اتهامات بالتشيع تلاحق سعيد بعد استعانته بمفكر فارسي لتبرير حملته ضد القضاء

الاثنين 14 فبراير 2022 05:48 ص

لم يكن استشهاد الرئيس التونسي "قيس سعيد"، بالعالم الراحل "ابن مسكويه" (932-1030)، والإدعاء بأنه عالم عربي، ليمر دون انتقادات واسعة، حيث اتهمته المعارضة بالسير نحو إيران والتشيع.

وخلال اجتماع مجلس الوزراء، السبت، أعلن "سعيد" حل المجلس الأعلى للقضاء، زاعما أنه وظيفة خاضعة للسلطة التنفيذية، وليس سلطة مستقلة.

وفي إشارة إلى من قال إنهم "يدعون العلم في بعض وسائل الإعلام"، برر "سعيد" قراره: "أريد أن أحيلهم إلى ما كتب عن هذه المسألة في الفكر العربي، وليعودوا إلى رسالة العدل ابن مسكويه، لينظروا في ماهية العدل وكيف يتحقق العدل"، واصفا من يقدمون أنفسهم على أنهم خبراء، بـ"المأجورين".

الغريب أن "سعيد" قدم "ابن مسكويه"، على أنه عالم عربي، رغم أنه فارسي الأصل، وهو مؤرخ بحاث، أصله من الري، وسكن أصفهان وتوفي بها، واشتغل بالفلسفة والكيمياء والمنطق مدة، ثم أولع بالتاريخ والأدب والإنشاء.

وأثار خطاب "سعيد" جدلا سياسيا، حيث استنكر الحزب الدستوري الحر ما سماه "استناد رئيس سلطة تصريف الأعمال إلى فكر فيلسوف إيراني شيعي مرتبط بدولة البويهيين، التي حكمت غرب إيران والعراق خلال حقبة من التاريخ، واعتباره مرجعا في مجال إرساء العدالة وإصلاح منظومة القضاء".

وأعرب الحزب عن رفضه توجيه تونس نحو منهج الحكم الإيراني، والزج بها في متاهات القضايا الدولية الشائكة، وتطويعها لخدمة محاور إقليمية، مهما كان نوعها، ومهما كان المقابل من وراء ذلك.

كما رفض الحزب، استناد "سعيد" إلى أسس دولة الخلافة، عند طرح رؤى الإصلاح في مختلف المجالات.

كما نددت رئيسة الحزب "عبير موسي"، في وقفة احتجاجية بالعاصمة، بالقول إن "تونس انتقلت من الإسلام السياسي الإخواني (في إشارة لحركة النهضة) إلى الإسلام السياسي الإيراني". 

وانتقدت لجوء "سعيد" للاستفادة من "ابن مسكويه"، الذي اعتبرت أنه "شخصية متشددة دينيا وتحمل أفكارا متطرفة".

كما انتقد إعلاميون وناشطون، إصرار "سعيد" على الاستعانة دوما بشخصيات من التراث العربي والفارسي للتسويق لأفكار اعتبروا أنها "لا تتوافق مع الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه تونس في الوقت الحالي".

وندد الإعلامي "عبدالوهاب الهاني"، بتحول مجالس الوزراء في تونس إلى "غرفة تسجيل القرارات الشفوية لرئيس الجمهورية وإكسائها الصبغة التنفيذية المراسيمية الشكلانية (…) وانحراف المجلس إلى دروس تاريخ خصوصية منتقاة لتبرير القرارات الرئاسية، باستحضار روح الباي الملك المطلق الذي فوض سلطة القضاء للقضاة بمنة منه".

كما انتقد "إغراق الدردشة الاستهلالية للمجلس في استحضار الأرواح لكتاب النصوص التاريخية من محمد باش حانبة في بداية القرن العشرين إلى ابن مسكويه في القرن العاشر الميلادي، لمعالجة تحديات العصر ومفاهيم العصر حول الفصل والتوازن بين السلطات".

وأشار إلى "تكرار رئيس الجمهورية لمحاولة إسقاط قراءته الخاصة على النص القرآني وتقديمها للقراءة الوحيدة لتوظيفها ضد خصومه ومخالفيه في الرأي، بحصر المرض في مرض القلوب، في حين أن النص القرآني المقدس ذكر المرض بصيغتيه المرض البدني (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) ومرض القلوب (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون). بالإضافة إلى تحريف القرآن بخطأ جسيم قائلا "فإن جنحوا للسلم فاجنح له"، في تحريف صارخ للآية الكريمة الثابت نصها بكل القراءات (وإن جنحوا للسلم فٱجنح لها وتوكل على ٱلله، إنهۥ هو ٱلسميع ٱلعليم".

ولـ"سعيد" خلال الأشهر الماضية، عدة تجاوزات لاقت انتقادات واسعة بين الناشطين الذين انتقدوه من قبل بـ"تحريف القرآن".

كان آخر هذه التجاوزات كلمة لـ"سعيد"، الشهر الماضي، استخدم فيها عبارة "اقرأ باسم حزبك الذي خلق.. خلق الإنسان من ورق".

وفي أغسطس/آب الماضي، أثار "سعيد" جدلا مماثلا، حيث استشهد بقول معروف على أنه "آية قرآنية"، حين قال: "ليتذكروا قوله سبحانه وتعالى (قل الحق ولو كان على نفسك)"، مضيفا إلى ذلك: "أين هم من الإسلام ومن مقاصد الإسلام؟".

وكتب مغردون تعليقات ساخرة من "هفوة" الرئيس التونسي المعروف بتمكنه من القانون واللغة العربية.

وكان المفكر التونسي "أبويعرب المرزوقي"، أثار جدلا واسعا قبل عامين، بعدما نعت "سعيد" بـ"دمية إيران"، منتقدا أفكاره التي قال إنه تؤيد إيران ومعسكر الممانعة في العالم العربي.

وتعيش تونس أزمة سياسية حادة منذ قرار "سعيد" في 25 يوليو/تموز الماضي، إثر تجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة "هشام المشيشي"، ضمن إجراءات استثنائية لمواجهة تدهور الاقتصاد والفشل في إدارة أزمة جائحة كورونا.

ورفضت غالبية الأحزاب، وبينها حركة "النهضة" الأكبر تمثيلا في البرلمان، تلك القرارات، واعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، فيما أيدها البعض الآخر ورأى فيها "تصحيحا للمسار".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

قيس سعيد تونس انقلاب قيس سعيد مجلس القضاء إيران ابن مسكويه

القضاة التونسيين: استحداث مجلس قضاء مؤقت غير دستوري

تونسيون: حل سعيد مجلس القضاء شماعة لتغطية الفشل