قلق إسرائيلي من استهداف أمريكي لشركات التجسس الهجومية

الثلاثاء 14 ديسمبر 2021 09:02 ص

قال تقرير لصحيفة "هآرتس" صباح الثلاثاء، إن وزارة الأمن والمنظومة الأمنية في إسرائيل تبديان قلقاً شديداً من احتمال قيام الولايات المتحدة باستهداف شركات سايبر هجومية إسرائيلية مثل شركتي "NSO" و"كنديرا".

واعتبرت أن هذا الأمر يهدّد ما يطلق عليه في دولة الاحتلال دبلوماسية السايبر، التي كانت ستاراً عملياً لقيام شركات إسرائيلية أمنية في مجال السايبر والتجسس ببيع خدماتها الهجومية في التجسس والتخريب لأنظمة ودول مختلفة، مقابل ضمان تأييد هذه الدول وأنظمتها لسياسات إسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى أن "هذه الدبلوماسية" التي كان أطلقها رئيس الحكومة السابق "بنيامين نتنياهو"، تحت ستار دعايته عن "دولة الستارت أب"، على وشك أن تصاب بضربة قوية، بعدما كان "نتنياهو" تباهى بإسهام هذه الدبلوماسية في تحسين مكانة إسرائيل في العالم، وبينها مع دول عربية، وهو ما تبيّن أن المقصود منه عملياً كان سياسة بيع خدمات التجسس على مواطنين ومعارضين للحكم وحتى زعماء دول أخرى، بعدما كشف تحقيق دولي حجم تورط شركة "NSO" وبرنامجها التجسسي "بيجاسوس" بدول مختلفة، واستخدام هذا البرنامج من قبل هذه الدول للتجسس على مواطنين فيها، وفي المهجر.

ودفع الكشف عن هذه الفضيحة بالولايات المتحدة قبل شهر تقريباً، إلى الإعلان أن شركتي "NSO"  و"كنديرا" الإسرائيليتين تمسان بالأمن القومي الأمريكي، فيما ادعت إسرائيل، عبر ممثلي هاتين الشركتين، أن القرار الأمريكي مرده لتنافس في مجال الإنترنت ومنافسة الشركات الأمريكية للشركات الإسرائيلية.

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه "عندما كان نتنياهو يُستقبل بحفاوة بالغة في الشرق الأقصى وفي دول أوروبا الشرقية وحتى في مؤتمر قمة دول شرق أفريقيا، فقد كان يسهب في شرح عظمة التكنولوجيا والاقتصاد الإسرائيليَّين، حيث ادعى أن دولاً تريد أن تكون صديقة لإسرائيل، لأنها تريد الاستفادة من ثمار التطور التكنولوجي الإسرائيلي. وكان الأثر الذي تتركه كلمات نتنياهو على سامعيه أن إسرائيل تحضر التطور والرخاء لدول العالم، تماماً مثلما فعلت عندما عممت طرق الري الحديثة مع دول أفريقية قبل خمسة عقود".

وبحسب الصحيفة، فقد كان الواقع أقل من ذلك، فقد تبين أن "نتنياهو" زوّد أصدقاءه الجدد -وكثير منهم هم حكام استبداديون رغبوا بمراكمة قوة إضافية لصالح نظامهم على حساب مواطنيهم وشعوبهم- بتكنولوجيا سيبرانية هجومية مكنتهم من اختراق وانتهاك خصوصيات مواطنيهم، ومراقبة وتعقب صحفيين ومعارضين للحكم.

تقارير دولية

ومضت الصحيفة تقول إنه بالإضافة لتعزيز العلاقات بين إسرائيل وهذه الدول، نسجت علاقات تعاون استخباراتية بين الأجهزة الإسرائيلية وأجهزة مخابرات هذه الدول مهّدت لبيعها برنامج التجسس "بيجاسوس".

ولفتت الصحيفة في هذه المناسبة إلى أنها كانت أول من كشف قبل ثلاث سنوات عن بيع هذا البرنامج سراً للمملكة العربية السعودية، لكن تلك الأيام، التي نشطت فيها الشركة سراً من مدينة هرتسليا بتشجيع من رئيس الحكومة وأجهزة الاستخبارات والمنظومة الأمنية قد ولّت دون رجعة، خصوصاً بعد العقوبات التي فرضتها على الشركة، الولايات المتحدة، الشهر الماضي.

وقالت الصحيفة إن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تقدّر بأن العقوبات الأمريكية قد تؤدي قريباً إلى انهيار الشركة ووقف نشاطها، خصوصاً إذا لم تتمكن من ضمان قدرات جديدة لاختراق هواتف "أبل" وأجهزة الهواتف الخلوية ببرمجيات "أندرويد"، مما يعني عدم قدرتها لاحقاً على الاحتفاظ بالقوى العاملة لديها الأكثر خبرة في اختراق الهواتف، وبالتالي لن يكون لها ما تقدمه لزبائنها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين وصفتهم بأنهم رفيعو المستوى في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن إسرائيل تخشى ألا يكتفي الأمريكيون بهذه الخطوة، وأن يستهدفوا لاحقاً سوق شركات السايبر الإسرائيلية الهجومية كله، وأن يحاولوا إخراج الشركات الإسرائيلية من سوق المنافسة معهم.

إسرائيل متفاجئة من حجم الغضب الأمريكي

ووفقاً للصحيفة، فقد فوجئت إسرائيل بحجم الغضب الأمريكي، ورد فعل إدارة "جو بايدن" ضد شركتي "NSO" و"كنديرا" الإسرائيليتين، منطلقين من نتائج التحقيقات الصحافية الدولية في هذا الباب، عن استخدام أنظمة استبدادية لخدمات وبرامج التجسس "بيجاسوس"، لا سيما بعدما تم الكشف، قبل أسبوعين، عن أن أوغندا استخدمت هذا البرنامج للتجسس ومراقبة دبلوماسيين أمريكيين على أراضيها، عبر زرع هذا البرنامج في هواتفهم ومراقبتهم.

وبحسب الصحيفة، فإن المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية في إسرائيل لم يحددا بشكل قاطع دوافع واعتبارات إدارة "بايدن" في خطواتها هذه، ويربطان ذلك أيضاً بالتوتر في العلاقات بين البلدين بشأن الملف النووي الإيراني، والخلاف مع الحكومة الإسرائيلية برئاسة "نفتالي بينيت" حول البناء في المستوطنات الإسرائيلية، والمصاعب التي تواجهها الإدارة الأميركية في إقرار مساعدات لإسرائيل بقيمة مليار دولار، ويبدو أن إسرائيل والحكومة الجديدة لم تدركا وتستوعبا حقيقة تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، ووصول إدارة تحمل أجندة جديدة بكل ما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان.

وأشارت الصحيفة إلى أنه توجد في إسرائيل اليوم 19 شركة سايبر هجومية، وليس واضحاً ما إذا كان الأمريكيون قد قرروا استهدافها جميعها، لمنع المنافسة مع دول أخرى في هذا المجال، أم أنهم سيكتفون بالخطوات التي تم اتخاذها.

مخاوف إسرائيلية

وتثير هذه الخطوات مخاوف إسرائيلية من انتقال عاملين في شركات سايبر إسرائيلية هجومية، للعمل لصالح شركات أجنبية، وتوظيف خبراتهم لصالح هذه الشركات. وتزداد حدة هذه المخاوف مع تقارير عن حالة تذمر داخل الشركة "NSO" وتفكير كثير منهم بترك الشركة والانتقال للعمل في شركات أخرى.

وقالت الصحيفة إن إسرائيل تقرّ الآن بأن المؤسسة الأمنية لم تراقب نشاط الشركة بشكل كافٍ، وأن نتنياهو تاجر بخدماتها، بينما كان الموساد يقوم بإجراء الاتصالات الأولية والتمهيد لإبرام الصفقات.

وأبرزت الصحيفة أن انتعاش سوق برامج الشركة كان بالأساس في العقد الأخير، وكان مرتبطاً بعمليات وتحركات سياسية واستخباراتية قام بها نتنياهو، تم بفضلها تحسين العلاقات مع عدد من الدول في مناطق مختلفة في العالم. وكان نتنياهو أمر المؤسسة العسكرية بالترويج لصفقات سايبر هجومية، ويبدو أنه فضّل عدم فرض رقابة على نشاط الشركة وفحوى الصفقات التي أبرمتها، أو على الشركاء الذين استعانوا بخدماتها وبرامجها السيبرانية الهجومية.

ونقلت الشركة عن أطراف في صناعة السايبر الإسرائيلية قولها إن كل الصفقات التي أبرمتها الشركة كانت بمعرفة وتشجيع الحكومة والمؤسسة الأمنية، وهو ما يفسر ادعاءات شركة "NSO" أن على الدولة حمايتها والعمل لرفع العقوبات الأميركية عنها.

ويأتي ذلك تحديداً في ظل الدعوى القضائية التي رفعتها شركة "فيسبوك" ضد "NSO"، مما ينذر خلال المحاكمة بمطالبة الشرطة الإسرائيلية بالكشف عن تقارير ووثائق مختلفة.

المصدر | الخليج الجديد + العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

سايبر تجسس أمريكا إسرائيل NSO

واشنطن بوست: إدراج NSO الإسرائيلية بالقائمة الأمريكية السوداء خطوة أولى

25 مليار دولار.. استثمارات قياسية في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية