بعد عامين من احتجاجات نوفمبر.. الشارع الإيراني يغلي والنظام أمام تحديات خطيرة

الخميس 30 ديسمبر 2021 11:32 م

مضى عامان منذ أن نجحت السلطات الإيرانية في قمع احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1500 شخص. وكانت هذه الاحتجاجات اندلعت بشكل مفاجئ نتيجة ارتفاع أسعار الغاز. وفي مواجهة الاحتجاجات السلمية، استخدمت قوات النظام أسلحة مضادة للطائرات ودبابات وذخائر متفجرة وبنادق وقنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطي.

ومع اتساع الاحتجاجات، أوقفت الحكومة خدمات الإنترنت لعدة أيام متتالية؛ في محاولة لمنع المتظاهرين من التواصل مع بعضهم البعض، وكذلك منع وصول صور الاحتجاجات إلى الخارج.

ورغم مرور عامين على قمع أكبر التحديات التي واجهت بقاء النظام في طهران، لم تقترب إيران حتى الآن من الاستقرار. وبالرغم من محاولة النظام إظهار قوته في الداخل والخارج، إلا أنه لا يزال عرضة لمزيد من الاضطرابات الاجتماعية وسط أزمات داخلية متعددة.

وكنظام استبدادي، يجب أن تحافظ الحكومة الإيرانية على عقد اجتماعي ما مع الشعب، فإما أن يصبح النظام أقل سلطوية أو أن يشتري الولاء الشعبي بمزايا مادية. 

وأدى الفساد المستشري وسوء الإدارة الاقتصادية والعقوبات الدولية إلى تدمير الاقتصاد وإفقار ملايين الإيرانيين. وعلى عكس الأنظمة الاستبدادية الأخرى، مثل الصين والسعودية والإمارات وسنغافورة (حيث يوجد عقد اجتماعي معين بين المواطنين والدولة) فإن الحكم في إيران يستند إلى حد كبير إلى القمع.

وبعد مرور عامين على قمع الاحتجاجات، لا يزال الإيرانيون يشعرون بالغضب والإحباط أكثر من أي وقت مضى من النظام. وبالرغم أنه لا يمكن التأكيد على أن مثل هذه الاحتجاجات ستؤدي إلى إسقاط النظام، إلا أن هناك أمرا واحدا مؤكدا وهو أنه طالما لم تتم معالجة المظالم الاجتماعية والسياسية فستواجه الطبقة الحاكمة احتجاجات أكبر وسيؤدي الغضب العام إلى كسر جديد للمحرمات.

  • القمع يستمر في تأجيج المزيد من الاحتجاجات

يلجأ قادة الجمهورية الإسلامية بشكل سريع إلى القمع لتقويض الاحتجاجات المناهضة للنظام. ومع ذلك، فهم يضعون الأسس عن غير قصد لمزيد من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد. ومع مرور الوقت، تتزايد شكاوى الإيرانيين، ويصيب الفقر المستشري شرائح أكبر من السكان، حتى الأتباع السابقين للنظام الذين انقلبوا الآن عليه.

وتعاني إيران من مشاكل بيئية حادة، خاصة نقص المياه، التي تُعزى في جزء كبير منها إلى مشاريع بناء السدود غير الحكيمة والتي تركز على الربح. كما تواجه الحكومة الإيرانية التداعيات التي فرضتها مظالم الأقليات العرقية والدينية وسوء الإدارة الكارثي لأزمة فيروس كورونا. وردا على هذه التحديات، تعاملت السلطات مع مظالم السكان باستخدام وسيلة واحدة فقط، وهي القمع.

وينذر وصول رجل الدين المتشدد "إبراهيم رئيسي" إلى السلطة، وهو قاض يُعتقد أنه لعب دورا رئيسيا في جرائم ضد الإنسانية من خلال إعدام سجناء سياسيين في الثمانينيات، بالتحول بعيدا عن فكرة الإصلاح المحدود نحو دولة قمعية كاملة.

وبالرغم من القمع الوحشي، لا تزال الاحتجاجات تظهر بين الحين والآخر. وفي الآونة الأخيرة، استمرت الاحتجاجات المائية في يوليو/تموز الماضي في خوزستان (واحدة من أكثر محافظات إيران ثراء بالنفط والتي كانت غنية بالمياه) لعدة أيام بالرغم من محاولة النظام لاحتوائها.

ولم تحصل هذه المقاطعة المضطربة (التي سعت أقليتها العربية منذ فترة طويلة إلى وقف التمييز المنهجي ضدها) على نصيبها العادل من عائدات النفط أو موارد المياه الخاصة بها. وقبل مخططات الحرس الثوري الإيراني لبناء السدود وإعادة توجيه مياه المحافظة إلى مناطق أخرى، كانت خوزستان موطنا للأراضي الرطبة حول نهر كارون الغني بالمياه.

وانتشرت احتجاجات المياه بسرعة إلى محافظة أصفهان في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وفي تحول كبير عن سمات العديد من الاحتجاجات الأخيرة، كانت الشرائح الدينية والمحافظة من السكان تهتف ضد النظام الديني وسط معاقل النظام السابقة.

  • محكمة آبان

ومع تنامي اعتماد النظام على القمع، أنشأت جماعات حقوق الإنسان في الخارج ما يُعرف باسم "محكمة آبان" لمحاسبة النظام على جرائم القتل التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. ويهدف المنظمون إلى إنشاء لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة ودفع الاتحاد الأوروبي إلى تبني عقوبات ضد الجناة.

ويبقى أن نرى إلى أي مدى يمكن لهذه المحكمة أن تقدم مرتكبي جرائم القتل في احتجاجات آبان إلى العدالة. ووفقا لـ "جيسو نيا"، المحامي ومدير مشروع التقاضي الاستراتيجي، تم تصميم هذه المحكمة على غرار محكمة "راسل" التي تم إنشاؤها للتحقيق في التدخل العسكري الأمريكي في فيتنام.

وفي حين أن هذه المحاكم ليست ملزمة قانونا، إلا أنها تؤدي وظيفة مهمة في الحفاظ على الأدلة وإحياء ذكراها، وتتيح للضحايا والناجين فرصة مشاركة قصصهم "في المحكمة". وبالنظر إلى أن المجتمع الدولي نادرا ما اهتم بالجرائم التي ارتكبها النظام في عام 2019 بسبب تركيزه على الأزمة النووية، يمكن لهذه المحاكمة أن تلفت انتباه الجمهور إلى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

وإجمالا، يستعد الإيرانيون العاديون لعام آخر صعب يتسم بنقص المياه وانعدام الحرية والمصاعب الاقتصادية، ويمكن أن يمهد ذلك الطريق لمزيد من الاحتجاجات، خاصة أن النظام ما يزال يعطي الأولوية للقمع. أما بالنسبة للنظام نفسه، فإن تآكل العقد الاجتماعي يعرّضه لتهديدات داخلية أكبر.

المصدر | وحيد يوسيسوي/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

احتجاجات آبان خونين الاحتجاجات الإيرانية مظالم السكان التوترات الداخلية المشاكل الاقتصادية خوزستان السلطات الإيرانية احتجاجات المياه

هتافات ضد خامنئي.. احتجاجات إيران تصل إلى طهران

مع مطالب بحل أزمة المياه.. تنديد أممي بقمع احتجاجات إيران بالقوة

إيران تقطع الإنترنت للسيطرة على الاحتجاجات رغم دفاع روحاني عنها

حرق صور خامنئي.. احتجاجات إيران تأخذ منحى سياسيا (فيديو)