حكومة برأسين.. هكذا تغيرت قواعد اللعبة في المشهد الليبي

الجمعة 18 فبراير 2022 11:57 م

تصاعدت الاضطرابات السياسية في ليبيا مرة أخرى بعد أن صوت مجلس النواب في طبرق على إقالة رئيس الوزراء "عبدالحميد الدبيبة" ليعين بدلًا عنه وزير الداخلية في الحكومة السابقة "فتحي باشاغا" والذي كان مسؤولا رئيسيا عن صد هجوم الجنرال "خليفة حفتر" على طرابلس في عام 2019.

وقالت مصادر إن التصويت لم يكن شفافًا وتم عبر رفع الأيدي بعد أن غادر عدد من النواب الجلسة.

وعلاوة على ذلك، لم تكن هناك قائمة رسمية بالنواب الحاضرين.

وكان من المفترض أن يستمر "الدبيبة" حتى الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، لذلك اعتبر برلمان طبرق أن "الدبيبة" استنفد الوقت المسموح له في هذا المنصب. 

ولكن يبدو أن حكومة "الدبيبة" لن تتنحى حتى 20 يونيو/حزيران 2022 وفقا للقواعد التي ذكرها "منتدى الحوار السياسي الليبي" والذي يري أن ولاية "الدبيبة" يجب أن تدوم حتى يتم تشكيل حكومة منتخبة.

وأمام هذه التطورات، قد يصبح لدى ليبيا حكومتان مرة أخرى كما حدث من عام 2015 إلى عام 2020، عندما تولت حكومة شكلها مجلس النواب في مدينة البيضاء الشرقية بقيادة رئيس الوزراء "عبدالله الثني"، في حين تولت حكومة أخرى معترف بها دوليًا في العاصمة طرابلس بقيادة "فايز السراج".

هل سيتجدد الصراع؟

أثارت هذه التطورات مخاوف تجدد المواجهات المسلحة بين الميليشيات في غرب ليبيا وقوات "حفتر" في الشرق.

ومع ذلك، فإن هذا الاحتمال مستبعد للغاية.

أولًا، أصبح الشرخ الظاهر بين ليبيا الشرقية والغربية أكثر تعقيدًا.

وتشير حقيقة أن "حفتر" دعم مناورة "عقيلة صالح" بتعيين "باشاغا" كرئيس للوزراء إلى استراتيجية أعمق.

فمن خلال التحالف مع صانع قرار سياسي قوي في غرب ليبيا مثل "باشاغا" (وهو من مصراتة) بالإضافة إلى الإشراك المحتمل لشخصية مهمة أخرى من مسقط رأسه، مثل نائب رئيس الحكومة السابقة "أحمد معيتيق"، يمكن لـ"حفتر" بهذه الطريقة كسر الجبهة الغربية ضده وتحويل القوى المعنية إلى جانبه.

وتهدف هذه الاستراتيجية إلى خلق الظروف المناسبة لـ"حفتر" كي يحكم بالوكالة في طرابلس، وهو منصب فشل في الحصول عليه عسكريًا مع هجومه في أبريل/نيسان 2019.

لكنه لن ينجح في استراتيجيته هذه إلا إذا تحالف بشكل قوي مع الميليشيات في طرابلس ومصراتة، وهو الأمر الذي ما يزال مستبعدا.

ومن المرجح أن يحدث عكس ذلك حيث أن الميليشيات المحلية تتفاعل سلبًا مع الحكومة الجديدة.

ومع ذلك، حتى لو تحولت الميليشيات ضد الحكومة التي يقودها "باشاغا"، فربما يكون لاستراتيجية "حفتر" بعض الآثار.

ويمكن أن تكون الحكومة البديلة شوكة حقيقية في خاصرة حكومة "الدبيبة" ويمكن أن تمنعه ​​من إعادة هيكلة الدولة الليبية وتهيئة الطريق للانتخابات.

وستواجه الجهات الفاعلة الدولية التي تدعم حكومة "الدبيبة" مزيدا من الضغوط.

وبالتالي، يُتوقع أن يكون "حفتر" و"عقيلة صالح" قريبًا الفائزين بطريقة أو بأخرى، حيث سيحصل الثنائي على موقف قيادي في الجيش الليبي الجديد وسوف يُعطي "صالح" دور رئيس البرلمان القوي لفترة أطول بكثير من المتوقع.

وهاتان النتيجتان هما مقصد "حفتر" و"صالح" من دخول المجال السياسي منذ البداية.

بالطبع، قد يستجيب "الدبيبة" للوضع من خلال الاستسلام والسماح لـ"باشاغا" بدخول العاصمة طرابلس كرئيس وزراء ليبيا، لكن هذه هي أيضًا نتيجة غير محتملة.

وفي كلتا الحالتين، سيتعين على "الدبيبة" التفاوض لأن المواجهة المسلحة لا تخدم مصالحه ولا مصالح مؤيديه.

دور الأطراف الدولية

الكرة الآن في ملعب الجهات الفاعلة الدولية التي لعبت دورًا في الأزمة الليبية، حيث يمكنهم الالتزام بدعم "الدبيبة" في التفاوض مع حكومة "باشاغا" الجديدة.

ومع ذلك، من الصعب تصديق أن الولايات المتحدة وإيطاليا ستعارضان تعيين البرلمان الليبي لرئيس وزراء بعد أن أعربوا لسنوات بأن مشاكل البلاد يجب حلها من قبل الشعب الليبي.

ولا شك أن الكثير من الزخم خلف مناورات "صالح" و"حفتر" تم تدبيره محليا من قبل الطبقة السياسية الليبية ما بعد "معمر القذافي"، لكن حاجة كل ممثل محلي لدعم حليف خارجي قوي تجعل من السذاجة استبعاد وجود دعم أو تدخل خارجي أو حتى ضغوط من الجهات الفاعلة الدولية.

أما الجديد في هذه الأحداث الأخيرة في ليبيا فهو إعادة تموضع الجهات الأجنبية.

ووفقًا للمصادر، فإن المؤيدين الرئيسيين لكتلة "صالح-حفتر-باشاغا" هم فرنسا وقطر (فيما يعد مفاجئًا) جنبًا إلى جنب مع مصر (وإن كانت على مضض).

أما الأكثر إثارة للدهشة، فأن الداعم الرئيسي لـ"الدبيبة" يُزعم أنها الإمارات إلى جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة وإيطاليا والمملكة المتحدة.

وسوف تكشف الأيام القليلة القادمة كيف سيتطور هذا الوضع المعقد.

ولا يبشر ذلك بالخير لليبيا والشعب الليبي لأن النتيجة المحتملة للمفاوضات - أو الصفقات بشكل أكثر دقة - بين هذه الجبهات ستتعني استمرار فئة سياسية فاسدة كليبتوقراطية مع مزيد من نهب موارد الدولة وإفقار الشعب الليبي.

المصدر | كريم مزران/ أتلانتك كاونسل. - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ليبيا باشاغا الدبيبة عقيلة صالح إقالة الدبيبة الأزمة السياسية الليبية حفتر الجيش الوطني الليبي