تزايد الخسائر البشرية الإيرانية في سوريا مع تعاظم دور الحرس الثوري

الأربعاء 23 ديسمبر 2015 04:12 ص

كانت العربة التي تقل الضابط الايراني البريجادير جنرال «حسين همداني» تمر في منطقة على مشارف حلب عصر يوم الثامن من أكتوبر/تشرين الأول عندما أطلق عليها مقاتلو «الدولة الاسلامية» النار.

أصيب «همداني» برصاصة في عينه اليسري ومات بعد أن فقد السائق السيطرة على العربة. وأصبح «همداني» أرفع قائد في الحرس الثوري الإيراني يلقى مصرعه في سوريا حتى الآن كما أنه أصبح واحدا من عدد متزايد من العسكريين الايرانيين الذين يفقدون حياتهم في الصراع السوري.

وقد وصف ممثل للزعيم الايراني الأعلى آية الله «علي خامنئي» في الحرس الثوري وقائع مقتل «همداني» الذي لعب دورا حيويا في المجهود الحربي الإيراني في سوريا كما نشر تفاصيله موقع انتخاب الإخباري في منتصف أكتوبر/تشرين الأول.

وكان مصرعه حدثا اعتبر بمثابة بداية لتطور جديد في الدور العسكري الإيراني في سوريا التي يعتقد خبراء أن طهران أرسلت إليها ما يصل إلى 3000 جندي.

وتوضح حصيلة تم جمعها من مواقع ايرانية أن ما يقرب من 100 مقاتل أو مستشار عسكري من الحرس الثوري من بينهم أربعة على الأقل من كبار القادة قتلوا في سوريا منذ أوائل أكتوبر/تشرين الأول.

وهذا العدد يمثل ما يقل قليلا فقط عن مجموع الخسائر البشرية التي مني بها الحرس في سوريا منذ بداية عام 2012.

وقد اجتذبت الحرب السورية قوى متباينة. فقد تحالفت إيران مع روسيا لدعم الرئيس «بشار الأسد» بينما أيدت السعودية وتركيا وقطر فصائل المعارضة.

وتشن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا غارات في سوريا تستهدف في الأساس تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية.

وأدى الصراع إلى اشتداد حدة التوتر الطائفي في مختلف أرجاء المنطقة إذ سعت إيران لحشد مقاتلين شيعة من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان لمقاتلة المعارضة المؤلفة من قوى سنية في الأساس.

ويوم السبت ذكرت تقارير أن غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل أحد قادة حزب الله في دمشق في أحدث هجوم من جانب القوات الإسرائيلية على الجماعة التي تدعمها إيران في سوريا.

وفي حين وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة على قرار يدعم خططا لبدء عملية سلام في سوريا لا تزال العقبات التي تقف في طريق إنهاء الحرب كبيرة في ظل عجز أي طرف عن تحقيق نصر عسكري حاسم.

ثمن فادح

ويعد مقتل أفراد في الحرس الثوري مؤشرا على تزايد الدور الإيراني في القتال الدائر في سوريا والثمن الفادح الذي يدفعه جنود الحرس لدعم الجيش السوري الذي يعاني تحت وطأة حرب مستمرة منذ ما يقرب من خمس سنوات.

وقال «هلال خشان» أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت «زاد الايرانيون نطاق مشاركتهم العسكرية المباشرة في الصراع في الغالب للتعويض عن الاستنزاف الشديد بين وحدات الجيش السوري».

واضطر الجيش السوري في الآونة الأخيرة للعب دور ثانوي بينما اضطلعت ايران والميليشيات المتحالفة معها بالدور القيادي في الحرب على المعارضة.

وقال دبلوماسي غربي في بيروت طلب عدم الكشف عن هويته «الجيش العربي السوري مؤسسة محبطة. ثمة عمليات هروب من الخدمة وفرار» من القتال.

وتم توقيت زيادة المشاركة الايرانية في الصراع خاصة في القتال من أجل السيطرة على مدينة حلب بالتنسيق مع بدء حملة القصف الجوي الروسية في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي.

وقد أبدى الإيرانيون التزامهم بالجهد الجديد والعمليات المنسقة على الأرض وذلك بارسال قادة كبار مثل «حمداني» الذي لعب دورا رئيسيا في قمع الاحتجاجات في أعقاب انتخابات الرئاسة عام 2009 في إيران.

وسمح تدفق القوات الإيرانية واقترانها بالدعم الجوي الروسي للجيش السوري بكسر حصار قاعدة «كويريس» الجوية في محافظة حلب في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني غير أن التحالف الجديد لم يحقق فيما عدا ذلك سوى مكاسب إضافية حول حلب.

وفي حين أن «همداني» استهدفه تنظيم الدولة الاسلامية فقد لقي معظم من مات من قادة الحرس الثوري في الاونة الأخيرة مصرعهم في القتال.

وقال «رامي عبد الرحمن» مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يرصد تطورات الحرب عن قتلى إيران إنهم «قتلوا في الاشتباكات».

وهذا ليس بالتطور الجديد بالنسبة لإيران إذ أن قادة الحرس كانوا يزورون القوات على الخطوط الأمامية بانتظام خلال الحرب الايرانية العراقية في الثمانينات. وكانت تلك الزيارات وسيلة لرفع المعنويات وإظهار الترابط والتلاحم بين القادة والجنود العاديين.

وقال «محسن سازجارا» الذي شارك في تأسيس الحرس الثوري وأصبح الآن منشقا يعيش في الولايات المتحدة «خلال الحرب الإيرانية العراقية كان الوضع هو نفسه فكان ضباط كبار من الحرس الثوري يتوجهون للخطوط الأمامية وكانوا يقتلون في بعض الأحيان».

الخطوط الأمامية

من بين القادة الذين عمدوا إلى زيارة الخطوط الأمامية في سوريا «قاسم سليماني» قائد فيلق القدس المكلف بتنفيذ مهام الحرس خارج الحدود الإيرانية.

وفي الشهر الماضي قالت جماعة معارضة إيرانية إن «سليماني» أصيب بجروح في اشتباكات بالقرب من حلب وذلك رغم أن وسائل الإعلام الإيرانية نقلت فيما بعد عنه قوله إنه لم يصب بسوء.

والإيرانيون الذين يلقون حتفهم في سوريا الآن ليسوا من فيلق القدس وحده. فمنذ شهور يرسل الحرس الثوري أفرادا من مقاتليه العاديين ليس لهم أي خبرة بالقتال خارج حدود بلادهم وذلك للمشاركة في الحرب الدائرة في سوريا. ونتيجة لذلك اضطرت مؤسسة الحرس للتكيف مع التطورات.

وقال «علي الفونة» الباحث الزميل بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والخبير في شؤون الحرس الثوري «الحرس الثوري يغير نتيجة الحرب في سوريا لكن الحرب في سوريا تعمل أيضا على تغيير طبيعة الحرس الثوري».

وأضاف أن «عواقب الحرب في سوريا على الحرس الثوري ضخمة. ففيلق القدس اعتاد أن يكون جزءا صغيرا جدا من الحرس الثوري. وأنتم تشهدون الآن تحول الحرس الثوري إلى فيلق قدس كبير».

وفي الوقت الحالي لا يبدو أن العدد الكبير من الوفيات في فترة قصيرة نسبيا قلل التزام الحرس الثوري بالصراع في سوريا.

وقال خشان «باستطاعة ايران أن تحافظ على المستوى الحالي لمشاركتها في سوريا بل وزيادته. والانسحاب في هذه المرحلة المتقدمة في الصراع سيأتي بنتائج عكسية».

ورغم من سقطوا من قتلى في الاشتباكات في سوريا فلم يحدث رد فعل معاكس على المستوى الشعبي للمشاركة في الحرب أو للحرس الثوري فيما بين الايرانيين العاديين.

ويرجع هذا في جانب كبير منه إلى أن كثيرين تقبلوا إلى حد ما رسالة الحكومة أن تنظيم الدولة الاسلامية الذي هدد بشن هجمات في ايران يمثل خطرا وجوديا.

وقال «الفونة»: «لا أحد يريد سفك دماء ايرانية لانقاذ عرش بشار الأسد لكن الجميع يكرهون الدولة الاسلامية».

وأضاف «الشعب فخور بمشاركة أفراد من أسره في القتال بل وفقد حياتهم في مقاتلة قوة مناهضة لايران ومناهضة للشيعة. وهم يعتقدون عموما أنهم مصيبون في هذا الموقف».

  كلمات مفتاحية

إيران سوريا الحرس الثوري حسين همداني خامنئي الدولة الإسلامية طهران الأسد الثورة السورية

«حسن روحاني» .. إنجاز الملف النووي ومنافسة «الحرس الثوري»!

مقتل قيادي بارز بكتائب «الفاطميين» التابعة لـ«الحرس الثوري» في سوريا

مقتل قيادات بارزة في «الحرس الثوري الإيراني» بسوريا

الإعلام الإيراني يعلن مقتل 7 من الحرس الثوري في سوريا

رغم نفي «الحرس الثوري».. مصادر سورية تؤكد إصابة «قاسم سليماني» في حلب

مقتل ضابط بـ«الحرس الثوري» في سوريا والإجمالي يرتفع إلى 36 خلال نوفمبر

«الحرس الثوري» يحذر السعودية من مواصلة عملياتها في اليمن

تشييع جثامين 4 ضباط من الحرس الثوري الإيراني قتلوا في ريف حلب الجنوبي