كيف تعيد الحرب الأوكرانية تشكيل أسواق النفط العالمية؟ (تحليل)

الاثنين 30 مايو 2022 02:51 م

أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا، تشكيل سوق النفط العالمية، فتقدم موردون من أفريقيا لتلبية الطلب الأوروبي، في حين تسعى موسكو، التي ترزح تحت وطأة عقوبات غربية، للاستفادة بشكل متزايد من عمليات نقل خطرة من سفينة لسفينة لتوصيل الخام إلى آسيا.

ويمثل هذا التحول في المسارات أكبر تغيير على جانب العرض في السوق العالمية لتجارة النفط الخام منذ أن غيرت ثورة النفط الصخري الأمريكي شكل السوق قبل نحو 10 سنوات، كما يشير إلى أن روسيا ستكون قادرة على التحايل على حظر نفط قد يفرضه عليها الاتحاد الأوروبي إذا استمرت دول آسيا وخاصة الصين في شراء خاماتها.

ودفعت العقوبات التي فُرضت على موسكو بعد بدء الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط، والتي تشمل حظرا أمريكيا على الواردات، روسيا إلى الابتعاد عن أوروبا والتوجه إلى مشترين في الهند والصين يحصلون على شحنات بتخفيضات كبيرة وفقا لبيانات القطاع والتجار.

وأفادت بيانات وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس، بأن الصادرات الروسية عادت إلى مستويات ما قبل الغزو في أبريل/نيسان، واستقرت أسعار النفط قرب مستوى 110 دولارات للبرميل، بعد أن بلغت أعلى مستوياتها في 14 عاما عند 139 دولارا للبرميل في مارس/آذار.

ويقول محللون، إنه حتى لو اتفق الاتحاد الأوروبي على حظر النفط في الجولة التالية من عقوباته على روسيا، فإن الطلب الآسيوي يمكن أن يعوض أثر ذلك الحظر.

وقال "نوربرت روكر"، من مجموعة "جوليس بير": "لا نتوقع اتساع فجوة المعروض أو ارتفاع الأسعار ما لم يمارس الغرب ضغوطا دبلوماسية على المشترين الآسيويين".

ومنعت مجموعة العقوبات المتشابكة والمعقدة التي فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي على موسكو السفن المملوكة لروسيا أو التي ترفع علم روسيا من دخول الموانئ، مما يعني أن بعضا من التجارة المتزايدة لآسيا تتم عن طريق نقل الشحنات من سفينة لأخرى في عرض البحر، وهي عملية مكلفة وتنطوي على مخاطر تسرب الخام.

وبشكل عام، قفزت تدفقات النفط الروسي إلى آسيا بحرا بنسبة 50% على الأقل منذ بداية العام، وفقا لشركة "بترو-لوجيستكس" لتعقب ناقلات النفط وبيانات أخرى.

وتحول نقل الشحنات من سفينة لأخرى، والذي يمثل نسبة ضئيلة من حجم التجارة البحرية، من الساحل الدنمركي إلى البحر المتوسط لتجنب العقوبات والاعتراضات.

وقال "مارك جيربر" رئيس "بترو-لوجيستكس": "النقل من سفينة لأخرى كان شائعا في المياه الدنمركية عند مدخل بحر البلطيق (..) لم يعد ذلك يحدث هناك لكن نقل الشحنات من ناقلة مفروض عليها عقوبات إلى أخرى لا تشملها العقوبات زاد في مياه البحر المتوسط الأدفأ والمواتية أكثر".

وقدر "جيربر" كميات الخام والمنتجات النفطية الروسية التي تنقل من سفينة لأخرى في البحر المتوسط، بنحو 400 ألف برميل يوميا، يذهب أغلبها لآسيا إضافة إلى 2.3 مليون برميل يوميا تذهب بشكل مباشر.

وفي يناير/كانون الثاني قبل الغزو، كان نحو 1.5 مليون برميل يوميا، تذهب مباشرة إلى آسيا.

ويقول تجار، إن الخام الروسي يحمل على سفن "أفراماكس" أو "سويزماكس" التي تنقل أقل من مليون برميل، وتنقل الشحنات في البحر إلى سفن أكبر حجما تسع مليوني برميل، مما يقلل تكلفة الشحن.

والشحنات المنقولة بحرا مجرد جزء من إجمالي الصادرات الروسية.

وارتفع إجمالي الصادرات الروسية من الخام ومنتجاته، ومنها المنقولة عبر خطوط الأنابيب، إلى ما يزيد قليلا عن ثمانية ملايين برميل يوميا وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية.

ومن أجل تعويض الخام الروسي، تحولت المصافي (TADAWUL:2030) الأوروبية، إلى استيراد خامات من غرب أفريقيا.

وزادت هذه الواردات بنسبة 17% في أبريل/نيسان، بالمقارنة بمتوسط الفترة من 2018 إلى 2021 وفقا لبيانات "بترو-لوجيستكس".

وتظهر بيانات "أيكون"، زيادة كذلك وتشير إلى أن 660 ألف برميل يوميا معظمها من نيجيريا وأنجولا والكاميرون تصل إلى شمال شرق أوروبا في مايو/أيار، منها 3 شحنات من خام أمينام النيجيري بالمقارنة مع شحنة واحدة في فبراير شباط.

وفي الوقت نفسه، يقول "جيربر" إن شحنات خامات غرب أفريقيا إلى الهند، انخفضت إلى النصف تقريبا فجرى شحن 280 ألف برميل يوميا في أبريل/نيسان انخفاضا من 510 آلاف برميل يوميا في مارس/آذار مع تحول نيودلهي إلى الخام الروسي.

ومع الزيادة الكبيرة في الطلب الأوروبي، يقول التجار إن أسعار خامات نيجيريا الخفيفة منخفضة الكبريت على وجه الخصوص ارتفعت إلى مستويات قياسية.

وزادت الامدادات من شمال أفريقيا إلى أوروبا بنسبة 30% منذ مارس/آذار وفقا لـ"بترو-لوجيستيكس".

ومن هذه الشحنات، تشير بيانات أيكون إلى أن الشحنات الواصلة إلى شمال غرب أوروبا من ميناء سيدي كرير المصري، والذي يقول محللون إنه من المرجح أن يكون خاما سعوديا، ستزيد إلى مثليها تقريبا بالمقارنة بشهر مارس/آذار لتتجاوز 400 ألف برميل يوميا في مايو أيار.

وزادت الولايات المتحدة كذلك إمداداتها لأوروبا.

وقالت "كبلر" إن واردات الخام الأوروبية من الولايات المتحدة في مايو/أيار ارتفعت بأكثر من 15% عنها في مارس/آذار، وهو أعلى ارتفاع شهري مسجل.

وأفرغت أوروبا نحو 1.45 مليون برميل يوميا من الخام من الولايات المتحدة.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

النفط الغاز أوروبا أوروباالطاقة

في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.. الخليج يقاوم ضغوط الغرب بشأن إنتاج النفط لحماية مصالحه