قتيلان وقذائف وخروقات.. هل أطلق الانفصاليون شرارة حرب روسيا على أوكرانيا؟

السبت 19 فبراير 2022 05:23 م

باتت الحرب الروسية على أوكرانيا قريبة أكثر من أي وقت مضى، فالتطورات الميدانية التي عرفتها نقط التماس المتوترة بين الجارتين والتصعيد الذي يقوم به الانفصاليون المدعومون من روسيا خلال السويعات الأخيرة، تجعل تلك الحرب باتت بالفعل قاب قوسين أو أدنى.

وتغيرت نبرة الجميع حول تلك الحرب المحتملة، فبعدما كانت تتمحور حول التحذير منها وتداعياتها ومخاطرها، أصبحت تتناول الطريقة التي ستبدأ بها، والمبررات التي ستسوقها روسيا للدفاع عن نفسها ولتبرير فعلتها، لا سيما بعد إعلان موسكو سقوط قذائف من أوكرانيا على أراضيها، وسط نفي من كييف.

وخلال الساعات الأخيرة تبادلت أوكرانيا والانفصاليون المدعومون من روسيا الاتهامات بشأن خرق وقف إطلاق النار، إذ ذكر الجيش الأوكراني أن الانفصاليين في دونباس خرقوا وقف إطلاق النار 78 مرة، في وقت اتهمه فيه الانفصاليون بخرقه 31 مرة.

كما قُتل جنديان أوكرانيان وسط تبادل للقصف مع الانفصاليين بإقليم دونباس، مع تواصل إجلاء آلاف المدنيين من الإقليم إلى روسيا.

ووسط هذه الأجواء، يتخوف مراقبون من انطلاق شرارة عملية عسكرية روسية وسط احتداد أعمال العنف في هذه المنطقة التي تشهد صراعا منذ نحو ثماني سنوات.

وأكدت وسائل إعلام أوكرانية مقتل جندي أوكراني في دونباس، وذلك بعد ساعات من إعلان مقتل جندي آخر بسبب قصف مدفعي للانفصاليين.

كما أفادت تقارير عالمية بسقوط قذائف أثناء تفقد وزير الداخلية الأوكراني خط الجبهة بدون وقوع إصابات، كما ذكر مراسل الجزيرة أن وفدا برلمانيا أوكرانيا تعرض للقصف أثناء زيارته للجبهة.

وذكر الإعلام الأوكراني أنه تم إجلاء مسؤولين أوكرانيين وصحفيين أجانب خلال زيارة لمناطق الصراع بعد قصف نفذه الانفصاليون.

الحكومة الأوكرانية وصفت ما يحدث من قبل الانفصاليين بالاستفزاز، رافضة بقوة ادعاءات روسية بأن كييف تعتزم شنّ هجوم شرقي أوكرانيا.

من جهتها، قالت وكالة "تاس" إن قذيفتين سقطتا على الأراضي الروسية على الحدود مع إقليم دونباس.

وكان الانفصاليون المدعومون من روسيا أعلنوا من جانب واحد استقلال مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك في دونباس عن أوكرانيا في ربيع 2014.

وتقع منطقتا دونيتسك ولوهانسك في حوض دونباس الشرقية التي مزقتها النزاعات والمحتلة جزئيًا من قبل الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014.

وتوترت العلاقات بين كييف وموسكو، على خلفية ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية إلى أراضيها بطريقة غير قانونية في 16 مارس/آذار 2014، ودعمها الانفصاليين الموالين لها في "دونباس".

وتزامنا مع هذا التصعيد الميداني الذي يقوده الانفصاليون المدعومون من روسيا، قالت المخابرات الأوكرانية إن الكرملين يستمر في اتهام أوكرانيا بأعمال غير قانونية لتبرير "تصعيد العدوان المسلح".

فيما قال وزير خارجية أوكرانيا "دميترو كوليبا" عقب لقائه نظيره الأمريكي "أنتوني بلينكن": "نثمن مشاركتنا بيانات وتقييمات بشأن خطط روسيا العدوانية".

وبينما لم يذكر الوزير الأوكراني مزيد من التفاصيل عن تلك البيانات، نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين بحلف الناتو أن التقديرات تشير إلى وجود 190 ألف جندي روسي، نصفهم في وضعية هجومية قرب أوكرانيا.

وأضافت وسائل الإعلام أن روسيا حشدت ما يقرب من 50% من قواتها بوضعية الهجوم حول أوكرانيا، موضحة أن القوات موجودة في مواقع هجومية أكثر مما كان معروفا من قبل، مما يشير لاحتمال مهاجمة أوكرانيا دون سابق إنذار.

وكشفت عن وجود نحو 125 كتيبة تكتيكية روسية قرب الحدود مع أوكرانيا.

إجلاء المدنيين

من جهتها؛ أعلنت النمسا وألمانيا أنها تنصح جميع مواطنيها بمغادرة أوكرانيا فورا، في إشارة إلى اقتراب ساعة الحرب.

وفي السياق، تحدثت مصادر متطابقة عن حركة إجلاء كبيرة للمدنيين عبر المعبر الفاصل بين دونيتسك والأراضي الروسية، وقالت سلطات دونيتسك الانفصالية إنها أجلت أكثر من 13 ألفا و500 مدني إلى الأراضي الروسية.

من جانبه، قال الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، إنه مقتنع بأن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" اتخذ بالفعل قرار اجتياح أوكرانيا، وإن الهجوم قد يحدث في "الأيام المقبلة".

وقال "بايدن" إن التقييم استند إلى معلومات المخابرات الأمريكية التي أشارت إلى استهداف العاصمة كييف، مشيرا غلى أن قرار نظيره الأوكراني "فلاديمير زيلينسكي"، مغادرة بلاده وسط التوتر مع روسيا "قد لا يكون حكيما".

وجاءت تصريحات "بايدن" عقب اجتماع هاتفي، استمر 45 دقيقة، عقده مع قادة كل من كندا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، وحلف الناتو، والمفوضية الأوروبية، والمجلس الأوروبي لبحث "احتمالية استمرار العدوان الروسي على أوكرانيا".

فيما، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، السبت، إن "روسيا اتخذت القرار على ما يبدو وتتحرك لمواقع تمكنها من شن هجوم على أوكرانيا".

وفي إشارة إلى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، قال "أوستن"، في مؤتمر صحفي من ليتوانيا، "إذا نظرت إلى الموقف الذي يتبناه اليوم، فمن الواضح أنه اتخذ قرارا وأنهم يتحركون إلى المواقع الصحيحة لشن هجوم"، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

تعليق رحلات طيران

بدورها، بدأت شركات طيران أوروبية تعليق رحلاتها الجوية إلى أوكرانيا، بينها شركة الخطوط الألمانية، والخطوط الجوية النمساوية .

وفي مؤتمر ميونيخ للأمن، بدا من كلمات القادة المشاركين أن الحرب واقعة لا محالة، فالرئيس الأوكراني نفسه طرح مبادرة استباقية للقاء "بوتين"، بعدما تسلل له شعور بأن الغرب تخلى عنه لا سيما مع عدم اتخاذ خطوة تجاه روسيا، وتمحور الحديث عن فرض عقوبات حال تم الغزو وهو الأمر الذي لا يفيد أوكرانيا.

وأضاف رئيس أوكرانيا في كلمته: "نحتاج لدعم عسكري من أمريكا لمواجهة تهديدات روسيا، ونريد حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية ونحن ممتنون للولايات المتحدة".

أوكرانيا والناتو

وفي انتقاد واضح لتأخر انضمام بلاده لـ"الناتو"، قال رئيس أوكرانيا "فولوديمير زيلينسكي": "يجب أن تكون دول الناتو صادقة فيما إذا كانت تريد انضمام أوكرانيا أم لا، ..لا نفهم سبب عدم انضمامنا إلى الناتو حتى الآن، علينا العمل على تجنب حرب عالمية ثالثة".

ودعا "زيلينسكي" نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" لعقد اجتماع معه، والسعي لحل الأزمة، مضيفا أن روسيا "لها أن تختار موقع المحادثات".

فيما قالت نائبة الرئيس الأمريكي "كمالا هاريس": "نتلقى تقارير تؤكد أن روسيا قد تلجأ إلى تلفيق اعتداء لتبرير هجوم على أوكرانيا".

وأضافت: "سنفرض عقوبات اقتصادية مشددة على روسيا إذا قامت بغزو أوكرانيا ونأمل بحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية".

وتابعت: "ردنا على روسيا لن يتوقف عند العقوبات الاقتصادية بل سنعزز وجود الناتو على الجبهة الشرقية لأوروبا، روسيا تستعد لخلق مبررات للتدخل في أوكرانيا.. نشرنا 6000 جندي في رومانيا".

فيما قال الأمين العام للناتو: "نحن مستعدون لتعزيز وجودنا العسكري في الجناح الشرقي للحلف إذا دعت الحاجة، على روسيا أن تعرف جيدا حجم التداعيات التي ستحدث إذا غزت أوكرانيا".

وفي ختام أعمال مجموعة السبع، قال وزير الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك"، إن أوكرانيا لم تفعل شيئا يبرر قرار الانفصاليين بإجلاء المدنيين من المنطقة

فيما أعلن رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون"، أنه "إذا اختارت روسيا اللجوء إلى العنف فسندعم جيش أوكرانيا الذي أصبح أكثر جاهزية،.. ونحن نطالب الكرملن بخفض التصعيد والقبول بالحوار".

وأضاف أن "أكاذيب روسيا حول أوكرانيا مستمرة وهدفها تبرير الغزو".

بدوره، دعا وزير الخارجية الصيني "وانج يي" إلى حل سلمي للنزاع الأوكراني والعودة إلى اتفاقية مينسك بما يحافظ على سيادة واستقلال أوكرانيا.

وفي الوقت نفسه، عارض الوزير مجددا توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) باتجاه الشرق، وقال: "لقد انتهت الحرب الباردة منذ فترة طويلة، وكان الناتو نتاج حقبة الحرب الباردة"، مشيرا إلى أن الصين ترى أن التوسع في الشرق لا يمكن أن يضمن السلام والأمن الدائمين في أوروبا.

وفي المقابل، أكدت وزارة الدفاع الروسية السبت، اكتمال مهام المناورات الاستراتيجية، وقالت إن جميع الصواريخ أصابت أهدافها بنجاح.

ومن مركز قيادة العمليات بوزارة الدفاع في موسكو، أشرف الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، السبت رفقة نظيره البيلاروسي "ألكسندر لوكاشينكو"، على بدء مناورات عسكرية واسعة النطاق، تشمل إطلاق صواريخ باليستية وصواريخ كروز قادرة على حمل شحنات نووية.

وتشارك في هذه المناورات التي ستجري في المنطقة الجنوبية الغربية في روسيا وبحر بارينتس في الشمال الشرقي من البلاد، سفن وغواصات أسطولي الشمال والبحر الأسود، إضافة إلى سلاح الصواريخ الإستراتيجية والقوات الجوية الفضائية.

وتشمل المناورات تنفيذ عمليات إطلاق صواريخ إستراتيجية من مختلف النماذج من السفن والغواصات وكذلك من القاذفات الإستراتيجية، كما أكدت هيئة الأركان الروسية أن المناورات تحاكي استخدام أسلحة هجومية نووية.

وكان الكرملين قال إن الغواصة النووية "كاريليا" أطلقت الصاروخ الباليستي "سينيفا" العابر للقارات خلال مناورات بيلاروسيا، كما جرى إطلاق صاروخ "يارس" الباليستي الإستراتيجي العابر للقارات خلال المناورات الاستراتيجية.

وقالت موسكو إن هذه المناورات لا تهدد أحدا، وتهدف إلى كشف جاهزية القوات الإستراتيجية النووية الروسية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوكرانيا روسيا الأزمة الأوكرانية الأزمة الأوكرانية الروسية الحرب الروسية الغزو الروسي لأوكرانيا

بالطائرات والدبابات والصواريخ الباليستية.. روسيا حشدت 190 ألف جندي لغزو أوكرانيا خلال أيام

رئيس وزراء بريطانيا: روسيا تخطط لأكبر حرب بأوروبا منذ 77 عاما 

أزمة أوكرانيا.. جهود دبلوماسية مكثفة لمنع الحرب بعد التصعيد بين الانفصاليين وكييف

انفصاليو أوكرانيا يعلنون مقتل مدنيين بقصف من كييف

مقتل جندي وإصابة 6 في قصف للانفصاليين شرقي أوكرانيا