اقتصاد أفغانستان بعد طالبان.. الغموض سيد الموقف

الأحد 5 سبتمبر 2021 11:54 م

مع إحكام "طالبان" قبضتها على أفغانستان، تواجه البلاد كارثة اقتصادية، حيث تتحرك القوى العالمية والمؤسسات المالية الدولية لحجب أو تجميد أصول بمليارات الدولارات ومساعدات عن حكومة تديرها حركة منبوذة.

وفي السنوات الماضية، اعتمد الاقتصاد الأفغاني بشكل كبير على المساعدات التي نشطت خلال العقدين الماضيين، ولكن سيطرة "طالبان" على البلاد قد يحرم الأفغانيين من تلك المساعدات.

وجاء هجوم الجماعة المسلحة على العاصمة الأفغانية كابل، لتصبح تلك الحركة مسؤولة عن دولة أرهقتها الحروب، وتعتمد بشدة على الدولارات الخارجية التي غطت خلال العقدين الماضيين ثلاثة أرباع الإنفاق الحكومي.

وبات بعض هذا الإنفاق عرضة للخطر، حيث إن "طالبان" تخضع لمجموعة من العقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وتواجه "طالبان" ضغوطا هائلة لتظهر للأفغان والعالم، أنها بالإضافة إلى التمسك بمبادئ الإسلام، يمكنها دفع أجور موظفي الخدمة المدنية وشراء الوقود وجمع القمامة وإدارة المستشفيات وتطوير بلد أكثر حداثة وتحولا، منذ أن حكمت الجماعة لأول مرة في الفترة بين عامي 1996 و2001.

والمشكلة الأكثر إلحاحا هي أن اقتصاد أفغانستان، وهي واحدة من أفقر دول العالم، اقتصاد نقدي، فليس لدى السكان البالغين حسابات مصرفية سوى لنحو 10% منهم، وفقا لتقرير البنك الدولي لعام 2018.

ويرجح تقرير نشره معهد "بروكينغنز" للدراسات، أن اقتصاد "طالبان" الذي يعتمد على زراعة "الخشاش" (الأفيون) لن يستطيع النهوض بالبلاد، وأنها ستواجه منعطفا هاما بوقف الزراعة غير القانونية بهدف الالتزام بالمعايير الدولية لمحاربة المخدرات.

وسيعني ذلك أنها ستضر بقاعدتها الشعبية، في بلد يعاني نحو 90% من شعبه من الفقر، ونحو 30% يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وكان يتم دعم العملة المحلية الأفغانية عبر ضح شحنات منتظمة من الدولار الأمريكي القادمة من الخارج كل بضعة أسابيع إلى البنك المركزي الأفغاني.

وتوقفت شحنات الدولار عند استيلاء "طالبان" على العاصمة؛ ما يعني أن البلاد تعاني بشدة من شح الدولار.

وحتى قبل اقتحام "طالبان" كابل، كان البنك المركزي يضع حدودا لعمليات السحب.

يقول الخبير الاقتصادي "وائل نحاس"، إن مهمة "طالبان" بشأن النهوض بالاقتصاد "لن تكون سهلة على الإطلاق"، بحسب ما نقل عنه موقع قناة "الحرة".

ويضيف أننا بدأنا نشهد نوعا من "تواجد للأذرع التركية أو القطرية هناك؛ وهو ما يعني أن هاتين الدولتين سيكون لهما دور مهم في إعادة الإعمار، وفي مساعدة طالبان على خلع عباءة الإسلام الجهادي، وارتداء عباءة الإسلام المعولم، على غرار تركيا أو الدول الإسلامية الأخرى".

ويرى "نحاس"، أن "طالبان"، ولو بعد حين، ستتمكن من إقناع العالم بتقديم المساعدات لها، ولكن هذا الأمر يرتبط بـ"خارطة طريق" أو "إصلاح مشروط"، وهو ما ينطبق أيضا على أموال الحكومة الأفغانية في الخارجية، فلن يفرج عنها إلا بـ"إفراج مشروط".

وأما عن شكل الاقتصاد الأفغاني، يرجح "نحاس" أن شكله سيكون "خليطا من الاقتصاد الإسلامي المعولم، والاقتصاد الخاص، إذ أنها كجماعة لها عقود من العمل السياسي، ما يعني أن لها أعمال اقتصادية ولو كانت مخفية، وهي ستقوم باستدعاء أموالها واستثماراتها التي اعتمدت عليها في الإنفاق على نفسها طوال السنوات الماضية".

أما الباحث المتخصص في شؤون الحركات المسلحة "أحمد سلطان"، فيقول: "نحن أمام معضلة حقيقية تواجه الاقتصاد الأفغاني الذي يعتمد بنسبة تتجاوز 43% على المساعدات الخارجية، والتي توقفت قبيل سيطرة طالبان على كابل، وهي تجد نفسها مطالبة بأن تدير اقتصاد دولة هش وتوفير الخدمات في جميع المناطق الخاضعة لسيطرته".

ويعتقد "سلطان"، أن قوى دولية وإقليمية ستحاول التدخل في الجانب الاقتصادي بأفغانستان، و"تتعاون مع طالبان في مشروعات اقتصادية مثل الصين وروسيا، وبناء اقتصاد يخرج بالبلاد من الأزمة الحالية، حتى لا تحدث فوضى أمنية واقتصادية وسياسية".

وأما عن شكل الاقتصاد، يرى "سلطان" أن "طالبان لن تهتم كثيرا لشكل الاقتصاد المطلوب، خاصة وأنها أصبحت حركة براغماتية بدأت بفهم قواعد اللعبة، وستهتم بأن يبقى الاقتصاد قائما بغض النظر عن الشكل الذي سيظهر فيه، ولكن ستحاول في الإعلام أن تبقي على نفسها وحديثها الإسلامي".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

طالبان اقتصاد افغانستان اقتصاد طالبان

الأمم المتحدة تتفق مع طالبان على استئناف المساعدات لأفغانستان

مدير بنك أفغانستان: القطاع المصرفي على وشك الانهيار

أفغانستان.. الوضع الاقتصادي يتراجع رغم تحسن الآداء الأمني