تغييرات استراتيجية.. هجمات الحوثيين على الإمارات تزيد جاذبية قطر

الخميس 3 فبراير 2022 09:16 م

ستؤدي هجمات الحوثيين الأخيرة على أبوظبي إلى تعزيز سمعة قطر كوجهة آمنة للأعمال التجارية في الشرق الأوسط، ما سيجبر الإمارات على تقديم المزيد من المزايا وسياسات التحرير الاجتماعي لتبقى تنافسية.

ولم تواجه الإمارات ولا قطر تهديدات أمنية كبيرة في أراضيهما منذ الحصول على الاستقلال عام 1971، لكن هجمات الحوثيين الأخيرة على أبوظبي لطخت صورة الإمارات كواحدة من أكثر الأماكن أمانًا للأعمال التجارية في المنطقة.

وحاليا، توجد كل من قطر والإمارات على قائمة الحكومة الأمريكية للوجهات التي لا ينصح بالسفر لها بسبب المخاطر الصحية المتعلقة بجائحة "كوفيد-19"، ولكن في أعقاب هجوم أبوظبي أضافت واشنطن أيضًا تهديد الطائرات المسيرة والهجمات الصاروخية في النصيحة المتعلقة بالسفر إلى الإمارات.

وفي الأسابيع المقبلة، من المحتمل أن تقوم الدول الأخرى بتحديث نصائح سفرها أيضًا للإمارات، ما سيؤثر على تقييمات المخاطر للشركات والمسافرين الذين كانوا يريدون زيارة البلاد.

كيف اكتسبت قطر الأفضلية؟

تتشابه استراتيجيات قطر والإمارات فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، حيث يركز البلدان على النهوض بالسياحة والاستثمار وتوظيف العاملين الأجانب والترفيه من أجل تنويع اقتصاداتهم التي تعتمد على الوقود الأحفوري قبل الانتقال العالمي إلى الطاقة النظيفة.

وقبل هذه الهجمات كان ينظر إلى الإمارات على أنها أكثر الممالك الخليجية أمانا واستقرارا وجاذبية، فقد تعرضت السعودية لهجمات من الحوثيين بشكل مستمر بسبب تورطها في الحرب، كما أن عُمان والكويت تشهدان حركات احتجاج مستمرة تتسبب في إغلاق الطرق أحيانا وتخريب المباني وتعكس حالة من عدم اليقين السياسي مع استجابة حكوماتهما للمطالبات الشعبية. وتمر البحرين أيضًا بموجات عرضية من الاضطرابات نتيجة حملات الشيعة المتشددين ضد النظام الملكي السني في البلاد، ويحدث ذلك على صورة احتجاجات وهجمات بالقنابل.

ولكن مع أن قطر تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة، فمن غير المرجح أن تواجه هجمات مماثلة من الحوثيين بسبب خروج الدوحة من اليمن في عام 2017 وعلاقتها الأدفأ نسبيًا مع إيران.

وقد انسحبت قطر من حرب اليمن بعد أن قادت السعودية حصارا ضدها في عام 2017. ولا يوجد دافع لدى الدوحة للعودة إلى البلد الذي مزقته الحرب، خاصة بعد ضربات أبوظبي، والتي أظهرت بوضوح أن شركاء السعودية في التحالف معرضون لخطر هجمات الحوثي بعيدة المدى.

وعلى عكس الإمارات (التي بدأت مؤخرًا فقط في تذويب الجليد في علاقاتها مع إيران)، فقد سعت قطر إلى أن تظل محايدة وسط المنافسة الأمريكية الإيرانية، بل إنها اعتمدت على طهران أيضًا للتجارة والحصول على الإمدادات الغذائية خلال الحصار الذي استمر 4 سنوات. وعملت الدوحة أيضًا كميسّرة للدبلوماسية الإيرانية من خلال التعاون مع طهران في الجهود الإنسانية الإقليمية بما في ذلك توفير المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة.

وتستضيف قطر حوالي 10 آلاف فرد من القوات الأمريكية في قاعدة "العديد" الجوية (الأكبر في الشرق الأوسط)، لكن القاعدة لم تستهدف بعد من إيران أو حلفائها، فيما يعود جزئيًا لصلات الدوحة الدبلوماسية بطهران. كما تتشارك إيران وقطر أيضا حقل جنوب بارس/ الشمال وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.

وعلى عكس أبوظبي، لم تستمر الدوحة في دعم وكلاء في اليمن بعد أن انسحب من التحالف الذي تقوده السعودية مع اندلاع الأزمة الخليجية عام 2017.

الإمارات تلجأ للتحرر الاجتماعي

ستتجلى صورة قطر كملاذ إقليمي آمن عندما تستضيف البلاد كأس العالم في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2022، وسوف تجتذب البطولة اهتماما إعلاميا واسع النطاق، وكذلك الآلاف من السياح الذين سيقيم بعضهم في الإمارات.

وسيحفز ذلك الحوثيين لشن هجوم آخر على الإمارات لجعل البلاد تبدو غير آمنة. وحتى لو لم يشن الحوثيون ضربات خلال مباريات كأس العالم، فإن التهديد القائم سيظل مخيمًا على السياح الذين اختاروا البقاء في الإمارات، حيث ستنصحهم حكوماتهم بأن يكونوا على حذر من هذه الهجمات، ما يعزز السمعة عن الإمارات بأنها أقل أمانًا من قطر.

ومن المحتمل أن تعزز الإمارات سياسات التحرير الاجتماعي لتحسين سمعتها وجعل البلاد أكثر جاذبية للسكان والمستثمرين غير المسلمين أو الرافضين للالتزام بالتقاليد الدينية. وقد يشمل ذلك توسيع السماح بالقمار والخمور وتخفيف الرقابة الإعلامية.

وتستعد الإمارات بالفعل لافتتاح أول كازينو لكن بعد هذه الهجمات قد تسمح بتوسع صالات القمار على مستوى البلاد، كما يمكن أن تستمر أبوظبي أيضًا في تحرير صناعة الكحول في البلاد لإنتاج المشروبات الكحولية المحلية وجعل الكحول في متناول اليد.

وقد تخفف الإمارات الرقابة على الأفلام والتلفزيون أيضًا، مما يرجح أن يشمل التطبيع مع مجتمع الشواذ، وستكون هذه نقطة جذب بشكل خاص خلال كأس العالم، حيث أعرب الناشطون عن مخاوف من قوانين قطر المناهضة للشذوذ الجنسي.

وكانت الإمارات رائدة إقليمية في هذه التغييرات الاجتماعية، خاصة عندما توفي مؤسسها في عام 2004، وقد أعطى ذلك البلاد أفضلية على جيرانها مع وجود مجتمع أكثر تقبلًا لأنماط الحياة الأوروبية وغير المسلمة (مثل السماح باستهلاك الكحول، والمعيشة مع شريك بدون زواج).

وتواجه دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى صعوبات في مواكبة نفس المستوى من الانفتاح؛ حيث إن عدد السكان في السعودية وسلطنة عمان كبير، ما يخاطر برد فعل عنيف على التغييرات الاجتماعية السريعة، بينما يعرقل الهيكل السياسي في الكويت هذه التغييرات، ويعارض حكام قطر هذه التغييرات السريعة.

وستعمل الإمارات أيضًا على استخدام وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة لتشويه سمعة قطر. وقد حاولت وسائل الإعلام الإماراتية في الماضي التركيز على علاقات قطر مع جماعات مثل "حماس" لاتهام الدوحة برعاية الإرهاب، لكن هذه الاتهامات تراجعت منذ نهاية الحصار في يناير/كانون الثاني 2021.

وبدلًا من ذلك، قد تحاول وسائل الإعلام الإماراتية صياغة سردية مختلفة حول انعدام الأمن في قطر من خلال تغطية الجريمة في البلاد (وهو أمر نادر الحدوث في المنطقة) أو التركيز على موت مئات الأشخاص أثناء العمل في مواقع البناء في قطر منذ فازت البلاد باستضافة كأس العالم في عام 2010. ويمكن أن تنشر وسائل الإعلام الإماراتية أيضًا معلومات مضللة حول المؤامرات الإرهابية المفترضة خلال كأس العالم.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قطر الإمارات كأس العالم التنافس القطري الإماراتي هجمات الحوثيين على الإمارات الحوثيين اليمن حرب اليمن

الإمارات تناشد دول العالم تزويدها بمنظومات دفاعية لتقليل ضحايا هجمات الحوثيين

بورصات الإمارات تتراجع تحت ضربات الحوثيين.. والسعودية تنتعش بالنفط

بلومبرج: هجمات الحوثيين ذكرت الإمارات بأن الهروب من اليمن ليس سهلا

الصراع الإماراتي الحوثي يهدد بجر أمريكا لمنطقة مشتعلة

سيناريوهات مقلقة.. الإمارات تواجه قرارات صعبة بعد هجمات الحوثيين