لماذا يسعى تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى توسيع عملياته في الغرب؟

الأحد 27 ديسمبر 2015 10:12 ص

تشير الهجمات الإرهابية الأخيرة أن «الدولة الإسلامية» لديه النية والقدرة على ضرب أعدائه خارج العراق وسوريا. وقد تم تطوير هذه القدرة عبر أكثر من عام. ولكن حتى يمكن للدولة الإسلامية تشجيع أعمال الإرهاب وتسهيلها فإنه يجب عليه التركيز في المقام الأول على بناء الدولة. ورغم أن «الدولة الإسلامية» يمتلك فرصا محدودة في زيادة مساحة الأراضي التي يسيطر عليها، سوى أنه قد أجبر على التراجع في بعض المناطق، فإن قادة التنظيم يرون ميزة في زيادة التشجيع على الإرهاب في الخارج حتى إلى درجة توجيه هذه العمليات، وذلك من أجل إثبات أن التنظيم «باق ويتمدد» كما يقول شعاره.

التوجه الجديد

الهجوم الإرهابي على باريس في 13 نوفمبر/تشرين الأول، جنبا إلى جنب مع الهجمات المنسقة في بيروت في اليوم السابق له، والانفجار الجوي الذي أسقط الطائرة الروسية في سيناء في 31 أكتوبر/تشرين الأول، تشير جميعا إلى أن «الدولة الإسلامية» ، التي أعلن مسؤوليته عن هذه الفظائع، يسير نحو العالمية. سلسلة الهجمات الدولية الأخيرة تثير تساؤلات جديدة حول قدرات «الدولة الإسلامية» ونواياه في الوقت الذي يواجه فيه صعوبات متزايدة في بلاد الشام. كما أنها تثير تساؤلات حول مدى تأثير هذه الهجمات على أنصاره، مثل الفريق المكون من زوج وزوجته واللذين قاما بقتل 14 شخصا في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، في 2 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.

بطبيعته، فإن «الدولة الإسلامية» هو تنظيم عالمي، أو على الأقل فإنه لا يميل لتعريف نفسه وفق المحددات والأطر الجغرافية. هو يدعي أنه يمثل الإيمان ولا يرتبط بالأشخاص أو الحدود الجغرافية، وقد تجلى ذلك بوضوح عندما قام بتحطيم السواتر الحدودية التي تفصل ما بين سوريا والعراق في يونيو/حزيران 2014، وهو يطالب بدعم المسلمين أينما كانوا. ويعتمد أطروحاتها بشكل راسخ على نبوءات نهاية العالم والحتمية التاريخية.

وفي الوقت نفسه، فإن «الدولة الإسلامية» يجب أن يعمل في فضاء الواقع. وهي تواجه العديد من الأعداء وقد بدأت في تحطيم الحدود الطبيعية التي تحول دون توسعها بين العرب السنة من خلال الطرق على الانقسامات السياسية والعرقية والطائفية في بلد الشام. في هذه المناطق غالبا ما تخضع أغلبية عربية لسنية لأقليات كردية أو غير سنية أو على الأقل فإنها تشهد تنافسا قويا بين هذه المجموعات. هذه الحدود تمثل ما يبدو عقبات حازمة أمام الطموح الإقليمي للدولة الإسلامية.

الاعتماد على الانتصارات

على الرغم من أنه يمثل فكرة، فإن «الدولة الإسلامية» يعتمد أيضا على الانتصارات العسكرية من أجل بقائه. إذا لم يتمكن التنظيم من إثبات أحقية شعاره «باقية وتتمدد»، فإنه سوف يبدو وكأنه أحد المحاولات الفاشلة الدرامية وحتى إن ادعت دعايته خلاف ذلك. وإذا صار هذا التوسع مقيدا في بلاد الشام، فإن التنظيم عليه أن يبحث عن مكان آخر للحفاظ على أسطورته على قيد الحياة. الرغبة في الانتقام تؤثر أيضا في استراتيجية «الدولة الإسلامية» بسبب تدخل قوى خارجية تتسبب في انكماش مساحة أراضيها ما يمثل تحديا لسرديتها. وبدلا من مجرد الهجوم على أعدائه، يسعى «الدولة الإسلامية» إلى تصدير نفسه على أساس كونه يتصرف بشكل قوي ومدروس على حد سواء.

في هذا الصدد، فإن «الدولة الإسلامية» لديه خيارين، إقناع الجماعات الأخرى في جميع أنحاء العالم للانضمام إلى صفوفه على أساس الأهداف المشتركة الغامضة، أو إثبات انتشاره بطرق أخرى. وقد أثمرت الجهود التي يبذلها «الدولة الإسلامية» عن توسيع وجوده في أماكن جديدة في غرب وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، وجنوب آسيا، لكنه لم تفعل شيئا يذكر لزيادة قوته الحقيقية. تنظيم «الدولة الإسلامية» في غرب إفريقيا، على سبيل المثال، لا يمكن تمييزه عن المجموعة السابقة المعروفة باسم «بوكو حرام». ولاية خراسان هي ظاهرة أكثر تعبيرا عن المنافسات المحلية مع حركة طالبان بأكثر مما تعبر عن توسع للدولة الإسلامية في جنوب آسيا. فقط في ليبيا، فإن هناك شواهد على وجود قدر من التماسك الإداري والتعاون الاستراتيجي بين الفرع والتنظيم الأم، ولكن الظروف المحلية تجعل قدرته على التوسع مشكوك فيها إلى حد كبير.

إبراز القوة في أماكن بعيدة، هي أراضي العدو، هو أمر أسهل من توسيع حدود «الدولة الإسلامية» والمخاطرة بانكماشه. لا يهدف التنظيم في هذه الحالة لإلحاق هزائم كبيرة بعدوه بقد ما يهدف إلى إقناع المؤيدين المحتملين بأن «الدولة الإسلامية» باقٍ ويواصل التوسع.

قبل هجمات باريس، كانت هناك تحذيرات من مسؤولين غربيين أن «الدولة الإسلامية» قد حاول بالفعل ارتكاب أعمال إرهابية ضد أهداف في الخارج. ولكن على الرغم من الأفعال الفردية التي قد تكون مستوحاة من تكتيكات «الدولة الإسلامية»، فإنه لم يمكن رصد أعمال واضحة ترتبط قياديا بالتنظيم. استنادا إلى المعلومات المتوفرة حتى الآن، من شأن فإن هجمات باريس من شأنها أن تكون أحد أشكال هذا الإلهام. ولكن في كلتا الحالتين، فإنها تتلاءم مع نمط النشاط الذي يعود إلى الأيام الأولى لظهور تنظيم «الدولة الإسلامية».

يتأرجح «الدولة الإسلامية» الآن بين كونه تنظيم إرهابي يدير دولة، وكونه دولة ترعى الإرهاب. بالنسبة لمؤسسه «أبو مصعب الزرقاوي» فإن هذا الأمر يشكل تقدما كبيرا. على الرغم من أن أهدافه المباشرة كانت محلية، فإنه كان يمتلك طموحات إقليمية وعالمية. وقد أكد أنه يريد بناء قاعدة في العراق من أجل أن ينطلق منها نحو إعلان إمارة إسلامية تشمل بلاد الشام، وتسرع التقدم إلى نهاية العالم. (الصورة: أبو مصعب الزرقاوي)

كان «الزرقاوي» من أشد المؤمنين بأحداث نهاية الزمان وتزين أحد مقولاته ترويسة مجلة «الدولة الإسلامية»، «دابق»، وهي قوله: «لقد تم إشعال الشرارة هنا في العراق، وسوف تستمر تقوى بمشيئة الله إلى أن تحرق الجيوش الصليبية في دابق».

عبر تمسكه بهذا الاعتقاد، فإن «الزرقاوي» قد استغل وجهة نظر شائعة على نطاق واسع بين المسلمين. وأظهر مسح أجره مؤسسة «بيو» في عام 2012 أن 55% من السنة العراقيين يعتقدون أنهم سيشهدون في حياتهم عودة المهدي، وهو أهم الأحداث الممهدة لنهاية العالم. وفي تونس، التي وفرت للدولة الإسلامية من المقاتلين أكثر من أي بلد آخر خارج العراق وسوريا، فقد كانت النسبة التي تشارك هذا الاعتقاد هي 67%. على الرغم من أن الشيعة يميلون للاعتقاد في نبوءة نهاية العالم أكثر مما يفعل السنة، فإن فكرة نهاية العالم، وخاصة على الجانب المنتصر، تبدو حافزا قويا لأنصار «الدولة الإسلامية». ومثل تنظيم القاعدة قبل ذلك، فإن «الدولة الإسلامية» يعزز الاعتقاد بأن القوات الغربية الكافرة يمكن أن يتم دفعها للاشتباك مع قوات الحق الإسلامية في المعارك التي سوف تكون مقدمة لظهور المهدي. يمكن للهجمات الإرهابية في الخارج أن تفهم على أنها أحد استراتيجيات تسريع هذه العملية.

وقد تجلى نهج «الزرقاوي» بدقة، ولكن مع عواقب مأساوية، في الهجمات الثلاثة الأولى الرئيسية له على مكاتب الأمم المتحدة في بغداد، والسفارة الأردنية في بغداد، ومسجد الإمام علي في النجف في أغسطس/آب لعام 2003. أسست هذه الهجمات للهجة تجمع بين الطائفية العنيفة والمواجهة الثأرية مع الأنظمة العربية القائمة والعداء للنظام العالمي. ولكن في حين كان «الزرقاوي» رجل في عجلة من أمره، ويريد الكثير من الفوضى من أجل تكثيف المعركة وضمان استمرار وجود القوات الأجنبية، فقد تغيرت هذه الظروف منذ انسحاب القوات الأمريكية من العمليات القتالية في العراق في أغسطس/آب 2010.

التركيز على بناء الدولة

في حين يعزز قادة «الدولة الإسلامية» فكرة نهاية العالم، وبالتالي فإنهم سيرحبون بعودة الجنود الأمريكيين مرة أخرى إلى الأرض بأعداد كبيرة، فإنهم يتقبلون أنه لا يوجد موعد مؤكد لهذه النهاية للعالم. وفقا لذلك، يجب أن التحضير لهذا الحدث أيا كان وقت حدوثه. وعلى الخليفة رعاية شعبه خلال هذه الأثناء. وهذا ما يفسر لماذا كان «الدولة الإسلامية» أقل اهتماما بارتكاب أعمال الإرهاب العالمي مقارنة بجهود بناء دولته. وقد ركز القدر الأكبر من دعايتها على النجاحات الإدارية، المدعومة من قبل جيش ذو كفاءة وفاعلية. وتقول أن ذلك يجعل من واجب المسلمين الهجرة إلى دولة الخلافة لدعم هذه الجهود في بناء الدولة. ومن المرجح أن يظل هذا الهدف الرئيسي، لاسيما وأن الأدلة تشير إلى أن «الدولة الإسلامية» لا يزال يفتقد إلى العمال المهرة في شتى التخصصات.

ولكن الميل إلى اللجوء إلى الإرهاب متجذر بعمق في أفكار «الدولة الإسلامية». فكر الجماعة ينظر إلى الإسلام كدين للغزو أكثر من كونه دينا للسلام، ويدور الجهاد في رؤيتها حول العنف الخارجي أكثر مما يدور حول الصراع الداخلي. بعد تقدمه المفاجئ في جميع أنحاء العراق وقيامه بإعلان الخلافة في يونيو/حزيران 2014، فقد تلقى التنظيم نكسة كبيرة بفقدان سد الموصل في أغسطس/آب من نفس العام. كان هذا هو التدخل العسكري الأول الذي دعمت خلاله الطائرات الأمريكية تقدم البشمركة الكردية ولعبت دورا حاسما في انتصارهم.

في وقت لاحق من الشهر ذاته، ألقى «أبو محمد العدناني»، المتحدث باسم «الدولة الإسلامية» والرجل المقرب من قيادته، خطبة حماسية لاذعة ضد الولايات المتحدة وشركائها، داعيا أنصاره إلى مهاجمتهم أينما استطاعوا ودون تأخر بكل وسيلة ممكنة. إن الولايات المتحدة قد حصلت طريق مشروع بناء دولة «البغدادي»، وهكذا استحقت العقاب الفوري. ولكن بناء الدولة قد ظل هو الأولوية الأولى. (الصورة: عبد الحميد أباعود المسؤول عن التخطيط لهجمات باريس)

يبدو أن قرار معاقبة الغرب قد جاء في التوقيت الذي بدأ خلاله «الدولة الإسلامية» يتطلع إلى توجيه الهجمات الإرهابية في الخارج، فضلا عن إلهامها تم تشكيل وحدة العمليات الخارجية ويرجح أن «العدناني» كان مشرفا عليها. هذا يشبه بشكل كبير دور «أنور العولقي» الذي كان هو المخطط والملهم للعمليات الخارجية في تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب. «عبد الحميد أباعود»، منسق خلية هجوم باريس، يبدو أنه كان من أول الأفراد في هذه الوحدة. وقد شارك بالفعل في التخطيط لهجمات في الخارج في يناير/كانون الأول عام 2015 عندما عطلت الشرطة البلجيكية خلية في «فيرفيرس». إذا حكمنا من خلال كمية من الأسلحة والمتفجرات التي تم اكتشافها، فإنه يرجح أن الخلية قد استعدت لبعض الوقت، كما أن شراسة إطلاق النار في الموقع الرئيسي الذي داهمته الشرطة تشير إلى درجة معقولة من التدريب.

هناك هجومان فاشلان آخران تم ربطهما بـ«أباعود»، أحدهما استهدف كنيسة في فرنسا في إبريل/نيسان 2015، والآخر حاول استهداف قطار متجه من بلجيكا إلى فرنسا في أغسطس/آب، وكان من الواضح أن العملاء لم يكونوا مدربين بشكل جيد. هذه الحوادث تطرح التساؤلات حول إذا كان «أباعود» وفريقه مجرد شركاء محتملين أو ما إذا كانوا أعضاء في تنظيم يمارس الإرهاب العالمي نيابة عن «الدولة الإسلامية».

هناك أحداث أخرى كانت تحمل روابط بـ«الدولة الإسلامية». على سبيل المثال هناك «مهدي نيموشي» المتهم بقتل 4 أشخاص خارج المتحف اليهودي في بروكسل في مايو/أيار 2014 والذي لم تثبت بشكل قاطع علاقته بـ«الدولة الإسلامية». ذهب «نيموشي» في وقت سابق إلى سوريا وعمل كحارس للسجون هناك، وقد عثر ضمن مقتنياته على أحد أعلام «الدولة الإسلامية»، ويبدو من المرجح أن الغرائز الإرهابية له قد دفعته للانضمام إلى «الدولة الإسلامية» وليس العكس. الهجمات القاتلة الأخرى مثل هجمات كوبنهاجن في شهر فبراير/شباط عام 2015، وكذا هجوم «سان بيرناردينو» بولاية كاليفورنيا، يوم 2 ديسمبر/كانون الأول يظهران علامات أقل على الاتصال المباشر بالتنظيم، على الرغم من أن الجناة في العمليتين قد أعلنوا الولاء للدولة الإسلامية على صفحات فيسبوك الخاصة بهم.

«أباعود» ليس النموذج الوحيد لأولئك الذين أقاموا ضمن حدود «الدولة الإسلامية» وقاموا بتعزيز عمليات إرهابية في مواطنهم الأصلية. الأسترالي «محمد علي باريالي» الذي قتل في الأراضي التي يسيطر عليها «الدولة الإسلامية» في أكتوبر/تشرين الأول 2014، واثنين من البريطانيين، هما «رياض خان» و«جنيد حسين»، واللذين قتلا عبر ضربات جوية في أغسطس/آب 2015، كانت جميع التقارير تشير إلى تشجيعهم للهجمات الإرهابية في بلدانهم الأصلية. ولكن بقدر ما هو معروف، فإن هذه المبادرات كانت عشوائية بشكل كبير وتفتقر إلى التخطيط التشغيلي المناسب والتدابير الأمنية الكافية. ربما يكون هناك خيط إبرة رفيع يفصل بين العمليات التي يلهمها «الدولة الإسلامية» والعمليات التي تشجعها، ولكن هذه الجهود لا تزال قاصرة عن أن تتم بتوجيه كامل من قبل التنظيم.

النجاح التكتيكي

تكشف دراسة لا تقدر بثمن من قبل «توماس هيجهامر» و«بيتر نيسر» حول هجمات الإسلاميين العنيفة في الدول الغربية بين يناير/كانون الأول 2011 ويونيو/حزيران 2015 أن هناك زيادة ملحوظة في أعداد هذه الهجمات بعد دعوة «العدناني» السابق الإشارة إليها. وقد رصدت الدراسة 30 مؤامرة ذات اتصال مع «الدولة الإسلامية» ، 26 منها وقعت في 12 شهرا بين يوليو/تموز 2014 ويونيو/حزيران 2015، ولكن واحدة منها فقط، المؤامرة فيرفيرس، كان لها صلات واضحة بالتنظيم خلال مرحة التخطيط. كما يبدو، وفق الدلائل، أن هجمات باريس لديها مثل هذه الصلات، في حين لا يبدو ذلك في هجمات سان بيرناردينو.

قد لا يهم كثيرا ما إذا كانت الهجمات هي من وحي أو توجيه من «الدولة الإسلامية» طالما تؤدي إلى وفيات أو إصابات، ولكن أمرا واحدا يجعل لهذا أهمية خاصة، وهو عند محاولة للتنبؤ بالاتجاهات الإرهابية في المستقبل. معظم المهاجمين في باريس ذهبوا إلى سوريا مرة واحدة على الأقل، وبعضهم مثل «أباعود» ذهب إلى هناك أكثر من مرة. وفقا لإحصاء حديث، فإن هناك 6000 على الأقل من سكان أو مواطني الدول الغربية ذهبوا في مرحلة ما إلى العراق أو سوريا للانضمام إلى القتال هناك، وفي بعض البلاد فن نصفهم قد عاد بالفعل. وهذا يضع عبئا هائلا على أجهزة إنفاذ القانون والأجهزة الأمنية التي تحتاج إلى إجراء بعض التقييم للتهديد الذي يشكله هؤلاء.

وعلاوة على ذلك فإن النوايا المستقبلية للعائدين يصعب التنبؤ بها وتقييمها. وغالبا ما يكون هؤلاء عرضة للتأثير عليهم من قبل رفاقهم السابقين من أجل إقناعهم بشن هجمات إرهابية في الخارج. بل إن بعضهم ربما يكون قد تم إرساله من أجل انتظار الاتصال أو الأوامر. في الواقع، هناك الكثير من الاحتمالات على طول الطيف بين الهجمات الملهمة والهجمات الموجهة.

«الدولة الإسلامية»، من خلال دعايته وفي تغريدات أتباعه، كثيرا ما يتفاخر بخططه لمهاجمة أهداف بارزة في الخارج مثل إسطنبول ولندن وباريس وروما، وواشنطن، ومؤخرا نيويورك. وقد هدد العديد من البلدان الأخرى بقتل مواطنيها، سواء كانت أو لم تكن ضمن أعضاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضدها. على سبيل المثال، هناك الصين، واليابان، والنرويج. يبدو «الدولة الإسلامية» عشوائيا إلى حد كبير في اختيار أعدائه بنفس قدر عشوائيته في قبول مواطنيه ومجنديه الجدد.

على الرغم من أشرطة الفيديو الدعائية أظهرت المجندين الأجانب وهم يحرقون جوازات سفرهم، وأن هناك القليل من الأدلة تشير إلى أن أي شخص قد انضم للدولة الإسلامية من أجل التدريب على الأعمال الإرهابية المحلية وليس السعي إلى حياة جديدة، أو الموت في سوريا، فإن هؤلاء يمثلون موردا لا يقاوم وذخيرة لا تخطئها العين بالنسبة لمنظمة تسعى لنشر الإرهاب العالمي. على كل حال، فليس كل المجندين قادرين على القتال في ساحة المعركة، وأحيانا فإن المجندين ذوي المهارات المتدنية والذين لا يجيدون العربية يمثلون عقبات أكثر من كونهم مساعدين.

ووفق للدراسة السابق الإشارة إليها، فإن هناك 8 من المقاتلين الأجانب العائدين قد شاركوا في 6 من 30 إجمالي مخططا سجلت وجود اتصال مع «الدولة الإسلامية». ويمكن أن تتم إضافة محصلة هجمات باريس إلى هذا العدد. ولكن كما أشارت الدراسة، فإن هذا هو عدد صغير للغاية بالمقارنة مع مجموعه من المقاتلين الأجانب الغربيين الذين ذهبوا إلى سوريا، وأنه لا يزال من السابق لأوانه التكهن بنسبة دقيقة. شيء واحد مؤكد، وهو أن «الدولة الإسلامية» سوف يواصل السعي نحو التطور، وأن قادته لن يترددوا في تعزيز الإرهاب العالمي إذا رأوا ميزة في القيام بذلك. في واقع الأمر، فإنهم قد اتخذوا هذا القرار بالفعل.

 

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية هجمات باريس سان بيرناردينو تنظيم القاعدة مكافحة الإرهاب الإرهاب الغرب

«سوريا»: خلافات المصالح تقوّض جهود الحرب ضد «الدولة الإسلامية»

«ناشيونال إنترست»: البحث عن استراتيجية جديدة لهزيمة «الدولة الإسلامية»

«فاينانشيال تايمز»: السياسة وليست القذائف هي مفتاح هزيمة «الدولة الإسلامية»

«فورين بوليسي»: 4 استراتيجيات لمحاربة «الدولة الإسلامية» بدون سلاح

«ذي إنترسبت»: صعود «الدولة الإسلامية» ومنطق الصدمة

النسخة الإسلامية من نهاية العالم: لماذا ينضم المقاتلون إلى «الدولة الإسلامية»؟

«الدولة الإسلامية» ليست لغزا: كيف نفهم تحركات التنظيم الاستراتيجية؟

قائد عسكري أمريكي: الجيش العراقي يصد هجوما لـ«الدولة الإسلامية» على حديثة