ماكنزي في أبوظبي.. الإمارات نحو توازن دفاعي صعب بين أمريكا وإسرائيل وتركيا

الاثنين 7 فبراير 2022 11:42 ص

"توازن صعب، لكنه ضروري".. هكذا وصف مراقبون مساعي دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرا نحو توسيع تعاونها الدفاعي مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا، رغم ما ينطوي عليه من محاذير وتوازنات صعبة.

وأعلن البلد الخليجي، في أعقاب الهجمات الحوثية التي تعرض لها مؤخرا، عن رغبته في تحديث دفاعاته، رغم أن لديه بالفعل واحدة من شبكة دفاع "متعددة الطبقات لكامل المجال الجوي" ليس للإمارات فقط، بل لدول الخليج الأخرى، حسبما أوردت مجلة "فوربس" الأمريكية.

لكن هجوم 17 يناير/كانون الثاني الماضي، الذي استخدم فيه الحوثيون طائرات من دون طيار وصواريخ كروز، وأسفر عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 6 آخرين، جاء تذكيرا صارخا آخر بالتهديد الذي يمكن أن تشكله الجماعات المقاتلة، التي تمثل جيوشا غير نظامية.

فالأنظمة الدفاعية لدى الإمارات لا تعمل بنجاح كبير مع مسيرات وصواريخ الحوثيين الباليستية، لأنها "ذات مقطع مداري صغير وتتحرك في مسارات غير متعارف عليها"، حسبما نقل موقع قناة "الحرة" الأمريكية عن المحلل الأمني "سمير راغب".

من هنا يقرأ مراقبون زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية بالشرق الأوسط، الجنرال "جون ماكنزي" إلى الإمارات، الأحد، لإجراء محادثات بشأن جهود تعزيز دفاعاتها.

فالجنرال الأمريكي قدم موعد زيارته المقررة رداً على هجمات الحوثيين، على أمل تأكيد التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الإمارات.

ونقلت "رويترز" عن  "ماكنزي" قوله: "إن الصواريخ الباليستية متوسطة المدى التي أُطلقت من اليمن ووصلت إلى الإمارات لم تُبتكر أو تُصنع أو تُصمم في اليمن"، مضيفا: "كل ذلك حدث في مكان آخر. لذلك أعتقد أننا بالتأكيد نرى علاقة إيرانية بهذا الأمر".

ويقول الحوثيون إنهم طوروا صواريخ باليستية وطائرات مسيرة بإمكانات ذاتية وهي ادعاءات دحضتها تحليلات فنية وتقنية لحطام مسيرات وصواريخ أسقطتها دفاعات التحالف العربي بقيادة السعودية.

ولذا دعا سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة "يوسف العتيبة" إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى تزويد بلاده بدعم عسكري قوي للتعامل مع التهديد المتصاعد الذي يمثله الحوثيون، وفقا لما أورده موقع "المونيتور" الأمريكي.

ورغم أن "بايدن" سبق أن أعلن أمريكا لا تنوي الانخراط أكثر في حرب اليمن، إلا أنه أكد، في الوقت ذاته، التزاما بأمن الإمارات والسعودية، وهو ما استدعى برهانا عمليا مع تصاعد هجمات الحوثيين على عمق أراضي البلدين الخليجيين.

وفي هذا الإطار، أعادت الولايات المتحدة تقديم الدعم اللوجيستي والاستخباري للسعودية والإمارات، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، هذا الشهر، نشر الولايات المتحدة طائرات مقاتلة متطورة من طراز "إف-22"، ومدمرة الصواريخ الموجهة (كول) للعمل مع البحرية الإماراتية قبل زيارة ميناء في أبوظبي.

ويدفع إدارة "بايدن" نحو هكذا توجه تحرك السعودية والإمارات نحو الصين لمواجهة بطء الدعم الأمريكي لدعمها دفاعيا، والتي أثارت قلقا أمريكيا، خاصة بعد الإعلان عن برنامج سعودي لتصنيع الصواريخ الباليستية بمساعدة صينية.

كما اكتشفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الصين كانت تبني سراً ما اشتُبه أنه قاعدة عسكرية في ميناء بالإمارات، وفقا لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".

غير أن الجيش الأمريكي يصف إسناده للإمارات بأنه "مساعدة ثنائية دفاعية، وليس دعما للتحالف الذي تقوده السعودية".

كما أعلن "ماكنزي"، الإثنين، أن الولايات المتحدة ستزود طائرات "إف-22" الإماراتية "بواحد من أفضل رادارات المراقبة في العالم"، القادرة على تحديد الأهداف، ومنها صواريخ كروز الهجومية البرية والطائرات المسيرة، مشيرا إلى أن المدمرة "كول" ستعمل في المياه حول الإمارات وستراقب شحنات البضائع المهربة.

ومن الإعلانين الأمريكيين، يمكن قراءة استهداف الدعم الأمريكي لتحديد أماكن منصات الصواريخ وقواعد الطائرات المسيرة فقط، دون أي إسناد لهجمات على الحوثيين عموما.

ووفق هكذا معطيات، فإن إدارة "بايدن" لا تزال ملتزمة بعدم دعم التحالف الذي تقوده السعودية، وتدعمه الإمارات، في حرب اليمن.

وإزاء ذلك، فمن المرجح ان تستمر إدارة "بادين" في إيقاف عدد من مبيعات الأسلحة الأجنبية الكبرى إلى الإمارات، والتي بدأها الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، بما في ذلك صفقة بقيمة 23 مليار دولار مقابل تقديم 50 طائرة مقاتلة ومتقدمةً، من طراز "إف-35".

وأمام هكذا واقع، يدفع الوضع الراهن أبوظبي إلى مزيد من تعزيز العلاقات مع تل أبيب، خاصة على صعيد التعاون الدفاعي، ولذا أفاد رئيس شركة "سكاي لوك" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع بأن الإمارات طلبت دعمها العاجل بعد الهجوم الحوثي، وفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.

ونقل "فوربس" تقارير عن سعي الإمارات للحصول على أنظمة دفاع جوي إسرائيلية في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها، وآخرها الهجوم الذي وقع أثناء زيارة تاريخية للرئيس الإسرائيلي "إسحق هرتسوج"، الأحد الماضي.

ويشير "ستيفن رايت"، من قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة في الدوحة، إلى أن "كل الأسباب تدفع إلى للاعتقاد بأن الإمارات ستنظر في شراء نظام القبة الحديدية وتفكر في كيفية التعاون الدفاعي مع إسرائيل لحمايتها من إيران والحوثيين"، وفقا لما نقله موقع قناة "الحرة" الأمريكية.

وأفاد تقرير للقناة الـ13 الإسرائيلية بوجود "مباحثات جارية لبيع عدد من أنظمة التسليح للإمارات، التي يمكنها التحذير من الصواريخ واعتراضها"، مشيرا إلى أن بيع نظام "القبة الحديدية" للإمارات قد يمثل "بدايات نظام دفاع إقليمي من شأنه أن يساعد في إعطاء إسرائيل تحذيرا مسبقا من أي هجوم محتمل من جانب طهران".

وأكد التقرير أن إسرائيل لم تتخذ قرارا بعد بشأن بيع هذا النظام إلى الإمارات، إذ تخشى تل أبيب من تسرب "تكنولوجيا" هذا النظام إلى دول أخرى من جانب، وتتحسب لاحتمال شن الحوثيين هجمات مشابهة ضد أهداف إسرائيلية في إيلات، وفقا لمحللين في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان".

لكن مقربين من دوائر الاستخبارات والأمن الإسرائيلية، بينهم المحلل العسكري "ألون بن دافيد"، يرجحون رفض الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بيع الإمارات منظومات دفاعات جوية، أبرزها "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، وفقا لمقال نشره بصحيفة "معاريف" العبرية.

غير أن تلك الدوائر تؤكد أن التعاون بين الجانبين سيتعمق في المستقبل القريب من خلال إبرام صفقات أسلحة، وإقدام إسرائيل على تزويد الإمارات برادارات عسكرية، ومنظومات صاروخية دفاعية ومنظومات ليزر لاكتشاف الطائرات المسيرة، خاصة أنه تجرى بين الطرفين ومنذ وقت طويل مباحثات بشأن إبرام صفقات أسلحة.

ورغم تجاوب أبوظبي إيجابا مع تعميق التعاون العسكري مع تل أبيب، إلا أن سعيها نحو هامش توازن أعلى في علاقاتها الدفاعية بدا واضحا، بتوسيع مباحثاتها بشأن استيراد منظومات عسكرية.

فإدارة "بايدن" تفرض قيوداً على مبيعات الأسلحة للإمارات بسبب الحرب في اليمن من جهة، والعلاقات الإماراتية - الصينية من جهة أخرى، وإزاء ذلك أبرمت أبوظبي صفقة ضخمة مع فرنسا لشراء 80 طائرة "رافال" المتطورة، في خطوة فسرت على أنها رغبة إماراتية في تنويع مصادر السلاح.

وبعد ساعات من الهجمات الحوثية، يوم 31 يناير/كانون الثاني الماضي، بحث وزير الدولة الإماراتي لشؤون الدفاع "محمد بن أحمد البواردي"، مع السفير التركي في أبوظبي "توجاي تونشير"، سبل تطوير التعاون العسكري بين البلدين.

وفي ظل التعقيد الأمريكي والرفض الإسرائيلي، تبدو تركيا خياراً مناسباً لأبوظبي للحصول على تقنيات دفاعية، خاصة في ظل الزيارة المنتظرة للرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إلى أبوظبي، في 14 فبراير/شباط الجاري.

ومن المنتظر أن ترقى الزيارة بعلاقات البلدين إلى مستوى أعلى، خاصة أن تلك العلاقات تواصل النمو بشكل متصاعد منذ فتح صفحة جديدة بينهما، بلغ حد التعاون في المجالات العسكرية، بعد أن شهد طفرة ملموسة اقتصادياً.

ولدى تركيا الكثير لتقدمه إلى الإمارات في هذا الصدد، إذ يمكن أن تشكل صناعاتها الدفاعية مفتاحاً لنمو العلاقات، خاصة طائراتها المسيرة.

وخلال السنوات الخمس الماضية تحديداً شهدت الصناعات العسكرية التركية تطوراً ملحوظاً، لا سيما في المجالات الدفاعية منها، وخلال العام الماضي وحده نمت صادرات الدفاع والطيران العسكرية التركية بنحو 47.7%، كما ارتفع عدد الشركات التركية في قائمة "أفضل 100 شركة للصناعات الدفاعية" الأكثر شهرة عالمياً إلى المرتبة السابعة.

وأصبحت تركيا منافساً عالمياً على صعيد قطاع الطيران المسيرة عبر مقاتلتها "بيرقدار"، التي تستخدم حالياً في عدد من الدول مثل قطر وليبيا وأوكرانيا وبولندا.

لكن السلاح الذي يمثل أهمية آزفة للإمارات في مواجهة صواريخ ومُسيرات الحوثيين هو منظومة (حصار أو+) التي دخل الخدمة بالجيش التركي فعليا في يوليو/تموز الماضي.

وتأتي تلك المنظومة ضمن فئتين مختلفتين، الأولى يصل مداها إلى 15 كيلومترا، والثانية إلى 25 كيلومترا، وتعمل بالتوجيه بالأشعة تحت الحمراء، حيث يمكن لنظام تشغيلها الكشف عن الأهداف وتتبعها على مسافة من 40 إلى 60 كيلومترا، فضلاً عن إمكانية تتبعها لأكثر من 60 هدفاً في آن واحد.

وفي السياق، يشير الخبير التركي في مجال الدفاع "محمد أكمان"، إلى فعالية طائرات "كارجو" الانتحارية، التي تنتجها شركة STM لصناعة الطائرات المسيرة، وفقا لما أورده موقع "الخليج أونلاين".

غير أن الخبير التركي أشار إلى أن "إسرائيل وأمريكا لديهما حضور قوي في الصناعات الدفاعية الإماراتية، وهو أمر يسبب مشكلة مهمة في العلاقات الدفاعية التي ستبنيها الإمارات مع تركيا، لأن أمريكا تفرض عقوبات على الصناعات الدفاعية التركية".

كما أن تقارب الإمارات وتركيا وعر ومليء بعدم اليقين على خلفية النزاع الإقليمي بينهما، الذي وصل إلى حد المواجهة العسكرية، عبر وكلاء، في ليبيا.

ولذا ستكون زيارة الرئيس التركي المقبلة إلى الإمارات حاسمة في تحديد المدى الذي سيخطه مستوى التعاون الدفاعي بين البلدين.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الإمارات أمريكا إسرائيل تركيا القبة الحديدية الحوثيين

بعد هجمات الحوثي.. ماكينزي يبحث في الإمارات التعاون الدفاعي والعسكري

ماكنزي: سنرسل سربا من مقاتلات إف-22 إلى الإمارات بعد أسبوع

اتفاق إماراتي إسرائيلي لتأسيس مركز أبوظبي لطب الكوارث والأزمات

دوي انفجار عنيف يضرب أبوظبي.. وسفارة واشنطن تحذر من هجوم محتمل

سلاح إسرائيلي على أبواب الإمارات.. قوة ردع أم تأجيج لنيران الحوثي؟

سلاح مضاد للمسيرات.. إسرائيل توافق على بيع الإمارات منظومة رافائيل للدفاع الجوي

مصادر استخباراتية: الإمارات وإسرائيل شكلتا خلية أمنية تركز على مضيق باب المندب