3 عمليات في قلب إسرائيل.. دلالات ورسائل مقلقة لتل أبيب

الأربعاء 30 مارس 2022 09:36 ص

يواجه الاحتلال الإسرائيلي ورطة أمنية كبيرة، مع حلول الذكرى السنوية السادسة والأربعين ليوم الأرض، الذي انفجر فيه غضب فلسطينيي الداخل عام 1976، مسبوقة بعمليات نوعية داخل مدنه ومستوطناته.

وفي غضون أسبوع واحد فقط، تلقت إسرائيل 3 ضربات قوية، في العمق، متكبدة خسائر بشرية فادحة، فضلا عن فقدان الشعور بالأمن لدى مواطنيها.

وتتزامن تلك الضربات التي أودت بحياة 11 إسرائيليا وأصابت العشرات، مع سلسلة جولات تطبيعية بين إسرائيل وعدد من الدول العربية منها مصر والبحرين والمغرب والإمارات، في ما اعتبر ردا على قمة النقب، الإثنين الماضي.

من ضواحي تل أبيب، إلى مدينة الخضيرة جنوب حيفا، وبئر السبع جنوب غربي القدس، وعمليات طعن في مناطق مختلفة من الأراضي المحتلة، يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي مقبل على أيام صعبة، وأن أمن الإسرائيليين بات في خطر شديد.

عمليات نوعية

الضربة المؤثرة والأحدث جاءت من "ضياء حمارشة" (27 عاما)، الذي قتل بمفرده 5 إسرائيليين في هجوم نفذه بمدينة بني براك، قرب تل أبيب، قبل أن يستشهد، الثلاثاء.

والأحد الماضي، قتل شرطيان إسرائيليان وأصيب 5 آخرون في إطلاق نار نفذه مسلحان في مدينة الخضيرة جنوب حيفا، هما الشابان "أيمن إغبارية" و"وإبراهيم إغبارية" من مدينة أم الفحم.

ولاحقا أعلن تنظيم "الدولة" مسؤوليته عن تنفيذ الهجوم، وهي المرة الأولى التي يتبنى فيها التنظيم هجوما في إسرائيل منذ عام 2017، وفق مجموعة "سايت" للاستخبارات.

والأسبوع الماضي، تمكن "محمد أبوالقيعان"، 35 عاما من سكان بلدة حورة بالنقب، من تنفيذ عملية طعن جريئة ببئر السبع، أدت إلى مقتل 4 إسرائيليين، وإصابة 3 بجروح متفاوتة، واستشهاده.

ويعرف الشهر الجاري، في الذاكرة الإسرئيلية بـ"مارس الأسود"، نظرا لما شهده في أعوام سابقة من هجمات وعمليات دهس وطعن وإطلاق نار.

ووفق تقرير صادر عن مركز معلومات فلسطين، فإن شهر فبراير/شباط الماضي، شهد 835 عمل مقاومة، أدت إلى إصابة 27 جنديا ومستوطنا إسرائيليا، بينهم 14 في القدس المحتلة.

دلالات لافتة

العمليات السابقة حملت رسائل لافتة للإسرائيليين، الذين يحتفون بتسارع خطوات التطبيع مع دول خليجية وعربية، باعتبارها ردا فلسطينيا شديد اللهجة، يؤكد عدم التنازل عن المقاومة، والتخلي عن حقوق الشعب الفلسطيني.

ويمتزج الغضب بالدهشة إزاء تنفيذ عملية الخضيرة على يد شابين من مدينة أم الفحم، يحملان الجنسية الإسرائيلية، بفارق أسبوع عن عملية بئر السبع، التي نفذها أيضا شاب من فلسطينيي الداخل.

وبينما كانت تقديرات الأجهزة الأمنية تتحسب لاندلاع سلسلة عمليات في الضفة الغربية المحتلة والقدس، خلال شهر رمضان المبارك، جاءت العمليات الفدائية داخل المدن الإسرائيلية نفسها.

ويصف معلقون إسرائيليون، تلك العمليات بأنها "فشل استخباري" يفيد بأن شيئا ما لم يعمل لدى "الشاباك"(جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي)، ومر من تحت راداره.

وتطرح تقارير عبرية، تساؤلات حول ما إذا كان ما حصل في تل أبيب، محاكاة لعملية الخضيرة، ومن قبلها هجوم بئر السبع، أم مبادرة أكثر تنظيما.

من المؤكد أن تلك العمليات المتتالية والناجحة تؤثر على شعور الأمن لدى الإسرائيليين، بالنظر إلى أن ذلك لم يحدث منذ سنوات طويلة، وأن ما يحدث من استفزاز الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم، حتما سيتأتي بنتائج عكسية.

بشكل آخر، فإن الفلسطينيين الذين غيبوا عن عمد عن قمة النقب، أظهروا وجودهم في تل أبيب والخضيرة وبئر السبع والقدس، بما يبرق رسالة مفادها أن القضية الفلسطينية لديها طريقتها لتفرض نفسها على الواقع.

تحولات مهمة

وتميط تلك العمليات اللثام عن تطورات وتحولات ملفتة، أولها أن إسرائيل تدفع ثمن التعامل مع فلسطينيي الداخل عبر فوهة الأمن، وهو ما جعل من النقب التي تتعرض لاعتداءات أحد بؤر منفذي العمليات الأخيرة، وفق رئيس القائمة المشتركة في الكنيست، النائب "أيمن عودة".

ثانيا، وبينما كانت الأنظار موجهة للقدس وغزة، إذ بالنار تندلع في الداخل 3 مرات خلال أسبوع واحد، ما يوحي ربما بثمة تنسيق بين فصائل المقاومة وعرب 48، قد يدفع إلى انخراط فلسطينيين من الداخل في عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

وتفيد معطيات إسرائيلية بأن منفذي عملية الخضيرة استخدما مسدسين في إطلاق النار على جنديي حرس الحدود واستوليا على بندقيتيهما واستخدامهما في مواصلة إطلاق النار على المارة، ما يعني أن سلاح المحتل تحول إلى آلة لقتله.

لكن أبرز التحولات، التي سلط عليها الضوء رئيس الوزراء الإسرائيلي، "نفتالي بينيت"، كانت اعتبار هجوم الخضيرة الذي تبناه تنظيم "الدولة" تهديدا جديدا يقتضي تكيف قوات الأمن بسرعة معه.

وتدرس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فتح ملفات نحو 70 من المواطنين العرب من فلسطينيي الداخل ممن اعتقلوا وأدينوا بالانتماء لتنظيم "الدولة"، باعتبارهم بمثابة "خلايا نائمة" تستدعي مراقبتها وربما اعتقالها، فضلا عن ظهور خطاب سياسي وإعلامي إسرائيلي يحرض على فلسطينيي 48 ويدعو إلى التعامل معهم بيد من حديد.

خلايا نائمة

غالبية المنفذين يحملون هوية زرقاء (هوية إسرائيلية)، ما يضع الأمن الإسرائيلي أمام تحد خطير، وينقل المعركة من غزة والضفة، إلى داخل مدنه ومستوطناته الحصينة.

ربما نجحت المقاومة الفلسطينية في زرع "خلايا نائمة" أو تجنيد عناصر لها تنقل المعركة إلى قلب الكيان، مع تلقي المنفذ مساعدة من فلسطينيي الداخل.

ووفق صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن التقديرات لدى جهاز الشاباك بأن المنفذ "حمارشة" تسلم البندقية التي استخدمها في العملية بعد عبوره السياج الفاصل من المناطق القريبة ما بين أم الفحم وقرية باقة الغربية.

العمليات الأخيرة تشكل صفعة جديدة للمنظومة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية، وتضع الأمن الإسرائيلي أمام عقدة "العمليات الفردية" التي لا ينتمي منفذوها إلى تنظيمات، ولا تتبناها "حماس" أو "الجهاد" وغيرهما من فصائل المقاومة الفلسطينية.

ويرى المحلل الأمني في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية "عاموس هارئيل"، أن لدى كل من السلطة الفلسطينية و"حماس" مصلحة واضحة في "رمضان سلمي"، مشيرا إلى أن "الضفة الغربية في الواقع هادئة نسبيًا مؤخرًا، وكان قطاع غزة أكثر هدوءًا".

تل أبيب تشعر إذن بالخوف، وهذه المرة من الداخل، بهجمات في المدن الإسرائيلية داخل الخط الأخضر، معززة بعنصر المفاجأة، واحتمال تمدد تنظيم "الدولة" إلى داخل العمق، بما قد يعيد الكيان الإسرائيلي إلى المربع "صفر" بحثا عن الأمان.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسرائيل عملية تل أبيب عملية الخضيرة عملية بئر السبع الشاباك تنظيم الدولة نفتالي بينيت غزة القدس المحتلة

بايدن يهاتف بينيت بعد العمليات الفدائية الفلسطينية ويعرض "كل المساعدة"

استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة العشرات في اقتحام إسرائيلي لجنين

إسرائيل ورمضان.. 3 سيناريوهات في الأراضي المحتلة للهدوء والمواجهة