لماذا ترفض واشنطن وباريس والرياض التدخل في صراع الجزائر والمغرب؟

الجمعة 31 ديسمبر 2021 12:26 م

"لماذا ترفض باريس وواشنطن، الشريكان المهمان والمؤثران للمغرب والجزائر، التدخل في مواجهة الصراع التاريخي بين البلدين؟ ولماذا أصبح السعوديون، الذين لعبوا دورا حاسما من خلال الملك فهد في تطبيع العلاقات بين البلدين منتصف الثمانينيات، بعيدين الآن؟".

تساؤل طرحته مجلة "جون أفريك" الفرنسية في عددها الجمعة، قائلة إنه "بعد أن تراجعت قضية الصحراء بالفعل من قائمة أولويات الأجندة السياسية للرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، تغيرت المعادلة بعد سقوط الأخير عام 2019، وصعود عبدالمجيد تبون إلى السلطة؛ حيث اعتمد تبون على الخلاف مع المغرب لإعادة نشر دبلوماسية كانت تتباطأ تدريجيا في عهد سلفه".

وأضحى "تبون" ينتقد الرباط بشدة، ويتهمها أحيانا بلهجة قتالية بالرغبة في زعزعة استقرار بلاده، ولم يتوقف أبدا عن تكرار أن "الجزائر ليست طرفا في الصراع حول الصحراء الغربية، الذي يجب حله تحت رعاية الأمم المتحدة، ويبقى استفتاء تقرير المصير النتيجة الوحيدة".

ويعتمد "تبون" على دعم المؤسسة العسكرية؛ حيث يقف الجيش الجزائري الآن على خط المواجهة، متهما الجار الغربي بأنه ‘"قوة احتلال".

خطة حكم ذاتي مقنعة

وتقول المجلة إن "الحل الذي تدافع عنه الجزائر يواجه عقبتين رئيسيتين: الموقف الأمريكي والفرنسي. فقد اعترفت واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء، وتواصل اعتبار خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب جادة وذات مصداقية وواقعية. الأمر نفسه بالنسبة لباريس، التي تعتبر أن الخطة أساس لنقاش جاد. ودعم القوتين للخيار المغربي لا يسمح لهما بالعمل على تغيير الموقف الجزائري".

أما بالنسبة لروسيا، فعلى الرغم من نفيها رسميا للتوترات مع المغرب، إلا أنها امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة في 29 أكتوبر/تشرين الأول على القرار 2602، الذي يُعتبر لصالح الرباط. ودعت إلى "مفاوضات مباشرة" بين المغرب وجبهة البوليساريو في 15 ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب المجلة، تقيم الرباط علاقات وثيقة للغاية مع واشنطن. ويشكل اعتراف الأمريكيين بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ذروة تميز هذه العلاقات، لكنه يمثل أيضا انتصارا دبلوماسيا وسياسيا للرباط على منافستها الجزائر. ومع ذلك، قد يختار الرئيس "جو بايدن" عدم التورط في تسوية النزاع، ناهيك عن محاولة التوسط.

ومنذ عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، تراجعت عدة دول عن اعترافها بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، أو حددت موقفها المؤيد للبوليساريو لتعزيز التعاون الاقتصادي مع المملكة. فمنذ عام 2007، وضع المغرب خطة للحكم الذاتي للصحراء، نالت تقديرا كبيرا من قبل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، والتي قد تقنع بعض الدول التي ما تزال مترددة.

ويؤكد الباحث في جامعة ياوندي بالكاميرون "ألفونس زوزيم تاميكامتا" أن الموقف المغربي يعد مثاليا بالنسبة للكاميرون أو إثيوبيا. لقد استمر هذا الصراع لفترة طويلة. يمكن أن يسهم في تفتيت أفريقيا وتتحول إلى صراع إقليمي أو دولي.

الرياض.. حليف الرباط الموضوعي

وفي غياب حل للنزاع في الصحراء، يساعد "الانحلال" البطيء للبوليساريو على تقوية الخلايا الإرهابية التي تم إنشاؤها في منطقة الساحل. ناهيك عن أن دول المنطقة تقدم منطقة أخرى للصراع بين المغرب والجزائر سواء موريتانيا أو مالي التي تعيش في خضم عدم الاستقرار منذ أكثر من عشر سنوات، بحسب المجلة.

لكن من المرجح أن يصطدم الاتحاد الأفريقي بالحائط، كما كان الحال مع "الأخوة الخليجيين"، خاصة بالنسبة للاعب الرئيسي في المنطقة: السعودية.

ففي مايو/أيار 1987، حقق الملك "فهد" إنجازا رمزيا يتمثل في تنظيم اجتماع قمة بين الرئيس الجزائري "الشاذلي بن جديد"، والملك المغربي "الحسن الثاني" في خيمة سعودية بيضاء أقيمت على الحدود. وإن محاولة مثل هذه المبادرة مع الرئيس "تبون" و"محمد السادس" هي تحدٍ حقيقي.

وأرجعت المجلة ذلك إلى القيادة السعودية التي تغيرت ومعها تغيرت البلاد. فالرجل القوي الجديد في الرياض، "محمد بن سلمان"، هو من جيل من الأمراء البراجماتيين، غير الراغبين في تحمل المشاكل باسم "الأخوة العربية" التي تلاشت أزهارها اليوم.

إضافة إلى أن دعم الرياض المطلق لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية؛ يجعل السعوديين حلفاء موضوعيين للرباط بشأن هذه القضية، ويعيق مهمة المساعي الحميدة إلى الجزائر العاصمة.

وكدليل على ذلك، تراجعت مقترحات الوساطة السعودية الأخيرة في اليوم التالي لانهيار العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والرباط في سبتمبر/أيلول الماضي.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المغرب الجزائر بوليساريو السعودية

بعد إعلان قرطاج.. أزمة الرباط والجزائر تنذر بمستقبل قاتم للمغرب العربي

المغرب يشيد بإشارات ألمانية إيجابية حول قضية الصحراء

تقارير: الجزائر تسعى للدخول في حرب عاجلة مع المغرب

لمواجهة الجزائر.. المغرب يسعى لتعزيز قواته البحرية