الجيش السوداني يعيد حلفاء البشير إلى الواجهة السياسية

السبت 23 أبريل 2022 07:32 ص

منذ قيام الجيش بانقلاب في السودان قبل 6 أشهر، سُمح لكثير من حلفاء الرئيس المخلوع، "عمر البشير"، بالعودة إلى الخدمة المدنية، بينما أُخرج آخرون من السجون، في محاولة على ما يبدو لتشكيل حكومة وطمأنة المانحين.

تأتي عودة حزب المؤتمر الوطني، الذي حكم السودان في عهد "البشير" قبل الإطاحة به في انتفاضة شعبية عام 2019، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة واحتجاجات مستمرة في الشوارع تطالب بالرجوع إلى الحكم المدني.

وفي مؤتمر صحفي الإثنين، أعلن أعضاء بعدة جماعات إسلامية، منها حزب المؤتمر الوطني، عن تدشين "التيار الإسلامي العريض"، في إشارة إلى عودتهم الرسمية إلى الحياة السياسة.

من ناحية أخرى، يودع السجن مسؤولون يترأسون فريق عمل تم تعيينه لتفكيك نظام "البشير".

والتطورات تعكس توجهات مضادة للثورات في أنحاء الشرق الأوسط بعد انتفاضات الربيع العربي في 2011.

والجماعات المطالبة بالديمقراطية، والتي ساعدت في الإطاحة بـ"البشير" لكن الانقلاب زج بها خارج ترتيب لتقاسم السلطة، لديها مخاوف من عودة الحكم الشمولي الذي جاهدت لإنهائه.

وتسعى قوى إقليمية مهمة، منها مصر ودول بمنطقة الخليج، لتحجيم نفوذ جماعة الإخوان المسلمين دوليا وقد يتملكها قلق حيال عودة نشاط الشبكات الإسلامية السودانية. لكنها ربما لا تزال ترى الجيش السوداني أفضل حليف في دولة هشة ذات موقع استراتيجي.

قالت "أماني الطويل"، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر: "السودان يعاني أزمة وجودية... الجميع قلقون من التهديد الذي يواجه البحر الأحمر والساحل وإمكانية تحول السودان إلى مركز للإرهاب".

وعلى الصعيد الداخلي، لا يزال دور الإسلاميين المهيمن في عهد "البشير" عالقا بالأذهان، لذا فإن السماح بعودتهم إلى الساحة قد لا تحظى بشعبية.

لكن دبلوماسيين ومحللين يرون أن توسع الجيش في علاقاته خطوة صوب تكوين قاعدة سياسية مدنية في محاولة لتوفير سبل استعادة دعم مالي أجنبي مطلوب بشدة بعدما توقف بسبب الانقلاب.

وتقول دول غربية ومقرضون دوليون إن وجود حكومة مدنية تحظى بمصداقية شرط أساسي لاستئناف الدعم المالي، لكن الجيش لم يعين رئيسا للوزراء بعد.

وفي 15 أبريل/نيسان الجاري، ألمح الفريق أول "عبدالفتاح البرهان"، الذي قاد الانقلاب، إلى تخفيف حالة الطوارئ وخطوات أخرى طالبت بها دول غربية وأحزاب سياسية سودانية.

لكن الجماعات المطالبة بالديمقراطية اتهمته بعدم المصداقية، مشيرة إلى اعتقال المتظاهرين في اليوم ذاته.

حلف غير مقدس

 

عبد الفتاح البرهان يدلي بتصريحات جديدة

بعد أن استولى "البشير" على السلطة في انقلاب عسكري عام 1989 صار السودان مركزا للإسلام السياسي، غير أن نفوذ الفكر الإسلامي المتشدد تراجع في ظل سعيه لإصلاح العلاقات الدولية.

وظل حزب المؤتمر الوطني، المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، في السلطة في فترة شهدت حربا أهلية وتدهورا اقتصاديا وانتهت بالإطاحة بـ"البشير".

وتتملك المحتجين، الذين استمروا في تنظيم مسيرات مناهضة للجيش خلال شهر رمضان، مخاوف من أن يحاول الإسلاميون الوقوف في صف الجيش والعمل معه بهدف استعادة السلطة.

وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني المنادي بالديمقراطية، "عمر الدقير" هذا الشهر: "حلف غير مقدس... ليعيد بلادنا مرة أخرى إلى ثنائية الاستبداد والفساد وما تنتجه من محاصيل الشقاء والعناء".

وقال المحلل "سليمان بلدو"، إن عودة الإسلاميين مع متمردين سابقين وجماعات أخرى موالية للجيش يمكن أن تؤجج التوتر السياسي وإنها ساهمت بالفعل في حالة الشلل الإداري.

ولم يرد مسؤول كبير في حزب المؤتمر الوطني على طلبات الإدلاء بتعليق، وفق "رويترز".

ونفى مصدر مسؤول كبير وجود أي تحالف مع الإسلاميين قائلا إن الجيش يسعى لتحقيق "توافق وطني واسع" يستثني حزب المؤتمر الوطني.

وقال "البرهان" في 15 أبريل/نيسان الجاري إن إعادة بعض المرتبطين بنظام "البشير" لمناصبهم ستكون محل مراجعة وإنه يمكن الإفراج عن قيادات اللجنة التي أمرت بالتفكيك ومصادرة الأصول المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني.

عودة

 

الرئيس السوداني المخلوع عمر البشر خلال محاكمته في الخرطوم بقضية انقلاب 1989

لكن يبدو أن العودة غير الرسمية لحزب المؤتمر الوطني تتسارع وتيرتها. ففي الأشهر القليلة الماضية، أعادت محكمة خاصة إلى العمل عشرات من موظفي البنك المركزي والقضاء والنيابة العامة ومكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية ووسائل الإعلام الحكومية من بين مؤسسات أخرى.

وتقول مصادر في وزارة الخارجية إنه تم تكليف بعض الدبلوماسيين العائدين بقيادة بعثات في الخارج، في حين تقرر الأسبوع الماضي استبدال رئيس هيئة البث الحكومية المعين مدنيا.

وفي مارس/آذار الماضي تقرر رفع التجميد عن نحو ألف حساب بنكي، قبل أن يعاد تجميدها بعدها بأسبوعين بموجب أوامر من البنك المركزي اطلعت عليها "رويترز".

وفي الشهر الحالي، برئت ساحة رئيس حزب المؤتمر الوطني، "إبراهيم غندور" من ارتكاب جرائم ضد الدولة وأُخلي سبيله. وقد كرر وصف قادة الجيش لانقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول بأنه إجراء تصحيحي.

وقال لقناة الجزيرة: "ما نرجوه الآن أن نتفق على فترة انتقالية يحكمها نظام متفق عليه. حكومة مدنية متفق عليها تمضي بنا إلى انتخابات حرة ونزيهة"، ما أثار قلق معارضيه من أن أعضاء الحزب وحلفاءهم يعلقون آمالهم على انتخابات متوقع إجراؤها العام المقبل.

ولم يتسن التواصل مع "غندور" للحصول على تعليق.

وعلى الرغم من حظر حزب المؤتمر الوطني في 2019 بعد الإطاحة بـ"البشير"، أعرب معارضون عن قلقهم من احتمال عودة الإسلاميين سريعا لمناصب مؤثرة، وربما الترشح في الانتخابات تحت مسميات أخرى.

وقال "نصرالدين عبدالباري"، الذي شغل من قبل منصب وزير العدل في الحكومة الانتقالية قبل الانقلاب إن موقف الجيش من الإسلاميين اتسم بالتأرجح وإنه لم يفعل شيئا يذكر لإقصائهم عن الأجهزة الأمنية.

وأضاف قائلا لـ"رويترز" إنهم أرادوا أن تحذو الحكومة الانتقالية حذوهم وأن تترك الجميع في مواقعهم لكن ذلك كان مستحيلا لأن بناء دولة جديدة لا يصح ما لم يتم تفكيك النظام القديم.

ولا يزال "البشير" رهن الاحتجاز، لكن لقطات له وهو يتجول في مستشفى نقل إليه على أساس أنه في حالة صحية لا تسمح ببقائه في السجن أثارت ردود فعل غاضبة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

السودان البشير البرهان حزب المؤتمر الوطني الإخوان المسلمين

حميدتي يدعو الأحزاب السودانية للتوحد قبل الذهاب للانتخابات

السودان.. إطلاق سراح عضو مجلس السيادة السابق الفكي سليمان

رايتس ووتش تستنكر إساءة معاملة الأمن السوداني للمطالبين بالحكم المدني 

دبلوماسي أمريكي سابق: قادة الجيش السوداني يضحون بالشعب من أجل مناصبهم

الجنائية الدولية تتهم السودان بإعاقة وصولها إلى عمر البشير

تعديلات كبيرة في قيادات الجيش السوداني