«تليجراف»: هذا ليس الوقت الأنسب لبريطانيا لإزعاج المملكة العربية السعودية

الجمعة 16 أكتوبر 2015 01:10 ص

استطاعت المملكة المتحدة إثبات نفسها كحليف قوي في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» ولكن على ما يبدو أن الحكومة البريطانية تحاول دائما التسبب بمشاكل دبلوماسية مع السعودية على خلفية سجل المملكة السعودية الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان.

لم يترك «ديفيد كاميرون» مجالاً للشك في هذا الخصوص. فحين يتعلق الأمر بالأمن الوطني فإن بريطانيا تكثف جهودها لمحاربة «تنظيم الدولة» في العراق والشرق الأوسط  وتضعه على سلم أولوياتها. وهذا يعني أنه من الواجب تأمين الدعم البرلماني للقوات البريطانية من أجل تمديد حملتها العسكرية التي تقتصر حالياً على العراق لتمتد إلى سوريا  فيما بعد.  وإذا ما تمت مناقشة هذه القضية في مجلس العموم حتماً ستكون قضية ساخنة يتداولها الوزراء.

إن الحصول على موافقة ودعم برلماني يعد العقبة الأولى التي تقف في وجه بريطانيا لكي تلعب دورا أساسيا وعسكريا في القضاء على المتطرفين. وعلى اعتبار أن بريطانيا جادة في المضي قدما لمواجهة «داعش» فإنها تحتاج لحليف قوي له قوة عسكرية، ولن تجد أفضل من السعودية التي تثبت دائما جاهزيتها في مثل هذه الأمور.

إن قيام بريطانيا بعمل تقليص فى نفقاتها العسكرية في 2010 يعتبر ركيزة أساسية استدعتها استراتيجية الدفاع والأمن بهدف تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع القوى الصديقة. وترى بريطانيا أن السعودية هي المستهلك الأكبر لمبيعاتها من الأسلحة في الشرق الأوسط  حيث تلعب دوراً أساسياً في حماية المصالح البريطانية.

في الواقع، ينعكس هذا التقارب في العلاقات على الدعم العسكري الذي تقدمه المملكة المتحدة لقوات التحالف التي تقودها السعودية في محاربة ميلشيات الحوثي التي تدعما إيران في اليمن. ومن الجدير ذكره أن الكثير من الطائرات الحربية التي تستعملها السعودية في حربها ضد الحوثيين مصنوعة في بريطانيا.

علاوة على ذلك، فإن السعودية تشارك على نطاق واسع في محاربة «تنظيم الدولة» و«نظام الأسد» في سوريا وإذا ما أرادت بريطانيا توسيع حملتها العسكرية في الحرب ضد «داعش» فسوف تكون السعودية حينئذ  الحليف الأفضل والأقوى.

وبينما كان السيد «كاميرون» يبذل قصارى جهده في بناء والحصول على دعم شعبي من أجل توسيع الحملة العسكرية ضد التنظيم، ركزت الحكومة على  اتهام السعودية بارتكاب خروقات في مجال حقوق الإنسان. يأتي ذلك عقب إصدار وزير العدل «مايكل جوف» قرار وزارته بإلغاء ما يقارب الـ 5.6 مليون جنيه إسترليني كان من المقرر تخصيصها للتدريب على تحليل احتياجات مصلحة السجون السعودية.

 يبدو أنه من الصعب الجمع بين تحقيق المصالح الاستراتيجية وحقوق الإنسان في عالم السياسة الواقعية أو على أرض الواقع. فعلى سبيل المثال تقوم العديد من الأنظمة الإسلامية المحافظة والتي تطبق الشريعة الإسلامية بتنفيذ عقوبات قاسية تصل إلى حد  الإعدام، ففي السعودية تم تنفيذ حوالي 175 حكما بالإعدام في السنة الماضية. بينما سجلت مجموعات حقوق الإنسان ما يقرب الـ700 حالة إعدام في إيران في الشهور الست الأولى لهذا العام وكانت معظمها إعدامات علنية يتم رفع المذنبين فيها على رافعات متنقلة. ففي الأسبوع الماضي وحده، تم إعدام اثنين من الأحداث، وبدلاً من إدانة «آية الله خامنئي» على مثل هذه التصرفات تقوم بريطانيا بإعادة علاقاتها الاستراتيجية وبشكل كامل مع طهران. وأعلن المستشار «جورج أوزبون» عن نيته قيادة وفد تجاري رفيع المستوى إلى طهران العام القادم .

 لا يبدو شكل العلاقة بين البلدين واضحا، فكيف يمكن التقارب بين المصالح الوطنية البريطانية ودولة إيران التى تدعم بقاء «نظام الأسد» بينما تلتزم بريطانيا بإسقاط هذا النظام. فبالأمس وصلت آلاف القوات العسكرية الإيرانية إلى سوريا لدعم جيش النظام وحزب الله في مواجهة قوات المعارضة. ولقد زادت تحركات القوات الإيرانية بعد قيام الطائرات الحربية الروسية بمهاجمة قوات  المعارضة ومنها الجيش الحر "المعتدل" والذي تدعمه بريطانيا وحلفاؤها.

من الصعب أن نرى كيف تحاول بريطانيا في مثل هذه الظروف بناء علاقة وثيقة مع إيران من أجل خدمة مصالحنا الوطنية بينما تتجنب توثيق علاقتها بالسعودية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان. فعلى الأقل تجمعنا بالسعودية مصالح وقضايا مشتركة ويجب أن تعلم الحكومة جيداً أن القضاء على المنظمات الإرهابية كـ«داعش» ومحاربة المتعصبين هو الأولوية الأكثر إلحاحاً الآن.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية بريطانيا الدولة الإسلامية صفقات الأسلحة

بريطانيا تصر على رحيل «الأسد» وتبدي مرونة حول التوقيت والطريقة

«الجارديان»: بريطانيا أصبحت وكيلا لترويج السياسات السعودية

السعودية وبريطانيا: علاقات خاصة جديدة

«الغارديان»: بريطانيا تستهدف المملكة العربية السعودية بالعقود الكبرى

ملامح تغيرات السياسة البريطانية تجاه الخليج

السفير السعودي بلندن: الشراكة الاستراتيجية بين المملكة وبريطانيا «مهددة»

أيام صعبة بين الرياض ولندن: حملة «كوربين» ورد السفير

الملك «سلمان» يبحث مع وزير خارجية بريطانيا مستجدات الأوضاع في المنطقة

زيارة «هاموند».. محاولة بريطانية لتخفيف «الغضب» السعودي

«ديلي تليغراف»: العلاقات بين السعودية وبريطانيا مهددة بـ«الانهيار»

بريطانيا: محادثاتنا العدلية مع السعودية مستمرة رغم إلغاء صفقة السجون

مائة عام من العلاقات السعودية ـ البريطانية تتعرض للامتحان

في الدفاع عن البراغماتية: التحالف البريطاني السعودي

«ديلي تليغراف»: السعودية حليف أساسي لبريطانيا في مواجهة «الدولة الإسلامية»