تحولات دراماتيكية في اليمن.. ماذا يعني تفويض هادي صلاحياته لمجلس رئاسي؟

الخميس 7 أبريل 2022 10:50 ص

يبدو أن اليمن مقبل على تحولات دراماتيكية في المشهدين السياسي والميداني، قد تمهد الطريق نحو سلام شامل ودائم في البلاد.

وفي ضوء قرار الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي"، التخلي عن صلاحياته كاملة، وتفويضها إلى مجلس رئاسي لإدارة شؤون البلاد، تبدو الخطوة نقلة نوعية قد تدير دفة المشهد في البلد المنهك من الحرب منذ أكثر من 7 سنوات.

ويطوي القرار 10 سنوات من حكم البلد الذي دخل في عهد "هادي" (تولى الحكم فبراير/شباط 2012) في حرب مستمرة للعام الثامن على التوالي.

صلاحيات المجلس

بموجب القرار، يتسلم المجلس صلاحيات الرئيس، وصلاحيات نائب الرئيس كاملة، بعدما قام "هادي" أيضا بإعفاء نائبه "علي محسن الأحمر" من منصبه.

ويدير المجلس الرئاسي، الذي سيرأسه "رشاد محمد العليمي"، والمكون من 7 أعضاء، اليمن سياسيا وعسكريا وأمنيا طوال المرحلة الانتقالية، على أن يكون لرئيس المجلس تولي القيادة العليا للقوات المسلحة، وتمثيل اليمن في الداخل والخارج، وإعلان حالة الطوارئ، والتعبئة العامة وفقا للدستور والقانون ما لم ير مجلس القيادة الرئاسي بأغلبية الثلثين عدم الإعلان، بحسب القرار.

الأبرز في القرار تكليف المجلس بالتفاوض مع الحوثيين بشأن وقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء اليمن والتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل، ما يعني أن أولويات المجلس إدارة عملية سياسية تفاوضية مع الحوثيين، وليس إدارة المعارك ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويحدد قرار "هادي" ولاية مجلس القيادة الرئاسي، بالانتهاء وفقا للحل السياسي الشامل وإقرار السلام الكامل في كافة أنحاء اليمن، والذي يتضمن تحديد المرحلة الانتقالية ومتطلباتها، أو عند إجراء الانتخابات العامة وفقا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد.

وفي حالة وفاة أو عجز أو استقالة رئيس المجلس، يرأس المجلس أكبر الأعضاء سنا ويستمر رئيسا ما لم يختر المجلس بالتوافق أو بالتصويت بأغلبية الثلثين رئيسا آخر من أعضائه، إضافة إلى إنشاء هيئة التشاور والمصالحة، من مهامها العمل على توحيد وجمع القوى الوطنية.

وينص قرار نقل السلطة على "استمرار ولايتي مجلسي النواب والشورى في مهامهما المنوطة بهما"، إضافة إلى "تجديد الثقة بالحكومة المشكّلة بموجب اتفاق الرياض مع قيام مجلس القيادة الرئاسي باتخاذ ما يراه بموجب صلاحياته لإجراء تعديلات أو تغييرات في الحكومة، أو تشكيل حكومة جديدة".

رئيس المجلس

يضم المجلس الرئاسي اليمني 7 أعضاء، غير رئيسه، هم: "سلطان العرادة"، و"طارق صالح"، و"عبدالرحمن أبوزرعة"، و"عبدالله العليمي"، و"عثمان مجلي"، و"عيدروس الزبيدي"، و"فرج البحسني".

وبموجب القرار، يصبح كل عضو في مجلس القيادة الرئاسي بدرجة نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، كما يلتزم رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمبدأ المسؤولية الجماعية وسعيهم لتحقيق أعلى درجة من التوافق فيما بينهم.

ويحمل رئيس المجلس "رشاد محمد العليمي"، خبرات متراكمة، وهو مستشار رئيس الجمهورية سابقا، وتولى عددا من المناصب المهمة في الداخلية والدفاع والأمن والإدارة المحلية، خلال العقدين الأخيرين.

ويحظى وزير الداخلية الأسبق، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، وعضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، وعضو مؤتمر الحوار الوطني اليمني، بتقدير في الوسط الأمني في البلاد.

وعمل "العليمي" الذي كان مقربا من الرئيس اليمني الراحل "علي عبدالله صالح"، قبل أن ينشق عنه مع بداية عمليات التحالف في اليمن، مستشارا لـ"هادي".

والرجل الذي ظل مقيما خلال سنوات الحرب بين الرياض والقاهرة، (68 عاما)، سيكون الرئيس الثالث لليمن منذ توحيده عام 1990.

و"العليمي" في الأساس ضابط برتبة لواء قادم من خلفية أمنية أكاديمية، إذ عمل أستاذا بجامعة صنعاء، وتدرج في عدة مناصب أمنية بارزة، وله دراية بأزمات الرئاسة اليمنية والحكومة.

تحول نوعي

قرار "هادي" يأتي بعد أيام من دخول البلاد، هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد، حيز التنفيذ، السبت الماضي، في بارقة أمل نادرة في الصراع الذي مزق أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

ومن المؤكد أن قرار "هادي" المقيم في الرياض، كان بضوء أخضر سعودي، في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، ووسط غياب حوثي.

وبحسب المحلل في مجموعة الأزمات الدولية "بيتر سالزبري"، فإن هذا "التحول هو الأكثر تأثيرا في الإجراءات الداخلية في التكتل المعادي للحوثيين منذ بداية الحرب"، بحسب "أ ف ب".

وينهي القرار حقبة رئيس حكم اليمن "عن بعد"، بعد أن اتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرا مؤقتا منذ الاجتياح الحوثي لمدينة عدن التي أعلنها عاصمة مؤقتة للبلاد أواخر فبراير/شباط 2015.

وإضافة إلى تضاؤل دوره السياسي، وانحسار نفوذه داخل اليمن، عاني "هادي" (76 عاما)، اعتلالا في وظائف القلب منذ العام 2011، ودائماً ما أثار غيابه الطويل عن الظهور العلني الكثير من التكهنات حول وضعه الصحي الحرج.

ومن المرجح أن يضخ المجلس الرئاسي الجديد، الدماء في شرايين الدولة اليمنية، وأن يحصل على دعم سخي من عواصم إقليمية ودولية، تعلق عليه الآمال في توحيد الداخل، وإيجاد خارطة طريق لإنهاء الأزمة في البلاد.

ويضم المجلس الرئاسي، شخصيات من المجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للانفصال عن شمال البلاد، كما يضم شخصيات مدعومة من الإمارات، وأخرى محسوبة على نظام "صالح"، فضلا عن وجود توافق دولي على تعيين "العليمي" في هذا المنصب وأنه يحظى برضى واشنطن، وفق صحف يمنية.

ويعرف عن "العليمي" قربه من حزب الإصلاح الإسلامي، العمود الفقري لحكومة "هادي"، وهو ما يقلل من وطأة  قرار الإطاحة بـ"الأحمر" من منصب نائب الرئيس.

موقف داعم

يحظى المجلس الرئاسي الجديد بدعم مجلس التعاون الخليجي، الذي أكد في بيان، على دعمه "لتمكينه من ممارسة مهامه في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية، وإنهاء الأزمة اليمنية لينعم الشعب اليمني الشقيق بالرخاء والتنمية والسلام".

كذلك أكدت وزارة الخارجية الكويتية، على دعم الكويت لمجلس القيادة والكيانات المساندة له في تحقيق أهدافه وممارسة دوره المنوط به.

وفي خطوة لافتة، أعلنت السعودية والإمارات عن تقديم دعم عاجل للاقتصاد اليمني بقيمة 3 مليارات دولار، تتضمن ملياري دولار مناصفة بينها وبين الإمارات دعما للبنك المركزي اليمني.

والتقى ولي عهد السعودية، الأمير "محمد بن سلمان"، رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي، في الرياض، معربا عن تطلعه "في أن يسهم تأسيسه في بداية صفحة جديدة في اليمن تنقله من الحرب إلى السلام والتنمية".

ولا شك أن إعادة ترتيب رأس هرم السلطة في اليمن، سيعزز من فرص تعزيز حضور الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، فضلا عن استيعاب كافة القوى والمكونات الفاعلة في الداخل اليمني.

ويتيح توسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار فيها بما في ذلك حزب المؤتمر الشعبي العام والمجلس الانتقالي الجنوبي، تعزيز قدرات المجلس الرئاسي على التفاوض مع الحوثيين، والوصول لاحقا إلى خارطة طريق توقف نزيف الدم في البلاد.

ويعلق "جريجوري جونسون" العضو السابق في فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، بالقول:‬ "هذه محاولة.. ربما محاولة أخيرة لإعادة تشكيل ما يشبه الوحدة داخل التحالف المناهض للحوثيين".

ويضيف عبر "تويتر": "المشكلة هي أنه من غير الواضح كيف يمكن لهؤلاء الأفراد المتنوعين، وكثير منهم لديهم آراء متعارضة تماما، العمل معا".‬‬

ويمكن اعتبار الخطوة في المجمل انفراجة ثانية، بعد الانفراجة الأولى المتمثلة في إعلان هدنة لمدة شهرين، هي الأولى في اليمن منذ عام 2016، أملا في الوصول إلى انفراجة ثالثة وأخيرة بإنهاء النزاع الدموي قبل أن يدخل عامه التاسع على التوالي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اليمن مجلس رئاسي يمني عبدربه منصور هادي الحوثي السعودية الإمارات رشاد محمد العليمي

قيادي حوثي: المجلس الرئاسي الجديد في اليمن غير شرعي

اليمن.. الأحمر يرحب بقرارات نقل السلطة وتشكيل مجلس رئاسي

هل يؤدي التغيير السياسي في اليمن إلى إطالة أمد الحرب؟

المجلس الرئاسي اليمني.. تناقضات صارخة ومستقبل غامض

صحيفة أمريكية: السعودية أجبرت هادي على التنحي ووضعته قيد الإقامة الجبرية