ذا إيكونوميست: قيس سعيد أكاديمي يحكم تونس بلا خبرة أو رغبة لحل أزمة الاقتصاد

الجمعة 1 أكتوبر 2021 01:12 م

قالت مجلة "ذا إيكونوميست" إن "قيس سعيد" يحكم تونس عبر المراسم الرئاسية المتلاحقة ويعلق الدستور، بينما تنهار البلاد اقتصاديا، معتبرة أن تونس يقودها الآن "أكاديمي لا خبرة لديه أو رغبة في حل المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد".

"الاهتمام بالتوافه وقرطاج تحترق.. قيس سعيد يخطط لتحويل تونس، وقد تفلس أولا".. تحت هذا العنوان بدأت المجلة تسرد كيف كان "سعيد" أستاذ قانون يتحدث عن أهمية الولاء للدستور، وذلك قبل أن يرسل دبابات لإغلاق البرلمان.

وتضيف المجلة: "يبدو الأمر كأنه متناقض لكن التناقض هو الذي دفع سعيد إلى الرئاسة التونسية في عام 2019، فقد كان شعبويا بأسلوب أرستقراطي، نصّب نفسه كديمقراطي احتقر الأحزاب السياسية والانتخابات البرلمانية".

وتتابع: "أطلق عليه البعض روبوكوب (يتحدث بطريقة الرجل الروبوت في الفيلم المعروف) بسبب طريقته في الحديث ومواقفه المحافظة، ورأى فيه آخرون روسبير (جزار الثورة الفرنسية) وهو يشحذ المقصلة".

ويقول التقرير إن استيلاء "سعيد" على السلطة بدأ منذ يوليو/تموز الماضي، لكنه يستعد الآن لتعديل الدستور وتغيير النظام السياسي، مردفا: "حتى ذلك الحين، فنحن لسنا أمام خيار على طريقة جاكوبين (المدافعون عن الدستور وأصدقاء الحرية والمساواة) بل لدينا الكثير من ملك الشمس (أو لويس الرابع عشر والحكم المطلق)".

واعتبرت المجلة أن "قيس سعيد"، "يكرر أخطاء نواب البرلمان الذين اغتصب السلطة منهم".

وتحدث التقرير عن رؤية التونسيين لمفهوم "الحكومة الديمقراطية"، حيث أجرى "الباروميتر العربي" (شبكة بحثية) في الفترة ما بين 2018 -2019 استطلاعا شمل مواطني 12 دولة عربية لتحديد المعالم الرئيسية للديمقراطية، وتحدث التونسيون أكثر من مواطني الدول الأخرى عن الاقتصاد.

وقالت نسبة 55% إن الحكومة الديمقراطية هي التي "تضمن فرص العمل للجميع"، وفقط نسبة 10% تحدثت عن الحرية والانتخابات النزيهة، لذلك- والكلام للمجلة- لم يكن مفاجئا دعم أو تسامح الكثير من التونسيين مع تحركات "قيس سعيد" في يوليو/تموز، فالنظام الديمقراطي الذي أقيم بعد الثورة عام 2011 لم يوفر الوظائف.

وظل النمو بأقل من 3% منذ عام 2012. وفي العام الماضي وبسبب "كوفيد-19"، تقلص الاقتصاد بنسبة 8%، وتبلغ نسبة البطالة رسميا 18% وأدى ضعف الدينار التونسي إلى زيادة التضخم بنسبة 6.2% في الوقت الحالي. والمشكلة الملحّة التي تواجه "سعيد" هي الفوضى المالية التونسية، فقد ارتفع الدين العام من 39% عام 2010 إلى 88% في الوقت الحالي. وفي الفترة نفسها، فقد الدينار التونسي نصف قيمته.

ويشير التقرير إلى أن تونس عالقة في فخ الديون وعجز في الميزانية بنسبة 9% من الناتج المحلي العام، وتمثل خدمة الدين نسبة 7-9% من الناتج المحلي العام، بالإضافة للدعم بنسبة 5%.

وهناك الرواتب العمومية والتي وصلت نسبتها 18% من الناتج المحلي العام.

وبدأت الحكومة بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي في مايو/أيار، وعرضت مقابل 4 مليارات دولار (10% من الناتج المحلي العام) أن تخفض الرواتب العامة وتبدأ بتخفيض الدعم على الوقود والطعام، وكانت تأمل بأن تكمل الاتفاق في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لكن وبدلا من ذلك، علّق "سعيد" المفاوضات، بشكل أدى إلى انخفاض سعر السندات التونسية.

ويتساءل الكثيرون، وفق هذه التطورات، هل تسير تونس باتجاه لبنان الذي تخلّف عن دفع الدين وشاهد اقتصاده ينهار؟

ومنذ الثورة، ظلت السياسة قائمة على الصراع الأيديولوجي بين الإسلاميين والعلمانيين. ولم يكن هناك ما يفرّق الأحزاب في موضوع الاقتصاد. وفي كل مرة حاولت فيها الحكومة وقف الدعم أو تخفيض الرواتب، كانت تواجه معارضة حادة من الاتحاد العام التونسي للشغل.

وبعد شهرين من استيلائه على السلطة، تقول المجلة إن "قيس سعيد" لم يقدم الكثير عن برنامجه الاقتصادي، باستثناء خطط غير مكتملة لمكافحة الفساد واستخدام العوائد منها لدعم التنمية.

وقامت استراتيجيته لتخفيض التضخم على الطلب من أصحاب الأعمال تخفيض الأسعار، فالاقتصاد ليس ورقته القوية أو مجاله الذي يتفوق فيه ولم يجد مساعدة كبيرة.

وفي 29 سبتمبر/أيلول المنصرم، أعلن "سعيد" عن تعيين "نجلاء بودن رمضان" كرئيسة للوزراء، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في تونس، ولكنها أستاذة في الفيزياء الجيولوجية غير معروفة خارج مجالها، ولا يُعرف مدى القوة التي سيمنحها الرئيس لها.

وتضيف "ذا إيكونوميست": "بالتأكيد لا يُعرف الكثير عن خطط سعيد، فقد تحدث في الماضي عن رؤيته للديمقراطية القائمة على اختيار الناخبين مرشحين من غير الأحزاب وانتخاب مجالس محلية وانتخابات غير مباشرة للرئاسة، ويرى أن هذه هي الطريقة الوحيدة لانتخاب الأشخاص بناء على كفاءتهم وليس الانتماء الحزبي".

وتتابع: "واحدة من مشاكل النظام القديم هي طبيعته المركزية. والحكومات المحلية التي يجب أن تلعب دورا في السياسة الاقتصادية تتحول إلى مصدر لتوظيف الموالين، ويمكن لنظام تفويضي جديد أن يحل المشكلة. لكن تغيير النظام هي عملية صعبة وشائكة في بلد يواجه أزمة محتومة".

وتردف: "ما هو موجود اليوم في تونس بعد مراسيم سعيد، هو نظام مركزي يقوده أكاديمي لا خبرة لديه أو رغبة في حل المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد، وحتى الأمور التافهة تحتاج لموافقة القصر الرئاسي".

وتختتم المجلة بالقول: "يحلو لنقاد ديمقراطية تونس الناشئة القول إنها أنتجت 10 حكومات في 10 سنوات ولم تكن أي منها فاعلة. هذا صحيح، ولكن علينا أن تذكر أن ما جاء قبلها هو حكم الرجل الفرد الذي استمر 23 عاما ولم يكن ناجحا أيضا".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

قيس سعيد انقلاب تونس الدستور التونسي الاقتصاد التونسي نجلاء بودن

التونسي للشغل: تعيين سعيد لامرأة برئاسة الحكومة رسالة للخارج قبل الداخل

تونس.. البنك المركزي يعلن قلقه من "وضع مالي حرج" للبلاد

أمريكا تنتقد محاكمة صحفيين بتونس وتطالب سعيد بخريطة طريق واضحة

مع ارتفاع مخاطر سداد الديون.. انخفاض غير مسبوق للسندات التونسية

الدينار التونسي يهبط إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين

الفايننشال تايمز: قيس سعيد يقود تونس في طريق خطير