حرب أوكرانيا تغير موقفا ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية.. ما القصة؟

الأحد 27 فبراير 2022 09:12 ص

السياسة التقييدية التي اتبعتها ألمانيا، منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بعدم إعطاء السلاح لأي دولة في منطقة نزاع، سببها "أهوال النازية"، التي ولدت نزعة "سلمية متجذرة بعمق" لدى الرأي العام الألماني.

لكن هذا الموقف صار أقل قبولاً على الصعيد السياسي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرنيا.

فأجازت برلين، السبت، تسليم كييف ألف قاذفة صواريخ مضادة للدبابات، و500 صاروخ أرض-جو من طراز "ستينجر"، و"عدة" مدافع "هاوتزر"، وفق ما أعلنت الحكومة.

وعلاوة على الأسلحة المميتة، أعلنت الحكومة الألمانية شحن 14 عربة مدرعة إلى أوكرانيا بالإضافة إلى 10 آلاف طن من الوقود ستنقل "عبر بولندا".

وبرر المستشار الألماني "أولاف شولتز"، هذا التغير في الموقف في بيان، قال فيه إنّ "العدوان الروسي على أوكرانيا يشكل نقطة تحوّل، إنه يهدد النظام الذي نشأ منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية".

وأضاف: "في هذا الوضع، من واجبنا أن نساعد أوكرانيا بقدر ما نستطيع، في الدفاع عن نفسها ضد جيش (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين الغازي".

من الناحية العمليّة، سيتم تسليم قاذفات الصواريخ بواسطة هولندا، ومدافع الهاوتزر بواسطة إستونيا.

وقد اشترت الدولتان هذه المعدات في الأصل من ألمانيا وتحتاجان إلى موافقة برلين لتتمكنا من تسليمها إلى كييف.

تجدر الإشارة إلى أنّ مدافع "هاوتزر" قديمة، وكان يستعملها جيش ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة.

وتعد الخطوة رداً من برلين، على الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها منذ عدة أسابيع لرفضها تصدير مثل هذه الأسلحة، سواء من السلطات الأوكرانية أو من شركاء في الاتحاد الأوروبي، مثل دول البلطيق وبولندا.

وحيّا الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، السبت، قرار برلين، داعيًا المستشار الألماني إلى "الاستمرار على هذا النحو".

وكتب "زيلينسكي"، على "تويتر"، السبت: "ألمانيا أعلنت للتو إرسالها لأوكرانيا قاذفات صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ ستينجر، استمروا على هذا النحو، أولاف شولتز! التحالف المضاد للحرب يتحرك!".

ودخول ألمانيا على خط تزويد أوكرانيا بالأسلحة، رافقه قرار أمريكي بالإعلان عن رفع الدعم العسكري الموجه لأوكرانيا، وقرار بريطاني بإرسال المزيد من الصواريخ.

ويبدو وفق المراقبين، أن مشاهد القصف على العاصمة كييف ومدن أوكرانية أخرى أحرجت الألمان، لتنتقل برلين للصفوف الأمامية في دعم كييف عسكريا، وتشديد العقوبات الاقتصادية على روسيا.

حيث سجلت الحكومة الألمانية السبت، موقفاً متقدماً بتراجعها عن تحفظها تجاه استبعاد روسيا من نظام "سويفت" المصرفي، بعدما رفضت لفترة طويلة استبعاد موسكو من هذا النظام الرئيسي، في المالية الدولية، خشية أن تحرم من إمدادات الغاز والنفط والفحم الحجري الروسي.

ويتيح نظام "سويفت" إجراء معاملات بين بنوك في أنحاء العالم، وهو يجنّب ألمانيا مثلاً الاضطرار إلى دفع ثمن الغاز الروسي نقداً.

بالتوازي مع ذلك، كشفت برلين عن عزمها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية، لافتة إلى إصدار أوامر باتخاذ الترتيبات اللازمة إعداداً لذلك.

كما أعلنت شركة "لوفتهانزا" للطيران، وهي الأكبر في أوروبا، السبت، تعليق جميع رحلاتها إلى روسيا وعبرها لمدة 7 أيام، بسبب غزو الجيش الروسي لأوكرانيا.

وفي صورة معبرة تلخص الموقف الألماني السابق، وضعت صحيفة "تلغراف" البريطانية، صورة للمستشارين الألمان الذين حكموا البلاد منذ عقدين من الزمان "جيرهارد شرودر" و"أنجيلا ميركل" و"شولتز"، في قفص أمام صورة "بوتين"، للدلالة على أن ألمانيا هي حبيسة الغاز الروسي.

فالمستشار الألماني الأسبق "شرودر" أمضى الأشهر الأخيرة الماضية، يدافع وبشراسة على خط "نورد ستريم"، بل انتقد أوكرانيا صراحة وطالبها بالتوقف عن "استعراض العضلات"، قبل أن يتبين أنه انضم لمجلس إدارة شركة "غاز بروم" الروسية.

أما "ميركل"، فظلت تحاول ولسنوات إبقاء أبواب التفاوض مفتوحة مع روسيا، ومحاولة استمالتها بالعلاقات الاقتصادية لتغيير الكثير من مواقفها.

وسبق أن حذرت الخارجية الألمانية، الأوروبيين خلال التدخل الروسي في جورجيا من أن فرض عقوبات شديدة على روسيا "سيغلق أي نافذة للتواصل مع موسكو.

وليس الغاز وحده من يتحكم في هذا النهج المتساهل مع روسيا والقائم على محاولة تحويل روسيا لصديق للغرب.

ففي مقال مطول لكبير الباحثين في الشأن الروسي في معهد "تشاتام هاوس"، يقول "جون لوف"، إن هناك شبكة من العلاقات التجارية والسياسية وحتى الثقافية بين روسيا وألمانيا.

لكنه يشير إلى لعب "بوتين" على حبل الشعور التاريخي لألمانيا، بالذنب منذ الحرب العالمية الثانية، وما زال يستعمل الأمر ورقة إلى الآن.

وبالعودة إلى الدعم العسكري الألماني لأوكرانيا، فاختارت برلين افتتاح دعمها لكييف بصواريخ "ستينجر"، وهي صواريخ دفاع جوية محمولة على الكتف، وتعمل كصاروخ أرض جو بالأشعة تحت الحمراء.

ويمكن تكييف هذا الصاروخ للإطلاق من مركبات أرضية، أو حتى من طائرات مروحية عسكرية، وهي صواريخ "ستينجر جو جو".

ويصل مدى هذا الصاروخ 4800 متر، ويمكن أن يصيب هدفا على علو منخفض في حدود 3800 متر، وهو ما سيجبر الطائرات الحربية على تجنب الطلعات الجوية المنخفضة، التي يقوم بها أحيانا في سماء كييف.

تتوفر عليه 29 دولة في العالم، وهو أمريكي الصنع، إلا أن إنتاجه يتم في ألمانيا وتركيا.

وقد قررت ألمانيا تسليم هذه الصواريخ من خزينة الجيش لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.

وانضمت ألمانيا بذلك للولايات المتحدة وبريطانيا في تزويد أوكرانيا بصواريخ الدفاع الجوية، التي حصلت أوكرانيا على الآلاف منها، وتقول التقديرات العسكرية الأمريكية إن الجيش الأوكراني استخدمها بشكل فاجأ القادة العسكريين الأمريكيين أنفسهم.

ولليوم الرابع توالياً، يواصل الجيش الروسي هجومه العسكري على الأراضي الأوكرانية، حيث تدور معارك عنيفة في العاصمة كييف التي تتعرض لقصف صاروخي واسع.

وطلب الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، من الجيش الأوكراني الاستيلاء على السلطة، قائلا إن هذا الأمر سيجعل المفاوضات أسهل بكثير.

وفرضت الولايات المتحدة ودول أوروبيةٌ عقوبات غير مسبوقة على روسيا، طالت "بوتين" ووزير خارجيته "سيرجي لافروف".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ألمانيا الغزو الروسي لأوكرانيا الحرب العالمية الثانية أولاف شولتز

بسبب غزو أوكرانيا.. ديزني وسوني تعلقان أعمالهما في روسيا

أوكرانيا تطلب دبابات وطائرات وسفنا حربية من ألمانيا

بيع ساعة من الحرب العالمية الثانية بـ 189 ألف دولار.. ما قصتها؟