قليلة تتمتع بخيرات البلاد، فيتولد عن ذلك شعور بالحنق على الدولة، ومؤسساتها التي تساهم في حرمانهم من حقوقهم الطبيعية، بما ينعكس، في حال انسداد التواصل والتأثير بين الطرفين، أي الدولة والمجتمع، على الاستقرار.

يميل صمويل هنتنغتون في كتابه «النظم السياسية في مجتمعات متغيرة» إلى الفكرة القائلة، في المقارنة بين المجتمعات الحديثة والمجتمعات النامية، إنه ليس ثمة ربط بين شكل النظام السياسي والحالة الاقتصادية التي يعيش فيها المجتمع، بل يزعم أن بعض المجتمعات التي مارست الديمقراطية، لم تتقدم بالمستوى المطلوب نفسه في موضوع الإصلاح الاقتصادي. ويضرب، مثلاً، بذلك على الهند، فالنظام في نيودلهي، بالمعايير الديمقراطية، يعتبر متقدماً على نماذج أخرى كثيرة تحكمها أنظمة ديكتاتورية، لكن الوضع المعيشي للمواطنين لا يوازيه.

ولا يعني هذا المنطق الاستسلام لأنظمة الحكم الدكتاتورية، وعدم السعي إلى إصلاحها والتقليل من حجم الفساد فيها، كما لا يعني أن الإثنين لا يمكن أن يسيرا في خط متواز. لكنه يعني، في ما يعني، أن النظام الديمقراطي لا يمنع الاحتجاجات، لكنه يعقلنها، حيث يتيح للقوى المعارضة والمعترضة على الأوضاع المعيشية استخدام وسائل سلمية في الضغط على النظام. 

نقول ذلك، لأن السلطة تميل، بطبيعتها، إلى تجميع عناصر القوة، رغبةً منها في إيجاد سياج منيع حول نفسها، يسمح باستمرارها، ويحمي وجودها، خصوصاً، في طور تشكلها الأول. لذا، تكتفي غالباً برعاية دوائر مصالحها الخاصة، وتعمل هذه الدوائر على بقائها متسيدة، عن طريق المقايضة التالية: حماية المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية للطبقة في مقابل دعم سياسة النظام، والمحافظة على شرعيته.

لكن هذا التراكم للقوة يخلق تفاوتاً اقتصادياً هائلاً، ويجعل من قيام طبقة محرومة أمراً بديهياً. خصوصاً في الدول الريعية التي تملك فوائض مالية هائلة، حيث تؤسس بعض عناصر الشرعية السياسية على حجم توزيع الثروة، ولأن الدولة الريعية، في صميمها، دولة توزيعية، فإنها تسعى إلى تأكيد هذه الوظيفة، عن طريق قنوات الجهاز البيروقراطي الذي توفره العائدات الضخمة. 

في سلّم القيم، ننحاز إلى وضع العدالة الاجتماعية في المقدمة، والعدالة، في نظرنا، تقاس بمدى انعكاسها على المؤسسات الاجتماعية للدولة، فمتى ما خدمت هذه المؤسسات قيمة العدالة التي توصف عند بعض المفكرين بـ«قيمة القيم»، وهبت السلطة السياسية شرعية أوسع.

يقول مايكل ساندل «لا يمكن أن تبدأ سباقاً عادلاً، وأحد المتسابقين متقدم على الآخرين، قبل بدء السباق». قد يتسابق شخصان متساويان في المؤهل الأكاديمي، على وظيفة، أو مقعد جامعي، وقد تكون الشروط المُحتكم إليها نابعة من مساواة في الوصول إلى الفرص، لكن هذا التنافس لا يعتبر عادلاً أو منصفاً بشكل كاف؛ إذا لم يراع الطبقة الاجتماعية للمتنافسين، ولا الظروف التي تحدّر منها كلاهما. 

لا يعوّل على الإصلاح السياسي الذي لا يعطي اعتباراً للعدالة الاجتماعية، فعلى مؤسسات الدولة السياسية والاجتماعية مسؤولية تحقيق أكبر قدر من العدالة للمواطنين، بوضع سياسات ومشاريع قادرة على إنصاف الأقل حظاً، فكلما تمتع النظام بمرونة في الترقي الطبقي كان أكثر استقراراً. 

* محمد الصادق كاتب سعودي ومؤلف كتاب: «الحراك الشيعي في السعودية». 

  كلمات مفتاحية

العدالة الاجتماعية الوطن العربي الإصلاح السياسي الاقتصاد الحراك الاجتماعي الربيع العربي

قبل أن تطوى صفحة الربيع العربي

إلى متى عجز القوى الاجتماعية العربية؟

بذرة الربيع العربي ترفـض الموت

العدالة الاجتماعية والشرق العظيم

العدالة الانتقالية

عن أي عدالة نتحدث؟

عن العدالة الاجتماعية المغيبة