290 يوما.. مدة قياسية لجمود الحياة السياسية في العراق

الخميس 28 يوليو 2022 09:31 ص

"290 يوما دون رئيس أو حكومة".. هي مدة قياسية لجمود الحياة السياسية في العراق، إذ حال الصراع الداخلي، داخل التكتلات الشيعية والكردية بالأساس، دون تشكيل حكومة، ما يعطل إصلاحات مطلوبة، في حين تجاهد البلاد للانتعاش بعد صراعات استمرت لعقود.

وبعد مضي أكثر من 9 أشهر على إجراء انتخابات في أكتوبر/تشرين الأول، لم يقترب المشرعون المكلفون باختيار رئيس ورئيس وزراء، فيما يبدو من الاتفاق على شيء.

وكانت أطول مدة سابقة في عام 2010، عندما مر 289 يوما دون حكومة إلى أن تولى رئيس الوزراء "نوري المالكي" فترة ثانية في المنصب.

وتواصل حكومة رئيس الوزراء "مصطفى الكاظمي" المنتهية ولايتها تصريف الأعمال، وإذا لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة، قد تستمر حكومة "الكاظمي" كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة.

وفي مؤشر على أن هذا الجمود لن ينكسر قريبا بأي حال، اقتحم آلاف من أنصار رجل الدين الشيعي "مقتدى الصدر"، مبنى البرلمان العراقي، الأربعاء، وهم يرددون هتافات مناهضة لمنافسيه السياسيين الشيعة، وذلك بعد أيام من تلميحهم إلى اتفاق بشأن رئيس وزراء محتمل.

وهذا الشلل السياسي، ترك العراق دون موازنة عامة لعام 2022، فتوقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية.

ويقول العراقيون، إن هذا الوضع يزيد نقص الخدمات والوظائف حتى مع تحقيق بغداد عائدات نفطية قياسية بسبب ارتفاع أسعار الخام، ورغم أنها لم تشهد صراعات كبرى منذ هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، قبل 5 سنوات.

قال "محمد"، وهو موظف متقاعد بالقطاع العام عمره 68 عاما ويقطن مدينة الناصرية الجنوبية: "لا توجد حكومة فلا توجد موازنة، والشوارع مليئة بالحفر، والكهرباء والماء نادران، والرعاية الصحية والتعليم متداعيان".

وكانت الظروف نفسها التي حكى عنها "محمد"، قد أثارت احتجاجات حاشدة في بغداد وجنوب العراق في 2019.

وحينها، طالب المتظاهرون برحيل الأحزاب التي كانت في السلطة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، وأطاح بحكم "صدام حسين"، واتهموها بالفساد الذي حال دون تقدم العراق.

وقتلت قوات الأمن ورجال فصائل مسلحة مئات المتظاهرين، وتوقفت الاحتجاجات تدريجيا في 2020.

وتولى "الكاظمي" المسؤولية، كمرشح توافقي، إثر الاحتجاجات، ووعد بمعاقبة قتلة المتظاهرين وبانتخابات مبكرة أجراها في 10 أكتوبر/تشرين الأول.

وفقد أغلب من خرجوا في مظاهرات في السابق الأمل في التغيير.

وقال "علي الخيالي"، وهو ناشط مناهض للحكومة، شارك في المظاهرات: "ستتشكل الحكومة، أيا كانت، من أفراد وأحزاب شاركت في قتل أصدقائنا".

وعادة ما يستغرق تشكيل حكومة في العراق شهورا، ويستلزم كسب تأييد جميع الأحزاب السياسية الرئيسية.

ومنذ الإطاحة بـ"صدام"، تحتفظ الأحزاب الشيعية التي تمثل الأغلبية السكانية في العراق، بمنصب رئيس الوزراء، ويتولى الأكراد رئاسة البلاد، والسنة رئاسة البرلمان.

وأطال تزايد الانقسامات بين هذه الكتل، أمد عملية تشكيل الحكومة بشدة، هذه المرة.

وفي المعسكر الشيعي، سحب "الصدر"، الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، نوابه البالغ عددهم 74 نائبا من البرلمان الشهر الماضي، بعدما فشل في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة، وأغلبهم مدعوم من إيران، ولديه أجنحة مسلحة تسليحا كثيفا.

وبهذا الانسحاب، ترك "الصدر" عشرات من هذه المقاعد لمنافسيه، لكنه أشار إلى أنه لن يقف صامتا، هو وفصيله وقاعدته الشعبية، التي تضم الملايين، إن هم حاولوا تشكيل حكومة لا يوافق عليها.

وهدم بضع مئات من أنصار "الصدر" حاجزا خرسانيا، ودخلوا المنطقة الخضراء التي تضم مباني حكومية الأربعاء، قبل أن يقتحموا البرلمان.

وحال "الصدر" فعليا هذا الشهر، دون ترشيح منافسه اللدود "المالكي"، متهما رئيس الوزراء الأسبق بالفساد، في تغريدة على "تويتر".

وطرح منافسو "الصدر"، مرشحا آخر هو "محمد شياع السوداني" لرئاسة الوزراء، لكن "الصدر" قد يعارض ترشحه، كذلك لأنه من حلفاء "المالكي".

وقال عضو في حزب "الصدر" السياسي، طلب عدم الكشف عن هويته: "السوداني مجرد ظل للمالكي".

وقال الشيخ "صفاء البغدادي"، وهو معلم ديني، قبل قليل من اقتحام المتظاهرين البرلمان: "سنتظاهر إلى أن يرحل الساسة والجماعات الفاسدة المدعومة من إيران".

من ناحية أخرى، تحول الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسية التي تدير منطقة كردستان في شمال العراق، دون اختيار رئيس للبلاد، وهو منصب يتيح لصاحبه فور موافقة البرلمان عليه أن يعين رئيسا للوزراء.

ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني الرئاسة منذ 2003.

أما منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على العدد الأكبر من أصوات الأكراد بفارق كبير، فيتمسك بمرشحه للرئاسة.

ولا يبدو أن أي طرف على استعداد للتزحزح عن موقفه.

قال "شيروان الدوبرداني"، النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني: "لم نتمكن من الاتفاق بعد، منصب الرئيس يجب ألا يظل في قبضة حزب واحد أبد الدهر".

قانونياً، كان أمام البرلمان، حتى 6 أبريل/نيسان الماضي، لانتخاب رئيس، بحسب قرار من المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في البلاد.

وبعدما تم تخطي هذا التاريخ، ليس في الدستور ما يحدّد كيفية التعامل مع المسألة، ولذلك تبقى الاحتمالات مفتوحة في حال لم تتوصل الأطراف المعنية لاتفاق.

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

العراق الصدر المالكي أزمة سياسية جمود سياسي أكراد

العراق.. صالح يدعو الأحزاب إلى حوار للخروج من الأزمة السياسية

استعراض قوّة جديدٌ للصدر يزيد المشهد السياسي العراقي تعقيداً