ليبيا بين الدبيبة وباشاغا: عودة إلى مطحنة الاستعصاء

الثلاثاء 8 مارس 2022 05:21 ص

ليبيا بين الدبيبة وباشاغا: عودة إلى مطحنة الاستعصاء

هل تتناسب ظروف ليبيا العامة مع وزارة ضخمة من 40 وزيراً وثلاثة نواب لرئيس الحكومة؟

ليس التشتت بين حكومتين هو السبيل الأمثل لفكّ استعصاء يطحن المواطن الليبي بوصفه ضحية الاحتراب الأولى.

كان من المنطقي أن تنتهي الحال إلى استعصاء جديد يعيد البلد لعهد حكومتين متصارعتين واحدة يرأسها فائز السراج والثانية يقودها عبد الله الثني.

وضع يعيد التأزم الليبي لعهد سابق لاح أنه انطوى مع اندحار مشروع حفتر لاجتياح طرابلس عسكرياً والنجاح النسبي الذي قوبلت به مخرجات ملتقى الحوار الوطني.

* * *

في مثل هذه الأيام من العام المنصرم 2021 شهدت حال الاستعصاء السياسي في ليبيا سلسلة من بوادر الانفراج الملموسة مع تصويت البرلمان على منح الثقة لحكومة وحدة وطنية يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بأغلبية 132 نائباً رغم أنها لم تكن بحاجة إلا إلى 90 صوتاً لحيازة الثقة.

ولم تكن تلك إشارة مطمئنة ومدعاة تفاؤل حول الحكومة فحسب، بقدر ما كانت أيضاً تصويتاً إضافياً بالثقة في مخرجات ملتقى الحوار الوطني الذي كان قد انعقد مطلع شباط/ فبراير تلك السنة، وأسفر عن انتخاب سلطة مؤقتة مؤلفة من رئيس للمجلس الرئاسي ونائبين له، واختيار الدبيبة لرئاسة حكومة تتولى إدارة مرحلة انتقالية مكلفة أساساً بالتحضير للانتخابات العامة في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021.

الحكومة كما هو معروف عجزت عن الوفاء بالتزام تنظيم الانتخابات لأسباب ليست وحدها المسؤولة عنها، وبالتالي تنامت أكثر فأكثر خطوط الخلاف والشقاق بين الأطراف الليبية المتصارعة، وخاصة القطب السياسي الذي يمثله رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومن ورائه المشير الانقلابي خليفة حفتر قائد ما يُسمى «الجيش الوطني»، مقابل القوى السياسية والعسكرية التي كان يمثلها فائز السراج وحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.

كذلك تعاقبت إجراءات تصعيد من نوع طرح الثقة في حكومة الدبيبة ومحاولات مرتزقة «فاغنر» الروسية تعكير صفو وقف إطلاق النار والسجالات حول قانونية قبول ملفات هذا أو ذاك من المرشحين للرئاسة، فكان من المنطقي أن تنتهي الحال إلى تفجير استعصاء جديد يعيد البلد إلى عهد حكومتين متصارعتين واحدة يرأسها فائز السراج والثانية يقودها عبد الله الثني.

والخلافات اليوم حول مشروعية حكومة الدبيبة مقابل حكومة شكلها مجلس النواب وعهد برئاستها إلى وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، لا تقتصر على أداء الحكومة الجديدة اليمين القانونية في طبرق مقابل الطعن في شرعيتها ورفض تشكيلها في طرابلس مثلاً.

بل تمتد كذلك إلى موقف الأمم المتحدة الذي يواصل الاعتراف بحكومة الدبيبة، والمواقف الأخرى المنتظرة من العواصم ذات التأثير مثل أنقرة وباريس موسكو والقاهرة والرياض وأبوظبي. وهذا وضع يعيد التأزم الليبي إلى عهد سابق لاح أنه انطوى مع اندحار مشروع حفتر لاجتياح طرابلس عسكرياً، وكذلك مع النجاح النسبي الذي قوبلت به مخرجات ملتقى الحوار الوطني.

إضافة إلى هذا كله، ليس أدلّ على مشهد الانقسام أكثر من التخبط الذي اتسمت به مواقف المجلس الأعلى للدولة إزاء تسمية باشاغا رئيساً للحكومة، فقد صوت 74 عضواً لصالح قرار مجلس النواب، وصوت 54 لصالح استمرار حكومة الدبيبة، بل إن رئيس المجلس خالد المشري أيد في البدء ثم اعترض لاحقاً قبل أن يستقر على اعتبار التسمية إجراء غير سليم.

وليس من الواضح أن ظروف ليبيا العامة، والاقتصادية والمعيشية أولاً، تتطابق مع وزارة ضخمة من 40 وزيراً وثلاثة نواب لرئيس الحكومة، وليس التشتت بين حكومتين هو السبيل الأمثل لفكّ استعصاء يطحن المواطن الليبي بوصفه ضحية الاحتراب الأولى.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ليبيا، باشاغا، الدبيبة، الاستعصاء، مجلس النواب، المجلس الأعلى للدولة، انقسام،

الهدوء يعود لطرابلس بعد تحشيد عسكري لأنصار الدبيبة وباشاغا

خلافات قانونية حول إغلاق الدائرة الدستورية تفاقم الانقسام في ليبيا

ليبيا.. حرس المنشآت النفطية يؤكد فبركة فيديو لرئيسه حول اتهام الدبيبة بالسرقة