استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ملامح تغيرات السياسة البريطانية تجاه الخليج

الأربعاء 21 أكتوبر 2015 02:10 ص

تاريخيا تعتبر بريطانيا الدولة الأكثر ارتباطا بمنطقة الخليج بما فيها إيران والعراق. وما تزال علاقاتها بهذه المنطقة متينة لأسباب عديدة. وبرغم انسحابها العسكري في 1971 فقد حافظت على التواصل مع دول مجلس التعاون بدون انقطاع. 

وعملت أنظمة الخليج الملكية خلال نصف القرن الماضي على تمتين الأواصر مع المؤسسة الملكية البريطانية. وبرغم الحضور الأمريكي الفاعل في هذه المنطقة خصوصا بعد حرب الكويت قبل ربع قرن، ما تزال بريطانيا هي القوة الاكثر تأثيرا في سياساتها. في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، نشرت مجلة «إيكونوميست» مقالا مهما بعنوان «لقد رجعنا» وذلك بعد قرار الحكومة البريطانية بناء قاعدة عسكرية في البحرين. وجاء في المقال تصريح مهم لوزير الخارجية البريطاني، «فيليب هاموند»، ذو بعد استراتيجي مهم. فقد ذكر أن «الأمريكيين قرروا نقل ثقلهم العسكري إلى جنوب شرق آسيا والمحيط الهادىء، وتركت شؤون منطقة الخليج والشرق الاوسط لبريطانيا وحليفاتها الأوروبيات». ليس معلوما بعد ما إذا كان هذا التحول قد تحقق تماما.

إذ ما تزال أمريكا حاضرة في العراق وسوريا. ولكن في الأسبوع الماضي غادرت حاملة الطائرات الأمريكية (تيودور روزفلت) منطقة الخليج، وهو أمر أثار التساؤلات. ولوحظ أيضا أن بريطانيا اصبحت أكثر حضورا في المنطقة. فقد تكثف حضور «الخبراء» البريطانيين في بعض دول مجلس التعاون كالبحرين والإمارات، وسعت بريطانيا للحفاظ على دور عسكري في العراق بذريعة التصدي لداعش.

وفي اطار مجلس حقوق الإنسان ساعدت بريطانيا النظام السعودي لضمان عضوية المجلس، وواصلت جهودها لمنع صدور قرارات ضد البحرين. وربما الجانب الأكثر إثارة تدخل بريطانيا عمليا في الحرب على اليمن. أكد ذلك وزير الدولة لشؤون الدفاع، «ايرل هاو»، قبل ثلاثة شهور، في جوابه على سؤال قدمه أحد أعضاء مجلس اللوردات حول الدور البريطاني في حرب اليمن. الوزير أكد أن بريطانيا تتعاون مع السعودية في مجالات ثلاثة: امدادها بالصواريخ والقنابل الموجهة، وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية، ودعمها بالخبراء في مراكز القيادة والتحكم في العمليات. كما ان الاهتمام البريطاني بمؤتمر الأمن الإقليمي الذي يعقد سنويا في البحرين إضافة أخرى للبعد البريطاني. وفي مؤتمر العام الماضي خاطب السيد «هاموند» ممثلي دول الخليج قائلا: «أمنكم هو أمننا».

إلى هنا تبدو الامور مفهومة في سياق الاستراتيجية الأنكلو ـ أمريكية. غير أن تطورات حدثت في الشهور الاخيرة من شأنها التأثير على سياق هذه الاستراتيجية وفرض تغيير عليها. من هذه التطورات ما يلي:

أولها بروز التململ الأمريكي ازاء تطورات المنطقة وانعكاسات ذلك على أمنها ومصالحها في العالم. فما تزال واشنطن مهووسة بالمسألة الامنية برغم الضربة شبه الماحقة لتنظيم «القاعدة» واستبداله بمجموعات مثل داعش والمجموعات الاخرى التي لم تعد تستهدف الغرب أو «اسرائيل».

ثانيها: تصاعد النفوذ الصيني الاقتصادي وما يمثله ذلك من إعادة تموضع لقوة ناهضة استطاعت غزو الغرب بمنتجاتها واستثماراتها (مثلا تبلغ الاستثمارات الصينية في بريطانيا 105 مليارات جنيه استرليني. ومن المتوقع زيادة الاستثمارات بعد زيارة الرئيس الصيني بريطانيا هذه الايام). وجاء الموقف الصيني الاخير بالانحياز للمحور الروسي ـ الإيراني في سوريا ليؤكد مخاوف الأمريكيين من تنامي النفوذ الصيني على مصالحها الاقتصادية والسياسية. وتعتبر الصين أن كثافة الوجود الأمريكي بالقرب من حدودها أمر مثير للقلق واستفزاز يتطلب منها سياسات ومواقف مختلفة.

ثالثها: الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران يعتبر حدثا ذا أبعاد استراتيجية من شأنه خلخلة التوازن القلق في العلاقات والسياسات الدولية والاقليمية. ولذلك كانت ردة فعل بعض دول مجلس التعاون غاضبة، حتى أن السعودية بدأت تنتهج سياسات مختلفة تارة بتوسيع نفوذها الاقليمي وأخرى باتخاذ انماط جديدة من المواقف والسياسات التي تظهر قوتها العسكرية والسياسية. ويعتبر تراجع الخطر الإيراني عامل تأثير قوي دفع الغربيين لإعادة رسم استراتيجياتهم بما يتيح لهم التعامل مع الواقع الجديد بشكل مختلف. ويلاحظ أن الغربيين لم يعودوا متحسسين كثيرا من الدور الإيراني في العراق او سوريا، وأن كانوا لا يحبذونه. 

رابعها: التغيرات الفكرية والنفسية في الدول الاوروبية، وهذا تؤكده مواقف البرلمان الاوروبي وبياناته التي تساهم في توجيه الرأي العام الاوروبي. الملاحظ أن هناك اهتماما اوروبيا بقضايا حقوق الإنسان في دول المنطقة، ودعما للتوجهات الديمقراطية، ومحاولات للضغط من أجل تحسين اوضاع حقوق الإنسان. مع ذلك تستمر التوجهات الاوروبية التي تفصل بين حقوق الإنسان والديمقراطية بما يجعل مواقفها إزاء حقوق الإنسان غير ذي شأن. 

خامسها: أن بريطانيا، التي هي الأكثر تشبثا بعلاقاتها التاريخية والأقل رغبة في إزعاج اصدقائها، شهدت في الفترة الاخيرة تحولات كبرى في المزاج العام، كان من نتائجه صعود السيد «جيرمي كوربين» لرئاسة حزب العمال.

وبرغم التنبؤات الخاطئة التي طرحتها شركات الاستطلاع بأن نصيبه من النجاح لا يصل إلى 1%، فقد فاز بشكل ساحق بدعم 60% من أعضاء حزبه. 

ماذا يعني ذلك كله؟ أن صعود «كوربين» له تأثير كبير على السياسة البريطانية، خصوصا في بعدها الخارجي. فهو معروف بدعمه لقوى المعارضة في المنطقة بالإضافة لمواقفه الداعمة للفلسطينيين بشكل واضح.

«كوربين» استهل عهده بمواقف وسياسات تختلف جوهريا عن سياسات ديفيد كاميرون وفريقه، خصوصا تجاه بعض حكومات الخليج. حتى الآن يبدو كوربين ملتزما بسياساته تلك، وكثيرا ما يكررها في خطاباته وتصريحاته. فهو يرفض دعم بعض تلك الحكومات، ويدعو رئيس الوزراء لوقف تصدير السلاح اليها. وقد طالب علنا رئيس الوزراء بالتدخل لدى السعودية لوقف إعدام الشاب «علي النمر»، الأمر الذي فعله «كاميرون»، في بادرة غير مسبوقة. فقد اعتادت الحكومات البريطانية المتعاقبة على رفض التصريح العلني إزاء أي من دول مجلس التعاون، بما يمكن اعتباره «شجبا» او «استنكارا».

واعتمدت الحكومات البريطانية المتعاقبة مقولة أن التواصل غير المعلن مع تلك الحكومات أكثر فاعلية من التصريحات العلنية. وقد فاجأ رئيس الوزراء الجميع الاسبوع الماضي بإعلانه إلغاء اتفاقية مع السعودية للتدريب على إدارة السجون.

ولم يحدث في العقود الأخيرة صدور إعلان كهذا، لأن البريطانيين يتفادون دائما ازعاج الحكومة السعودية. فقد تدخل «توني بلير» في 2006 لوقف تحقيق رسمي في «العمولات» التي دفعتها شركة «بريتيش ايروسبيس» لأحد الأمراء السعوديين في مقابل تمرير صفقة «اليمامة». 

بلغت تلك العمولة، على مدى عشرين عاما، 2.4 مليار دولار (عشرة ملايين شهريا). وتعاونت بريطانيا مع السعودية لدعم ترشحها لرئاسة لجنة مهمة بمجلس حقوق الإنسان، الأمر الذي أثار قطاعا واسعا من المنظمات الحقوقية.

ربما من الصعب القول بأن هناك تحولا جذريا في السياسة البريطانية تجاه السعودية أو البحرين.

غير أن المعارضة البحرانية تقول أن علاقاتها مع السيد «جيرمي كوربين» تعود للثمانينات بعد أن فاز للمرة الاولى في الانتخابات البرلمانية. وتواصلت تلك العلاقات، فحضر مؤتمراتها الصحفية بمجلس اللوردات، وتحدث في تظاهراتها وبادر للعديد من البيانات البرلمانية في الاعوام الاخيرة، التي وقعها عشرات البرلمانيين، وطرح الكثير من الأسئلة حول طبيعة علاقات بريطانيا مع حكام البحرين.

ومع أن الجناح المحافظ في الحكومة البريطانية يرفض الانجرار لمواقف واضحة إزاء الأوضاع في بعض دول مجلس التعاون، إلا أن التغيرات المذكورة، خصوصا الحرب في اليمن وانتشار «داعش»، وتصاعد الإعدامات في السعودية، بالاضافة لتصاعد نفوذ المنظمات غير الحكومية المهتمة بتلك القضية، كل ذلك ساهم في إعادة صياغة الذهنية البريطانية ومعها رموز الدولة ورؤساء الأحزاب. 

إن من السابق لأوانه الوصول إلى نتيجة تقول إن بريطانيا غيرت سياساتها تجاه دول مجلس التعاون المذكورة. فالأنفاق على شركات العلاقات العامة وشركات الضغط والمؤسسات الإعلامية المرموقة، كل ذلك من شأنه التأثير على قيم الحرية وتكافؤ الفرص، والشفافية. 

ولذلك ستستمر سياسة الأنفاق على تلك الشركات لضمان شيء من النفوذ في الساحة البريطانية. أما الخارجية البريطانية فسوف تجد نفسها مضطرة لصياغة سياساتها إزاء دول مجلس التعاون، لتأخذ في الحسبان التطورات الجديدة سواء في المنطقة في المزاج العام الغربي، خصوصا البريطاني.

٭ د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن

  كلمات مفتاحية

بريطانيا السعودية البحرين مجلس التعاون الخليجي هاموند كاميرون جيرمي كوربين

«ديلي ميل»: كيف يشتري شيوخ النفط في الإمارات الإعلام والنفوذ في بريطانيا؟

«الغارديان»: بريطانيا تستهدف المملكة العربية السعودية بالعقود الكبرى

«تليجراف»: هذا ليس الوقت الأنسب لبريطانيا لإزعاج المملكة العربية السعودية

«الجارديان»: بريطانيا أصبحت وكيلا لترويج السياسات السعودية

السعودية وبريطانيا: علاقات خاصة جديدة

قطر تتفاوض مع بريطانيا للحصول على طائرات «تايفون»

«هاموند» يلتقي أمير قطر وولي عهد أبوظبي