أمريكا الخاسر الأكبر.. سيناريو الحرب بين إيران وإسرائيل

الخميس 16 ديسمبر 2021 03:32 ص

أفادت تقارير بأن مسؤولين إسرائيليين حثوا الولايات المتحدة قبل أيام على شن ضربات ضد أهداف إيرانية، فيما سيعد هذا تصعيدًا غير مسبوق للأعمال العدائية، في وقت لا تزال المفاوضات النووية جارية.

وورد أن وزير الدفاع الإسرائيلي "بيني جانتس" ورئيس الموساد "ديفيد بارنيا" طالبا إدارة "بايدن" بالانخراط في عمل عسكري من أجل دفع إيران إلى تخفيف موقفها على طاولة المفاوضات.

وتعد هذه الدعوة أحدث مثال على الأسلوب الفاشل الذي تعاملت به الولايات المتحدة وإسرائيل مع إيران والذي يتمثل في الاعتقاد بأن الضغط الأكبر والمزيد من العدوان سيجبر طهران على الاستسلام.

والصحيح أن هذا النهج يتسبب في رد فعل متشدد من الجانب الإيراني.

وتقول إسرائيل إنها تتعرض لتهديد خطير بشكل متزايد لدرجة أن الرئيس الإسرائيلي "هرتسوج" قال: "إذا لم يتخذ المجتمع الدولي موقفاً قوياً بشأن هذه القضية، فإن إسرائيل ستفعل ذلك".

ومع ذلك، كان بإمكان إسرائيل والولايات المتحدة ألا يكونا في هذا الموقف الضعيف لو بقي "ترامب" في الصفقة أو لو كان "بايدن" انضم إليها بسرعة عند توليه منصبه.

وقال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد "إسحاق بن إسرائيل" لـ"بلومبرج" إن "جهود نتنياهو لإقناع إدارة ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي تبين أنها أسوأ خطأ استراتيجي في تاريخ إسرائيل".

وبهذا البيان، اعترف "بن إسرائيل" بأن إسرائيل لم تقوض أمنها فقط من خلال الضغط على "ترامب" للتراجع عن الاتفاق النووي ولكن أيضًا أن إسرائيل قوضت أمن أمريكا، حيث يشترك كلا البلدين في مصلحة منع إيران من حيازة سلاح نووي.

ولا يعد ذلك سلوكا مقبولا من الشريك.

ولسوء الحظ، يتبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي "نفتالي بينيت" الموقف نفسه من إيران مثل منافسه السياسي وسلفه "بنيامين نتنياهو".

وإذا أخذت إدارة "بايدن" بنصيحة إسرائيل أو إذا شنت إسرائيل هجمات تثير رد فعل إيراني وانجرفت واشنطن إلى الصراع، فسيكون هناك تداعيات خطيرة.

ومن المرجح أن تفتح الضربة الإسرائيلية على إيران صراعًا يجذب الدول المجاورة لكلا الجانبين.

وسيطلق "حزب الله" آلاف الصواريخ والطائرات المسيرة على حيفا وتل أبيب وأهداف أخرى.

كما أن "حماس" قد تنضم إلى الصراع.

ويمكن لإيران أو شركائها العراقيين واليمنيين أن يضربوا السعودية كما فعلوا في الماضي.

وقد يوسعون أيضًا هجماتهم لتشمل البحرين والإمارات، نظرًا لعلاقاتهم الطبيعية الآن مع إسرائيل.

وسيتم الضغط على سلطنة عمان والكويت وقطر لاختيار جانب بالرغم أن هذه الدول تميل إلى الحفاظ على العلاقات مع كل من إيران ودول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة.

وسيؤدي هذا القرار إلى هجوم من الطرف الذي يقفون ضده. 

وسيكون الأردن في مأزق لكسر معاهدة السلام مع إسرائيل بالنظر إلى الضغط الشعبي الهائل. وسترتفع أسعار النفط بشكل كبير.

وإذا تصاعدت الحرب، فقد تشعر الولايات المتحدة بأنها مضطرة للغزو ومحاولة السيطرة على الأراضي الإيرانية.

ولكن كما قال الخبير الإقليمي "كينيث بولاك" ساخرًا، "إذا كنت تحب حرب العراق، فسوف تحب حرب إيران".

وفي الواقع، فإن عدد سكان إيران أكبر بـ 3 مرات مما كان عليه العراق في عام 2003، كما أن تضاريس إيران جبلية أكثر، وبالتالي يصعب على قوة احتلال السيطرة عليها.

وتعود جذور القومية الإيرانية إلى آلاف السنين من الحضارة الفارسية، لذا فإن انقسام الهوية الوطنية الذي لوحظ في العراق أمر غير محتمل.

وبينما قد يتخيل البعض خطأً أن الإيرانيين يرحبون بسقوط حكومتهم الاستبدادية، فإن التجارب في العراق وأفغانستان والصومال وفيتنام وما إلى ذلك يجب أن تذكرنا بأن الغزاة الأجانب نادرًا ما يتم الترحيب بهم.

لقد خسرت إيران نصف مليون شخص في حربها ضد العراق في الثمانينيات، فيما يعتقد الإيرانيون أنها كانت حربا بتعليمات من الولايات المتحدة لتدمير ثورتهم مما حشد المواطنين خلف النظام.

وصمدت إيران بالفعل لعقود من العقوبات الأمريكية، بما في ذلك السنوات الثلاث الماضية من "الضغط الأقصى".

وبدلاً من إثارة انتفاضة شعبية ضد الحكومة كما يزعم الصقور، فإن هذه الاستراتيجية مكنت المتشددين في إيران الذين يسيطرون الآن على كافة مؤسسات النظام الكبرى.

ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى التصور السائد بسذاجة الرئيس "روحاني" نتيجة ثقته في أن الأمريكيين سيحافظون على التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تعرب فيها إسرائيل عن الذعر من إيران، كما أنها ليست المرة الأولى التي يتصاعد فيها التوتر.

ولكن مع الغطرسة أو الخطأ في الحسابات تكون المواجهة العسكرية أكثر احتمالا.

ولا تعد إسرائيل في خطر وجودي بسبب إيران فهي تدرك جيدًا أن إسرائيل لديها ترسانتها النووية الخاصة مع القدرة على إيصال الأسلحة بواسطة طائرات أمريكية وصواريخ فرنسية وغواصات ألمانية.

وفي تعبيراتهم الأخيرة عن الأسف لأن "نتنياهو" حث "ترامب" على الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، دعا مسؤولون إسرائيليون كبار آخرون في الأمن القومي - معظمهم لم يعودوا في مناصبهم - الحاجة إلى نهج مختلف.

وبالرغم أنهم ربما شعروا بعدم الرضا عن الصفقة في ذلك الوقت، إلا أنهم يقولون الآن إن الاتفاق كان الإجراء الوحيد الذي نجح في التحقق من البرنامج النووي الإيراني. وقال مدير المخابرات المركزية "وليام بيرنز" إنه لا يوجد دليل على أن إيران شرعت في تسليح برنامجها النووي، وستستغرق محاولة القيام بذلك من عام إلى عامين.

ويحتاج المسؤولون الأمريكيون إلى تجنب الذهاب إلى طريق مسدود حيث يكون الخياران الوحيدان هما عدم القيام بأي شيء أو الذهاب إلى الحرب.

ويمكن خدمة المصالح الأمريكية بشكل أفضل من خلال الانخراط في مناقشة عقلانية للقضايا العالقة مع إيران بدلاً من إصدار تهديدات متكررة.

ويجب أن تكون واشنطن واضحة أيضًا مع تل أبيب بأن هجومًا إسرائيليًا على أهداف إيرانية سيكون له تداعيات سلبية خطيرة على العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

لقد ارتكبت إدارة "ترامب" - بتشجيع من" نتنياهو" - خطأً فادحًا بانتهاكها للاتفاق مما دمر حوارًا أمريكيًا ناشئًا مع إيران كان بإمكانه تهدئة التوترات في المنطقة ومنح طهران ذريعة لإعادة تشغيل أجزاء من برنامجها النووي كما أثار مخاوف بشأن نزاهة الالتزامات الأمريكية.

وتعود عواقب هذا الانتهاك الآن لتطاردنا.

لقد حان الوقت لإجراء مناقشات صادقة ومدروسة مع أنفسنا وشركائنا بدلا من التهديدات التي سيكون لها نتائج خطيرة.

المصدر | أنيل شلين وبروس ريدل/ ريسبونسبال ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي بايدن ترامب جانتس المشروع النووي الإيراني التهديد الإسرائيلي

مسؤول أمريكي: وقت قصير يفصل إيران عن صنع السلاح النووي

لجنة بالكنيست الإسرائيلي تصادق على ميزانية إضافية استعدادا لهجوم ضد إيران

تقرير استراتيجي: إسرائيل غير قادرة على مواجهة إيران بمفردها

معاريف: مخاوف إسرائيلية كبيرة من حرب إيرانية مفاجئة متعددة الجبهات