تعقيدات داخلية وتدخلات خارجية.. الانتخابات الليبية في مهب الريح

الأحد 19 ديسمبر 2021 09:45 ص

تتزايد الضبابية المحيطة بمستقبل الانتخابات الليبية، المقررة الجمعة المقبل 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وهو الموعد المتفق عليه بين الفرقاء السياسيين تحت رعاية الأمم المتحدة.

وما بين ضغوط داخلية، وتحركات أمنية وعسكرية مشبوهة، وتدخلات خارجية، تتجه بوصلة الانتخابات الرئاسية إلى التأجيل، حتى إشعار آخر.

يزيد من تصاعد أسهم تنفيذ السيناريو السابق، تأجيل نشر القوائم النهائية للمترشحين للانتخابات الرئاسية، وسط ترقب لبيان من مجلس النواب، ومفوضية الانتخابات، يكشف ملامح الفترة المقبلة، وما إذا كان سيتم تحديد موعد جديد أم لا.

ويبدو أن هناك أطراف عدة، داخلية وخارجية، يطيب لها سيناريو التأجيل، بل يمكن القول إنها لعبت دورا وراء ذلك، بغية تعطيل المسار السياسي في البلاد.

ضغوط وعراقيل

تبرز مخاوف عدة جراء تعرض رئيس مفوضية الانتخابات الليبية "عماد السائح"، للتهديد، والضغوط لإضافة طعن ثالث (مستوى ثالث من التقاضي) على المترشحين للرئاسيات، بدل اثنين (ابتدائي واستئناف).

ومنذ فتح باب الترشح، تتوالى الطعون القضائية على عدد من المترشحين في المحاكم الابتدائية ثم محاكم الاستئناف، دون حسم القائمة النهائية للمترشحين.

ويقول العضو بمجلس النواب الليبي "محمد دومة"، إن المفوضية العليا عاجزة عن إصدار القوائم النهائية للمترشحين للرئاسة، وسبب العجز هو اختلاف التوجهات وانقسامها، فضلاً عن إشكالية من يقبل الآخر.

ويزيد من تعقيدات المشهد الليبي، توالي التهديدات بحمل السلاح، وغلق مراكز الاقتراع حال ترشح شخصيات بعينها، في إشارة إلى الجنرال "خليفة حفتر" المتهم بارتكب جرائم حرب، و"سيف الإسلام القذافي" المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية.

وخلال الأيام الماضية، شهدت العاصمة طرابلس، ومدن ليبية أخرى تحركات عسكرية، واشتباكات متقطعة بين ميليشيات تابعة لـ"حفتر"، وقوات تابعة للحكومة الوطنية المؤقتة.

كذلك صدرت تهديدات صريحة من آمر لواء الصمود (مقره مصراتة) "صلاح بادي"، بعدم السماح بإجراء أية انتخابات بدون دستور وبدون قاعدة شاملة القوانين التي تمنع كل مجرم وسارق من الوصول للسلطة.

وتؤكد مصادر لـ"أ ف ب"، أن الانتخابات الرئاسية الليبية أصبحت في حكم المؤجلة، وبات هناك شبه استحالة بإجرائها في موعدها نظرا لعدم الالتزام بالمهل القانونية.

ويحق للمرشحين الحصول على أسبوعين لإجراء الحملة الرسمية بعد نشر القائمة النهائية، لذلك كان من المفروض أن تنشر قبل العاشر من الشهر الجاري، ليحصل المرشحون على المدة القانونية الكافية قبل الموعد المقرر لإجراء الانتخابات، الجمعة المقبل.

دور أممي

بموازاة ذلك، تبذل مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة حول ليبيا "ستيفاني وليامز"، جهودا مكثفة لإيجاد حالة من التوافق؛ تسمح بالمضي قدما في إجراء الانتخابات، التي قد تضع حدا للأزمة في ليبيا، التي تجاوزت نحو 10 سنوات.

وخلال الأيام الماضية،  التقت "وليامز" عددا من المترشحين الرئاسيين والبرلمانيين في طرابلس ومصراتة وبنغازي، من أبرزهم اللواء المتقاعد "خليفة حفتر"، ورئيس الحكومة "عبدالحميد الدبيبة"، ووزير الداخلية الأسبق "فتحي باشاغا".

وفي السياق ذاته، أجرت "وليامز" زيارة لمدينة بنغازي، التقت خلالها، عددا من القادة السياسيين، منهم النائب الأول لرئيس حكومة الوحدة الوطنية "حسين القطراني"؛ لبحث جملة من القضايا المتعلقة بالعملية الانتخابية.

وتلعب "وليامز" دور الوساطة بين جميع الأطراف، ربما لتمهيد الطريق أمام اتفاق سياسي خلال الفترة التي ستؤجل فيها الانتخابات؛ حتى تستطيع المفوضية إكمال كافة المهام التي تسهل العملية الانتخابية، وتحصينها من أية ثغرات قضائية قد تعيد العملية للمربع صفر.

وتدرس دوائر ليبية ودولية، منح حكومة "الدبيبة" الثقة لمدة شهرين من جانب مجلس النواب، حتى تسير الأعمال لحين إجراء الانتخابات، فبراير/شباط المقبل.

ويرى "تيم إيتون" من مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن، أن هذا الوضع يطرح خيارا بين تأجيل قصير للتوصل إلى حلول للخلافات، أو تأجيل أطول لإعادة تشكيل خارطة الطريق السياسية، بحسب الـ"بي بي سي".

ويقترح المجلس الأعلى للدولة الليبي، إرجاء الانتخابات الرئاسية إلى فبراير/شباط 2022؛ بسبب "التوتر وانعدام الثقة بين الأطراف والتدخلات الخارجية"، مطالبا بتنظيم الانتخابات الرئاسية بشكل متزامن مع الانتخابات النيابية.

خلط الأوراق

ويمكن القول إن لعبة خلط الأوراق باتت هي الحاكمة للساحة السياسية في ليبيا، مدفوعة بتدخلات من دول الجوار، ومن عواصم إقليمية ودولية مؤثرة، تسعى للتلاعب بمستقبل الانتخابات الليبية.

ويرى  أنصار "حفتر"، وكذلك أنصار رئيس مجلس النواب "عقيلة صالح" أن ترشح "الدبيبة" و"القذافي"، يخلط الأوراق، وسيقلص بشكل كبير من حظوظهما للفوز بكرسي الرئاسة.

ويفاقم الأزمة، محاولة الضغط على المجلس الأعلى للقضاء، من خلال محاولة النواب الموالين لـ"حفتر"، إعادة هيكلة المجلس، وإدخال تعديلات على رأس وتركيبة المجلس، وهو ما اعتبر زجا بالمجلس في المعركة القانونية الدائرة حول مرشحي الانتخابات.

وتتيح التعديلات الجديدة الإطاحة برئيس المحكمة العليا "محمد الحافي"، من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، بعدما سمح بترشح "الدبيبة" و"القذافي" ضمن السباق الرئاسي.

في المقابل، يستند معارضون لترشح "الدبيبة" إلى المادة 12 من قانون الانتخابات التي تشترط على أي عسكري أو مدني يترشح إلى منصب الرئاسة، "التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر"، وهو ما لم يفعله رئيس الوزراء الليبي الحالي.

أما بالنسبة "القذافي"، فإن قانون الانتخابات الليبي ينص على ألا يكون المرشح "محكوما عليه حكما نهائيا في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة"، ويرد أنصاره بالقول إن المذكرة الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية وحتى الحكم الصادر من محكمة طرابلس لا تعد أحكاما نهائية، كما أن روسيا انتقدت بقوة مسألة استبعاده من السباق.

بينما يقول مراقبون لـ"الأناضول"، إن منع ترشح "حفتر" ولو بحكم قضائي، سيدفع الجنرال المدعوم من مصر والإمارات وفرنسا إلى إفشال الاقتراع، ومنع المرشحين الرئاسيين من تنظيم الحملات الانتخابات في المنطقتين الشرقية والجنوبية، وعرقلة الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوحدة من تأمين العملية الانتخابية.

إذن اللغط القانوني، والطعون القضائية، كانت هي الباب السحري لتفخيخ الانتخابات الليبية، ونسف مشروعيتها، وجعلها في مهب الريح، وفق هوى أطراف داخلية وخارجية لا تستسيغ نهاية الأزمة في البلد النفطي، أو ترغب في فرض المرشح الموالي لها، ورفع حظوظه في السباق الرئاسي، الذي يضم نحو 80 مرشحا.

ويحمل الوضع الملتبس حول مصير الانتخابات الليبية، عدة سيناريوهات، إما إصدار قائمة أسماء المرشحين وفق أحكام القضاء النهائية، أو تأجيلها لشهرين أو ثلاثة لإعادة تعديل قانون الانتخابات، وإما انهيار العملية الانتخابية، وسقوط حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، واستمرار بقاء البلد العربي في النفق المظلم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الليبية ليبيا حفتر القذافي الدبيبة ستيفاني وليامز الأمم المتحدة

مفوضية الانتخابات في ليبيا: لا توجد أي مشكلة لإجراء الانتخابات

ليبيا.. السايح يحل اللجان التابعة لمكاتب مفوضية الانتخابات

ثروة القذافي وعوائد النفط.. كلمتا السر فى استقرار ليبيا أو إشعالها 

بعد استحالة إجراء الاقتراع بموعده.. استقالة مفوضية الانتخابات في ليبيا

تركيا تحذر من فراغ السلطة في ليبيا وتدعو لإجراء الانتخابات في موعدها