مصر: إدانة قضاة بالرشى والفساد تربك المنظومة العدلية

الجمعة 26 أغسطس 2022 06:10 ص

مصر: إدانة قضاة بالرشوة تربك المنظومة العدلية

صدرت أحكام بسجن المستشار سامي محمود عبد الرحيم 24 سنة بعد إدانته بتلقي رشى.

تورط نائب رئيس مجلس الدولة، القاضي أيمن حجاج، في قتل زوجته الثانية، الإعلامية شيماء جمال.

الأحكام النهائية لا رجعة فيها، بغض النظر عن فساد القاضي الذي أصدرها، والأمر يحتاج تعديلاً تشريعياً.

استبعد حقوقيون إعادة محاكمة سياسيين حكم عليهم القاضي المدان بالفساد بأحكام مشددة بالسجن.

لاحقت الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم مصرية بحق معارضين وقيادات وأعضاء في الإخوان تهم التسييس.

"هناك بعض الدوائر بالمحاكم يديرها بشكل كامل ضباط بجهاز الأمن الوطني، وهو ما أثار اعتراضات من جانب الكثير من القضاة".

كشفت تحقيقات تورط القاضي أيمن حجاج في فساد ورشى مقابل أحكام قضائية لصالح مستثمرين وملاك أراضي متنازعين مع الدولة في القضايا المنظورة أمامه.

انتقلت الاتهامات الموجهة للقضاء المصري لنزاهة القضاة بعد تزايد تورط قضاة في الحصول على رشى مالية وجنسية من متقاضين لإصدار أحكام قضائية لصالحهم.

"هناك اعتراضات مؤخرا من جانب دوائر قضائية حول إطلاق يد جهاز الأمن الوطني في السلطة القضائية، خاصة ما يتعلق بإعداد التقارير الأمنية الخاصة بكبار القضاة".

كشفت جهات التحقيق عن تورط قاضٍ في تأسيس تشكيل عصابي ضم 3 أجانب للاتجار بالمخدرات والتزوير داخل البلاد، وحيازة أسلحة نارية وذخائر خارج القانون.

*   *   *

بينما تستعد القاهرة لاستقبال الاجتماع السادس "رفيع المستوى" لرؤساء المحاكم والمجالس الدستورية والمحاكم العليا في أفريقيا، من 10 إلى 12 سبتمبر/ أيلول المقبل، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، توالى الكشف عن جرائم تورطت بها شخصيات قضائية مصرية بارزة، صدر في بعضها أحكام شغلت الرأي العام، وأدت إلى أزمة داخل الأوساط العدلية.

فبعدما لاحقت الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم مصرية بحق معارضين وقيادات وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، تهم التسييس، انتقلت الاتهامات الموجهة للقضاء المصري إلى محور آخر، يتعلق بنزاهة القضاة، خصوصاً بعدما تزايد أخيراً الكشف عن تورط قضاة في الحصول على رشى مالية وجنسية من متقاضين، لإصدار أحكام قضائية لصالحهم.

المنظومة القضائية في مأزق

الاتهامات الأخيرة المتعلقة بحصول القضاة على رشى، وضعت المنظومة القضائية المصرية برمتها في مأزق، بعدما تزايدت المطالبات من جانب المحامين، بمطالبة مجلس القضاء الأعلى، الذي يمثل أعلى سلطة قضائية، بضرورة إعادة النظر في الأحكام الصادرة عن القضاة، الذين ثبت بحقهم الحصول على رشى لصالح متقاضين.

وحول تأثير الحكم بالسجن على قاضٍ مدان بالفساد، في إمكانية إعادة محاكمة سياسيين حكم عليهم القاضي بأحكام مشددة بالسجن، استبعد حقوقيون هذا السيناريو، مؤكدين أن الأحكام النهائية لا رجعة فيها، بغض النظر عن فساد القاضي الذي أصدرها، وأن الأمر يحتاج تعديلاً تشريعياً.

وقال مصدر قضائي بمحكمة النقض المصرية إن "هناك حالة من الاستياء في أوساط القضاة المصريين أخيراً، بسبب السماح بالكشف عن تلك القضايا ونشرها في وسائل الإعلام، وعدم التدخل لمنع ذلك، كما يحدث في القضايا المتورطة فيها شخصيات تتبع جهات سيادية أخرى حفاظاً على صورة تلك الجهات".

وأضاف القاضي المصري أنه "رغم أن وسائل الإعلام تخضع لسيطرة كاملة من جانب جهات تتولى زمام الأمور في الدولة المصرية، إلا أن تلك الجهات لم تمنع أو تحظر تناول تلك القضايا، حتى لا يمثل ذلك مساساً بصورة القاضي المصري".

غضب في الأوساط القضائية

وتابع: "مكمن الغضب في الأوساط القضائية في الوقت الراهن، يأتي كون تخاذل تلك الجهات عن منع تناول القضايا المتورط فيها قضاة إعلامياً، وبشكل موسع، قد يشير إلى توجه رسمي من جانب تلك الجهات يحمل أهدافاً غير مفهومة".

وتساءل القاضي المصري واسع الإطلاع على العلاقات بين السلطة القضائية ودوائر الحكم: "هل الموقف الأخير الخاص بإطلاق الحرية كاملة لوسائل الإعلام في تناول القضايا المتورط فيها قضاة، له علاقة بمطالبة دوائر قضائية مؤخراً، بمساواة القضاة بالعاملين في بعض الجهات السيادية، فيما يتعلق ببعض الامتيازات؟"، دون تقديم توضيح.

وبحسب القاضي فإنه "كانت هناك اعتراضات أخيراً من جانب دوائر قضائية، بشأن إطلاق يد جهاز الأمن الوطني، في السلطة القضائية، وخاصة فيما يتعلق بإعداد التقارير الأمنية الخاصة بكبار القضاة". وأكد أن "هناك بعض الدوائر في المحاكم، يديرها بشكل كامل ضباط بجهاز الأمن الوطني، وهو ما أثار اعتراضات من جانب الكثير من القضاة".

24 سنة سجن لسامي عبد الرحيم

أحدث القضايا التي تم الكشف عنها، تلك المتعلقة برئيس الدائرة الأولى "جنايات بورسعيد" في محكمة استئناف الإسماعيلية، المستشار سامي محمود عبد الرحيم، بعد صدور أحكام بالسجن بحقه بلغ مجموعها 24 عاماً.

وفي 21 أغسطس/ آب الحالي، أصدرت محكمة جنايات بورسعيد، أحكاماً بالسجن المشدد ضد عبد الرحيم، بلغ مجموعها 24 عاماً، بخلاف غرامة مالية قدرها 2.6 مليون جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 19 جنيهاً)، بعد إدانته بتلقي رشى في ثلاث قضايا من متهمين، كانوا ماثلين أمامه، بتهم حيازة سلاح ناري ومخدرات.

عبد الرحيم كان قد تصدر المشهد القضائي المصري خلال فترات قريبة، نظراً لطبيعة القضايا التي نظرها خلال رئاسته الدائرة الأولى بمحكمة جنايات بورسعيد، والتي كان من بينها القضية المعروفة إعلامياً بـ"أحداث قسم العرب"، والتي أصدر فيها أحكاماً تراوحت بين المؤبد والمشدد 10 سنوات، على مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع وعدد من كبار قيادات الجماعة.

القضية الثانية التي نظرها عبد الرحيم خلال فترة جلوسه على منصة القضاء، عندما رأس محكمة جنايات الزقازيق، هي التي صدر فيها حكم بالإعدام ضد عادل حبارة.

وجاءت الأحكام الصادرة على عبد الرحيم بعد أيام قليلة من الكشف عن تورط نائب رئيس مجلس الدولة، القاضي أيمن حجاج، في قتل زوجته الثانية، الإعلامية شيماء جمال. وهي القضية التي كشفت التحقيقات فيها تورطه في فساد ورشى مقابل إصدار أحكام قضائية لصالح بعض المستثمرين وملاك الأراضي المتنازعين مع الدولة في القضايا المنظورة أمامه.

وبلغ عدد القضايا التي تم الكشف عنها 3 فقط، وصلت قيمة الرشوة في إحداها إلى 20 مليون جنيه، من أحد المستثمرين العرب.

استقالة مقابل حفظ قضية

ومن أبرز القضايا التي أثارت ضجة في الأوساط القضائية، كانت تقدم القاضي رامي عبد الهادي رئيس محكمة جنح مستأنف نهاية عام 2015 باستقالته، مقابل حفظ القضية التي ضبطها جهاز الرقابة الإدارية وقتها، بعدما ألقي القبض على القاضي بإحدى القرى السياحية، لاتهامه بطلب رشوة جنسية من سيدة سورية، كانت لها قضية منظورة أمامه، وذلك بعد تسجيل مكالمات هاتفية خاصة له.

وكان عبد الهادي قد أصدر أحكاماً مثيرة للجدل خلال فترة جلوسه على منصة القضاء، بعدما حكم ببراءة الإعلامي أحمد موسى في قضيتي سب وقذف أدين فيهما، إحداهما بحق رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام جنينة، والأخرى بحق رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار السابق أسامة الغزالي حرب.

وفي فبراير/ شباط 2021، كشفت جهات التحقيق المصرية عن تورط قاضٍ في تأسيس تشكيل عصابي ضم 3 أجانب، تخصص في الاتجار بالمخدرات والتزوير داخل البلاد، وحيازة أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، حيث أثبتت التحقيقات، استغلال المتهمين حصانة القاضي في نقل المخدرات والاتجار بها.

قاضٍ مصري آخر: "كان العرف الذي يتم العمل به في مثل تلك الوقائع، أن يتم إبلاغ مجلس القضاء الأعلى بالوقائع المتهم فيها قضاة، وحال تأكد تورط القاضي يقدم استقالته من موقعه، ويتم استبعاده من القضية المتورط فيها، وذلك كان بهدف الحفاظ على سمعة القضاء المصري".

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر القضاء المصري إدانة قضاة بالرشوة الفساد في مصر السيسي رشى مالية وجنسية اتجار بالمخدرات التزوير المنظومة القضائية إدانة قضاة بالرشى

مصر.. قرار رئاسي بعزل 4 قضاة بعد أيام من تعيينهم

لماذا حظرت مصر الظهور الإعلامي للقضاة؟

مصر.. إخلاء سبيل سيد التونسي بعد تنازله عن ملكية جامعة 6 أكتوبر

بينهم مسؤولون.. إحالة 18 متهما للمحاكمة في قضية فساد كبرى بمصر

بتهم الفساد.. محاكمة عاجلة لـ11 موظفا في جامعة الأزهر