اعتراف بمحدودية خياراتها.. إسرائيل تحاول الاستفادة من الصفقة الجديدة مع إيران

السبت 8 يناير 2022 02:08 م

يذكّر كفاح إسرائيل ضد السباق النووي الإيراني ونفوذ إيران في الشرق الأوسط بالحملة الإسرائيلية والعالمية ضد فيروس "كورونا"؛ حيث كانت هناك إعادة تقييم مذهلة، وعيوب استخباراتية محرجة، وإحساس بالفوضى.

وتغير تقييم مؤسسة الدفاع الإسرائيلية بشكل كامل، حيث أصبحت ترجح انفراجة إيران والقوى العالمية والتوصل لتفاهم حول اتفاق 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في عام 2018. وقد انقلبت الأمور رأساً على عقب؛ مما يشير إلى أن الأمور حول طاولة المفاوضات في العاصمة النمساوية فوضوية أيضًا ولا تخضع للتنبؤات أو المراقبة.

وتأمل إسرائيل في أن تتمكن إدارة "بايدن" من تحقيق إنجاز من شأنه أن يساعد القادة الإسرائيليين على تسويق الاتفاقية الجديدة لدى شعبهم. ويعد السيناريو الأفضل بالنسبة لإسرائيل هو أن يقوم الطرفان بتأجيل بند انقضاء الاتفاقية المثير للجدل، والذي ينص على رفع بعض القيود المفروضة على برنامج الأسلحة النووية الإيراني في عامي 2025 و2030. وتعتبر إسرائيل أن هذا البند هو أكبر عيب في اتفاق 2015، وترى أنه يسمح لإيران بمراكمة اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة بعد عام 2031.

وبعد قرابة 7 أشهر من إجباره على ترك منصبه، ما زالت روح رئيس الوزراء السابق "بنيامين نتنياهو" باقية في هذه الفوضى. وكرئيس للمعارضة في الكنيست، يهاجم "نتنياهو" بلا هوادة خليفته "نفتالي بينيت" لاستسلامه لإدارة "بايدن". ويتهم "نتنياهو" رئيس الوزراء الحالي بالفشل في خوض معركة فعّالة ضد الصفقة الناشئة التي يعتبرها "نتنياهو" تجسيدًا حديثًا لاتفاقية ميونيخ لعام 1938 مع ألمانيا النازية.

من المؤكد أن "بينيت" سيتأذى عندما يتم مقارنته بالزعيم البريطاني "نيفيل تشامبرلين" الذي وقع الاتفاق مع الزعيم النازي "أدولف هتلر"، حيث سيتم تصويره على أنه الزعيم الإسرائيلي الذي استسلم للولايات المتحدة وسمح لإيران بأن تصبح دولة نووية.

وأفاد الصحفي الإسرائيلي "باراك رافيد"، هذا الأسبوع، أن رئيس المخابرات العسكرية الجديد الجنرال "أهارون هاليفا" أطلع مجلس الوزراء الأمني ​​يوم 2 يناير/كانون الثاني على السيناريوهات الحالية، وقال إنه من بين الاحتمالين الحاليين في فيينا (العودة إلى الصفقة أو انهيار المحادثات) يعد التوصل إلى اتفاق  أهون الشرين.

وتفضل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وضع أنشطة إيران المتعلقة بالأنشطة النووية تحت إشراف دولي كامل بدلاً من أن تمنح القوى العالمية إيران مبررا للعدوان إذا فشلت المفاوضات.

وكان هذا هو الحال أيضًا أثناء المفاوضات بشأن الصفقة الأصلية مع إيران، عندما رأى التقييم الأمني ​​الإسرائيلي أن مزايا الاتفاقية تفوق مساوئها، حيث تتيح الاتفاقية فرصة لإسرائيل من 10 إلى 15 عامًا لتوجيه مواردها إلى التحديات الأمنية الأخرى والاستعداد لها. ولم يشارك مسؤولون أمنيون آنذاك في جهود "نتنياهو" لإقناع "ترامب" بالانسحاب من الاتفاق.

وقد فاجأ انسحاب "ترامب" الأجهزة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، وحذروا من أن هذه الخطوة قد تكون سلاحًا ذا حدين. وقد ثبت أن هذا التحذير كان يستند لرؤية صائبة.

ما الذي يفسر إذن تفاؤل إسرائيل الحذر بعد الزيارة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان" في 22 ديسمبر/كانون الأول؟ حسنا، قال مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لـ "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن "الأمريكيين يريدون وضع هذه القضية خلف ظهورهم. إنهم لا يشاركوننا وجهة نظرنا طويلة المدى. هم مهتمون فقط بالعام أو العامين القادمين. حيث أن لديهم مشاكل أكثر إلحاحا مثل الصين وتداعيات كورونا. إنهم أقل اهتمامًا بحقيقة أن إيران تقترب من أن تكون دولة نووية".

وأضاف: "التهديد النووي الإيراني ليس وجوديًا بالنسبة للولايات المتحدة كما هو الحال بالنسبة لنا، لكنهم على دراية بالكارثة العالمية والإقليمية التي يمكن أن تحدث إذا حققت إيران اختراقا في هذا الصدد". وتابع: "لا يوجد رئيس يريد أن يحدث هذا في عهده، لذلك أعلنوا مرارًا وتكرارًا أنه إذا وصلنا إلى هذه النقطة، فسيكون لديهم الوقت الكافي والمعلومات الاستخباراتية لمنع هذه الخطوة باستخدام الوسائل العسكرية".

سألته: "فلماذا أنت مسرور؟" فقال: "لأن الأمريكيين يتفهمون مخاوفنا تمامًا ويشرحون لنا أنه إذا اندفع الإيرانيون إلى القدرة النووية بمجرد انقضاء الاتفاقية، فسيتم التعامل معهم بقوة". وأضاف المصدر: "تقييمنا أنه سيتم إبرام اتفاق، وبما أننا نعلم أننا لا نستطيع منع هذا الاتفاق، فإن كل ما يمكننا فعله هو تقليل الضرر والحصول على أكبر قدر من المكاسب والضمانات على المستوى الأمني ​​من الولايات المتحدة".

وبسؤاله: "هل نجحتم في هذا الصدد؟". أجاب المصدر: "نعم في الغالب. يبدو أن الأمريكيين يتفهمون نوايا إيران ويتفقون مع كل تقييماتنا. وقد تمكنا من أن نشرح لهم أن الآليات المطلوبة لمنع إيران من استثمار الأموال الطائلة التي يمكن أن تجنيها بموجب الاتفاقية الجديدة في دعم الإرهاب. كما أن الأمريكيين سيعززون ويحسنون تفوقنا العسكري على المنطقة، وقد وعدوا أنه إذا حققت إيران اختراقًا نوويًا في أي لحظة معينة، فسوف يمنعونها بكل الوسائل المتاحة لديهم".

على ما يبدو، يمكننا أن نتوقع أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون مصحوبًا بباقة دعم كبيرة لإسرائيل وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط. وقد يتضمن الاتفاق مع إيران فقرات تعزز هذا الدعم أو قد لا يتضمن. في كلتا الحالتين، يبدو أن إسرائيل قبلت حقيقة أنها لا تملك فرصة لتحويل مسار التاريخ.

باختصار سعت إيران لعرقلة المسار المحتمل. ومع إدراكها محدودية خياراتها، تحاول إسرائيل تحقيق أكبر قدر ممكن من المزايا التكتيكية من هذه الكارثة الاستراتيجية.

المصدر | بن كاسبيت / المونيتور – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي العلاقات الاسرائيلية الأمريكية نفتالي بينيت نتنياهو العلاقات الإسرائيلية الأمريكية محادثات فيينا

مفاوضات معقدة.. تواصل الدبلوماسية الشرسة في فيينا