وسط التحولات الإقليمية والدولية.. ماذا تريد السياسة الخارجية الإيرانية في 2022؟

السبت 12 مارس 2022 04:11 م

تستهدف السياسة الخارجية الإيرانية تحقيق عدد من الأهداف خلال عام 2022 بما في ذلك إنهاء حالة العزلة الدولية التي تواجهها منذ عام 2018 وتوسيع دائرة نفوذها في الشرق الأوسط في الوقت الذي تسعى فيه إلى حل النزاعات مع الدول المجاورة والإقليمية.

وفيما يتعلق بالهدف الأول، تسعى إيران إلى الوصول إلى اتفاق من خلال المحادثات النووية في فيينا. ومن المرجح بعدها أن تسعى طهران إلى التركيز على التكامل الاقتصادي والدبلوماسية التجارية مع الدول الحريصة على العمل مع إيران خاصة الصين والدول الآسيوية الأخرى. ومن المتوقع أن تتبنى طهران موقفًا أكثر تصالحية مع دول الخليج لتقليل التوترات مع جيرانها.

وتنبثق السياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية من بيان "المرحلة الثانية من الثورة"، وهي وثيقة تم جمعها بناءً على طلب المرشد الأعلى لإيران، "علي خامنئي" في فبراير/شباط 2019 بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة. ويوصي البيان بضرورة السعى لتوسيع النفوذ الإيراني في الدول الإسلامية وغير الإسلامية التي تعارض السياسات الغربية، مثل سوريا وكوبا، من أجل مواجهة سياسات الدول الغربية.

وأدى الانسحاب الأمريكي المتسرع من أفغانستان وتركيز الولايات المتحدة المتزايد على شرق آسيا إلى تشجيع إيران على تحقيق أهدافها. ويأتي العراق ولبنان واليمن وأفغانستان وفلسطين وسوريا في طليعة السياسة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط، وتعتبر إيران هذه الدول بمثابة الورقة الرابحة ضد الولايات المتحدة.

إيران تدور في الفلك الآسيوي

بعد توليه منصبه، تبنى الرئيس الإيراني المتشدد "إبراهيم رئيسي" استراتيجية "التوجه نحو الشرق" لتنويع علاقات إيران مع القوى الأجنبية ومواجهة الضغط الغربي. وبدلاً من التفاوض مع الغرب، فإن التوجه نحو الشرق يمنح إيران شراكات مهمة مع القوى العظمى غير الغربية (الصين وروسيا) ما يمكنها من الوقوف في وجه الضغوط الأمريكية.

وبدأت العلاقات الوثيقة بين إيران وروسيا في عام 1989، عندما سافر الرئيس "هاشمي رفسنجاني" إلى الاتحاد السوفييتي ودعوته إلى تحقيق التوازن ضد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومنذ عام 1989، انخرطت طهران مع روسيا في العديد من المجالات الاقتصادية والجيوسياسية. وقد أظهرت زيارة "رئيسي" إلى موسكو في يناير/كانون الثاني 2022 تصميم طهران على تعزيز العلاقات مع روسيا. وخلال الزيارة، أمر "رئيسي" و"بوتين" بإعداد "خارطة طريق للتعاون طويل الأمد" لمدة 20 عامًا.

وتتعاون إيران بالفعل مع روسيا في سوريا، ولكل منهما مصالح مشتركة في بقاء النظام السوري. وتدرك طهران أنها لا تستطيع مساعدة السوريين في إعادة إعمارها بسبب العقوبات الغربية، وهي بحاجة إلى روسيا لإقناع دول مجلس التعاون الخليجي الثرية بالاستثمار. كما أبدت إيران اهتمامها بالتعاون مع موسكو في أفغانستان واليمن وليبيا والخليج العربي.

وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، أبدت إيران استعدادها للمساعدة في حل الأزمة الأوكرانية. وترحب طهران بظهور نظام جيوسياسي جديد من شأنه أن يسمح لها بتوسيع دائرة نفوذها. وقد يؤدي الصراع الدائر في أوكرانيا بين روسيا والغرب إلى نظام عالمي جديد تنتظره النخب الإيرانية منذ عقود.

وتعتبر الصين الدعامة الرئيسية الأخرى لتوجه إيران نحو الشرق. وفي مارس/آذار 2021، وقّعت إيران اتفاقية تعاون مع الصين مدتها 25 عامًا. وتشتري الصين النفط الإيراني بالرغم من العقوبات الأمريكية، كما تستثمر بكين في صناعة النفط والغاز الإيراني. وتعد الصين أيضًا الشريك التجاري الأكبر لإيران. وتعتقد طهران أن القدرات المالية والاقتصادية للصين قد تساعد في زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة. ويبدو أن بكين ترى مصلحة في توثيق العلاقات مع طهران حيث دعمت الصين انضمام إيران إلى منظمة شنجهاي للتعاون في سبتمبر/أيلول 2021، ما سيزيد من التواجد الإيراني في دول آسيا الوسطى ويفتح أسواقها أمام المنتجين الإيرانيين.

وفي يناير/كانون الثاني 2022، وقّعت بكين ودمشق مذكرة تفاهم من شأنها إدراج سوريا في مبادرة الحزام والطريق الصينية. ويمكن أن يكسر ذلك عزلة نظام "الأسد" عبر انخراطه في الدبلوماسية الاقتصادية الإقليمية وهو ما يخدم هدف إيران المتمثل في استقرار "نظام الأسد".

كما تريد الصين توسيع العلاقات مع أفغانستان حيث استقبلت بكين سفير طالبان الجديد لدى الصين في يناير/كانون الثاني 2022. وقد يُنظر إلى الود الذي يظهر بين الصين وطالبان على أنه مقدمة لاعتراف دبلوماسي نهائي بحكومة طالبان في كابل. في الوقت نفسه، تمتلك إيران قدرًا من النفوذ في أفغانستان ولها علاقات رسمية مع طالبان أيضًا. وقد زار وزير خارجية طالبان "أمير خان متقي" طهران في 8 يناير/كانون الثاني 2022. ويرى كثيرون ظهور "متقي" في العاصمة الإيرانية دليلاً على استعداد إيران لزيادة انخراطها مع طالبان. ويبدو أن لكل من بكين وطهران مصلحة مشتركة في الاعتراف بطالبان. ويمكن أن يؤدي ذلك بدوره إلى توسيع التعاون بينهما في أفغانستان.

من المرجح أن تركز السياسة الخارجية لإيران في عام 2022 على تعميق التعاون مع الصين. وبالرغم من بعض الأنشطة الصينية التي تقلق الإيرانيين، مثل تعاون الصين بشأن الصواريخ الباليستية مع السعودية - المنافس الإقليمي الرئيسي لإيران - سيتم تشجيع طهران على العمل مع الصين لزيادة نفوذها في سوريا وأفغانستان وآسيا الوسطى، ومن المحتمل أن تعتمد إيران على الصين للحصول على الدعم الدبلوماسي خلال محادثات فيينا.

الحد من التوترات الإقليمية

في الوقت الذي تتزايد فيه التصريحات المتفائلة بشأن محادثات فيينا، تتواصل مساعي إيران لتحقيق المشاركة الاقتصادية مع الدول المجاورة لتخفيف عبء العقوبات الأمريكية وتقليل التوترات مع جيرانها، لذلك بدأت إيران محادثات مع السعودية والإمارات.

وخلال زيارة نائب وزير الخارجية الإيراني "علي باقري كاني" إلى دبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 ، وعد بـ "فصل جديد" في العلاقات الإيرانية الإماراتية. بعد شهر، سافر الشيخ "طحنون بن زايد"، مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات، إلى طهران والتقى الرئيس "رئيسي". وتدل هذه التحركات على رغبة البلدين في تخفيف حدة التوتر وإيجاد أرضية مشتركة.

وفي الآونة الأخيرة، زار "رئيسي" الدوحة في إشارة أخرى على جهود طهران لزيادة التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي. وقد وقّع البلدان، قطر وإيران، عدة اتفاقيات لزيادة التعاون في عدة مجالات. وعقدت إيران والسعودية 4 جولات من المحادثات منذ أبريل/نيسان 2021، برعاية رئيس الوزراء العراقي. ودعم "رئيسي" إجراء مزيد من المحادثات بشرط وجود جو من "التفاهم والاحترام المتبادلين".

وما يزال اليمن هو أخطر نقطة خلاف بين السعودية وإيران. وبالرغم من انخراطها العميق في الصراع، فقد سئمت السعودية من الحرب وتسعى إلى انسحاب يحفظ ماء الوجه. وقد أكدت إيران مرارًا استعدادها للتوسط في وقف إطلاق النار بين الحوثيين والسعودية.

وبالرغم من المبادرة الإيرانية لتقليل التوترات مع دول الخليج، يبقى أن نرى ما إذا كانت إيران ستكون قادرة على التأثير على وكلائها في العراق واليمن ولبنان لنزع فتيل التوترات مع دول مجلس التعاون الخليجي.

المصدر | محمد السلمي | منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الصينية العلاقات الإيرانية السعودية العلاقات الإيرانية القطرية رئيسي الحوثيين الاتفاق النووي العلاقات الإيرانية الخليجية قوى عظمى

إيران: قضايا قليلة عالقة في مفاوضات فيينا لكنها أساسية

عقب تصريحات بن سلمان.. إيران: مستعدون لتسريع استئناف العلاقات مع السعودية

فرنسا وبريطانيا وألمانيا تحذر من انهيار اتفاق إيران بسبب مطالب روسيا