هل تنجح الوساطة التركية في إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا؟

الجمعة 25 مارس 2022 09:36 ص

تتحدى روسيا الاستقرار الإقليمي والعالمي وكذلك المبادئ الأساسية للقانون الدولي. وبالرغم من التفوق الهائل لها على الجيش الأوكراني، إلا أن تقدم الجيش الروسي كان بطيئا وتكبد خسائر كبيرة. وستشكل نتيجة الصراع ميزان القوى في منطقة البحر الأسود كما ستؤثر على طبيعة النظام العالمي.

وعلى مدى الأسابيع العديدة الماضية، دمرت القوات الروسية البنية التحتية المدنية وقتلت المدنيين وتسببت في فرار أكثر من 10 ملايين أوكراني من منازلهم. في المقابل، فرض الغرب عقوبات واسعة على موسكو، بما في ذلك إزالة البنوك الروسية من نظام "سويفت"، وإغلاق المجال الجوي الأوروبي أمام الطائرات الروسية.

ومع استمرار الصراع، تتكشف فرصة كبيرة لتركيا لتصبح لاعبا إقليميا رئيسيا وعضوا متزايد الأهمية في "الناتو"، حيث تتمتع بعلاقات استراتيجية واقتصادية عميقة مع كل من أوكرانيا وروسيا، بينما تمنح اتفاقية "مونترو" أنقرة السيطرة على المضيق الذي يربط بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.

وقد رفضت تركيا العدوان الروسي على أوكرانيا، لكنها لم تنضم إلى الجهود الغربية لفرض عقوبات على موسكو. ويمنح هذا النهج السياسي الحذر أنقرة مساحة لمتابعة المبادرات الدبلوماسية للوساطة، دون المخاطرة بعلاقاتها مع الكرملين.

  • القنوات الدبلوماسية

عندما اندلعت الحرب الشهر الماضي، سلط الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الضوء على العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية العميقة لبلاده مع كل من أوكرانيا وروسيا، قائلا إنه لن يتنازل عن أي من تلك العلاقات. ودعا منذ ذلك الحين إلى وقف إطلاق النار لاستعادة السلام في منطقة البحر الأسود، منتقدا أيضا رد الفعل الغربي على الأزمة.

وبينما تتجنب تركيا الجهود الأوسع لمعاقبة روسيا، فقد ساهمت بشكل كبير في جهود الحرب من خلال تزويد كييف بطائرات بدون طيار من طراز "بيرقدار"، كما أعربت عن التزامها بوحدة أراضي أوكرانيا.

وتهدف أنقرة إلى إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة، مع الحفاظ أيضا على مصالحها الاقتصادية. وزار وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" مؤخرا كلا من روسيا وأوكرانيا، وقال هذا الأسبوع إن الجانبين "على وشك التوصل إلى اتفاق".

وفي حين أن الحل السلمي قد لا يكون وشيكا في الواقع، فقد ساهمت تركيا بعملية التفاوض. وفي الوقت نفسه، اتخذت موقفا محايدا بشأن مرور السفن عبر مضايقها. وبدلا من استهداف روسيا وأوكرانيا فقط، حذرت أنقرة السفن الحربية لجميع الدول من المرور عبر المضيق.

وتمثل السياسة الخارجية المستقلة والفعالة لتركيا تحولا عن ارتباط أنقرة الوثيق في الماضي بحلفائها الغربيين، لا سيما فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي. ويأتي ذلك في الوقت الذي يتضاءل فيه نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بينما يتصاعد النفوذ الروسي هناك، بما في ذلك في سوريا.

كما يأتي ذلك في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، التي كانت بمثابة منعطف حاسم لتركيا. ومنذ ذلك الحين، اتخذت أنقرة إجراءات مستقلة عن الغرب بشكل متزايد، كما هو الحال في ليبيا وناجورني قره باغ.

  • العلاقات الاقتصادية

ومن المهم أيضا، في السياق الحالي، النظر إلى العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وموسكو، حيث توفر روسيا ثلث الغاز الطبيعي لتركيا، ويزور ملايين السياح الروس البلد السياحي كل عام، كما التزمت بمبلغ 20 مليار دولار لأول محطة للطاقة النووية في تركيا.

واشترت تركيا أيضا منظومة الدفاع الجوي الروسية "إس-400" بالرغم من العقوبات الأمريكية.

وساهم انخراط تركيا الوثيق مع روسيا في تنفيذ عمليات عسكرية متعددة في شمال سوريا، في حين ساهم كلا البلدين في الدبلوماسية وتنفيذ وقف إطلاق النار في ناجورني قره باغ.

وفي الوقت نفسه، تواصل تركيا تقييم علاقاتها مع الغرب، فيما لا تزال واحدة من أكثر أعضاء "الناتو" نشاطا، حيث تساهم بالعمليات في أفغانستان ومنطقة البحر الأسود وسوريا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. كما تجري تركيا ثلث تجارتها مع الاتحاد الأوروبي، ولا تزال علاقاتها مع الغرب لا غنى عنها.

وفي هذه المرحلة، من غير المرجح حدوث تحول في موقف تركيا، ما لم يحدث تغيير جذري في التوجه الأمني ​​لروسيا أو صفقة كبيرة بين الغرب وأنقرة.

ومن جانبها، يبدو أن روسيا لن تعترف بالهزيمة ولن تقرر الانسحاب من الصراع الأوكراني في أي وقت قريب، حيث يواصل المسؤولون الروس التأكيد على الحاجة إلى فرض "الحياد" و"نزع السلاح" في الدولة المجاورة.

ولم تبذل الولايات المتحدة، وهي عامل رئيسي في حسابات تركيا، أي جهود حاسمة للتأثير على سياسة أنقرة تجاه أوكرانيا، معربة عن "تقديرها" لدبلوماسيتها. وفي حين أنه لا يزال من غير الواضح إذا كانت هذه الجهود ستؤتي ثمارها في نهاية المطاف، فإن تركيا في موقع يمكّنها من ممارسة دور حاسم في استعادة السلام.

المصدر | محمد كوجاك/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غزو أوكرانيا الغزو الروسي الوساطة التركية تسوية سياسية حرب أوكرانيا مضيق البوسفور البحر الأسود حلف الناتو

تركيا: روسيا وأوكرانيا متفقتان على قضايا هامة ونسعى لعقد قمة ثلاثية

هل يلعب أبراموفيتش دورا في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا؟

تركيا: على العالم ألا يحرق جسور التواصل مع روسيا