قفزة أسعار النفط وموازنات دول الخليج.. فوائض مالية يهددها تضخم متوقع

الخميس 3 مارس 2022 09:53 م

مع دخول الحرب على أوكرانيا أسبوعها الثاني، تمسك تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها "أوبك+"، الذي يضم دول النفط الخليجية، برفض الضغوط الأمريكية لزيادة إنتاج الخام للجم الأسعار، في محاولة لتعويض خسائر أعضائها خلال فترة جائحة كورونا.

والأربعاء، مدد التكتل العمل بقرار زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل في اليوم، وهو ما يعزز صعود الأسعار، فيما أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الإفراج عن 60 مليون برميل جديدة من الاحتياطي.

ولما كانت صادرات روسيا وحدها من النفط تقدر بنحو 4 إلى 5 ملايين برميل يومياً، بالإضافة إلى 2 إلى 3 ملايين برميل أخرى من المنتجات المكررة، فقد قفز سعر خام برنت إلى 117.2 دولاراً، الخميس، معززا بتداعيات غزو أوكرانيا، وما تبعه من مخاوف بشأن إمدادات الطاقة.

وهذا هو أكبر ارتفاع لأسعار النفط في 7 أعوام، وسط تصاعد المخاوف في أعقاب فرض عقوبات ضخمة على بنوك روسية، في حين سارع المتعاملون للبحث عن مصادر نفط بديلة في سوق تعاني بالفعل من قلة المعروض.

ومع الانتعاشة المالية التي صبت في صالح دول الخليج مع صعود أسعار النفط خلال المدة الماضية بدافع من تراجع تداعيات الجائحة، صعدت تطورات حرب أوكرانيا بالتوقعات إلى مستويات كبيرة فيما يتعلق بدعم موازنات تلك الدول.

فموازنات دول الخليج، التي تلقت ضربة موجعة خلال العامين الماضيين؛ بسبب تفشي الوباء وتهاوي أسعار النفط، بدأت في التعافي مع تخفيف القيود وزيادة الطلب على الخام واستئناف حركة التنقل.

وأعلنت السعودية بالفعل فائضاً يقدر بـ24 مليار دولار، خلال موازنة العام الجاري، بناء على سعر 72.42 دولاراً للبرميل، فيما ستحقق موازنة البحرين فائضاً هذا العام إذا استمرت الأسعار فوق 106 دولارات.

وفي الكويت، يتطلب تحقيق فائض في الموازنة إلى سعر 65.36 دولاراً، بينما تحتاج سلطنة عمان إلى 60.54 دولاراً للبرميل، وتحتاج دولة قطر إلى 44.09 دولاراً فقط.

وفي هذا الإطار، أوردت صحيفة "عكاظ" السعودية تقريرا، الخميس، مفاده أن القفزة القياسية لأسعار النفط تخدم موازنات دول الخليج التي تعتمد على الخام كمصدر رئيس للدخل، مشيراً إلى أن بعضها سيحقق فائضاً خلال العام الجاري.

وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي "عبدالحافظ الصاوي"، أن ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية ليناهز الـ 120 دولارا للبرميل يعني أن الميزانيات الخليجية من المتوقع أن تودع العجز، وتحقق فائضا ماليا من عوائد النفط.

ويضيف أن الفوائض المالية بدول الخليج قد تمكنها من "الاستغناء عن الديون الخارجية والمحلية، واستعادة ما فقدته من أرصدة احتياطيات النقد الأجنبي".

لكن "الصاوي"، يحذر من وجه آخر لقفزة أسعار النفط قد يطيح بتلك الفوائض المالية المتوقعة.

ويشير إلى أن "الدول النفطية العربية حين تستفيد من ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، فإنها سوف تكتوي بارتفاع معدلات التضخم المستورد، الناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار الطاقة".

ولأن معظم الدول النفطية العربية تعتمد اعتمادا كبيرا على استيراد احتياجاتها من السلع والخدمات، "فسوف تدفع جزءا كبيرا مما حصلت عليه من ارتفاع أسعار النفط، في جانب ثمن السلع والخدمات التي تستوردها"، حسب الخبير الاقتصادي.

وفي هذا الإطار، نقلت وكالة "بلومبرج" عن محللين استراتيجيين، بينهم "فينسينت مورتييه" كبير مسؤولي الاستثمار في أموندي، أكبر شركة لإدارة الأصول في أوروبا، أن "ارتفاع أسعار النفط يعد مصدراً رئيسياً لمخاطر التضخم في وقت يشهد تضخماً عالمياً حاداً بالفعل".

ويقول "دانيال يرغين" مؤلف "الخارطة الجديدة"، وهو كتاب حديث عن سياسات الطاقة، إن "المرحلة التالية هي حرب اقتصادية"، مشيرا إلى أن "النتيجة النهائية لذلك يمكن أن تكون صدمة سلبية كبيرة للاقتصاد العالمي"، وهو ما سينعكس سلبا على اقتصادات دول الخليج بالتبعية.

كما يرى "نيل شيرينج" كبير الاقتصاديين في "كابيتال إيكونوميكس"، أن تراوح سعر برميل النفط بين 120 و 140 دولارًا هذا العام، مع الزيادات المقابلة في أسعار الغاز، يمكن أن يرفع التضخم في الاقتصادات المتقدمة بنقطتين مئويتين إضافيتين، "ما يدفع بالمعدلات في العديد من البلدان، إلى ما يقرب من 10%".

وفي السياق ذاته، يرى "بن لوكوك"، الرئيس المشارك لتجارة النفط في "ترافيجورا"، أن السوق "تدفع علاوة ضخمة مقابل البراميل السريعة.. وسيكون من المستحيل بالنسبة للصناعة، أن توفر نفطًا كافيًا في الوقت المناسب، لوقف المزيد من التضخم".

ويضيف: "هناك الكثير من السيناريوهات، التي سيكون فيها النفط، في الصيف عند سعر 150 دولارًا للبرميل".

ومن زاوية أخرى، عزز صعود النفط أيضا من صعود أكبر منافس له في مجال الطاقة، حيث ارتفعت مخزونات الطاقة المتجددة من أوروبا إلى الصين، وارتفع مؤشر الطاقة المتجددة الأوروبي بأكثر من 10% هذا الأسبوع، في تناقض صارخ مع السوق الأوسع الذي أنهى أسبوعاً آخر في المنطقة الحمراء.

كما صعدت أسهم العديد من شركات الطاقة الخضراء الأمريكية، ومنها "Sunrun Inc"، أكبر شركة للطاقة الشمسية السكنية في البلاد، التي ارتفعت أسهمها بنسبة 22%، الخميس، وهي أكبر نسبة منذ يوليو/تموز 2020.

يأتي ذلك وسط توقعات بأن تعزز اضطرابات إمدادات الطاقة بسبب حرب أوكرانيا الإرادة السياسية لتسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، الأمر الذي يضر اقتصادات دول الخليج على المدى المتوسط والبعيد.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

الخليج أوكرانيا النفط أسعار النفط السعودية الكويت قطر البحرين

السر في أسعار النفط.. كيف تستفيد دول الخليج من الحرب في أوكرانيا؟