مساع إيرانية لحوار مع الخليج على غرار «المفاوضات النووية»

الأحد 10 أبريل 2016 07:04 ص

كشفت صحيفة «القدس العربي» اللندنية، في تقرير تحليلي لها، عن مساع إيرانية لبدء حوار من دول الخليج من أجل حل المشاكل العالقة معها، معتبرة أن الظروف الإقليمية وتصريحات رسمية سعودية وكويتية وقطرية صدرت مؤخرا تشير إلى أن الأجواء باتت مهيئة لهذا الحوار.

ورأت الصحيفة، في تقريرها، أن القمة الأمريكية الخليجية المرتقبة في الرياض ستكون حاسمة، على ما يبدو، في  إطلاق الحوار الإيراني الخليجي التي تريد طهران أن يسير على نهج المفاوضات التي أجرتها مع دول الغرب، وأسفرت عن توقيع الاتفاق النووي، مشيرة إلى أن كلا من إيران وقطر أبدت الرغبة في الوساطة لإنجاح هذا الحوار.
وقال «القدس العربي» إن الرئيس الإيراني «حسن روحاني» خطا خطوة جريئة بإرسال وزير الاستخبارات، «حجة الاسلام سيد محمود علوي»، الى الكويت حاملاً رسالة خطية منه إلى أميرها، الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح»، وتتضمن رؤية إيرانية للبدء في مفاوضات شاملة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي؛ لحل الخلافات وتحسين العلاقات.

وزار المبعوث الرئاسي الايراني الكويت في مارس/آذار المنصرم، واختاره «روحاني» وزيراً للاستخبارات ليكون جاهزاً للبحث بالتفصيل حول كل ما يمكن أن يثار حول اتهام إيران بزرع خلية تجسس في الكويت (خلية العبدلي)، أو ارسال «عملاء» وأسلحة ومتفجرات الى البحرين وغيرها، وحرص أيضاً أن تحاط الزيارة بسرية تامة كي لا يجري «تفجيرها» من قبل المتشددين الرافضين داخل إيران لتحسين العلاقات مع دول الخليج بأسلوب «المفاوضات النووية» نفسه الذين يعتقدون أن «روحاني» وفريقه المفاوض قدم «تنازلات» لا ينبغي أن تتكرر مع دول الخليج.

وبدا واضحاً في طهران أن «روحاني» وطاقمه في الخارجية كانوا حريصين على عدم إثارة المتشددين بعد خسارتهم «الموجعة» في الانتخابات الأخيرة، خصوصاً وأنهم لا يزالون يمتلكون مفاتيح الكثير من القوة، في «الحرس الثوري» والقضاء وقوى خفية غير منضبطة، وبامكانهم قلب الطاولة؛ ما يعرقل محاولات نزع برر التوتر في علاقات إيران الاقليمية والدولية.

غير أن فريق «روحاني» اضطر إلى الإعلان عن الرسالة بعد أن كشف وزير خارجية البحرين، الشيخ «خالد بن أحمد آل خليفة»، يوم 31 مارس/آذار الماضي لفضائية «العربية»، المملوكة لسعوديين، عن إرسال إيران رسالة إلى القادة الخليجيين، من خلال أمير الكويت، تعبر فيها عن رغبتها في فتح حوار معها.

وذكر «آل خليفة» أن مسؤولاً إيرانياً رفيعاً زار الكويت، أخيراً، وطلب فتح صفحة جديدة مع دول الخليج، «وقد أبلغ أمير الكويت قادة دول مجلس التعاون رسالة من إيران تتضمن رغبتها في إجراء حوار معنا، ونحن غير رافضين لذلك».

كما أكد الوزير أن «باب الحوار مع إيران مفتوح وكنا نلتقي بهم باستمرار».

وبعد أيام نشر مكتب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، «محمد باقر نوبخت، بیاناً في 6 أبريل/نيسان الجاري حول الرسالة التي وصفها بـ«غير المعلنة» التي أرسلها «روحاني» إلى أمیر الكویت «وتتعلق برغبة إيران في إيجاد مصالحة مع باقي دول الخليج العربية وتحديداً السعودية والبحرين».

وكان «نوبخت» نفى قبل ذلك بيوم واحد أن یكون «روحاني» بعث برسالة إلى أمیر الكویت، عندما سأله أحد الصحفیین بشأنها، وقال خلال مؤتمر صحفي: «لیس هناك شيء من هذا القبیل».

ومبررا التناقض في التصريحات، قال مكتب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية إن «نوبخت» أدلى بتلك التصریحات قبل أن تصله التقاریر بهذا الخصوص، ومن الطبیعي أن وزارة الخارجیة الایرانیة ستقدم المعلومات اللازمة والدقیقة حول هذا الموضوع في الوقت المناسب.

رسالة «روحاني» جاءت في إطار تحرك إيراني لافت في إطار المساعي نحو تخفيف حدة التوتر في علاقات بلاده الخليجية، وقد رحبت الكويت بالموضوع، وقامت بتكليف أرفع شخصية كويتية، وهو نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ «محمد الخالد»، بنقل رسائل الى قادة خمس دول خليجية للتباحث حول الموضوع.

ترحيب كويتي ورسائل سعودية

وتؤكد مصادر أن أمير قطر، الشيخ «تميم بن حمد»، قام بإعادة طرح مشروع سابق عرضه حول إستضافة الحوار الإيراني ـ الخليجي، المرتقب في الدوحة، بعد أن كان قد طرح هذه الفكرة في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وفي موازاة ذلك، تستعد إيران لتقديم مشروع حول أزمة البحرين الداخلية؛ إذ يدرس «المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني» مشروع اقتراح لحل الأزمة الداخلية في البحرين، وقد تم تكليف وزير الخارجية، «محمد جواد ظريف»، وسكرتير المجلس، الأميرال البحري «علي شمخاني»، باعداد مشروع يعرض على دول الخليج العربية أثناء الحوار المرتقب، والذي يفترض أن يُدشن بعد القمة الأمريكية الخليجية المرتقبة التي ستعقد في الرياض يوم 21 أبريل/نيسان 2016 الجاري في إطار «الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين».

يأتي المشروع الإيراني في إطار تفاهمات عامة على حلول تشمل أيضاً الأزمات في اليمن وسوريا ولبنان.

فبعد أن بلغت الأزمة بين السعودية وإيران ذروتها، وتأثرت بها بعض دول المنطقة، بدأت تلوح في الأفق مؤشرات حل للأزمات الإقليمية، خاصة بعد أن صمدت الهدنة السورية ونظيرتها اليمنية، وأعادت روسيا «موضعة» قواتها في سوريا، وتم تدشين محادثات «مميزة» بين المعارضة والحكومة في جنيف بشأن سوريا.

وتُظهر تطورات الأيام القليلة الماضية أن تغيّراً في اللهجة السعودية، وبالتالي البحرينية تجاه إيران، وسبقها اظهار السعودية مرونة فيما يتعلق بالأزمة اليمنية.

ويتوقف المراقبون مطولاً عند تصريح رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير، «تركي الفيصل»، الذي قال فيه إن المملكة مستعدة لإجراء محادثات مباشرة مع إيران، شريطة أن تبدي طهران رغبة في سحب قواتها من سوريا، مضيفاً في حوار مع تليفزيون «بي بي سي»، أن هناك مصالح مشتركة تربط السعودية وإيران، مستشهدًا بالتعاون بين الرئيس الإيراني الأسبق، «أكبر هاشمي رفسنجاني»، والعاهل السعودي الراحل الملك «عبد الله بن عبد العزيز».

وعلى الرغم من أن شرط المملكة بأن تنسحب إيران من سوريا يبدو بالنسبة للإيرانيين بعيد المنال كثيراً، ويكاد يكون تعجيزياً، إلا أن تصريح رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق باستعداد المملكة للحوار مع طهران يُعتبَر سابقة في العلاقات بين البلدين، خاصة بعد أن شهدت توترات خلال الفترة الأخيرة، بلغت ذروتها من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، وبذلت المملكة جهدًا لتصدر قرار قطع علاقات بعض الدول الخليجية والعربية مع إيران، وما تبعه من تدويل القضية وإدخال بعض الدول على خط النزاع، وأولها لبنان الذي نال جزءاً كبيراً من العقاب السعودي، من خلال وقف المساعدات المالية للجيش اللبناني واعتبار حزب الله منظمة إرهابية.

وجاءت الرسالة السعودية الثانية من وزير الخارجية، «عادل الجبير»، في ختام اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الأخير في الرياض، إن بلاده لا تمانع في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إيران، إذا غيّرت الأخيرة سياساتها، وتوقفت عن التدخل في شؤون دول المنطقة.

وأضاف «الجبير»: «إذا تبنت إيران سياسات مختلفة عن التي تتبناها الآن، فلا يوجد ما يمنع من بناء أفضل العلاقات».

وتابع: «لنكن واضحين وصريحين، عندما تتغير السياسة، من الممكن أن تتحسن العلاقة بشكل إيجابي».

وأعلن «الجبير» مرة أخرى، يوم 27 مارس/ آذار الماضي، أن على إيران تغيير سلوكها فى حال أرادت علاقات طبيعية مع بلاده.

تزامنت هذه التصريحات «رغم أنها متغيرة» مع انطلاق جهود وساطة بين السعودية وجماعة «الحوثي» في اليمن، وإحياء الحديث عن المسار السياسي الساعي إلى حل الأزمة اليمنية، حيث التقى ممثلون عن الحكومة السعودية بممثلين عن جماعة «الحوثي» في الرياض مرتين، وأثمرت هذه الجهود عن حالة من التهدئة في العمليات القتالية على الحدود السعودية اليمنية، وترافقت معها عمليات تبادل أسرى بين الطرفين؛ الأمر الذي يعزز الآمال في إنهاء الحرب الدائرة هناك منذ عام.

ويبدو أن القمة الأمريكية الخليجية المرتقبة في الرياض ستكون حاسمة في إطلاق حوار إيراني خليجي يعوض أو يخفف من تأثير نية الولايات المتحدة في الانسحاب التدريجي من الشرق الأوسط، ورسائل الرئيس الأمريكي، «باراك أوباما»، المتكررة للزعماء الخليجيين منذ اجتماعه بهم في كامب ديفيد، العام الماضي، وحتى تصريحاته الصادمة لمجلة «ذا اتلانتك» الأمريكية عندما اتهم السعودية بتصدير «الإرهاب» وزعزعة استقرار المنطقة.

دور تركي

ولتركيا على يبدو دور في الحوار الخليج المرتقب؛ إذ كشفت وكالة «تسنيم» للأنباء، التابعة للحرس الثوري الإيراني، أمس السبت، رئيس الوزراء التركي، «أحمد داود أوغلو»، الذي زار طهران مؤخراً، حمل معه رسالة واضحة للايرانيين مفادها: «حسنوا علاقتنا مع روسيا، نحسن علاقاتكم مع الرياض».

وبالفعل اعتبر الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان» في تصريحات صحفية، مطلع أبريل/نيسان الجاري، على هامش القمة الدولية الرابعة حول الأمن النووي في واشنطن، أن بلاده هي الخيار الأفضل والأنسب للقيام بدور الوساطة بين إيران والسعودية؛ لإنهاء التوتر بين البلدين، مضيفاً أن «المنطقة بحاجة إلى السلام والاستقرار».

وبيّن الرئيس التركي أنه تم «طرح موضوع الوساطة بين إيران والسعودية على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي زار أنقرة في نهاية آذار مارس الماضي»؛ أي بعد زيارة «داود أوغلو» لطهران التي وصلها في 4 مارس/آذار.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إيران دول الخليج حوار تركيا قطر الكويت

ترقب خليجي بعد رفع عقوبات إيران .. انعدام الثقة مستمر

إيران تسعى لحوار مع السعودية حول القضايا الإقليمية الملحة

«عسيري» مهاجما إيران: من يرعى الإرهاب لن يكون شريكا في محاربته

روسيا ترحب بالحوار بين السعودية وإيران لحل الأزمة السورية

من يغلق أفق الحوار الخليجي الإيراني؟

«الحرس الثوري» يتهم السعودية والإمارات بـ«تدريب» إرهابيين على استهداف ايران

أية فرصة لحوار إيراني خليجي؟

رسالة من أمير قطر إلى أمير الكويت

«ظريف»: الاتفاق النووي لا يعني انتهاء الخلافات مع الجانب الآخر

هل ربحت إيران الاتفاق النووي مع الغرب؟