استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«غفوة» الرقيب بالخليج ونداء .. «دعوه يمر»

الأربعاء 11 نوفمبر 2015 05:11 ص

لا يمكن إلا إظهار الإحترام الشديد للمبادرات التي تعلي من شأن «الكتاب» وثقافة الإطلاع والقراءة خصوصا في الزمن الصعب والظروف المعقدة التي تمر بها الأمة العربية والمنطقة عموما.

التقط سياسي أردني مثقف وصديق من وزن الدكتور «ممدوح العبادي» ما هو جوهري في المسألة وهو يقارن على هامش جولة ثنائية في أروقة معرض الشارقة للكتاب بين المواطن العربي والغربي عموما عندما يتعلق الأمر بالكتاب وإحترامه.

في الدول الديمقراطية المتحضرة لا أوقات مهدورة إطلاقا وثقافة قراءة الكتاب مستقرة في وجدان طبقات المجتمع فقد رأيت إمرأة إنكليزية حاملا تقرأ كتابا وهي تنتظر القطار وفي الطائرات يبادر ضيوفنا لفتح كتاب وحتى في المطاعم والإستراحات.

في المجتمعات التي اخترعت تقنيات الإتصال السريع والحديث وخصوصا الإلكتروني لا زال الكتاب يحظى بمكانة رفيعة .. لم تهزمه الأخبار السريعة ولا شبكات التواصل ولا أنماط التراسل وتبادل المعلومات العصرية ولم تهزمه العقليات الإعلامية الإنفعالية.

فقط في المجتمع العربي وحسب الخبراء يقرأ المواطن العربي كتابا واحدا في المعدل من الولادة للممات ولا ينفق على طباعة الكتب والمؤلفات والبحوث العلمية أكثر من 1% من الدخل القومي لأكثر من 19 بلدا عربيا.

القارئ العربي نادر والمكتبة العربية مليئة بالخزعبلات ومؤلفات الثقافة السلبية ونبادر جميعا في هذه المجزرة الثقافية المعرفية التي نرتكبها بحق أنفسنا لتعليم أولادنا كل شيء بعيدا عن مناهل المعرفة وعادات ثقافة القراءة…نعلمهم الطعام والسلوك وكيفية جمع وإنفاق المال والمشاركة في التصويت على برامج المنوعات وقضاء ساعات طويلة في متابعة الألعاب والمفرقعات الإلكترونية دون ان نقدم لهم اي مساهمة في عالم إحترام ثقافة القراءة وتقدير الكتاب.

في ظل هذا الواقع المأساوي تصبح خطوة إمارة خليجية مفعمة بدعم الإبداع والثقافة مثل الشارقة نقطة ضوء في نفق الثقافة العربية المظلم.

مبادرة الشارقة في الحرص على إقامة أحد أهم معارض الكتب في العالم «جريئة» وتستحق التأمل خصوصا وان القارىء المواطن يستطيع تجاوز مقص الرقيب المعتاد والإطلاع على كتاب ممنوع في بلده أو لم يتسن له الوصول إليه أو حتى لا يعرف أصلا بوجوده.

جرأة يمكن رصدها ببساطة من خلال إستعراض عناوين أكثر من مليون ونصف المليون كتاب عرضت بشكل لائق وبأسعار معقولة لمن يرغب وهي كتب متنوعة من مختلف العلوم والاتجاهات التنويرية والمعرفية.

على نحو أو آخر «الرقيب» العربي إياه حصل على فرصة الإسترخاء في «غفوة» طويلة نسبيا في المعرض المشار إليه ليتبين لاحقا حتى للحاكم العربي وللنظام الرسمي ولأجهزة الأمن والعسس بأن الكتاب لا يشكل خطرا حتى عندما نختلف او نتفق معه فالخطر الحقيقي في إخضاع الكتاب حصريا لكل أنماط الرقابة والحبس والضبط ومنعه من العبور من نقاط الحدود.

الكتب والمؤلفات التي شاهدتها شخصيا في معرض الشارقة تعكس ثقة كبيرة بالنفس عند حكومة هذه الإمارة المستنيرة وتطبق تلك المعايير التي طالما تحدثنا عنه نحن المعنيون بعالم الصحافة والطباعة عندما قلنا بأن الخطر الحقيقي على الأفراد والأوطان لا يمكن ردعه إلا بالحرية الفكرية وتعزيز القناعات الوطنية وكلمة السوء لا يرد عليها إلا بكلمة طيبة متسامحة مقنعة ترد على الحجة بمثلها وتقدم للعقل الآدمي الرواية الأخرى للأحداث.

الحكومات العربية التي تخفق في معظمها في تقديم رواية مقنعة للمواطن العربي حول مسارات الأحداث هي نفسها التي تعتقل الكلمة المنتجة والمعرفة هي وحدها التي تقدم حتى للنظام الرسمي العربي فرصة توفير رواية أخرى موازية مقنعة بدلا من الرواية المرعوبة المتهالكة للحكومات مقابل رواية المتطرفين والمجرمين والإرهابيين الذين يستثمرون ضد الحياة والدين والإسلام في لحظة غياب الكتاب والثقافة والمعرفة.

أجمل قيمة في معرض الشارقة للكتاب تمثلت بالرقيب الذي سمح له بغفوة طويلة تؤمن التلاقح المطلوب للرد على الزيف بالحقيقة وعلى العتمة بقليل من الضوء.

من يسمح لمليون ونصف المليون كتاب بدخول حدود بلاده ويضعها بين يدي مواطنيه ليس فقط عقلا راجحا وراشدا بل جريئا ويثق بنفسه وزائر الشارقة هذه الأيام لا يملك إلا رفع القبعة لحاكم مثقف يعمل بنفسه في التوثيق والترجمة والتأليف مثل الشيخ سلطان القاسمي.

عبارة صغيرة وبسيطة لخصت الموقف في خطاب ألقاه القاسمي وهو يحاول الرد على مدرسة منع الكتاب من العبور»…دعوه يمر»..العبارة تعلقت بحادثة محددة لها علاقة بشخص محدد يعمل في قطاع النشر واسباب منعه كانت سياسية قبل التدخل وحل الإشكال.

لكن مظهر عمق عبارة هادفة مثل هذه يتجلى في الدلالات الأعمق عند الحفر بالتفاصيل.

نعم هي رسالة نساندها ونحن نقول لكل الرقباء العرب الذين لا يسترخون في فراش النوم ويحيلون حياتنا الثقافية والمعرفية والإعلامية إلى جحيم»..دعوه يمر»…على الجميع ان يسمح للكتاب بالعبور…لا يمكنك هزيمة الظلاميين ومؤلفاتهم ومناهجهم بمنع مؤلفات ودراسات المستنيرين بحجج وذرائع باهتة.

الكتاب – اي كتاب- ليس خطرا وشيطان التفاصيل يكمن في المنطقة المغلقة على حرية النشر والتعبير فيما الخطر يحصل فقط عند المنع فنرجوكم..دعوه فعلا يمر.

٭ كاتب وإعلامي أردني.

  كلمات مفتاحية

معرض الشارقة الدولي للكتاب ثقافة القراءة الأمة العربية أنماط الرقابة

برعاية حاكم دبي.. ندوة لطلاب الأزهر في مصر ضمن مشروع «تحدي القراءة العربي»

الثقافة العربية وقول الحقيقة

دراسة: المواطن العربي لا يقرأ سوى ربع صفحة سنويا

المثقف والمسؤولية الوطنية

المجتمعات الخليجية بين الاستهلاك والثقافة