اتهمت "نادية عكاشة" المستشارة السابقة للرئيس التونسي "قيس سعيد"، من سمّتهم "الفاشلين وعديمي الوطنية" بإضاعة فرصة الإصلاح التي كانت متوفرة في ظل التدابير الاستثنائية للرئيس.
ودونت "عكاشة" على صفحتها في "فيسبوك" قائلة: "25 جويلية (تموز) 2021 لحظة حاسمة في تاريخ تونس، لحظة عملت أن تكون قطعا تاما مع العفن السياسي الذي سبقها، والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة، والتهاون بحقوق التونسيين وحتى بأرواحهم".
وأضافت: "لكن للأسف تم الاستيلاء على هذه اللحظة وعلى هذا المسار من قبل من لا شرف ولا دين ولا وطنية له ومن قبل زمرة من الفاشلين الذين لا يفقهون شيئا غير احتراف الابتذال والتشويه والتضليل"، دون أن تذكر أسماء معينة.
وتساءلت: "أين تونس اليوم من أزمة سياسية خانقة أصبحت تمثل خطرا داهما وجاثما لم تشهد له مثيلا في تاريخها الحديث؟ أين تونس اليوم من الأزمة الاقتصادية والمالية ومن تعثر إيجاد برنامج إصلاح اقتصادي جدي وواضح ومبني على معطيات صحيحة يمكننا من مناقشة اتفاق مع صندوق النقد الدولي؟ لماذا لا تكون للإصلاح منهجية علمية وناجعة؟ في الحقيقة إن عرف السبب بطل العجب!".
وتفاعل عشرات التونسيين مع ما كتبته "عكاشة"، حيث انتقدها البعض لعدم اعترافها بالخطأ وانسحابها خلال الأزمة.
ودونت البرلمانية السابقة "شيراز الشابي": "كانت هناك آليات دستورية عديدة لتغيير الأشياء بطريقة قانونية لا غبار عليها من خلال مقترحات تمر عبر مجلس النواب؛ مثل تغيير القانون الانتخابي والدعوة إلى انتخابات مبكرة شعبية، ولكن الاختيارات كانت مختلفة، والآن المخاطر جسيمة والمسؤولية أكبر".
وأضافت مخاطبة "عكاشة": "جزء من الحل هو الاعتراف بأخطاء الماضي والبوح بحقيقة ما حصل والذهاب لحلول حقيقية، بخلاف ذلك، أعتبر مسؤوليتك على ما قد يحصل مثل مسؤولية المجلس ومسؤولية حكومة المشيشي التي هي في الواقع حكومة القصر، وكنت -سيدتي- الفاعل الرئيسي فيه".
وخاطب المحامي "قيس التريكي"، "عكاشة"، بقوله: "انسحابك من منتصف الطريق لا يعني تبرئة ساحتك، كانت لك ولمديرك (في إشارة للرئيس سعيد) فرصة ذهبية للنهوض بالبلاد، لكنكم انصرفتم إلى الخوض في مهاترات سياسية ومعارك دونكيشوتية مع خصومكم السياسيين دون أن تعيروا أي اهتمام للنهوض بالبلاد اقتصاديا واجتماعياً. دورك كان سلبيا إلى أبعد الحدود، وكان عليك الانسحاب من اليوم الأول، لكنك بقيت تنتفعين من موارد الدولة ولما استشعرت الخطر، هربت لا تلوين على شيء".
وقبل أيام، أكدت "عكاشة" أنها تعرضت طيلة وجودها في المنصب لحملات تشويه عدة، مشيرة إلى أن الضغوط السياسية اضطرتها أخيرا للاستقالة.
وتعد "نادية عكاشة" الصندوق الأسود للرئيس "سعيّد" وكاتمة أسراره؛ فهي تلميذته النجيبة في مدرجات الجامعة، التي أتى بها إلى القصر فور دخوله له، فأعطاها كل المفاتيح حتى أصبحت كلمتها لها وزن.
بعد 25 يوليو/تموز 2021، تغيرت الصورة التي رُسمت عن "عكاشة"، المرأة القوية وسط القصر، فالمقربون منها كما المنتقدون، أصبحوا يعدونها عرابة ما وُصف بـ"الانقلاب على الدستور"، الذي حدث في تونس.
وسبق أن نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني وثيقة قال إنها مسربة من مكتب مديرة الديوان "عكاشة"، يعود تاريخها إلى 13 مايو/أيار 2021، وتتحدث عن تدبير خطة لـ"ديكتاتورية دستورية" في البلاد.
وأصدر "سعيد" مرسومًا رئاسيًّا بالجريدة الرسمية أعلن بموجبه إنهاء خدماتها، وبررت "عكاشة" حينها -في تدوينة لها عبر صفحتها على فيسبوك- خروجها من القصر بوجود "اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلقة بالمصلحة الفضلى للوطن". وجاءت ذلك ضمن موجة استقالات عصفت بالفريق الرئاسي آنذاك.