و. س. جورنال: أوروبا تكثف مساعيها لجعل قطر بديلها عن الغاز الروسي

الأربعاء 30 مارس 2022 04:13 م

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن أوروبا تسعى بقوة كي تكون قطر هي بديلها عن الغاز الروسي.

ووفق الصحيفة، تظهر هذه المملكة الخليجية الصغيرة كواحدة من أفضل آمال أوروبا لفطم نفسها عن الغاز الطبيعي الروسي، في إشارة أخرى إلى الكيفية التي تغير بها الحرب في أوكرانيا علاقات الطاقة في العالم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قطريين وأوروبيين أن ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا تجري محادثات مع قطر لشراء الغاز الطبيعي المسال على المدى الطويل.

وسافر وزير الاقتصاد الألماني "روبرت هابيك" إلى قطر هذا الشهر للإعلان عن شراكة في مجال الطاقة والالتزام ببناء أول محطة في بلاده لاستقبال شحنات الغاز الطبيعي المسال من قطر ومنتجي غاز آخرين.

وقال "هابك" في 20 مارس/آذار الجاري، إن "هذه هي البداية فقط".

وبحسب الصحيفة، "ازداد ثراء قطر على مدى العقدين الماضيين من خلال بيع الغاز الطبيعي المسال إلى الصين وكوريا الجنوبية واليابان ومستهلكين آسيويين آخرين بعقود طويلة الأجل، مما ساعد الدولة التي يقل عدد سكانها عن 3 ملايين نسمة، على أن تصبح ثاني أكبر مصدر للغاز في العالم".

ولطالما أرادت قطر التوسع في أوروبا، لكن كان المشترون هناك مترددين، لا سيما مع مصادر أرخص مثل روسيا التي يمكن شحن غازها عن طريق خطوط الأنابيب الحالية والحصول عليها بعقود أقصر أجلاً وأكثر مرونة.

والآن تبحث أوروبا عن مصادر جديدة للغاز الطبيعي لتحل محل الواردات الروسية التي تمثل 38% من الغاز المستورد إلى الاتحاد الأوروبي.

وبالإضافة إلى قطر، تجري الدول الأوروبية محادثات مع منتجي الغاز في أنجولا والجزائر وليبيا والولايات المتحدة، وفقًا لمسؤولين في هذه الدول.

وتبرز قطر كواحدة من أكثر الخيارات جاذبية لأنها تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية من الغاز بنسبة 40% بحلول عام 2026.

ووضعت قطر خطة بقيمة 28.7 مليارات دولار لزيادة طاقتها الإنتاجية بنسبة 40%، أو حوالي 33 مليون طن متري سنويًا بحلول عام 2026، وهذا من شأنه أن يعادل أكثر من ضعفي مجمل صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية إلى أوروبا، والتي بلغت 13.7 ملايين طن متري العام الماضي، على الرغم من أنه ستظل هناك فجوة لأن معظم الغاز الروسي ينتقل عبر خطوط الأنابيب.

ويأتي ذلك في الوقت الذي يضخ العديد من المنتجين الآخرين بخلاف قطر، بكامل طاقتهم ولا يمكنهم تحقيق الكثير لأوروبا.

وفي هذا الصدد، قال "ستيفن رايت" من جامعة حمد بن خليفة في الدوحة: "لقد جعلت قطر نفسها في المكان المناسب في الوقت المناسب بالموارد المناسبة".

وفي إطار تأمين الصفقات مع أوروبا، تحركت قطر بحذر، وتستغرق مثل هذه الصفقات أحيانًا شهورًا حتى يتم تنفيذها، ولم يعد أي منها نهائيًا مع أي دولة أوروبية.

وللقطريين أيضًا روابط مع روسيا، بما في ذلك مليارات الدولارات المستثمرة هناك، ويمتلك جهاز قطر للاستثمار، وهو صندوق ثروة سيادي، حصصًا كبيرة في الشركات المدعومة الروسيةمثل شركة روسنفت وبنك في تي بي، والتي انخفضت أسعار أسهمها بنحو 50% تقريبًا خلال الشهر الماضي.

ويتناقض الاهتمام الغربي بقطر الآن مع موقعها الجيوسياسي قبل خمس سنوات، إذ واجهت مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية من جيرانها، بما في ذلك السعودية، كما وصف الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" الإمارة بأنها ممول للجماعات الإرهابية، وهو ما نفته الدوحة.

والآن، قامت قطر بترميم العلاقات مع السعوديين ووصفتها الولايات المتحدة بأنها حليف رئيسي من خارج الناتو، مما فتح الباب لمزيد من التدريبات العسكرية المشتركة ومبيعات الأسلحة المحتملة.

ولعب القطريون دورًا مركزيًا في مساعدة الولايات المتحدة وحلفائها على إجلاء آلاف الأمريكيين والأفغان بعد سيطرة طالبان على كابل، وعملوا كقناة خلفية للولايات المتحدة في المحادثات مع إيران بشأن الاتفاق النووي.

كما اتخذ القطريون موقفًا أكثر وضوحًا بشأن حرب أوكرانيا، من جيرانهم في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الذين رفضوا علنًا المساعدة في خفض أسعار النفط الخام المرتفعة من خلال زيادة إنتاجهم، بينما دعا وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، روسيا إلى احترام سيادة أوكرانيا.

ويأتي تدفق النوايا الحسنة لقطر في الغرب في الوقت الذي تستعد فيه الدولة لاستضافة كأس العالم لكرة القدم الذي يبدأ في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وفي هذا السياق، يقول الزميل الزائر في مركز الشرق الأوسط "عادل حمايزية"، إن "القطريين باتوا في موقع فريد كلاعب موثوق به لمجموعة من الجهات الفاعلة التي لا مثيل لها تقريبًا، من البيت الأبيض إلى طالبان إلى إيران إلى مستهلكي الغاز الأوروبي".

ونمت دولة قطر على مدى العقدين الماضيين من خلال بيع الغاز الطبيعي المبرد وتحويله إلى سائل إلى الصين وكوريا الجنوبية واليابان ومستهلكين آسيويين آخرين بموجب عقود طويلة الأجل.

والغاز القطري لن يغير قواعد اللعبة بالنسبة لأوروبا على الفور، وهي تضخ حاليًا بكامل طاقتها وترسل الشحنات التي تم شراؤها منذ فترة طويلة إلى آسيا، وتحتاج الدوحة إلى موافقة العملاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية من أجل تحويل الشحنات إلى أوروبا.

وتقدر قطر أنه يمكن إعادة توجيه حوالي 10% إلى 15% فقط من غازها الطبيعي المسال إلى أوروبا على المدى القصير، وستكلف هذه الشحنات أكثر من الغاز الروسي.

وقال مسؤول قطري: "نخطط منذ سنوات لزيادة عقودنا طويلة الأجل مع أوروبا.. إجمالاً ، سيكون لدينا المزيد من القدرة على البيع في غضون بضع سنوات، لذا فإن المناقشات الآن تتعلق بصياغة عقود طويلة الأجل من شأنها أن تساعد في ضمان أن أوروبا لن تمر بفقر الطاقة مرة أخرى".

وأصبحت المحادثات بشأن الغاز القطري أكثر إلحاحًا، حيث تدرس أوروبا فرض حظر على النفط الروسي.

ولا تزال الدول الأوروبية تشتري الغاز الروسي، لكنها تضع خططًا للطوارئ حيث تطالب موسكو بالدفع بالروبل بدلاً من الدولار الأمريكي.

ويأتي احتضان الغرب لقطر في الوقت الذي توترت فيه العلاقات الأمريكية مع شريكين منذ فترة طويلة في الخليج العربي، وهما السعودية والإمارات، إذ يرى السعوديون والإماراتيون أن رد الولايات المتحدة على الهجمات المدعومة من إيران على أراضيهم غير كافٍ.

المصدر | ترجمة وتحرير الخليج الجديد + وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

قطر الغاز روسيا الغاز القطري الغاز الروسي الحرب الأوكرانية الروسية حرب روسيا حرب أوكرانيا

صفقة الغاز الطبيعي المسال بين قطر وألمانيا.. هل تحل معضلة الطاقة في أوروبا؟

قطر توقع 8 عقود ضخمة لاستئجار ناقلات الغاز المسال مع اليابان والصين

بلومبرج: قطر تستكشف نوايا مشتري الغاز الجدد لتعزيز توسعها في الاستخراج