في الدفاع عن البراغماتية: التحالف البريطاني السعودي

الأربعاء 2 ديسمبر 2015 12:12 ص

كما أن إيران وروسيا أصبحتا أقرب من أي وقت مضى فإن لندن والرياض ينبغي أن يصلا بالعلاقات بينهما إلى أعلى مستوى.

مؤخرا تم كشف زيف العديد من الصيغ المعتادة لفترة طويلة جدا، والتي كانت تنشر في التعليقات الغربية حول السياسة في الشرق الأوسط. ومع الانتفاضات الشعبية وتراجع سيطرة الدولة في جميع أنحاء المنطقة، فإن المملكة العربية السعودية ما زالت تحتفظ بالملكيه التقليدية، عبر ترسانة قوية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

ولا يبدو أن الربيع العربي سيصل إلى شوارع الرياض ومكة المكرمة. ومع قائمة انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد المتزايدة كل يوم، فإنه غالبا يأتي التساؤل لماذا تفخر بريطانيا بمثل هذا التحالف الحميم مع هذه القوة العربية غير الليبرالية.

الآن وأكثر من أي وقت مضى، القوى الإقليمية في الشرق الأوسط هي أكثر حزما في الجغرافيا السياسية من الحرس القديم في أوروبا الغربية والولايات المتحدة. في مثل هذا الوضع، ومع صعود إيران وتركيا، والتهديد الذي تشكله الدولة الإسلامية لحياة وأمن الملايين في العالم العربي، لا بد من إعادة تنشيط وضع المملكة العربية السعودية بوصفها حليفا طبيعيا لبريطانيا في الشرق الأوسط. في الوقت الذي تظهر فيه تحالفات غير مسبوقة وتصبح روسيا وإيران أقرب من أي وقت مضى، فإن علاقة بريطانيا مع السعودية يمكن وينبغي أن تدفع لأعلى المستويات.

هناك العديد من الموضوعات التي تؤثر على مسألة العلاقة البريطانية والسعودية، التي اتخذت عادة أن تكون في شك الصداقة البعيدة في الوضع الأفضل والتحالف الهش في أسوأ الأحوال.

حقوق الإنسان مطروحة في الأولوية عند مناقشة شعبية النظام الملكي في المملكة العربية السعودية، وكذلك موقف السعودية تجاه إسرائيل مشكوك فيه. بيد أن هذه الاعتبارات لا تعني ان بريطانيا يجب ان تفعل أي شيء لإضعاف التحالف القوي مع المملكة العربية السعودية. بل على العكس من ذلك، هناك حجة قوية تدعو إلى الاعتقاد بأن تحالف بريطانيا مع المملكة العربية السعودية بحاجة إلى التأكيد بقدر أكبر من الثقة والأمن الذي يتمتع به في الوقت الحاضر.

طالما دعمت المملكة العربية السعودية حق الفلسطينيين في السيادة، على الرغم من نهجها تجاه إسرائيل أصبحت أقل حدة في السنوات القليلة الماضية. فمنذ عام 2002، المغفور له الملك عبد الله - ولي العهد آنذاك - قدم عدة مقترحات للسلام المتعدد الأطراف إلى الرئيس الإسرائيلي، وإن كان هذا لا يزال المدى الكامل للعلاقات الإسرائيلية السعودية . فالمملكة العربية السعودية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل: بل على العكس من ذلك، تشارك في المقاطعة الاقتصادية النشطة ضد إسرائيل ودعم وزير خارجيتها رسميا حركة (المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات) في المملكة المتحدة.

ومع أن هذا يتمسك به في السياسات الخارجية لمعظم الدول العربية، والملفت للنظر أن حلفاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يجب أن يقوموا باصلاح هذه الحدية تجاه بلد يعتبر أعز صديق للولايات المتحدة خارج حلف شمال الأطلسي.

التفكير في العلاقة السعودية مع اسرائيل ومع الولايات المتحدة يعزز حقيقة أن على بريطانيا أن تحافظ على علاقة وثيقة مع السعودية بشكل مستقل إلى حد كبير عن أي علاقات بريطانية مع أي قوة أخرى بارزة.

علاقات عمل وثيقة: حلفاء .. لا أصدقاء

بعد كل شيء، بريطانيا تتمتع منذ فترة طويلة بعلاقات عمل وثيقة مع المملكة العربية السعودية، ولندن هي موقع السفارة السعودية الثانية عام 1930، بعد خمس سنوات فقط ولادة الأمة السعودية. لا تزال المملكة المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لديها أكثر من مكتبين أجنبيين رسمييين في المملكة العربية السعودية. على الرغم من أنه في عام 2012 و2013 توترت العلاقات بسبب تحقيق برلماني في بريطانيا يتعلق باستثمارات السعوديين في شركات السلاح، لكن المملكة العربية تعامل باحترام كبير من قبل الحكومة البريطانية باعتبارها جزءا حيويا من الحل لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.

في المناقشات الحميمية التي تولدت بين الحكومتين البريطانية والسعودية، دائما يتم وصف السعودية بالحليف متبوعة دائما بكلمة المهم أوالاستراتيجي. كل هذا الحديث عن التحالف الاستراتيجي يستدعي السؤال: هل المملكة العربية السعودية صديق لبريطانيا أم حليف؟ وهذا بدوره يتبع بالسؤال الأكثر جوهرية: ما هو الفرق؟

المعقول جدا، وأن لأصدقاء في الساحة الدولية يتبادلون المعلومات، خاصة في كثير من الأحيان التي تطفو فيها بعض المخاطر المحتملة. الحلفاء لا يميلون للقيام بذلك، بطريقة تجارية بحتة. والأصدقاء على استعداد لعرض الوجه الخاص لبعضهم البعض، وفضح ضعفهم فيما يتعلق بالمسائل المثيرة للجدل، لكن الحلفاء يميلون إلى التمسك والحفاظ على المظهر العام من التضامن والاحترام، والحفاظ على الجانب الخاص بهم في الخفاء.

في هاتين المسألتين، أصدقاء بريطانيا هم جيرانها الأوروبيون، وكذلك الولايات المتحدة، كندا، أستراليا، نيوزيلندا، وإلى حد أقل دول الكومنولث السابقة. هذه الدول هي جديرة بالثقة والعائلية تقريبا.

على العموم، المملكة العربية تستوفي شروط الحليف بشكل مقنع جدا، ولكن من الصعب تصنيف السعودية بأنها صديق لبريطانيا بنفس الطريقة التي هي كندا أو فرنسا. الأمير «تشارلز» لا يتمتع بنفوذ نسبي بين العائلة المالكة في السعودية، كما اتضح في الشهر الماضي في طلبه إلى الملك «سلمان» حول «رائف بدوي» - وهو صحفي سعودي يبلغ من العمر 31 عاما مهدد بالجلد - وأن الحكم عليه بالسجن أكثر تساهلا. الحكومة البريطانية ووزارة الخارجية تجد حساسية في التنسيق مع الحكومة السعودية وووسائل الإعلام.

هذا النمط الحذر هو أقل وضوحا بكثير من تعامل بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي أو في الواقع مع دول الكومنولث: انه الوصف الذي يناسب بشكل أفضل علاقة بريطانيا مع روسيا أو مع الصين من علاقاتها مع فرنسا أو أستراليا. لاحظ أن الكثيرين في الحكومة البريطانية، والجمهور بوجه عام، سارعوا إلى الإعراب علنا ​​بدون تفكير تقريبا في التضامن مع باريس بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة هناك. ومن الواضح أن الرأي العام البريطاني أو الحكومة بعيد عن أن يفعل ذلك تماما بسهولة وثقة مع الرياض أو جدة.

إنها جيدة للمصالح

الشهر الماضي سحبت الحكومة في المملكة المتحدة صفقة بقيمة 8.9 مليون مع المملكة العربية السعودية، في مجال بناء السجون مشددة على تحديد الأولويات للسياسة المحلية أكثر من السعي من العقود الدولية. ومع ذلك، أكد وزير العدل مايكل غوف أن جزءا من الدافع في إنهاء العقد كان القلق إزاء سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.

فمن المستحيل تجاهل انتهاكات حقيقية لحقوق الإنسان في ظل حكم النظام الملكي غير المنتخب السعودية. السعوديون لا يتمتعون بنفس حرية التعبير والمساواة بين الجنسين، وحرية التجمع كما يتباهى بها البريطانيون. وعلى الصعيد الإقليمي، فإنه كثيرا ما يقال أن الحكومة السعودية، التي تمتلك احتياطيات ثروتها النفطية الهائلة تشكل منطقة عازلة مضادة بقوة للثورة في الشرق الأوسط. ونادرا ما صنفت المملكة العربية السعودية مع رؤية تقدمية في العالم العربي.

لا تعمل الدبلوماسية الدولية من دون أية تنازلات. أنها تنطوي على الخلاف. و فوضوية، وأيدي قلة من الناس نظيفة. ولكن تخفيف قوة العلاقات البريطانية مع المملكة العربية السعودية سيكون خطأ فادحا. كما لاحظت لجنة الشؤون الخارجية 2013 ، هناك حاجة - عاجلة - للحفاظ على العلاقات مع الأنظمة غير الديمقراطية والمحافظة التي تعتبر مهمة للمصالح البريطانية على المستوى الإقليمي والعالمي . الحفاظ على علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية هي أفضل من ما يقرب من جميع البدائل.

إنها جيدة لمصالح بريطانيا. انها جيدة للمصالح السعودية. وبقدر ما يمكن للمرء أن يتكهن من مسافة بعيدة عن مثل هذه الامور، انها جيدة للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ككل. وإلى جانب ذلك، ندعو للإصلاح ومن المرجح أن يكون تاثير هذا أكبر بكثير عندما يأتي من حليف موثوق به واكثر قيمة من صرخات المتظاهرين الغاضبين.

 

  كلمات مفتاحية

العلاقات السعودية البريطانية الأمير تشارلز الملك سلمان

«الغارديان»: «كاميرون» سمح لدول خليجية أن تملي عليه سياسته تجاه الإخوان

«نواف عبيد»: ترقبوا ردا سعوديا صارما على حملة تشويه المملكة في الإعلام البريطاني

«الغارديان»: بريطانيا تستهدف المملكة العربية السعودية بالعقود الكبرى

«تليجراف»: هذا ليس الوقت الأنسب لبريطانيا لإزعاج المملكة العربية السعودية

«الجارديان»: بريطانيا أصبحت وكيلا لترويج السياسات السعودية

«ناشيونال إنترست»: الحرب السعودية في اليمن ليست طائفية لكنها تدور حول المصالح