مخلفات جيوش ومتفجرات "داعش".. هل باتت الألغام بالعراق أزمة بلا حل؟

الاثنين 14 فبراير 2022 04:07 م

خفضُ التمويل الدولي، والفساد، ثنائية امتزجت في العراق لتشكل بعدا ثالثا تحول إلى جدار كبير يمنع البلاد من رؤية مستقبل بلا ألغام أو متفجرات تحصد الأرواح وتعيق التنمية وإعادة الإعمار، لاسيما في المناطق التي تم انتزاعها من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية".

ما سبق كان خلاصة تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" عن أزمة الألغام في العراق، والتي قالت إنها أزمة في طريقها لأن تكون عصية على الحل، للأسباب السابقة.

وتنقل المجلة عن "عمر حسام"، رئيس فريق عمل منظمة "هالو ترست" والمتخصصة في إزالة مخلفات الحروب، قوله إنه في بعض الحاويات التي ترفعها المنظمة من العراق يوجد نحو 20 لترا من المتفجرات، وهي شحنة كافية لقتل عدة أشخاص، أو تحطيم عربة مدرعة.

ويضيف "حسام" أن ما يزيد عمل هذه المنظمة صعوبة أن تلك الحاويات المتفجرة "في كل مكان تقريبا"، مؤكدا أنهم أزالوا 700 قنبلة من هذا النوع من حقل زراعي واحد في بيجي، وهو موقع من بين العديد من المواقع المشابهة في العراق.

تركة تنظيم "الدولة"

وتقول المجلة إن تنظيم "الدولة"، الذي سيطر على مناطق واسعة من البلاد لعدة سنوات، خبأ "مئات الآلاف من العبوات الناسفة" في كل مكان تقريبا تحت سيطرته، لكن رفع 700 منها فقط احتاج فريق المنظمة إلى العمل لعشرة أشهر.

وتضيف أن الأزمة جعلت العراق واحدا من أكثر بلدان العالم احتواء على المتفجرات، إذ أن البلاد لا تزال تعاني أيضا من عشرات إن لم يكن مئات حقول الألغام المتروكة من الحرب العراقية الإيرانية.

وقالت المنظمة أيضا إنها استخرجت عشرات الأحزمة الناسفة من موقع قريب من مصفاة بيجي، وبعض تلك الأحزمة كان معدا للتفجير لدى أقل ضغط.

ويؤكد التقرير أن الكثير من الأسلحة المعدة للتفجير في هجمات لا تزال ربما مدفونة على الطرقات، مهددة بالانفجار في أي لحظة في المناطق الكثيفة السكان.

ويؤدي استمرار وجود الألغام إلى إعاقة التنمية الاقتصادية وعودة النازحين، وإعاقة الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات الأساسية في العراق.

كما أن أكثر من ربع تلك المتفجرات موجود في مناطق زراعية، مما يمنع المزارعين من استخدام الأرض أو كسب العيش.

وتتسبب هذه القنابل بمزيد من المصاعب الاقتصادية، مما قد يؤدي أيضا إلى إعادة اندلاع القتال والمعارك الأهلية في البلاد، بحسب المجلة.

وتم حتى الآن تسجيل أكثر من 1100 ميل مربع من الأراضي التي تحتوي متفجرات، لكن جزء صغيرا من هذه المساحات تم فحصه، ويرجح الموقع أن تكون الأراضي "الموبوءة" بالألغام أكبر بكثير.

ويقدر ضحايا المتفجرات خلال العقدين الماضيين بنحو 10 آلاف قتيل ونحو 24 ألف جريح.

تناقص الدعم الدولي

وتنقل "فورين بوليسي" عن، "جيف موينان"، مدير برنامج "هالو ترست" في العراق، قوله إن الحجم الحقيقي للمشكلة يفوق بكثير "الموارد الموجودة" لحلها.

ولكن حتى مع الحجم الهائل لهذه الأزمة، فإن الدعم الدولي آخذ في الانحسار.

وتقوم العواصم الغربية بإعادة ترتيب علاقاتها مع بغداد، في حين يشعر الدبلوماسيون بإحباط متزايد من فشل السلطات العراقية في الوفاء بوعود الإصلاح، بحسب المجلة، والأثر غير المباشر لذلك هو أن مجموعات إزالة الألغام تواجه قدرا من الدعم يتضاءل باستمرار.

ولم ينصب تنظيم "الدولة" الألغام بعد احتلاله للأراضي فحسب، بل إنه عندما فقد السيطرة، صنع متفجرات وفخخ الهواتف المحمولة وجرار المخللات ولعب الأطفال لزيادة التدمير وإعاقة تقدم القوات إلى المناطق المحررة، والكثير من هذه المتفجرات لا تزال موجودة.

وبين عامي 2014 و2015، زاد التمويل الغربي لإزالة الألغام، والتوعية بالمخاطر، ومساعدة الضحايا في البلاد بأكثر من 40%، حيث ارتفع من 36 مليون دولار إلى ما يقرب من 52 مليون دولار، وفقا لمرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية.

وقد بلغ هذا المبلغ ذروته في عام 2017، بأكثر من 203 ملايين دولار، لكنه تقلص منذ ذلك الحين - في آخر إحصاء، وتراجع إلى ما يقرب من نصف هذا المبلغ.

وتنقل المجلة عن "ميشيل رينتينار"، السفير الهولندي لدى العراق، الذي تعد بلاده من المانحين الرئيسيين لمهام إزالة الألغام، قوله إن "المساعدات للعراق تتناقص بشكل عام وليس فقط من حيث إزالة الألغام، وفي السنوات القليلة المقبلة، ستتغير العلاقة بين المجتمع الدولي والعراق".

فساد الدولة العراقية

وفي القطاع الخاص، قال بعض المانحين إنهم يأملون في أن يحفز خفض الأموال بغداد على تغطية المزيد من تكاليف الرعاية والتنمية.

وقبل كل شيء، هناك شعور بأن الدولة العراقية – التي تمتلك عائدات نفطية هائلة ومع ذلك تعاني من الفساد - ينبغي أن تتحمل المزيد من المسؤولية، بحسب الموقع.

ونقلت عن السفير قوله: "هذه إحدى النقاط الرئيسية في مناقشاتنا مع السلطات العراقية، يجب أن تخصصوا ميزانيات أكبر لهذا الأمر، ولن يمول المجتمع الدولي، إلى ما لا نهاية، بلدا يضخ مليار دولار من النفط من الأرض كل أسبوع".

وتأمل الولايات المتحدة أيضا في تسليم العصا إلى بغداد، لكنها تعهدت في الوقت الراهن بالحفاظ على المستويات الحالية لدعمها إزالة الألغام في العراق.

وسجل هذا الدعم انخفاضا كبيرا من أكثر من 107 ملايين دولار في عام 2018، إلى 40 مليون دولار في عام 2020، وفقا لأحدث بيانات مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية.

سوء التوزيع

وفي حين استفادت المناطق الشمالية والغربية التي كان يسيطر عليها تنظيم "الدولة" سابقا من التطهير لعدة سنوات حتى الآن، لم يول أي اهتمام يذكر للجنوب.

وتعاني تلك المنطقة من كميات هائلة من التلوث بالمتفجرات وحقول الألغام المضادة للدبابات والأفراد، فضلا عن الذخائر التي أطلقتها مختلف القوات الجوية والأرضية التابعة للجيوش المتصارعة منذ الثمانينات.

وتختتم المجلة تقريرها بالقول إنه في الوقت الذي يقوم فيه العاملون في المجال الإنساني بإزالة آلاف المتفجرات كل عام، فإنهم يقدرون أن تطهير العراق سيستغرق عقودا.

وإذا انخفض الدعم، فإن هذا الإطار الزمني سيكون أطول.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الألغام في العراق ألغام متفجرات الفساد في العراق تنظيم الدولة داعش مخلفات الحروب

العراق يعلن مقتل قيادي من داعش وأحد مساعديه في الأنبار

الألغام قاتل صامت يحصد أرواح العراقيين

8.5 ملايين عراقي يعيشون وسط ألغام مميتة

مرصد عراقي: الحدود مع إيران مفخخة بـ 25 مليون لغم.. وهذه أسباب تعذر إزالتها