هكذا قد تكون إيران على رأس المستفيدين من تصاعد الأزمة الأوكرانية

الثلاثاء 1 فبراير 2022 05:21 ص

قد تصبح إيران المستفيد الأول من تصاعد الأزمة في أوكرانيا إذا عبرت القوات الروسية الحدود الأوكرانية وفشلت مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

ففي حال فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات قاسية ردًا على أي توغل روسي في أوكرانيا، سيكون لدى روسيا الدافع الكافي لتجاهل العقوبات الأمريكية المفروضة إيران.

كما إن فشل المحادثات النووية في فيينا سيجعل إيران تركز على علاقاتها مع روسيا والصين من أجل تخفيف أثر العقوبات الأمريكية.

ولا شك أن ذلك لم يغب عن بال القادة الروس والإيرانيين عندما اجتمعوا الأسبوع الماضي خلال زيارة الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" إلى موسكو. وكان هذا الاجتماع هو الأول بين قادة روسيا وإيران منذ 5 سنوات.

وحذر المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون مؤخرًا من أن الوقت ينفد أمام إحياء الاتفاق النووي مع إيران. وقال المسؤولون إن إيران تفصلها أسابيع فقط عن الحصول على المعرفة والقدرة على إنتاج الوقود النووي الكافي لقنبلة، ويعني ذلك أنه يتعين التفاوض بشأن اتفاق جديد تماما وهو ما رفضته إيران.

عقوبات محتملة على روسيا

إذا تم فرض عقوبات أمريكية جديدة على روسيا، فسيمهد هذا الطريق بالتأكيد لزيادة التجارة بين روسيا وإيران والتعاون في مجال الطاقة والمبيعات العسكرية، حتى لو استمرت القيود المفروضة على إيران دون تغيير.

لكن ذلك لا يعني أن الطريق سيكون خاليًا من العراقيل، حيث لا يزال يتعين على الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الموازنة بين علاقاته مع إيران وعلاقاته مع السعودية والإمارات.

وأصبحت الموازنة الروسية - مثل الصينية - أكثر تعقيدًا بغض النظر عما يحدث في أوكرانيا وفيينا في وقت يوسع فيه الحوثيون المدعومون من إيران الحرب اليمنية المستمرة منذ 7 سنوات بضربات الطائرات المسيرة والصواريخ ضد أهداف في الإمارات.

وجاءت هجمات الحوثيين في وقت بدأت فيه القوات البحرية الروسية والصينية والإيرانية تدريباتها المشتركة الثالثة منذ عام 2019 في شمال المحيط الهندي.

وقال لواء البحرية الإيراني "مصطفى تاج الدين" للتليفزيون الحكومي: "الغرض من هذه التدريبات هو تعزيز الأمن في المنطقة، وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف بين الدول الثلاث لدعم السلام العالمي والأمن البحري وخلق مجتمع بحري ذي مستقبل مشترك".

الموازنة بين إيران والخليج

مع تردد الولايات المتحدة بشأن الوفاء بالتزاماتها الأمنية تجاه دول الخليج،  اتجهت السعودية والإمارات إلى التحوط في رهاناتها وتنويع علاقاتها مع القوى العظمى.

ولكن إذا رأت دول الخليج أن روسيا والصين لا تعبآن بالعقوبات الأمريكية ضد إيران، فقد تعتبر الرياض وأبوظبي أن منافسي الولايات المتحدة قد لا يكونون أكثر موثوقية أو التزامًا بضمان الأمن في الخليج. وحتى الآن، لم تشر روسيا أو الصين إلى اهتمامهما بشغل الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي من المنطقة. 

وإذا شعرت روسيا أن العقوبات الأمريكية لم تعد عقبة في تعاملاتها مع إيران، فإن هذا لن يترك للسعودية والإمارات الكثير من الخيارات الجيدة.

وبالرغم أن روسيا تبدي رغبة في إنجاح محادثات فيينا، لكنها في الوقت نفسه تدعم المطالب الإيرانية بشأن تقديم ضمانات بعدم انسحاب الولايات المتحددة من الاتفاق مرة أخرى.

إيران تكسر عزلتها

وعلى خلفية الحديث عن اتفاقية تعاون مقترح لمدة 20 عامًا بين البلدين، يبدو أن روسيا ترغب في التفاوض بشأن اتفاقية تجارة حرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يضم أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، إلى جانب روسيا.

ووقعت إيران اتفاقية تعاون مماثلة مدتها 25 عامًا مع الصين، لكنها تظل حتى الآن خطاب نوايا في أحسن الأحوال، وليس خطة عمل تنفيذية.

وكما هو الحال مع الصين، يبدو أن مشروع الاتفاق مع روسيا كان مبادرة إيرانية وليس مبادرة روسية، حيث تسعى طهران لإثبات أنها غير معزولة بالقدر الذي تريده الولايات المتحدة وأن تأثير العقوبات الأمريكية يمكن تخفيفه.

وقال "رئيسي" أثناء محادثاته مع "بوتين": "لدينا وثيقة حول التعاون الاستراتيجي الثنائي، والتي قد تحدد علاقاتنا المستقبلية لمدة الـ 20 عامًا المقبلة".

ولكن يبدو أن مناقشات "رئيسي" في موسكو أنتجت آفاقًا طموحة أكثر من صفقات ملموسة. ورغم تكهنات وسائل الإعلام بأن روسيا مستعدة لبيع أسلحة لإيران تصل قيمتها إلى 10 مليارات دولار، بما في ذلك الطائرات المقاتلة "SU-35" ومنظومة الدفاع الجوي "S-400"، فقد ظلت هذه الأنباء مجرد تكهنات. وبالتأكيد ستشعر السعودية والإمارات بالانزعاج من مثل هذه الصفقة.

وتحدث مسؤولون إيرانيون، بما في ذلك وزير المالية "أحسان خاندوزي" ووزير النفط "جواد أوجي"، عن اتفاقات موقعة خلال زيارة موسكو من شأنها تسريع مشاريع خط الائتمان البالغة 5 مليارات دولار بعد أن ظل تحت الإعداد لسنوات.

وقال الباحث في الشؤون الدولية "مارك كاتز": "من غير الواضح ما إذا كانت هذه مشاريع جديدة أو تلك التي تمت مناقشتها سابقًا والموافقة عليها، مثل المشروع الذي توقفت عنه شركة لوك أويل الروسية عام 2018 بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، حيث خشيت لوك أويل من أن تستهدف من قبل العقوبات الأمريكية".

ومن الناحية النظرية، يمكن أن تعني ديناميكيات الأزمة الأوكرانية واحتمالات فشل محادثات فيينا أنه قد يتحقق اتفاق تعاون إيراني روسي طويل الأجل أسرع من نظيره الصيني الإيراني.

وإذا فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات مكثفة على روسيا في حال تصاعد الأزمة الأوكرانية، فقد تتساوى روسيا وإيران على طاولة المفاوضات لأن الطرفين سيكونان تحت طائلة العقوبات، وليس إيران وحدها.

وأشار الباحث الإيراني والمحلل السياسي "صادق زيباكلام" إلى أن الوقت قد حان بالنسبة للنظام الإيراني كي يتخلى عن شعار الثورة الإيرانية الذي امتد 43 عامًا وهو: "لا شرق ولا غرب".

وأكد المحلل السياسي أن إيران لم تلتزم بالشعار منذ فترة طويلة، واقترح أن تُنزع اللوحة التي تحمل هذا الشعار من مبنى وزارة الخارجية، قائلًا: "لم يُستخدم منذ فترة طويلة، ويجب إزالته".

المصدر | جيمس دورسي/ ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا العلاقات الإيرانية الروسية العلاقات الإيرانية الصينية أزمة أوكرانيا العقوبات العقوبات الأمريكية

إيران تطلق الجمعة تدريبات بحرية مشتركة مع روسيا والصين

الرئيس الإيراني يؤكد أهمية التعاون مع روسيا لضمان أمن المنطقة