كارنيجي: أهداف متباينة للمشاركين في قمة النقب.. هذه أبرزها

الخميس 7 أبريل 2022 06:28 م

انضم وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" الأسبوع الماضي إلى ممثلين من 4 دول عربية وإسرائيل في اجتماع غير عادي. وكان الغرض من قمة النقب - التي استضافتها إسرائيل وحضرها "بلينكن" ونظراؤه من البحرين ومصر والمغرب والإمارات - هو ظاهريًا مناقشة التعاون الأمني ​​والاقتصادي الإقليمي في إطار اتفاقيات "أبراهام"، لكن القمة أحدثت خلافا كبيرًا بين المشاركين مع تناول 4 قضايا هي  إيران وروسيا وأسعار الطاقة وفلسطين.

وبدلاً من استخدام المحادثات لتقليل خلافاتهم، جاء المشاركون في النقب إلى طاولة المفاوضات بأهداف مختلفة تمامًا. فقد أعربت البحرين ومصر وإسرائيل والمغرب والإمارات عن إحباطها من السياسات الأمريكية تجاه إيران والتنازلات المحتملة في مفاوضات الاتفاق النووي. كما اشتكوا من التزام الولايات المتحدة الأمني ​​الفاتر تجاه شركائها في الشرق الأوسط والنية المعلنة لإدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" لتقليص المشاركة في المنطقة.

واستغلت مصر القمة لإعلان حيادها في حرب أوكرانيا ولإقناع كبير الدبلوماسيين الأمريكيين بالأهمية الاستراتيجية لعلاقاتها مع روسيا. من ناحية أخرى، كان "بلينكن" يهدف إلى حشد دعم الشرق الأوسط لموقف الولايات المتحدة تجاه روسيا وإقناع المشاركين بضرورة السيطرة على أسعار الطاقة العالمية. وحاول التقليل من خطورة التنازلات الأمريكية لإيران. كما تطرق هو ونظيره المصري فقط إلى ضرورة استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وتؤكد مشاركة وزراء الخارجية العرب في اجتماع تعقده إسرائيل على حقيقة أن التعاون العربي مع إسرائيل لم يعد مرتبطًا باتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني يقوم على حل الدولتين. ويرى بعض المشاركين العرب في القمة ضرورة أن تكون إسرائيل حليف في الترتيبات الأمنية الإقليمية لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد في ظل تراجع ​​الدور الأمريكي في المنطقة؛ويرى آخرون ضرورة إعطاء الأولوية لتطوير علاقات اقتصادية وتجارية وتكنولوجية قوية مع إسرائيل؛ أو مزيج من كلا الهدفين.

ومنذ توقيع اتفاقيات "أبراهام" في عام 2020، أظهرت الإمارات والبحرين التزامهما الاستراتيجي بالتعاون مع إسرائيل في مجال الأمن الإقليمي. وتشترك الدول الثلاث في مصلحة حيوية في محاربة إيران، خاصة مع قلقهم من نتائج مفاوضات الاتفاق النووي، بما في ذلك احتمال شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة الأمريكية للكيانات الإرهابية.

وكشف وزير الخارجية البحريني "عبداللطيف بن راشد الزياني" خلال القمة عن العقيدة التي تعتبر إيران هي العدو المشترك.

وأوضح وزير الخارجية الإسرائيلي "يائير لابيد" أن القمة تبعث برسالة إلى إيران مفادها أن عليها أن تخشى الآن من إصرار العرب والإسرائيليين على محاربة دورها التخريبي في الشرق الأوسط.

من ناحية أخرى، كان المغرب أقل قلقا بشأن إيران، فيما لا يزال يحافظ على خطابه العام حول أهمية حل الدولتين لإسرائيل وفلسطين، ومع ذلك يبدو المغرب عازما على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية الثنائية مع إسرائيل فضلاً عن الاستفادة من هذه العلاقات لتعزيز دعم الولايات المتحدة في صراعه مع الجزائر حول الصحراء الغربية.

يمكن تفسير مشاركة وزير الخارجية المصري "سامح شكري"، المدعو الأخير للقمة، على أنها تعبير عن خوف مصر من فقدان المبادرة الدبلوماسية مع إسرائيل. كما يمكن اعتبارها نتيجة متأخرة للمداولات السياسية بين قادة مصر وإسرائيل والإمارات التي جرت في سيناء قبل أيام قليلة من القمة.

ومع ذلك، كانت الحكومة المصرية أقل اهتمامًا ببناء تحالف إقليمي مناهض لإيران وأكثر ميلًا لدفع التعاون الأمني ​​العربي الإسرائيلي في اتجاهات تعالج الأزمات الرئيسية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحروب الأهلية في مختلف البلدان، وتزايد انعدام الأمن الغذائي بسبب التأثيرات العالمية لحرب أوكرانيا وانعدام الأمن المائي وتغير المناخ والقضية الفلسطينية.

وبعد يوم واحد من انتهاء القمة، صرّح "شكري" في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري بالقاهرة أن مشاركة مصر في قمة النقب لا تعني مشاركتها في أي تحالف إقليمي لمواجهة دول أخرى في الشرق الأوسط. كما شدد على وجهة نظر مصر بأن العلاقات العربية الإسرائيلية يجب أن تساعد في التوصل إلى تسوية سلمية للصراع بين إسرائيل وفلسطين.

وغاب الأردن عن القمة بحجة تضارب المواعيد مع برنامج وزير خارجية المملكة. لكن مع انطلاق قمة النقب، التقى العاهل الأردني الملك "عبدالله الثاني" الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" في رام الله، مما يشير إلى إحباط الأردن من سياسة تهميش فلسطين في الدبلوماسية الإقليمية.

وأشار "بلينكن" في مؤتمره الصحفي الذي أعقب القمة إلى الأهمية الاستراتيجية لاستئناف محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. لكن، باستثناء مصر، بدت إسرائيل والمشاركون العرب في قمة النقب أكثر اهتمامًا بمواصلة تطبيع العلاقات وخلق ترتيبات أمنية إقليمية جديدة.

وكان المقصود من مشاركة "بلينكن" في قمة النقب عكس التدهور المتصور في مكانة الولايات المتحدة في المنطقة في وقت تشعر فيه دول الشرق الأوسط بقلق بشأن تحول تركيز إدارة "بايدن" من الشرق الأوسط إلى آسيا.

وساءت العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، لدرجة أن أبوظبي امتنعت عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن. واتبعت السعودية مسارًا مشابهًا، حيث رفض ولي العهد "محمد بن سلمان" الطلبات الأمريكية والأوروبية لزيادة إنتاج النفط للسيطرة على ارتفاع الأسعار. وبحسب ما ورد رفض "بن سلمان" التحدث مع "بايدن" في الأسابيع القليلة الماضية. ويبدو أن كلمات "بلينكن" في النقب لم تهديء الشكوك في الشرق الأوسط.

كما أن جهود "بلينكن" في الاجتماع لم تسفر عن أي نتائج ملموسة في مجالات أخرى. وفي الواقع، استخدم كبار الدبلوماسيين في البحرين وإسرائيل والإمارات المؤتمر الصحفي الختامي لتوضيح أن إيران لا تزال مصدر القلق الأمني ​​الأكبر لهم ولتوجيه انتقادات غير مباشرة لما يعتبرونه تساهل إدارة "بايدن" في هذا الصدد.

وإلى جانب مصر، رفضت هذه الدول تغيير سياسة الحياد في المواجهة الأمريكية الروسية، كما فشل "بلينكن" في تحقيق أي تقدم فيما يتعلق زيادة إنتاج النفط.

لا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت التأثيرات العالمية لحرب أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا ستقرب الولايات المتحدة من حلفائها في الشرق الأوسط وتدفع إدارة "بايدن" لتنشيط سياساتها في المنطقة. لكن المؤكد هو خيبة أمل إسرائيل والدول العربية المشاركة في قمة النقب من دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالأمن.

كانت الخلاصة الرئيسية الوحيدة للقمة هي تأكيد هذه الدول على استعدادها لاستكشاف مستقبل لا تكون فيه الولايات المتحدة الضامن النهائي للأمن أو القوة العظمى الوحيدة المعترف بها في الشرق الأوسط.

المصدر | عمرو حمزاوي/ كارنيجي – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بلينكن قمة النقب الزياني إدارة بايدن التطبيع الاتفاق النووي حل الدولتين

الكيل بمكيالين.. قمة النقب تدحض رواية أمريكا عن غزو أوكرانيا

لماذا غاب الأردن عن قمتي شرم الشيخ والنقب؟

الخارجية الأمريكية: بلينكن وشكري ناقشا اجتماع النقب وحقوق الإنسان

الناتو العربي الإسرائيلي قد لا يكون في مصلحة واشنطن.. كيف؟

مصر.. حملة شعبية لإدانة ورفض إقامة منتدى "قمة النقب"

المغرب يحتضن قمة النقب الثانية في مارس بحضور إسرائيل والدول المطبعة

الأحد.. وفد إسرائيلي يزور الإمارات للمشاركة في منتدى النقب