استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

من يغلق أفق الحوار الخليجي الإيراني؟

السبت 12 ديسمبر 2015 06:12 ص

يستذكر المرء، بمناسبة تجدد دعوات إلى حوار خليجي مع إيران، أن الأخيرة دأبت على رفض أي حوار بخصوص جزر الإمارات الثلاث التي تحتلها منذ عام 1971. ومع ذلك، فإن الحوار يتم، أحياناً، في ظل الاختلاف الشديد، ويجري بين خصوم، وحتى بين أعداء.

ترحب طهران بدعوات الحوار، وتعتبر ترحيبها مصداقاً لحسن النية، أو علامة على إيجابيتها. وكانت الدوحة قد دعت إلى حوار خليجي على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ويروق لطهران التي تتمسك بشكليات العلاقات وأسس التعامل بين الدول القول إنها ترغب بحوار من دون شروط مسبقة.

حسناً، إن طهران ما زالت ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع دول الخليج الست، والحوار إذا كان مقصوداً به مجرد التواصل، فذلك ممكن ومتاح عبر القنوات الدبلوماسية، ولا حاجة، والحالة هذه، إلى مائدة حوار.

ومن أجل غايات عملية، فإن باب الحوار إذا فُتح (وهذا مستبعد حالياً) فسيكون أقرب إلى التفاوض منه إلى تبادل الأفكار وعرض المواقف، نظراً للسياسة الإيرانية المتبعة، والتي تُشرّع التغلغل في العالم العربي، والتي كان من شأنها وجود قوات إيرانية في مناطق عربية، ودعم إيراني علني، ومستتر، لجماعات محلية مسلحة.

وتتذرع طهران وأنصارها في المنطقة بأنها لا تمتلك أية قواعد عسكرية في المنطقة، علماً أن وتيرة تدخلاتها المباشرة تفوق، في نتائجها السلبية، بل في مخاطرها، تأثير أية قاعدة عسكرية، فهي تتغلغل في جسم الدولة العراقية، وخصوصاً في الجانب العسكري والأمني، ولديها قوات في سورية، وتمول وتسلح حزب الله في لبنان، ومولت وسلحت، أمداً طويلاً، جماعة الحوثيين في اليمن.

والتفاوض، أو ما هو قريب منه، يتم بمرجعية، ولا ينطلق من فراغ، أو من استعراضات دبلوماسية وإعلامية. ومن الواضح أنه، في ضوء تراتبية الحكم في طهران، فإن المستوى الأعلى لاتخاذ القرارات (المرجع)، بالتنسيق مع قيادة الحرس الثوري، هو من يتبنى السياسة التدخليّة، ويضع المحددات الفعلية للسياسة الخارجية.

وما كان ممكناً للمفاوضات مع الغرب بخصوص الملف النووي أن تنجح، لولا الإشراف الأعلى على هذه المفاوضات وتحبيذها، سعياً إلى رفع العقوبات المالية، ومن أجل استمالة الغرب لغض النظر عن السياسة التدخلية في العالم العربي، وتحت يافطةٍ جذابة: مكافحة الإرهاب العدو المشترك.

في الرؤية الإيرانية للخليج، تؤثر طهران الحوار المنفرد مع كل دولة من الدول الست، وتنظر بغير رضى إلى التكتل الخليجي (مجلس التعاون)، على الرغم من أن وجود هذا التكتل أمر إقليمي داخلي، وقرار سيادي، لا يعني مبدأ نشوئه أي طرف خارجي. وكما أن طهران الإسلامية حافظت على الإرث التوسعي للشاه، وزادت عليه، فإنها تطمح لاستئناف الدور الإمبراطوري السابق "شرطي المنطقة". 

ولكن، بلبوس إسلامي ومذهبي، وبدعاية مفادها بأن من مصلحة الدول والشعوب التبعية لطهران، وتحت شعار "التعاون الإسلامي". وسبق أن طرحت طهران تكتلاً إسلامياً في الخليج (بقيادتها طبعاً) بديلاً عن مجلس التعاون.

من الجلي أن طهران، في هذه المرحلة، غير معنية بحوار مُفترض مع دول الخليج، ليس فقط لأنها تدرك مدى اتساع شقة الخلاف وعمقه، بل لأنها منهمكة في ما تعتبره أكثر أهمية و"واقعية" من قبيل جعل الحشد الشعبي في العراق رديفاً فعلياً عن الجيش العراقي، ومن قبيل التفاهم مع موسكو على تقاسم السيطرة على سورية، ومنع خضوع حزب الله لإرادة الدولة اللبنانية.

وخلال ذلك مواصلة الحوار مع الغرب، لضمان رفع العقوبات، ابتداء من مطلع السنة المقبلة 2016، ورفع مستوى تسلحها التقليدي والمتطور، بالتعاون مع موسكو، والتنسيق مع الأخيرة لمحاصرة تركيا.

منذ بداية العام الماضي 2014، جرت محاولات عدة للقاء سعودي إيراني على مستوى وزيري الخارجية، لكن هذه المحاولات فشلت حتى تاريخه، ما يُبين حجم الصعوبات الموضوعية أمام أي حوار. وتسعى سلطنة عُمان إلى لعب هذا الدور التقريبي (نظراً لعلاقتها الوثيقة بطهران بحكم الجغرافيا السياسية)، لكن هذه المساعي لا تجد أرضاً صلبة، أو حداً أدنى من التفاهم، للبناء عليها.

فطهران تبدو كأنها في حالة حرب، ليس للدفاع عن حدودها، أو ضد تهديد خارجي، أو لمنع التدخل في شؤونها، بل لبسط النفوذ المادي والعسكري خارج الحدود. كما تبدو في سباق مع الزمن، لتوطيد نفوذها وتوسيعه، بما في ذلك التغلغل في النسيج الاجتماعي للشعوب الأخرى، ومحاولة إعادة هندسته، وقبل أن تتغير الظروف القائمة. وفي حالة الحرب (على الرغم من أنها، هنا، غير مشروعة) يتضاءل الاهتمام بأمور الحياة العادية والسلمية.

حتى على مستوى الداخل الإيراني، فإن طهران لا تبدي حماسة للحديث عن رفاه شعبها، أو عن إنجازات ذات شأن في التنمية والتطوير تواكب العصر، ولو من قبيل تخفيض مستوى التلوث في أجواء العاصمة، فالحديث الوحيد الذي يثير الطرب والزهو لدى صانعي القرار في طهران هو المتعلق بـ"الوزن الإقليمي الإيراني"، وهو وزن متأتٍ، بالدرجة الأولى، من التدخلات الفظة في شؤون دول ومجتمعات أخرى، وليس نتيجة إشعاعٍ ينبعث من الداخل، ويُلهم العالم الخارجي.

سواء سُمّي حواراً استراتيجياً، أو حواراً سياسياً، أو أية تسمية أخرى، فإنه يقتضي القيام به في أجواء من الاحترام المتبادل، واكتفاء كل دولة بحدودها، كياناً غير قابل للتمدد أو التقلص، والإقرار بالتكافؤ القانوني والسياسي بين الدول، فلكل دولة وزنها واعتبارها وفق القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة، بصرف النظر عن مساحتها وأعداد سكانها، والتدخلات واسعة النطاق، وخصوصاً العسكرية والمسلحة منها، مباشرةً أو مداورةً.

هي جزء من التاريخ البغيض والمندثر للإمبراطوريات الآفلة، وتتعاكس مع استقلال الدول وسيادتها، ومع حق الشعوب في حياة وطنية حرة آمنة ومزدهرة. والمعتقدات الدينية تستحق أن تكون عاملاً للتقريب، لا لإثارة الفتن السوداء، ومن أجل احترام التنوع، لا في سبيل التغليب والثأر! والطموحات القومية تفقد مشروعيتها، حين يتم السعي إلى تحقيقها على حساب شعوب أخرى.

عسى ألا تكون الطريق نحو تفعيل هذه المبادئ شاقة وطويلة، وعسى أن تزدهر الصداقة والتعاون بين الشعوب العربية والإيرانية في ظل هذه المبادئ، وبمزيج من التواضع والاعتزاز القومي.

  كلمات مفتاحية

الحوار الخليجي الإيراني الجزر الإماراتية إيران العلاقات الخليجية الإيرانية

الخليج 2015 .. العيش على وقع الحروب والنفط والإرهاب

مساع إيرانية لحوار مع الخليج على غرار «المفاوضات النووية»

«الحرس الثوري» يتهم السعودية والإمارات بـ«تدريب» إرهابيين على استهداف ايران