«كنيسة سعودية» ؟!.. حلم الكنيسة المصرية والفاتيكان والمبشرين

الخميس 4 سبتمبر 2014 10:09 ص

في فبراير/شباط الماضي 2014 وعقب زيارة بابا الكنيسة الأرثوذوكسية المصرية للسفارة السعودية بالقاهرة، نشرت «وكالة أنباء مسيحيي الشرق الأوسط» نبأ عاجلا قالت فيه «إن البابا «تواضروس» اتفق مع السفير السعودي بالقاهرة «أحمد قطان» على إنشاء أول كنيسة قبطية في تاريخ المملكة السعودية».

وأفادت الوكالة بأن بابا الأقباط أعرب عن شكره للملك السعودي وللحكومة السعودية الحالية على الموافقة على إنشاء أول كنيسة قبطية بالسعودية، وعلى حسن الاستقبال الذي قابله به السفير السعودي في القاهرة.

وقالت وكالة «إم.سي.إن» نقلا عن مصدر موثوق «إن معالم السعادة البالغة كانت واضحة على بابا الأقباط تواضروس فور عودته إلى المقر البابوي بالعباسية للقاء الوفد البرلماني الألماني بعد انتهاء زيارته للسفارة السعودية والتي تعد الأولى من نوعها، وإن البابا أعرب عن شكره للملك السعودي وللحكومة السعودية الحالية على الموافقة على إنشاء أول كنيسة قبطية بالسعودية».  

وأضاف المصدر أن اللقاء أيضًا بحث توطيد العلاقات الكنسية بالمملكة السعودية، وخاصة بعد موقف العاهل السعودي بتقديم المساعدات لمصر بعد «ثورة» يونيو/حزيران 2013 على حد قوله.

ولم يصدر رد فعل من السفارة السعودية بالقاهرة، إلا أن الكنيسة أصدرت بيانا نفت فيه موافقة السعودية علي بناء كنيسة سعودية علي غرار ما فعلته الإمارات وقطر وعُمان والكويت قائلة: «تنفي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية هذا الخبر وتؤكد أن البابا تواضروس الثاني لم يتطرق إلى هذا الأمر من قريب أو بعيد، وقد كان هدف الزيارة هو تقديم شكر من الكنيسة القبطية المصرية للمملكة العربية السعودية ولفخامة الملك «عبد الله بن عبد العزيز آل سعود» علي مواقفه المشرفة تجاه وطننا الحبيب مصر ورعايتهم لأولادنا المصريين بالمملكة العربية السعودية».

وعقب نشر هذا النبأ بدأت التساؤلات تدور: هل حدث تغير في الموقف السعودية من بناء كنائس بالمملكة؟ وهل سيسمح ببناء كنيسة في الرياض بعيدا عن مكة؟، وقيل أنه لو صح هذا النبأ ستكون هذه الكنيسة أول كنيسة تبني في المملكة العربية السعودية على الإطلاق لأنه يوجد بالسعودية عدد كبير من المصريين الأقباط وبعضهم يفتخر بدخوله مكة بدون عوائق، كما يوجد بها أكثر من مليون مسيحي من دول جنوب شرق آسيا وخاصة من الفلبين.

وأثار هذا الخبر استياء العديد حيث رفضوا السماح للمسيحيين ببناء كنيسة في بلاد الحرمين مؤكدين على عدم جواز ذلك بنصوص القرآن والسنة، وتعجب نشطاء مصريون وعلماء من هذا الخبر الذي نشرته «وكالة الأنباء المسيحية»، وتساءلوا عما إذا كان حقيقي أم أنه بالون اختبار؟!

فليس سرا أن هناك رغبة من الكنيسة المصرية في بناء كنيسة سعودية خصوصا بعدما سمحت لهم كل دول الخليج ببناء كنائس وأخرهم قطر التي بنت كنيسة ضخمة لهم في 2009.

وفي مايو/أيار عام 2010، وزع مصدر من داخل المقر البابوي بالقاهرة بيانا مشبوها علي الصحف المصرية – ضمن محاولات جس النبض وبالون الاختبار– قال فيه «إن الكنيسة تلقت عشرات الطلبات من أقباط السعودية يطالبونها بالتدخل للموافقة على بناء كنيسة قبطية فى السعودية، بعدما وصل عدد الأقباط فيها إلى 7 آلاف يعملون في العديد من المجالات أبرزها الطب».

وأضاف المصدر، أن البابا «شنودة» يدرس المطلب وإن كان من الصعب إعلان أي تفاصيل حول التقدم رسمياً بطلب بناء كنيسة هناك، مشيراً إلى أن الكنيسة القبطية لديها كنائس في الكثير من الدول العربية، بينما ترفض السعودية ذلك، مؤكداً أنهم لم يتقدموا بأي طلبات لبناء كنائس في المملكة سابقاً.

وكان تصريح المصدر الكنسي واضحا بما يعني أنهم سيتقدمون بطلب ولكنه لن يتمكن من إعلان أي تفاصيل عنه، واكتفي بتبرير أن «الأقباط بالسعودية لديهم مشاكل روحية بسبب عدم وجود كنائس للعبادة» على حد قوله

وقد سبق هذا تقديم «الفاتيكان» عدة طلبات لبناء كنيسة كاثوليكية، أخرها عام 2010 عندما جدد «بابا الفاتيكان» طلبه ببناء أول كنيسة في السعودية، إلا أن الفقهاء والعلماء السعوديين رفضوا ذلك، باعتباره مخالفًا للنصوص الشرعية القطعية بشأن عدم بناء الكنائس والمعابد في جزيرة العرب.

وأكد هذا الدكتور «محمد سليم العوا» الأمين العام الأسبق لـلاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2010 بقوله: «إن الفاتيكان تقدم بطلب لبناء كنيسة في مكة المكرمة أثناء عقد اللقاءات الخاصة بحوار الأديان».

وأشار «العوا» في تصريحات إعلامية إلى أن الرد عليهم كان واضحا حيث أكد علماء المسلمين أن هذا الأمر مرفوض لأن المسلمين لم يطلبوا إنشاء مسجد بالفاتيكان.

وأضاف «العوا» أن بعض الكرادلة في الفاتيكان سألوا عن عدم بناء الكنيسة في مكة وقلنا لهم إننا لم نطلب إقامة مسجد في الفاتيكان وأن مكة ليس بها مسيحيين وبالتالي لا يوجد ضرورة لذلك وأنه يجوز بناء كنائس في أي مكان بشبه الجزيرة العربية بما في ذلك جدة والرياض إذا اقتضت الضرورة لكن ذلك لا يجوز بالنسبة لمكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف.

وكان سفير الفاتيكان في الخليج «منجد الهاشم» قال في تصريحات صحفية في منتصف مارس/آذار 2008 على هامش افتتاح أول كنيسة في قطر «إن هناك مباحثات جارية لبناء كنائس في السعودية التي لا تزال تحظر ممارسة أي دين غير الإسلام على أرضها».

وزعم أن «المسيحيين في السعودية حوالي ثلاثة أو أربعة ملايين وحتما نأمل أن تكون لهم كنائسهم، فهناك مباحثات جارية، ولا يمكننا استباق الأمور؛ لكن هناك مباحثات، وإلا لماذا أتى الملك عبد الله إلى الفاتيكان؟، مشيرا إلى الزيارة التي قام بها العاهل السعودية للكرسي البابوي 2008».

واستنكر حينئذ عدد من الشخصيات الرسمية والدينية والإعلامية السعودية ما تردد عن جهود تبذلها الفاتيكان لفتح كنائس في المملكة للعمالة المسيحية الأجنبية المقيمة على أراضيها، وأكدوا أن بناء كنائس في السعودية مرفوض تماما لاعتبارات دينية واجتماعية وديموغرافية، وأن الفاتيكان طرحت ذلك بالفعل في وقت سابق في إطار حوار الأديان، وتم الرد عليها بطلب اعتراف البابا والكنائس المسيحية بالرسول «محمد» صلي الله عليه وسلم أولا.

وأشاروا إلى أنه لا سبيل لوجود كنائس في السعودية لأن الأسس الإسلامية التي بنيت عليها تمنع التعبد في جزيرة العرب بدين ثان غير الإسلام، بالإضافة إلى أن جميع مواطنيها مسلمون، والعمالة المسيحية الأجنبية فيها ليست مقيمة بصفة دائمة.

ولأنهم يحلمون ببناء كنائس في «مكّة المكرّمة» أو أي بقعة في الأراضي المقدسة، فقد أطلق مبشرون مسيحيون أحد المواقع على الإنترنت تحت اسم «كنيسة مكّة»، حيث يوجد بالموقع ما يطلقون عليها «كنيسة يسوع المسيح بالسعودية» ويعلن الموقع أن هدفه بناء كنيسة بمكّة.

ويقولون علي هذا الموقع: «بما أننا ممنوعون من بناء الكنائس ودخول بعض المدن، فإننا نفتح هذه الكنيسة على الإنترنت، ونصلي ونأمل أن تصل بشارة الإنجيل إلى السعودية، ويضيء نور السيد المسيح على العديد من المسلمين هناك».

وهم يروّجون عبر كنيستهم الافتراضية: «أن المسيحية (النصرانية) كانت في الماضي هي الدين الغالب في أرض السعودية الحالية، ولكننا سوف ننظر إلى الأمام، ونثق بأن أهل السعودية يؤمنون وسيؤمنون بربّ المجد يسوع الذي افتداهم من لعنة الموت»!؟. 

وكانت قطر افتتحت أول كنيسة فيها باسم «العذراء مريم» تخص المسيحيين الكاثوليك عام 2009، كما وافق أمير قطر على إنشاء خمس كنائس لطوائف مسيحية أخرى، وتبرع بأرض الكنيسة الكاثوليكية على أطراف العاصمة «الدوحة» وبلغت تكلفتها 15 مليون دولار، لكن الكنيسة لن تعلق أي رموز دينية مثل الصلبان «احتراما للحساسيات الدينية». الأنبا تواضروس في زيارة لمسجد الشيخ زايد  بالإمارات

وفي الكويت توجد سبع كنائس برغم أن عدد المسيحيين الكويتيين لا يتجاوز 200 شخص لكنها تضم ما بين 250 ألفا و350 ألفا من العمالة المسيحية الوافدة، وتم تنصيب أول كويتي قسا وهو «عمانويل بنيامين غريب»، وخصصت الحكومة 16 ألف متر مربع لإنشاء الكنيسة القبطية، واعتُبر ذلك في حينه أكبر تطور حدث خلال السنوات الأخيرة. 

وبنيت أيضا في البحرين والإمارات وسلطنة عُمان كنائس، حيث توجد في البحرين أقدم كنيسة في الخليج وقد أسسها المبشرون الإنجيليون الأمريكيون عام 1906، وهي الكنيسة الإنجيلية الوطنية «بروتستانتية»، وتضم البحرين أيضا كنائس للكاثوليك والأرثوذكس ونحو 30 كنيسة مسجلة للجاليات.

ويوجد في البحرين ألف شخص مسيحي من حاملي جنسيتها، فيما تضم دولة الإمارات العربية المتحدة عدة كنائس يمارس فيها آلاف المسيحيين الوافدين ومعظمهم من الهند والفيليبين والعرب والغربيين شعائرهم.

ويشكل الكاثوليك غالبية المسيحيين المقيمين في الإمارات ولديهم سبع كنائس حسبما أكد الأب «فرانسوا» من كنيسة «القديسة مريم» في دبي ، وتستقبل أسبوعيا مئات المصلين وتُنَظم فيها صلوات وقداسات على مدار الساعة بلغات عدة.

وتضم الإمارات كنيسة انجليكانية وعدة كنائس بروتستانتية وأرثوذكسية لاسيما كنيسة جديدة وضخمة للأقباط الأرثوذكس دشنها في أبو ظبي البابا «شنودة الثالث» في أبريل/نيسان 2007.

وفي سلطنة عُمان حيث يشكل الهنود الكاثوليك غالبية المسيحيين المقيمين، يمارس آلاف الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت شعائرهم في كنائسهم الخاصة، بحسب تقارير تنشرها هذه الكنائس.

المصدر | محمد خالد، الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

ملك البحرين للبابا فرانسيس: علاقاتنا وثيقة مع الفاتيكان

مداهمة مكان في السعودية وصفته هيئة الأمر بالمعروف بالكنيسة

زيارة السعوديين للكنائس تثير جدلا: السفارات لا تمانع ومشايخ يحذرون

للمرة الأولي .. تركيا تسمح ببناء كنيسة في اسطنبول